عين «قسد» على مخيم الهول بعد إنهاء تمرد الحسكة

شهد 4 جرائم الشهر الماضي ومقتل 128 شخصاً في 2021

مخيم الهول شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
مخيم الهول شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
TT

عين «قسد» على مخيم الهول بعد إنهاء تمرد الحسكة

مخيم الهول شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
مخيم الهول شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

رغم نجاح «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) باستعادة السيطرة على تمرد سجن الصناعة الذي نفذه عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي، تجد هذه القوات المدعومة من تحالف دولي تقوده واشنطن صعوبة في السيطرة على التدهور الأمني في مخيم الهول، حيث يقع شرقي محافظة الحسكة تقطنها آلاف أسر وعائلات هؤلاء المحتجزين في سجون «قسد» يضم قرابة 56 ألف شخص، ويبعد قرابة نحو 40 كيلومتراً شرقي سجن الصناعة بحي غويران بالحسكة، وتفصلها بضع كيلومترات عن الحدود العراقية.
ونفذت خلايا نائمة موالية للتنظيم المتطرف 4 جرائم قتل خلال الشهر الماضي طالت نازحاً سورياً ومسعفاً يعمل في «منظمة الهلال الأحمر» الكردية الطبية، واثنين من اللاجئين العراقيين. وحذر مسؤول في الإدارة في شمال شرقي سوريا إلى أنّ تهديد العاملين والمتطوعين بالمنظمات الإنسانية الناشطة في المخيم يشكل سابقة خطيرة، وقال شيخموس أحمد رئيس مكتب شؤون اللاجئين والنازحين في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «ثمة خلل أمني وتهديد جدّي في المخيم، بسبب أنشطة خلايا (داعش) التي لا تزال موجودة وترتكب جرائم فضيعة»، مشيراً إلى تراجع دور المنظمات الدولية منها والمحلية جراء التهديد الذي يشكله خلايا التنظيم ليضيف: «تلك المنظمات ستواصل تقديم الخدمات الإنسانية لكن ليس بالشكل المطلوب، فالخطر يهدد سلامة العاملين وهذا الوضع خطير للغاية».
وتعرضت نقطة «اللجنة الدولية للصليب الأحمر» في مخيم الهول لمحاولة قتل الطبيب الإثيوبي منتصف الشهر الماضي، وعلى إثرها سحبت اللجنة وعدد من المنظمات الدولية الإنسانية طواقمها وكوادرها من داخل المخيم، خشية حصول هجمات دموية أخرى وقررت تعليق جهودها الإغاثية والإنسانية نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية، حيث تعمل هناك أكثر من 50 منظمة محلية ودولية ومئات الموظفين والعاملين في المجال الإنساني والإغاثي، فيما طالبت منظمة أطباء بلا حدود إحدى أبرز المنظمات الإنسانية في المخيم عبر بيان رسمي نشر على موقعها، أنّه: «لا بد من إيجاد حلول طويلة الأمد تحترم حقوق سكان المخيم وتكفل سلامتهم وسلامة العاملين في المجال الإنساني على حد سواء».
وبحسب إحصاءات إدارة المخيم وقوى الأمن «الأسايش»، شهد المخيم خلال عام 2021 مقتل 128 شخصاً معظمهم كانوا لاجئين عراقيين ونازحين سوريين قُتلوا بأسلحة وأدوات حادة أو فصلت رؤوسهم عن أجسادهم أو خنقاً حتى الموت، بينهم 3 أطفال و19 امرأة، كما وقعت 41 محاولة قتل أدت إلى إصابة المستهدفين، كذلك وقعت 13 حالة حرق عمداً، واتهمت قوى الأمن خلايا موالية لتنظيم «داعش» بالوقوف وراء هذه الهجمات، غير أن مسؤولاً أمنياً بارزاً - تحفظ على ذكر اسمه أو صفته لأسباب أمنية - أوضح بأن تلك الخلايا بالمجمع عبارة عن قتلة مأجورين يتقاضون الأموال عن كل جريمة قتل أو محاولة قتل تنفيذها في مخيم الهول.
يقول لقمان أحمي الناطق الرسمي للإدارة الذاتية تعقيباً على تدهور الوضع الأمني في مخيم الهول: «المخيم أخطر بكثير من السجون التي يُحتجز فيها عناصر (داعش) الإرهابي لوجود الفكر المتطرف المتفشي داخله، وصعوبة التحكُّم والسيطرة الأمنية نظراً لكبره والمنطقة الصحراوية الواسعة داخله وفي محيطه»، إضافة إلى عدد قاطنيه الكبير أكثر من 56 ألفاً ويتجاوز عدد سكان بلدة الهول نفسها، يشكّل السوريون والعراقيون النسبة الكبرى، كما يضم قسماً خاصاً بالنساء الأجنبيات «المهاجرات» وأطفالهن، يتحدرون من نحو 50 دولة غربية وعربية، إذ يبلغ عددهم نحو 10 آلاف سيدة وطفل بينهم 3177 امرأة، يخضع لحراسة أمنية مشددة، كما يمنع الخروج والدخول إلا بإذن خطّي من إدارة المخيم.
وفي ظل استمرار عمليات القتل والاغتيالات التي غالباً ما تطال لاجئين عراقيين، ترفض السلطات العراقية استعادة رعاياها من المخيم. ورغم إخراج دفعتين خجولة بداية العام الحالي كانوا نحو 500 عائلة ونقل آخرين ممن تتهددهم مخاطر إلى مخيمات أخرى، تتخوف الإدارة الذاتية من تفاقم الوضع نحو الأسوأ، وسط زيادة حالات الفرار، وبحسب «مركز معلومات روج آفا»، بلغ عدد الذين تمكنوا من التسلل خلال عام 2020 نحو 200 شخص، فيما سجلت أكثر من 700 محاولة العام الماضي 2021. وقد تكون الأرقام أكبر بكثير من ذلك بسبب عجز السلطات المحلية عن حصر كل الحالات.
وألقت قوى الأمن الداخلي بالمخيم القبض على شبكات تهريب البشر بينهم نساء «داعشيات» بتهم تشكيل «خلايا إرهابية وتهريب البشر»، ونفذت عمليات أمنية بشكل متكرر شملت معظم أقسام المخيم، وتشتبه أجهزة الأمن في أن النساء «الداعشيات» تلعبنّ دور الوسيط مع خلايا نائمة للتنظيم تكون خارج المخيم في عمليات التهريب وتقديم الأموال ويد العون لعوائل مسلحي التنظيم المتشدد.


