مصطفى بوندو... من صبي مشهور على موقع يوتيوب إلى كأس الأمم الأفريقية

مصطفى بوندو (يسار) في  صراع على الكرة مع مهاجم ساحل العاج ویلفريد زاها (أ.ف.ب)
مصطفى بوندو (يسار) في صراع على الكرة مع مهاجم ساحل العاج ویلفريد زاها (أ.ف.ب)
TT

مصطفى بوندو... من صبي مشهور على موقع يوتيوب إلى كأس الأمم الأفريقية

مصطفى بوندو (يسار) في  صراع على الكرة مع مهاجم ساحل العاج ویلفريد زاها (أ.ف.ب)
مصطفى بوندو (يسار) في صراع على الكرة مع مهاجم ساحل العاج ویلفريد زاها (أ.ف.ب)

في فبراير (شباط) 2013 نال لاعب كرة قدم شاب في سيراليون إشادة كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، عندما انتشر مقطع فيديو له وهو يشارك في إحدى المباريات ويستلم الكرة ويراوغ أحد لاعبي الفريق المنافس ثم ينطلق بالكرة حتى خط التماس قبل أن يسددها بطريقة «رابونا» الشهيرة من فوق حارس مرمى فريق «النجوم الواعدة» تحت 18 عاماً من زاوية شبه مستحيلة، لتسقط الكرة في الزاوية البعيدة من المرمى.
وكان هذا اللاعب الشاب هو النجم السيراليوني مصطفى بوندو، الذي أكد لمدربيه في «مؤسسة كريغ بيلامي» أنه كان يقصد وضع الكرة في المرمى بهذا الشكل، وأن الأمر لم يكن صدفة، وقد صدقوه لأنهم يعلمون جيداً أنه يمتلك القدرات والإمكانات التي تمكنه من القيام بذلك. قد نرى مثل هذه اللقطات للاعبين آخرين على شبكة الإنترنت في هذه الأيام، لكن بوندو، الذي كان يبلغ من العمر 15 عاماً عندما انتشر ذلك الفيديو، واصل مسيرته الكروية بنجاح، وشارك في منافسات المجموعة الخامسة مع منتخبات الجزائر وغينيا الاستوائية وساحل العاج.
وحقّق منتخب سيراليون نتائج جيدة في دور المجموعات، وكاد يتأهل إلى دور الـ16؛ حيث تعادل في الجولة الأولى مع المنتخب الجزائري، قبل أن يحقق التعادل أيضاً مع ساحل العاج بهدفين لكل فريق، وهو الأمر الذي كان يمكن أن يعزز حظوظ منتخب سيراليون في التأهل إلى دور الـ16 قبل الهزيمة أمام غينيا الاستوائية في الجولة الثالثة بهدف وحيد. ولم تتأهل سيراليون للبطولة منذ عام 1996، بسبب كثير من المشكلات مثل الصراعات الداخلية وتفشي فيروس إيبولا والحكم الفوضوي في البلاد.
وفي المباراة الافتتاحية للبطولة، أجبر بوندو ورفاقه حامل اللقب منتخب الجزائر على التعادل السلبي بشكل مستحق. يقول بوندو عن ردّ الفعل بعد التعادل مع الجزائر: «تلقينا جميعاً مئات مقاطع الفيديو لأشخاص في الوطن وهم يحتفلون. توقع الناس أن نخسر بنتيجة 4 أهداف أو 5 أهداف مقابل لا شيء، لكننا كنا خصماً قوياً ونداً شرساً في المباراة. هدفنا كان هو أن نكون هنا، وأن ننافس ونسبب إزعاجاً للمنافسين، وليس مجرد المشاركة فقط. ربما لم يكن كثيرون يعرفون شيئاً عنا، لكنهم الآن يستطيعون أن يروا أن لدينا لاعبين موهوبين».
وهناك كثير من قصص النجاح والكفاح في صفوف منتخب سيراليون، مثل حارس المرمى محمد كمارا، الذي حصل على جائزة أفضل لاعب في مباراة منتخب بلاده أمام الجزائر، والذي يلعب لنادي «إيست إند ليونز» في الدوري المحلي الضعيف نسبياً، وبكى كثيراً عند تسلمه هذه الجائزة. ويضم منتخب سيراليون كثيراً من اللاعبين المولودين في العاصمة البريطانية لندن، بما في ذلك لاعب تشيلسي السابق كيفن رايت، وعثمان كاكاي الذي يلعب في كوينز بارك رينجرز، وسولاي كايكاي الذي يلعب في ويكومب، بالإضافة إلى أبرز لاعب في منتخب سيراليون، وهو المدافع ستيفن كولكر، الذي بدأ مسيرته الكروية في توتنهام، والذي تألق مع منتخب سيراليون أمام الجزائر.
وكانت سيراليون قد لعبت 15 مباراة فقط في السنوات الخمس الماضية قبل هذه البطولة، كما أن عناصر المنتخب الحالي، الذي يدربه لاعب والسال السابق جون كيستر، لم تلعب كثيراً من المباريات معاً. لقد كانت رحلة بوندو في عالم كرة القدم فريدة من نوعها، فهو نجل مدرب محلي ناجح، وخضع لـ«6 أو 7 اختبارات» ليكون واحداً من 16 لاعباً تم قبولهم في أكاديمية الناشئين بمؤسسة كريغ بيلامي، التي أنشأها لاعب ويلز الدولي السابق بعد أن زار البلاد وتأثر كثيراً بنضالها للتعافي من الحرب الأهلية التي تسببت في أحزان مروعة خلال فترة التسعينات من القرن الماضي وما بعدها.
