تخبرنا التجربة أن الزيت والماء لا يمتزجان، ومع ذلك، اتضح أنهما يمكن أن يمتزجا عندما يتشتت الزيت على شكل قطرات صغيرة في الماء، ولطالما أثار هذا السلوك الغريب حيرة العلماء لأنه لا يوجد تفسير لذلك.
ودرس فريق من علماء المعهد الفيدرالي للتكنولوجيا بسويسرا، والمركز الدولي للفيزياء النظرية بإيطاليا، هذا السلوك باستخدام تقنية بصرية جديدة واكتشفوا الآلية التي يمكن من خلالها أن يمتزج هذان المركبان المحايدان وغير القابلين للمزج معاً ويشكلان مستحلبات، ويكمن السر في توزيع الشحنة الكهربائية في الواجهة.
وفي الواقع، فإن الزيت والماء ينفصلان عن بعضهما البعض عند مزجهما ببساطة، ومع ذلك يمكن أن تتشكل قطرات من الزيت بأحجام أقل من 1 ميكرون (الميكرون واحد من المليون من المتر) في الماء النقي وتستمر في الوجود لعدة أسابيع أو أشهر. ولأكثر من مائة عام، طرح الكيميائيون السؤال: كيف يمكن أن توجد قطرات الزيت الصغيرة في الماء دون أي جزيئات مثبتة؟
اتضح أن الإجابة على هذا اللغز الطويل الأمد تكمن في الواجهة بين قطرات الزيت والماء، حيث تفضل جزيئات الماء قبول الشحنات الكهربائية من جيرانها عبر تفاعل يعرف باسم الرابطة الهيدروجينية، ومع ذلك عندما تكون قريبة من جزيئات الزيت على سطح القطرات، لم يعد بإمكانها العثور على ما يكفي من المياه المجاورة لرابطة الهيدروجين معها، وبدلاً من ذلك، تتبرع جزيئات الماء هذه بشحناتها الكهربائية غير المتوازنة لجزيئات الزيت على سطح القطرات. وتكشف هذه الدراسة التي نشرت في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بدورية «ساينس»، أن تفاعل الماء والزيت يحدث عبر ما يسمى برابطة الهيدروجين غير الصحيحة، وهذه رابطة هيدروجينية ضعيفة بين الزيت والماء، ورغم ضعفها، إلا أن العديد منها يعمل على استقرار القطرة. ولكشف هذه الآلية، استخدم الفريق البحثي تقنية بصرية فائقة السرعة، حيث تم إدخال نبضتين من ليزر فائق القصر على مزيج من قطرات الزيت والماء. وعندما يحدث ذلك، يتم إنشاء فوتونات جديدة وتشتت من واجهة القطيرات، وتحتوي هذه الفوتونات على مجموع تردد شعاعي الليزر القادمين وتقرير الروابط الاهتزازية في الواجهة، أي حركة الذرات داخل الجزيئات البينية، وهذا يخبرنا عن التركيب والتفاعلات بين الزيت والماء.
تقول سيلفي روكي من المعهد الفيدرالي للتكنولوجيا بسويسرا في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للمعهد في 13 ديسمبر (كانون الأول) الماضي «على المستوى الجزيئي، فإن الواجهة بين قطرات الزيت والماء لها أوجه تشابه قوية مع الواجهات المشاركة في طي البروتين أو تكوين الغشاء البيولوجي، لذلك فإن هذه النتائج حول بنية واجهة قطرة الزيت والماء لا ترضي فقط فضولنا حول التعقيدات المعقدة للمياه ولكن لها أيضاً آثار على فهم التفاعلات في جميع أنحاء علم الأحياء والكيمياء».
هل يمكن للزيت الامتزاج بالماء؟
دراسة دولية تجيب عن سؤال عمره 100 عام
هل يمكن للزيت الامتزاج بالماء؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة