مرضى الفشل الكلوي في اليمن يواجهون الموت بعد النزوح

التي فرّوا منها لحقت بهم إلى تعز

مرضى الفشل الكلوي في اليمن يواجهون الموت بعد النزوح
TT

مرضى الفشل الكلوي في اليمن يواجهون الموت بعد النزوح

مرضى الفشل الكلوي في اليمن يواجهون الموت بعد النزوح

المرضى المصابون بالفشل الكلوي منكوبون مرتين؛ نكبوا أولاً بالاضطرار إلى ترك منازلهم والنزوح من مدنهم إلى مدن أخرى بدت، في الأيام والأسابيع الأولى، آمنة وبمعزل عن المواجهات المسلحة، لكن الحرب التي فرّوا منها في عدن ولحج لحقت بهم إلى تعز.
ومنكوبون مرة أخرى بسبب حاجتهم إلى ثلاث جلسات غسيل أسبوعيًا لتنقية وتصفية دمائهم، اضطروا إلى قبول تخفيض ساعاتها، أو التنازل عن واحدة أسبوعيًا بحكم أوضاع الحرب، ونقص المؤن، وانعدام الوقود والديزل المشغل للمولدات الكهربائية بالتزامن مع انطفاء التيار الكهربائي عن الكثير من المدن اليمنية لليوم العاشر على التوالي. فضلاً عن القدرة الاستيعابية المحدودة للغاية لمراكز غسيل الكلى في اليمن بالمجمل. السرطان مخيف لكن الفشل الكلوي مذل، خصوصا في بلد كاليمن. بلد أنهكته النزاعات والجماعات المسلحة، واستنزف خيراته الحكم الفاسد، ولدى أفراد شعبه ثمانون مليون قطعة سلاح، وليس لديهم عشر مستشفيات نموذجية متكاملة، يقصدونها للعلاج. الشرق الأوسط رصدت أوضاع مركزي الغسيل الكلوي في أكبر مستشفيين حكوميين في مدينة تعز، وهما مستشفى الثورة ومستشفى الجمهوري:

مركز الغسيل الكلوي في مستشفى الجمهوري
يتكون مركز الغسيل الكلوي في مستشفى الجمهوري من 15 وحدة غسيل كلوي، ويجري ما بين 45 إلى 55 جلسة غسيل كمعدل يومي. لكن الضغط ازداد على المركز وارتفعت أعداد المرضى خلال الأسابيع الماضية بسبب الحرب، ووجود العشرات من المصابين بالفشل الكلوي ضمن النازحين إلى تعز والمقبلين من كل من صنعاء وعدن ولحج. الأمر الذي اضطر إدارة المستشفى الجمهوري حسبما ذكر مديره الدكتور راجح المليكي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى زيادة ساعات العمل الإضافية والتطوعية من الطاقم، حتى إن المركز صار يقوم في الأسابيع الماضية بـ«إجراء 60 جلسة غسيل يوميًا». وأشاد مدير المستشفى بـ«فاعلي الخير ورجال الأعمال الذين قدموا دعمًا للمركز خلال هذه الفترة العصيبة»، مشيرًا إلى أن المركز يعاني نقصًا شديدًا في المحاليل (المغذيات) كالملح والجلوكوز». تجدر الإشارة إلى أن المركز أنشئ بجهود ذاتية من المجتمع الأهلي للمدينة ومساعدة من الحكومة التركية، وبدأ عمله في مرحلته الأولى بخمس عشرة وحدة غسيل واستصفاء كلوي في نهاية 2013م، وتحاول إدارة المستشفى منذ ذلك الوقت إقناع وزارة المالية في صنعاء باعتماد المرحلة الثانية من المركز في المخصصات المركزية وموازنة الدولة، حسبما ذكر مدير المستشفى.

مركز الغسيل الكلوي في مستشفى الثورة
يعمل مركز الغسيل الكلوي في مستشفى الثورة، أكبر مستشفيات الحكومة في مختلف أرجاء الجمهورية، بـ5 ورديات منتظمة في اليوم. يتم غسيل 20 حالة في كل وردية، أي 100 حالة في اليوم، على نحو النظام المتبع في مركز الغسيل الكلوي الأم في صنعاء. ويعتبر مركز تعز الثاني بعد المركز الرئيسي في صنعاء من حيث عدد الحالات المسجلة في كشوفه التي يستقبلها، بشكل منتظم، بنظام الحجوز والكروت المسبقة، حيث يُوزع المرضى المسجلون في السجلات الرسمية على أيام الأسبوع.
يستقبل مركز الغسيل في مستشفى الثورة بتعز في الأوضاع الاعتيادية 250 حالة يوميًا، لكنه بات يستقبل أعدادا إضافية فوق قدرته الاستيعابية، مع اندلاع الحرب، ونزوح العشرات من المصابين بالفشل الكلوي من محافظات كثيرة، أبرزها وأكثرها صنعاء وعدن، إضافة إلى تردي الأوضاع في مركز الغسيل الكلوي التابع للمستشفی العسكري، الذي بات على وشك الإغلاق، زاد من أعداد المرضى المتوافدين على مركز الغسيل في مستشفى الثورة.
لكن المشكلة لا تقتصر على القدرة الاستيعابية وتزايد أعداد المرضى وحسب. ذلك أن انقطاع التيار الكهربائي عن المدينة ومستشفياتها بمعدل 20 يوميًا، منذ عشرة أيام متصلة، أدى إلى تفاقم وسوء الوضع.
وأوضحت الناشطة الحقوقية البارزة إشراق المقطري لـ«الشرق الأوسط» أن «كل مريض بالفشل الكلوي يحتاج إلى 4 ساعات من أجل إتمام الغسيل، ومع انقطاع الكهرباء والوضع الحالي، فإن كل جلسة غسيل تحتاج في اليوم كأقل شيء 20 لتر ديزل في الساعة الواحدة، من أجل تشغيل مضخات التحلية والغسيل، فضلاً عن أنها تحتاج، إلى جانب ما سبق، ما يتراوح بين 8 إلى 10 وايت ماء (خزان ماء) سعة 3000 لتر للوايت»، وقد تضاعفت أسعار وايتات الماء بشكل مهول، بالتزامن مع أسعار المشتقات النفطية والبنزين في جميع المدن اليمنية.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.