منظمات حقوقية: الحوثيون يزجون بآلاف الأطفال في المعارك الدائرة في اليمن

وزير داخلية الحوثيين يأمر باعتقال هادي و9 آخرين

مقاتلون موالون للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أثناء استراحة بعد مواجهات بينهم وبين الحوثيين في عدن أمس (أ.ف.ب)
مقاتلون موالون للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أثناء استراحة بعد مواجهات بينهم وبين الحوثيين في عدن أمس (أ.ف.ب)
TT

منظمات حقوقية: الحوثيون يزجون بآلاف الأطفال في المعارك الدائرة في اليمن

مقاتلون موالون للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أثناء استراحة بعد مواجهات بينهم وبين الحوثيين في عدن أمس (أ.ف.ب)
مقاتلون موالون للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أثناء استراحة بعد مواجهات بينهم وبين الحوثيين في عدن أمس (أ.ف.ب)

في خطوة وصفها المراقبون بأنها تصعيدية، أصدر وزير الداخلية في سلطة الحوثيين بصنعاء، أمرا إلى الجهات المختصة باعتقال الرئيس عبد ربه منصور هادي وعدد آخر من القيادات السياسية اليمنية في الحكومة الشرعية، ونص التعميم الذي أصدره اللواء جلال الرويشان، وزير الداخلية المكلف في سلطة الحوثيين التي شكلتها عقب استقالة حكومة الكفاءات برئاسة خالد محفوظ بحاح، والموجه إلى رئيس مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية، قائد قوات الأمن الخاصة، مدير عام شرطة الدوريات وأمن الطرق، مدير عام شرطة أمانة العاصمة ومديري عموم شرطة المحافظات ، باعتقال الرئيس عبد ربه منصور هادي، السياسي المخضرم عبد الكريم الارياني، وزير الخارجية رياض ياسين عبد الله، مستشار رئيس الجمهورية، سلطان حزام العتواني، النائب البرلماني عبد العزيز أحمد جباري، مدير مكتب الرئيس أحمد عوض بن مبارك، رئيس جهاز الأمن القومي (المخابرات) علي حسن الأحمدي، عبد الوهاب أحمد الآنسي، ومحمد محمد قحطان، القياديين في حزب التجمع اليمني للإصلاح الإسلامي.
وقال قرار الوزير الرويشان إنه ارتكن إلى قرار من النيابة العامة بذلك وتحديدا المحامي العام الأول، وبرر أسباب صدور التعميم بقيام المذكورين بـ«ارتكاب جرائم الاعتداء على استقلال الجمهورية وانتحال أحدهم صفة رئيس الجمهورية وإضعاف قوة الدفاع»، حسب التعميم الصادر في الـ21 من أبريل (نيسان) الحالي.
وفي وقت لاحق، أصدرت وزارة الداخلية في صنعاء توضيحا، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، وقالت فيه إنها «ترفض القيام بأي مهام في إطار إجراءات الضبط القضائي المخول لها قانونا بناء على طلبات شخصية لأحزاب أو كيانات أو وجاهات اجتماعية أو أفراد، الجهة الوحيدة المخولة قانونا بإلزام وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية للقيام بمهام إجراءات الضبط القضائي وجمع الاستدلالات هي النيابة العامة والقضاء مُمثلة في النيابات المتخصصة ومكاتب النائب العام والمحامي العام الأول، وهو ما استندت إليه الوزارة في تعميمها المشار إليه»، وأضافت أنه «فور تلقي الوزارة طلب النيابة العامة والمحامي العام الأول تمت إحالة الموضوع لدراسته قانونا واستغرق ذلك ما يقرب من أسبوع من قبل المختصين. وفي إطار السلطة المخولة للوزارة دستوريا وقانونيا تم التعميم وعلى مسؤولية النيابة العامة والقضاء»، وأن «الإجراء الذي تم من خلال التعميم المشار إليه هو إجراء قانوني بحت لا علاقة له بالمواقف السياسية ولا يستجيب لرغبات طرف سياسي دون طرف أو يقف مع طرف ضد طرف ويستند إلى نص القانون كما ورد في المادة 147 من قانون الإجراءات الجزائية. وفي إطار استقلالية القضاء كشرط من شروط الدولة المدنية الحديثة الديمقراطية والعادلة. وعلى النيابة العامة والقضاء مسؤولية صحة وقانونية وتبعات ما ورد في هذا التعميم»، وأكدت داخلية سلطة الحوثيين أنها «لا تزال وسوف تستمر على موقفها المهني والقانوني تؤدي وظيفتها ومهامها بحيادية بعيدا عن الصراعات والتجاذبات السياسية»، داعية جميع الأطراف إلى تغليب المصلحة العامة والعودة إلى الحوار والحلول السياسية وعدم الإقصاء ورفض العنف والحفاظ على أمن واستقرار اليمن والإقليم، حسب تعبيرها. واعتبرت مصادر سياسية في صنعاء، ما أقدم عليه الحوثيون يعد تصعيدا في المواقف: «في الوقت الذي تسعى فيه أطراف كثيرة إلى أن يلتزموا بقرار مجلس الأمن الدولي بعد انتهاء مهلة القرار الأخير (2216)، من أجل التهيئة لتواصل عملية (إعادة الأمل) لليمن، وليس التصعيد الذي يزيد من معاناة المواطنين اليمنيين»، حسب المصادر.
في السياق ذاته، تكثف وسائل الإعلام الحكومية (المقروءة والمرئية والمسموعة) التي يسيطر عليها الحوثيون، من هجومها على الرئيس عبد ربه منصور هادي، ويسوق الحوثيون، من خلال وسائل الإعلام التي يسيطرون عليها، الكثير من النعوت والأوصاف بحق هادي وعدد من السياسيين اليمنيين الذين يساندون الشرعية في البلاد، وفي المقابل تمجد تلك الوسائل الإعلامية جماعة الحوثي وتظهر أن إيران دولة محبة وصديقة لليمن، فيما دول التحالف عكس ذلك، إضافة إلى تمجيد الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح وإن بنسبة أقل من تمجيد الحوثيين.
من ناحية ثانية، قالت منظمة الطفولة التابعة للأمم المتحدة (اليونيسيف) إن عدد الأطفال الذي قتلوا في الحرب الدائرة في اليمن بلغ 115 طفلا وطفلة، وتعتقد المنظمة أن «هذه الأرقام متواضعة وأن عملية التحري والتحقق مستمرة وأنه من المرجح أن عدد الأطفال الذين قتلوا أو شوهوا في الصراع في اليمن أعلى مما ذكر»، وقال ممثل «اليونيسيف» في اليمن، جوليان هارنس، في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إنه «لا يزال مئات الآلاف من الأطفال في اليمن يعيشون في ظروف خطرة، وكثير منهم يستيقظون فزعين في الليل على أصوات القصف وإطلاق النار»، وإن «عدد الضحايا من الأطفال يظهر بوضوح كيف أن هذا الاقتتال مدمر لأطفال البلاد ومن دون نهاية عاجلة لهذا العنف، لن يتمكن الأطفال من أن يعيشوا حياة طبيعية»، على ذات الصعيد، قال أحمد القرشي، رئيس منظمة «سياج» لحماية الطفولة في اليمن إن أكثر من 5 ملايين طفل وطفلة متضررون من الأحداث الحالية، جراء توقف الدراسة أو القتل وقصف الميليشيات، وأضاف القرشي لـ«الشرق الأوسط» أن المعلومات التي لديهم في المنظمة تفيد بأن الميليشيات جندت في عدد من المحافظات نحو 4 آلاف طفل للمشاركة في القتال، وأشار إلى أن أكثر من 200 طفل وطفلة لقوا مصرعهم في اليمن منذ اجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء في سبتمبر (أيلول) المنصرم، واعتقلت المقاومة الشعبية في عدد من المحافظات الجنوبية عددا من المقاتلين الأطفال الذين قالوا إنهم (الحوثيين) أجبروا عائلاتهم على إلحاقهم بالميليشيات المسلحة وإنهم تركوا مدارسهم من أجل قتال «القاعدة والدواعش»، حسبما قال لهم الحوثيون.



انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)

أرغم الحوثيون جميع الموظفين في مناطق سيطرتهم، بمن فيهم كبار السن، على الالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن ما يقولون إنها استعدادات لمواجهة هجوم إسرائيلي محتمل.

جاء ذلك في وقت انضم فيه موظفون بمدينة تعز (جنوب غرب) الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى إضراب المعلمين، مطالبين بزيادة في الرواتب.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوثيين، وعلى الرغم من أنهم لا يصرفون الرواتب لمعظم الموظفين، فإنهم وجّهوا بإلزامهم، حتى من بلغوا سن الإحالة إلى التقاعد، بالالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن الإجراءات التي تتخذها الجماعة لمواجهة ما تقول إنه هجوم إسرائيلي متوقع، يرافقه اجتياح القوات الحكومية لمناطق سيطرتهم.