يقول بوندو عن الفترة التي قضاها هناك تحت إشراف جوني ماكينستري، الذي تولى في وقت لاحق قيادة المنتخب الوطني، ومجموعة من المدربين البريطانيين الشباب، بما في ذلك توم ليغ وبول ويسترين: «لقد كانت 4 سنوات هامة للغاية في حياتي، ليس فقط في كرة القدم، لكن في الحياة بشكل عام، فقد تعلمنا كيف نكون أشخاصاً جيدين». ويتذكر أحد مدربي بوندو كيف أصرّ اللاعب على البقاء مستيقظاً حتى الساعة الثالثة صباحاً لتوديعه أثناء سفره إلى بلاده من سيراليون. ويتذكر آخر أنه بعد أسبوع سيئ من التدريب، أصرّ بوندو المحبط على الحصول على شارة قيادة الفريق، وبعد ذلك سجل 6 أهداف في مباراته التالية.
لقد تسبب تفشي فيروس إيبولا في عام 2014 في توقف النشاط الكروي في سيراليون، كما تسبب في إغلاق أكاديمية الناشئين أيضاً في عام 2016 وتم التحقيق في شؤونها المالية في وقت لاحق، لكن هذا لا علاقة له بالعمل المنجز على أرض الواقع. لم يفتح بيلامي هذه الأكاديمية من أجل تحقيق أرباح مالية، لقد كان يحاول بصدق مساعدة اللاعبين الشباب في ذلك البلد، وهو الأمر الذي يجني ثماره الآن منتخب سيراليون. لقد قضى محمد بويا توريه، الذي يلعب في مركز الجناح الأيسر الآن مع منتخب سيراليون، بعض الوقت في الأكاديمية، كما لعب 11 لاعباً بهذا المنتخب تحت قيادة ماكينستري على مستوى ما.
انتقل بوندو إلى إنجلترا في سبتمبر (أيلول) 2014، وبدأ منحة دراسية في كلية هارتبوري في غلوسترشاير، وسرعان ما شق طريقه إلى فريق كرة القدم بالجامعة. وفي موسم 2015 - 2016 انتقل بوندو إلى نادي هيرفورد إف سي، الذي كان يلعب في دوري الدرجة التاسعة. وفي الموسم التالي، سجل اللاعب الشاب 26 هدفاً، ولعب على ملعب ويمبلي الشهير في المباراة النهائية لإحدى الكؤوس المحلية. لقد كان ذلك بعيداً للغاية عن قرية تومبو، التي أثار فيها إعجاب الجميع عندما أظهر تلك المهارات الرائعة في المقطع الذي انتشر على موقع «يوتيوب».
يقول بوندو عن اللعب على ملعب ويمبلي: «لقد كان شيئاً استثنائياً وجنونياً. أنا أحب مانشستر يونايتد، وفي اليوم السابق لتلك المباراة كنت شاهدت مانشستر يونايتد وهو يفوز على كريستال بالاس في نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي على شاشة التلفزيون واستمتعت بأداء كل هؤلاء النجوم الكبار. لقد كانت لحظة دخولي للملعب استثنائية، ولا يمكن أن أستبدل هذا الشعور الرائع بأي شيء آخر في العالم».
ومن بين العدد الهائل من رسائل التهنئة بعد التعادل مع الجزائر كانت هناك رسائل على تطبيق «واتس آب» من أصدقاء عرفهم بوندو خلال تلك الفترة. ومنذ ذلك الحين، خاض بوندو تجربة كروية ناجحة في الدنمارك مع نادي «إيه جي إف آرهوس»؛ حيث عاد إليه مرة أخرى على سبيل الإعارة من أندرلخت البلجيكي، لكنه ترك بصمة كبيرة خلال الفترة التي قضاها في نادي هيرفورد. وتم إنشاء أكاديمية «هيرفورد سيراليون» في العاصمة فريتاون في عام 2017 بمساعدة متطوعين متفانين مرتبطين بناديه القديم، ولا تزال الأكاديمية مستمرة في العمل والازدهار.
يقول بوندو: «هناك كثير من المواهب في البلاد، ونأمل أن يتم اكتشافهم وتغيير حياتهم أيضاً. أنا سعيد بما حققته حتى الآن كلاعب كرة قدم، وآمل أن أتمكن من اتخاذ الخطوة التالية في مسيرتي الكروية، لكن الهدف الرئيسي هو دائماً رد الجميل لسيراليون ومساعدة الأطفال هناك للحصول على فرصة وتجربة الأشياء التي جربتها».
ويضيف: «نريد أن يرى الناس الإيجابيات في أمتنا، ليس من منظور كرة القدم فحسب، ولكن في مجالات الحياة الأخرى أيضاً، حتى عندما تتحدث عن سيراليون لا يتبادر إلى ذهنك الحرب أو فيروس إيبولا فقط. الهدف هو مساعدة مزيد من اللاعبين على اللعب في الدوريات الكبرى، وفي الدوري الإنجليزي الممتاز أو الدوري الإسباني الممتاز، وأعتقد أن ذلك سيحدث».


