استمرار «الجمود» السياسي بين «التيار الصدري» و«الإطار التنسيقي»

بعد أيام من مبادرة بارزاني

TT

استمرار «الجمود» السياسي بين «التيار الصدري» و«الإطار التنسيقي»

في وقت أعلن فيه زعيم «التيار الصدري»، مقتدى الصدر، استعداده للترحيب بالحوار مع مَن سماهم «المعارضة الوطنية»، بعد لقائه في مقره بالحنانة في مدينة النجف، الاثنين الماضي، رئيس إقليم كردستان، نيجرفان بارزاني، ورئيس البرلمان العراقي، محمد الحلبوسي، وزعيم «تحالف السيادة» خميس الخنجر، فإن الأنظار لا تزال تتجه إلى كيفية ترجمة طريقة الحوار بين الطرفين.
وطبقاً لمعلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة مقربة من غرف الحوارات السياسية، فإن «(قوى الإطار التنسيقي) ترى أن هناك نوعاً من التناقض بين فحوى مبادرة الزعيم الكردي، مسعود بارزاني، رئيس (الحزب الديمقراطي الكردستاني) الهادفة إلى ترميم البيت الشيعي، وما قيل عن بدء حوار خلال 48 ساعة بين (التيار) و(الإطار) من أجل بحث طريقة المشاركة في الحكومة المقبلة». وتضيف المصادر: «في الوقت الذي لا يزال فيه التيار ينتظر ما ينبغي أن يكون مبادرة من الطرف الآخر (في إشارة إلى الصدر أو الطرف الضامن للمبادرة، وهم الكرد والسنَّة) لكي يحدد بموجبها طبيعة موقفه، أعلن الصدر في تغريدة، بعد لقائه مع بارزاني - الحلبوسي، ترحيبه بالحوار مع المعارضة الوطنية، وهو ما يعني أن الصدر ماضٍ أولاً في رؤيته هو للأغلبية الوطنية، وثانياً أنه صنف كل قوى (الإطار) بوصفها معارضة وطنية».
وفي هذا السياق، وطبقاً للمعلومات المتداولة، فإنه في الوقت الذي ترحب فيه «قوى الإطار التنسيقي» بالحوار مع الصدر أو شركائه، لا تزال تأخذ على الشريكين؛ الكردي ممثلاً بـ«الحزب الديمقراطي الكردستاني» والسني ممثلاً بـ«تحالف السيادة»، بزعامة خميس الخنجر، الذي ينتمي اليه محمد الحلبوسي رئيس البرلمان، أن دورهما أدى بالنتيجة إلى تمزيق البيت الشيعي، وهذا مخالف لما كانا يتحدثان عنه؛ من أنهما لا يمضيان مع طرف شيعي ضد طرف آخر.
وطبقا لما أعلنه لـ«الشرق الأوسط» سياسي مقرَّب من «قوى الإطار التنسيقي»، وهو التحالف الشيعي الذي يضم «دولة القانون» و«الفتح» و«العصائب» و«العقد الوطني»، فإن «المبادرة الكردية - السنية تبدو أشبه بذر الرماد في العيون لأن موقفهم ثابت مما يدعو إليه الصدر»، مشيراً إلى أن «رئيس البرلمان محمد الحلبوسي وقبل وصوله إلى الحنانة حيث لم نكن نعرف طبيعة المبادرة، أعلن لا شرقية ولا غربية، وأن الحكومة القادمة سوف تتشكل من دون تدخلات. يُضاف إلى ذلك أن (الحزب الديمقراطي الكردستاني) يعمل الآن على تحشيد الأصوات لمرشحه لرئاسة الجمهورية، هوشيار زيباري، بالضد من مرشح (الاتحاد الوطني)، برهم صالح، وهو ما يعني أنه يريد أن يبين للشيعة أنه معهم كلهم، في محاولة لكسب أصوات (الإطار) أثناء انتخاب رئيس الجمهورية، الاثنين المقبل، ثم يعود الى تحالفه الصلب مع الصدر».
إلى ذلك، أعلن «ائتلاف دولة القانون»، بزعامة نوري المالكي، أن «نقطة الخلاف التي لا تزال عالقة بين (الإطار) و(التيار) هي حول دخول الإطار في تشكيل الحكومة، باستثناء زعيم (ائتلاف دولة القانون) نوري المالكي»، مؤكداً «تماسك (الإطار التنسيقي) تماماً ورفض هذا الشرط». وقال القيادي في «دولة القانون»، فاضل كسار، في تصريح، أمس (الأربعاء)، إن «(الإطار) لن يدخل في الكتلة الأكبر إلا بجميع أطرافه، ولديه خيارات أخرى، منها سلوك طريق المعارضة أو مقاطعة العملية السياسية، أو تشكيل الثلث المعطل في مجلس النواب».
وأشار إلى أن «الجزء المعطل يُشكَّل من نواب (الإطار) و(الاتحاد الوطني الكردستاني)، فضلاً عن نواب مستقلين، لتعطيل المشاريع الخبيثة والمخططات الخارجية المتمثلة بحل الحشد الشعبي وفصائل المقاومة الإسلامية، ومشروع الشام الذي يقضي بتصدير مليونَي برميل نفط من البصرة الى ميناء العقبة في الأردن ومن ثم مصر، في حين أن كركوك أقرب».
وأوضح كسار بالقول: «في حال عدم إشراك (الإطار التنسيقي) في الحكومة، فإن المكوّن الشيعي الذي يتكون من 12 محافظة سيتحول إلى أقلية داخل الحكومة المرتقب تشكيلها».
وبيّن عضو «ائتلاف دولة القانون» أنّ «شروط (الإطار التنسيقي) التي سيطرحها خلال اجتماعه مع التيار الصدري ستتضمن، فضلاً عن اشتراك الجميع، مقاضاة مَن يصرح بكلام عن حلّ (الحشد الشعبي)»، لافتاً إلى أنّ «الحديث عن فصائل المقاومة يرتبط بوجود المحتل الأميركي في العراق، فإذا خرج المحتل من العراق ممكن أن يكون هناك كلام عن حل فصائل المقاومة الموجودة».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.