الليرة التركية تسجل تراجعاً جديداً في ظل توقعات سلبية للتضخم

مع استمرار الزيادات في أسعار الوقود والمواد البترولية

تراجعت الليرة التركية مدفوعة بارتفاع أسعار الوقود مرتين في أقل من أسبوع (رويترز)
تراجعت الليرة التركية مدفوعة بارتفاع أسعار الوقود مرتين في أقل من أسبوع (رويترز)
TT

الليرة التركية تسجل تراجعاً جديداً في ظل توقعات سلبية للتضخم

تراجعت الليرة التركية مدفوعة بارتفاع أسعار الوقود مرتين في أقل من أسبوع (رويترز)
تراجعت الليرة التركية مدفوعة بارتفاع أسعار الوقود مرتين في أقل من أسبوع (رويترز)

سجّلت الليرة التركية تراجعاً بنسبة 4% في تعاملات أمس (الثلاثاء)، مدفوعةً بارتفاع أسعار الوقود مرتين خلال أقل من أسبوع، وهو ما يرجح حدوث ارتفاع قياسي جديد في معدل التضخم الذي لامس حدود 50% حالياً.
وأعلن اتحاد أصحاب محطات الوقود في تركيا زيادة جديدة في أسعار منتجات الوقود، أمس، بواقع 80 قرشاً للديزل، وذلك للمرة الثانية في غضون 6 أيام فقط.
وحققت الليرة التركية التراجع السابع على التوالي خلال شهر فبراير (شباط) الحالي، عندما هبطت في تعاملات أمس بنحو 4% إلى 13.66 ليرة للدولار، بينما كانت قد بدأت في فبراير عند مستويات 13.30 ليرة للدولار.
وكانت الليرة قد تراجعت بنسبة 44% العام الماضي حيث خفض البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار 500 نقطة أساس من 19% في سبتمبر (أيلول) إلى 14% في ديسمبر (كانون الأول) الماضيين، بضغوط من الرئيس رجب طيب إردوغان الذي يرغب في إعطاء الأولية للائتمان والصادرات، للخروج من مأزق التضخم وارتفاع الأسعار الذي وضعه في موقف حرج قبل 18 شهراً من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في يونيو (حزيران) 2023.
ويتصاعد الغضب في تركيا بسبب ارتفاع الأسعار بشكل عام وزاد الغضب بسبب ارتفاع فواتير الكهرباء بنسبة وصلت إلى 177% منذ بداية العام، فضلاً عن ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي نحو الضعف.
وخرجت احتجاجات في أنحاء تركيا على ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز حيث أحرق مواطنون الفواتير في الشوارع وتحلقوا حولها لتدفئتهم، فيما قام بعض أصحاب المحال التجارية في مدينة شانلي أورفا، بإلقاء المدافئ الكهربائية في الشوارع، إظهاراً لاعتراضهم على ارتفاع أسعار الكهرباء.
وارتفع مستوى التضخم لمؤشر أسعار المستهلك إلى 48.7% على أساس سنوي، في يناير (كانون الثاني) الماضي، ليسجل بذلك أعلى مستوى له منذ أبريل (نيسان) 2002، ما وضع البنك المركزي التركي في مأزق، لأن رفع معدل الفائدة سيُغضب إردوغان، بينما خفضها سيدفع إلى زيادات جامحة بالأسعار.
وسبق أن أعلن البنك أنه لن يُجري أي خفض جديد على أسعار الفائدة في الربع الأول من العام وسيراقب التضخم والأسعار.
وقال بنك «غولدمان ساكس» إن التضخم سيتجاوز 50% في فبراير الحالي وسيستقر عند نحو 55% في معظم عام 2022 قبل أن يُنهي العام عند 33%. بينما رجح البنك المركزي التركي أن ينهي التضخم العام عند مستوى أقل في حدود 24%.
ورسمت وكالة «ستاندرد آند بورز» الدولية للتصنيف الائتماني صورة سلبية للتوقعات في تقرير موسع حول الاقتصاد التركي أصدرته، منذ أيام، تمهيداً لقرارها حول تصنيفه المقرر صدوره في مارس (آذار) المقبل.
وأكد التقرير أنه على الرغم من استقرار سعر صرف الليرة التركية خلال شهر يناير الماضي عند نحو 13.5 ليرة للدولار في المتوسط، فإن معدلات التضخم المرتفعة مرشحة للاستمرار في الأشهر المقبلة بما يؤثر سلباً على مستوى معيشة الأتراك في ظل ارتفاع الأسعار.
وأضاف التقرير: «يظل أداء الاقتصاد التركي عموماً في وضع من عدم اليقين الشديد بسبب عدم وضوح السياسة الاقتصادية لتركيا... لذلك، نُبقي على توقعاتنا للنمو الأساسي للناتج المحلي الإجمالي لعام 2022 عند التقديرات السابقة بنسبة 3.7% مع الأخذ في الاعتبار احتمالات العوامل السلبية والإيجابية المؤثرة على هذا التقدير».
وبالإشارة إلى أن تركيا تواجه، مثل بقية الاقتصادات الناشئة، تأثيرات دورة التشديد النقدي في الاقتصاد العالمي، ومع بدء بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي وغيره من البنوك المركزية رفع أسعار الفائدة، توقع التقرير أن الاختلالات الخارجية ستزيد من الضغط على تركيا بسبب استمرار الزيادة في احتياجات البلاد الخارجية نتيجة مستويات الدين الخارجي العالية، وذلك على الرغم من أن الحساب الجاري للحكومة التركية يظل جيداً نسبياً مقارنةً بما كان عليه في فترات تشديد السياسة النقدية عالمياً من قبل، هذا بالإضافة إلى أن تركيا لديها أقل احتياطي من العملات الأجنبية مقارنةً ببقية الاقتصادات الناشئة والنامية.
وبالنظر إلى أن تركيا تعد مستورداً كبيراً للطاقة، توقع التقرير أن معدلات التضخم قد ترتفع أكثر من التوقعات الحالية. وارتفعت أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها في 7 سنوات، نتيجة اختلال معادلة العرض والطلب بشكل أساسي. ومع أن «ستاندرد آند بورز» تتوقع أن تنخفض أسعار النفط قليلاً، لكنها تُبقي على توقع متوسط مستوى الأسعار لعام 2022 عند 75 دولاراً للبرميل. ويشكل ذلك ضغطاً تضخمياً إضافياً على الاقتصاد التركي، بخاصة في حال استمرار التوترات الجيوسياسية التي تؤثر في سوق النفط، وتدفع الأسعار للارتفاع مع مخاوف نقص العرض مقابل زيادة الطلب العالمي على الطاقة.