مقالات ذات صلة

«تصفيات أمم أفريقيا»: بوتسوانا تعادل مصر… وترافقها إلى النهائيات

رياضة عربية محمود حسن (تريزيغيه) سجل هدف التعادل لمصر في مرمى بوتسوانا (رويترز)

«تصفيات أمم أفريقيا»: بوتسوانا تعادل مصر… وترافقها إلى النهائيات

تعادلت مصر 1 - 1 مع ضيفتها بوتسوانا الثلاثاء لتتأهل الأخيرة إلى نهائيات كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم 2025.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عربية لاعبو المغرب يحتفلون بأحد أهدافهم في شباك ليسوتو (الشرق الأوسط)

تصفيات أمم إفريقيا : حلم ليبيا يتبدد.. مهرجان أهداف مغربي... وخيبة تونسية

تبدد حلم ليبيا في التأهل إلى النهائيات الأفريقية لأول مرة منذ 2012 والرابعة في تاريخها، وذلك بتعادلها سلبا مع ضيفتها رواندا.

«الشرق الأوسط» (بنغازي)
رياضة عربية محمد عبد الرحمن لاعب المنتخب السوداني (الشرق الأوسط)

محمد عبد الرحمن بعد تأهل السودان لنهائيات أفريقيا: شكراً للسعودية

قدم لاعب المنتخب السوداني محمد عبد الرحمن شكره لـ«السعودية» وذلك عقب تأهل صقور الجديان إلى نهائيات كأس أمم أفريقيا في المغرب 2025.

«الشرق الأوسط» (الرياض )
رياضة عربية منتخب ليبيا فشل في التأهل لنهائيات «أمم أفريقيا» (الشرق الأوسط)

بنين ترافق نيجيريا إلى نهائيات «أمم أفريقيا»

تأهلت بنين إلى نهائيات كأس أمم أفريقيا 2025 لكرة القدم المقررة في المغرب، بعدما تعادلت سلبياً مع ليبيا.