مقالات ذات صلة

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مواطنون من عفرين نزحوا مرة أخرى من قرى تل رفعت ومخيمات الشهباء إلى مراكز إيواء في بلدة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة (الشرق الأوسط)

ممثلة «مسد» في واشنطن: «هيئة تحرير الشام» «مختلفة» ولا تخضع لإملاءات تركيا

تقول سنام محمد، ممثلة مكتب مجلس سوريا الديمقراطي في واشنطن، بصفتنا أكراداً كنا أساسيين في سقوط نظام الأسد، لكن مرحلة ما بعد الأسد تطرح أسئلة.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي مقاتلون من المعارضة في حمص يتجمعون بعد أن أبلغت قيادة الجيش السوري الضباط يوم الأحد أن حكم بشار الأسد انتهى (رويترز)

«داعش» يعدم 54 عنصراً من القوات السورية أثناء فرارهم

أعدم تنظيم «داعش» 54 عنصراً من القوات الحكومية في أثناء فرارهم في بادية حمص وسط سوريا، تزامناً مع سقوط الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عنصر من المعارضة السورية المسلحة في حمص يحتفل بدخول العاصمة دمشق (إ.ب.أ)

الأردن ومخاوف من خلط أوراق المنطقة والخشية من فوضى سوريا

يبدي أمنيون أردنيون مخاوفهم من عودة الفوضى لمناطق سورية بعد الخروج المفاجئ للأسد إلى موسكو، وان احتمالات الفوضى ربما تكون واردة جراء التنازع المحتمل على السلطة.

محمد خير الرواشدة (عمّان)

بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
TT

بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (الخميس) إلى الأردن، مستهِلاً جولة لبحث الأزمة في سوريا بعد إطاحة الرئيس السوري بشار الأسد، وفق ما أفاد صحافي من «وكالة الصحافة الفرنسية» كان ضمن فريق الصحافيين المرافق له في الطائرة.

وقال مسؤولون أميركيون، للصحافيين المرافقين، إن بلينكن المنتهية ولايته سيلتقي العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ووزيرَ خارجيته في مدينة العقبة (نحو 325 كيلومتراً جنوب عمان) على البحر الأحمر، في إطار سعيه إلى عملية «شاملة» لاختيار أعضاء الحكومة السورية المقبلة. وفور وصوله، توجَّه بلينكن إلى الاجتماع، ومن المقرر أن يسافر في وقت لاحق من اليوم إلى تركيا.

ودعا بلينكن إلى عملية «شاملة» لتشكيل الحكومة السورية المقبلة تتضمَّن حماية الأقليات، بعدما أنهت فصائل معارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» حكم بشار الأسد المنتمي إلى الطائفة العلوية التي تُشكِّل أقلية في سوريا.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية، لدى إعلانها عن جولة بلينكن، إنه سيدعو إلى «قيام سلطة في سوريا لا توفر قاعدة للإرهاب أو تُشكِّل تهديداً لجيرانها»، في إشارة إلى المخاوف التي تُعبِّر عنها كل من تركيا، وإسرائيل التي نفَّذت مئات الغارات في البلد المجاور خلال الأيام الماضية. وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إلى أنه خلال المناقشات في العقبة على البحر الأحمر «سيكرر بلينكن دعم الولايات المتحدة لانتقال جامع (...) نحو حكومة مسؤولة وتمثيلية». وسيناقش أيضاً «ضرورة (...) احترام حقوق الأقليات، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، ومنع تحول سوريا إلى قاعدة للإرهاب أو أن تُشكِّل تهديداً لجيرانها، وضمان تأمين مخزونات الأسلحة الكيميائية وتدميرها بشكل آمن». وهذه الزيارة الثانية عشرة التي يقوم بها بلينكن إلى الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وهجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل، التي ردَّت بحملة عنيفة ومُدمِّرة ما زالت مستمرة على قطاع غزة.

وانتهت رحلة بلينكن السابقة بخيبة أمل بعد فشله في تأمين صفقة تنهي فيها إسرائيل و«حماس» الحرب في مقابل إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة. وسيغادر بلينكن منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل مع إدارة الرئيس جو بايدن.

ووصف الرئيس المنتخب دونالد ترمب الوضع في سوريا بـ«الفوضى». وقال إن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تتدخل، رغم أنه لم يوضح السياسة الأميركية منذ سقوط الأسد.