تعهدات ترمب بفرض تعريفات جمركية تدفع الدولار للارتفاع

أوراق نقدية بقيمة 100 دولار أميركي (رويترز)
أوراق نقدية بقيمة 100 دولار أميركي (رويترز)
TT

تعهدات ترمب بفرض تعريفات جمركية تدفع الدولار للارتفاع

أوراق نقدية بقيمة 100 دولار أميركي (رويترز)
أوراق نقدية بقيمة 100 دولار أميركي (رويترز)

ارتفع الدولار الأميركي يوم الثلاثاء بعد أن أعلن الرئيس المنتخب دونالد ترمب عن خطط لفرض تعريفات جمركية على المنتجات القادمة إلى الولايات المتحدة من المكسيك وكندا والصين، مما أثار مخاوف من سياسات قد تؤدي إلى حرب تجارية.

وفي رد فعل سريع على تصريحات ترمب، قفز الدولار أكثر من 2 في المائة مقابل البيزو المكسيكي، وسجل أعلى مستوى له في أربع سنوات ونصف مقابل نظيره الكندي. كما ارتفع الدولار إلى أعلى مستوى له منذ 30 يوليو (تموز) مقابل اليوان الصيني. في حين هبطت عملات أخرى مقابل الدولار، لكنها قلصت خسائرها بحلول منتصف الجلسة في آسيا، وفق «رويترز».

وكان الدولار قد شهد تراجعاً طفيفاً في الأيام الأخيرة، بعد أن رحبت سوق سندات الخزانة الأميركية بترشيح ترمب لمدير صندوق التحوط سكوت بيسنت لمنصب وزير الخزانة. ورغم أن المتداولين يعتبرون بيسنت من قدامى «وول ستريت» ومن مؤيدي السياسة المالية المحافظة، فإنه كان داعماً للدولار القوي وفرض التعريفات الجمركية. وقال المحللون إن رد فعل السوق تجاه هذا الاختيار من المحتمل أن يكون مؤقتاً.

وفي تعليق على تصريحات ترمب، قال كبير الاستراتيجيين في السوق، جيسون وونغ من بنك «بي إن زي»: «سوف تكون السوق متقلبة» بشأن تصريحات ترمب، وأضاف: «يمكنك التوصل إلى استنتاجات سريعة، ولكنني لا أستعجل ذلك الآن، لذا فإن السوق تحتاج فقط إلى الاستقرار».