«الشرق الأوسط» (طرابلس)
رياضة عربية منتخب السودان حجز مقعده في نهائيات أمم أفريقيا (الشرق الأوسط)

السودان يتأهل لكأس الأمم الأفريقية بتعادله مع أنغولا

بلغ السودان كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم 2025 بعدما تعادل سلبياً مع أنجولا.

«الشرق الأوسط» (بنغازي)

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
TT

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)

أسفرت قرعة بطولة كأس الخليج (خليجي 26) لكرة القدم التي أجريت السبت، وتستضيفها الكويت خلال الفترة من 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024، وحتى 3 يناير (كانون الثاني) 2025، عن مجموعتين متوازنتين.

فقد ضمت الأولى منتخبات الكويت، وقطر، والإمارات وعمان، والثانية العراق والسعودية والبحرين واليمن.

ويتأهل بطل ووصيف كل مجموعة إلى الدور نصف النهائي.

وسُحبت مراسم القرعة في فندق «والدورف أستوريا» بحضور ممثلي المنتخبات المشارِكة في البطولة المقبلة.

وشهد الحفل الذي أقيم في العاصمة الكويت الكشف عن تعويذة البطولة «هيدو»، وهي عبارة عن جمل يرتدي قميص منتخب الكويت الأزرق، بحضور رئيس اتحاد كأس الخليج العربي للعبة القطري الشيخ حمد بن خليفة، إلى جانب مسؤولي الاتحاد وممثلين عن الاتحادات والمنتخبات المشاركة ونجوم حاليين وسابقين.

السعودية والعراق وقعا في المجموعة الثانية (الشرق الأوسط)

وجرى وضع الكويت على رأس المجموعة الأولى بصفتها المضيفة، والعراق على رأس الثانية بصفته حاملاً للقب النسخة السابقة التي أقيمت في البصرة، بينما تم توزيع المنتخبات الستة المتبقية على 3 مستويات، بحسب التصنيف الأخير الصادر عن الاتحاد الدولي (فيفا) في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقام المباريات على استادي «جابر الأحمد الدولي» و«جابر مبارك الصباح»، على أن يبقى استاد علي صباح السالم بديلاً، ويترافق ذلك مع تخصيص 8 ملاعب للتدريبات.

وستكون البطولة المقبلة النسخة الرابعة التي تقام تحت مظلة اتحاد كأس الخليج العربي بعد الأولى (23) التي استضافتها الكويت أيضاً عام 2017. وشهدت النسخ الأخيرة من «العرس الخليجي» غياب منتخبات الصف الأول ومشاركة منتخبات رديفة أو أولمبية، بيد أن النسخة المقبلة مرشحة لتكون جدية أكثر في ظل حاجة 7 من أصل المنتخبات الثمانية، إلى الاستعداد لاستكمال التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026 المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

وباستثناء اليمن، فإن المنتخبات السبعة الأخرى تخوض غمار الدور الثالث الحاسم من التصفيات عينها، التي ستتوقف بعد الجولتين المقبلتين، على أن تعود في مارس (آذار) 2025.

ويحمل المنتخب الكويتي الرقم القياسي في عدد مرات التتويج باللقب الخليجي (10) آخرها في 2010.

الكويت المستضيفة والأكثر تتويجا باللقب جاءت في المجموعة الأولى (الشرق الأوسط)

ووجهت اللجنة المنظمة للبطولة الدعوة لعدد من المدربين الذين وضعوا بصمات لهم في مشوار البطولة مع منتخبات بلادهم، إذ حضر من السعودية ناصر الجوهر ومحمد الخراشي، والإماراتي مهدي علي، والعراقي الراحل عمو بابا، إذ حضر شقيقه بالنيابة.

ومن المقرر أن تقام مباريات البطولة على ملعبي استاد جابر الأحمد الدولي، الذي يتسع لنحو 60 ألف متفرج، وكذلك استاد الصليبيخات، وهو أحدث الملاعب في الكويت، ويتسع لـ15 ألف متفرج.

وتقرر أن يستضيف عدد من ملاعب الأندية مثل نادي القادسية والكويت تدريبات المنتخبات الـ8.