وبيّنت المصادر أن هناك آلاف الموظفين الذين لم يُحالوا إلى التقاعد بسبب التوجيهات التي أصدرها الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي بوقف الإحالة إلى التقاعد، إلى حين معالجة قضايا المبعدين الجنوبيين من أعمالهم في عهد سلفه علي عبد الله صالح، وأن هؤلاء تلقوا إشعارات من المصالح التي يعملون بها للالتحاق بدورات التدريب على استخدام الأسلحة التي شملت جميع العاملين الذكور، بوصف ذلك شرطاً لبقائهم في الوظائف، وبحجة الاستعداد لمواجهة إسرائيل.

تجنيد كبار السن

ويقول الكاتب أحمد النبهاني، وهو عضو في قيادة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، إنه طلب شخصياً إعادة النظر في قرار تدريب الموظفين على السلاح، لأنه وحيد أسرته، بالإضافة إلى أنه كبير في العمر؛ إذ يصل عمره إلى 67 عاماً، واسمه في قوائم المرشحين للإحالة إلى التقاعد، بعد أن خدم البلاد في سلك التربية والتعليم واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم لما يقارب الأربعين عاماً.

ومع تأكيده وجود الكثير من الموظفين من كبار السن، وبعضهم مصابون بالأمراض، قال إنه من غير المقبول وغير الإنساني أن يتم استدعاء مثل هؤلاء للتدريب على حمل السلاح، لما لذلك من مخاطر، أبرزها وأهمها إعطاء ذريعة «للعدو» لاستهداف مؤسسات الدولة المدنية بحجة أنها تؤدي وظيفة عسكرية.

حتى كبار السن والمتقاعدون استدعتهم الجماعة الحوثية لحمل السلاح بحجة مواجهة إسرائيل (إ.ب.أ)

القيادي في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ذكر أنه لا يستبعد أن يكون وراء هذا القرار «أطراف تحمل نيات سيئة» تجاه المؤسسات المدنية، داعياً إلى إعادة النظر بسرعة وعلى نحو عاجل.

وقال النبهاني، في سياق انتقاده لسلطات الحوثيين: «إن كل دول العالم تعتمد على جيوشها في مهمة الدفاع عنها، ويمكنها أن تفتح باب التطوع لمن أراد؛ بحيث يصبح المتطوعون جزءاً من القوات المسلحة، لكن الربط بين الوظيفة المدنية والوظيفة العسكرية يُعطي الذريعة لاستهداف العاملين في المؤسسات المدنية».

توسع الإضراب

وفي سياق منفصل، انضم موظفون في مدينة تعز الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى الإضراب الذي ينفّذه المعلمون منذ أسبوع؛ للمطالبة بزيادة الرواتب مع تراجع سعر العملة المحلية أمام الدولار وارتفاع أسعار السلع.

ووفقاً لما قالته مصادر في أوساط المحتجين لـ«الشرق الأوسط»، فقد التقى محافظ تعز، نبيل شمسان، مع ممثلين عنهم، واعداً بترتيب لقاء مع رئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك؛ لطرح القضايا الحقوقية المتعلقة بالمستحقات المتأخرة وهيكلة الأجور والمرتبات وتنفيذ استراتيجية الأجور، لكن ممثلي المعلمين تمسكوا بالاستمرار في الإضراب الشامل حتى تنفيذ المطالب كافّة.

المعلمون في تعز يقودون إضراب الموظفين لتحسين الأجور (إعلام محلي)

وشهدت المدينة (تعز) مسيرة احتجاجية جديدة نظّمها المعلمون، وشارك فيها موظفون من مختلف المؤسسات، رفعوا خلالها اللافتات المطالبة بزيادة المرتبات وصرف جميع الحقوق والامتيازات التي صُرفت لنظرائهم في محافظات أخرى.

وتعهّد المحتجون باستمرار التصعيد حتى الاستجابة لمطالبهم كافّة، وأهمها إعادة النظر في هيكل الأجور والرواتب، وصرف المستحقات المتأخرة للمعلمين من علاوات وتسويات وبدلات ورواتب وغلاء معيشة يكفل حياة كريمة للمعلمين.