روسيا تتهم الغرب بتصعيد الضغوط مع أوكرانيا بإمدادات السلاح

عدّت طلب كييف أنظمة دفاع صاوخية «استفزازا»

جندي أوكراني خلال تفريغ مساعدات عسكرية أميركية سُلمت بالطائرة في جزء من حزمة الدعم الأمني لأوكرانيا بمطار بوريسبيل الدولي (رويترز)
جندي أوكراني خلال تفريغ مساعدات عسكرية أميركية سُلمت بالطائرة في جزء من حزمة الدعم الأمني لأوكرانيا بمطار بوريسبيل الدولي (رويترز)
TT

روسيا تتهم الغرب بتصعيد الضغوط مع أوكرانيا بإمدادات السلاح

جندي أوكراني خلال تفريغ مساعدات عسكرية أميركية سُلمت بالطائرة في جزء من حزمة الدعم الأمني لأوكرانيا بمطار بوريسبيل الدولي (رويترز)
جندي أوكراني خلال تفريغ مساعدات عسكرية أميركية سُلمت بالطائرة في جزء من حزمة الدعم الأمني لأوكرانيا بمطار بوريسبيل الدولي (رويترز)

اتهم مسؤول روسي كبير الغرب اليوم الأربعاء بتكثيف الضغط السياسي على موسكو بإمداد أوكرانيا بالأسلحة والذخيرة وسط مواجهة بسبب حشد عسكري روسي.
وحشدت روسيا قوات قرب أوكرانيا، ومن المقرر أن تقوم بتدريبات عسكرية في أراضي حليفتها المقربة روسيا البيضاء إلى الشمال من أوكرانيا مما يثير مخاوف من أنها قد تشن غزوا. وتنفي روسيا اعتزامها مهاجمة أوكرانيا.
وقدمت دول، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، مساعدات عسكرية لأوكرانيا شملت صواريخ مضادة للدبابات ومنصات إطلاق لمساعدتها على الدفاع عن نفسها. وأرسلت دول أخرى، مثل ألمانيا، خوذا ومساعدات أخرى غير قاتلة.
وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف إن الامدادات العسكرية لأوكرانيا تمثل «ابتزازا وضغطا» غربيا.
ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن ريابكوف قوله «كل شيء يحدث فيما يتعلق بإغراق أوكرانيا بالمعدات والذخيرة والأسلحة بما في ذلك الأسلحة القاتلة هو محاولة لفرض مزيد من الضغوط السياسية علينا بالإضافة إلى ضغوط فنية عسكرية».
https://twitter.com/aawsat_News/status/1491412821191507969
ويُنظر على نطاق واسع لرغبة أوكرانيا التقارب سياسيا مع الغرب بدرجة أكبر باعتبارها مبعث القلق الرئيسي لروسيا التي تطلب ضمانات أمنية من الغرب تشمل أن يعارض ضم كييف لحلف شمال الأطلسي ووقف توسع الحلف.
وأشار ريابكوف إلى تقرير إعلامي روسي غير مؤكد يفيد بأن كييف طلبت أنظمة دفاع صاروخية من طراز (ثاد) من الولايات المتحدة ووصف ذلك بأنه يعد نوعا من أنواع "الاستفزاز".
ونقلت وكالة الإعلام الروسية عنه قوله إنه إذا بحثت واشنطن بجدية تقديم مثل هذه الإمدادات فإن ذلك سيقلص احتمالات الوصول إلى حل دبلوماسي للمواجهة بشأن أوكرانيا.
وفي تصريحات منفصلة، ذكرت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء أن الكسندر بانكين، وهو نائب آخر لوزير الخارجية الروسي، قال إن موسكو ترغب في إنهاء التوتر بشأن أوكرانيا والمطالب الأمنية الروسية من الغرب بطريقة دبلوماسية.
وكانت أوكرانيا أعلنت اليوم (الأربعاء) أن المساعي الدبلوماسية الأوروبية الهادفة إلى منع غزو روسي يخشى وقوعه لأراضي الجمهورية السوفياتية السابقة، تؤتي ثمارها؛ «لكن الوضع لا يزل متوتراً».
وحذرت دول غربية؛ منها واشنطن، من أن قرار روسيا حشد أكثر من 100 ألف عسكري قرب الحدود الأوكرانية، يعني أن بوتين يفكر جدياً في شن هجوم لعكس مسار كييف؛ الموالي للغرب. وتنفي موسكو هذه الاتهامات.



كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.