وأكد ترمب أنه في اليوم الأول من توليه منصبه، سيفرض رسوماً جمركية بنسبة 25 في المائة على جميع المنتجات القادمة من المكسيك وكندا. وبخصوص الصين، قال الرئيس المنتخب إن بكين لا تتخذ إجراءات كافية لوقف تصدير المواد المستخدمة في تصنيع المخدرات غير المشروعة.

وأضاف: «حتى يتوقفوا عن ذلك، سنفرض على الصين تعريفة إضافية بنسبة 10 في المائة، بالإضافة إلى أي تعريفات أخرى على جميع منتجاتهم القادمة إلى الولايات المتحدة».

من جهتها، نفت الصين هذه الاتهامات، وقالت السفارة الصينية في واشنطن بعد تصريحات ترمب إن «كلاً من الولايات المتحدة والصين لن تستفيدا من حرب تجارية».

في هذه الأثناء، هبط الدولار الأسترالي إلى أدنى مستوى له في أكثر من ثلاثة أشهر عند 0.64335 دولار في الساعات الأولى من التداول في آسيا، وكان آخر تداول له بانخفاض 0.21 في المائة عند 0.6478 دولار. ويُباع الدولار الأسترالي في كثير من الأحيان بوصفه بديلاً سائلاً لليوان الصيني؛ نظراً لأن الصين هي أكبر شريك تجاري لأستراليا.

أما الدولار النيوزيلندي فقد وصل إلى أدنى مستوى له في عام عند 0.5797 دولار، لكنه محا معظم خسائره ليعود للتداول بالقرب من 0.58415 دولار.

وأوضح استراتيجي الاستثمار لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في شركة «ليغال آند جنرال لإدارة الاستثمارات»، بن بينيت، أن المستثمرين قد ركزوا حتى الآن على السياسات الاقتصادية الإيجابية التي أعلنها ترمب مثل خفض الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية، لكن من المحتمل أن تكون سياساته الأكثر تحدياً مثل فرض التعريفات الجمركية أسهل في التنفيذ. وأضاف: «هذا الإعلان بمثابة تنبيه للمستثمرين».

وأشار إلى أن «التعريفات الجمركية ستكون مفيدة للدولار الأميركي وستضر بالعملات التي ستتعرض لهذه التعريفات مع تغير ميزان التجارة، ولكنني لست متأكداً من أن حكومة ترمب ستسمح بتسارع هذا الاتجاه».

وتوقع بعض المحللين أن تهديدات التعريفات الجمركية قد تكون مجرد تكتيك تفاوضي. وقالت كبيرة الاقتصاديين في منطقة الصين الكبرى في «آي إن جي»، لين سونغ: «الجانب المشرق من هذا هو أنه بدلاً من سيناريو التعريفات الجمركية المدفوع آيديولوجياً حيث لا يمكن فعل أي شيء لتجنب حرب تجارية شاملة، طالما كان هناك مجال للتفاوض، فهناك إمكانية لنتيجة أقل ضرراً».

وكان مؤشر الدولار، الذي يقيس قيمة الدولار الأميركي مقابل ست عملات رئيسية، عند 107.04. كما تراجع اليورو بنسبة 0.18 في المائة ليصل إلى 1.04785 دولار، في حين بلغ الجنيه الإسترليني 1.25525 دولار، منخفضاً بنسبة 0.14 في المائة على مدار اليوم.

وتلقى اليورو ضربة يوم الجمعة الماضي بعد أن أظهرت مسوحات التصنيع الأوروبية ضعفاً واسعاً، في حين فاجأت المسوحات الأميركية التوقعات بارتفاعها.

في المقابل، سجل الين الياباني زيادة بنسبة 0.4 في المائة ليصل إلى 153.55 ين مقابل الدولار.

أما بالنسبة للعملات الرقمية، تم تداول «البتكوين» عند 94.375 دولار، وهو أدنى بكثير من أعلى مستوى قياسي بلغ 99.830 دولار الذي سجله الأسبوع الماضي.

وشهدت «البتكوين» جني أرباح قبل الوصول إلى الحاجز الرمزي 100.000 دولار، بعد أن ارتفعت بأكثر من 40 في المائة منذ الانتخابات الأميركية وسط توقعات بأن يسمح ترمب بتخفيف البيئة التنظيمية للعملات المشفرة.