المحكمة الاتحادية تثبّت الحلبوسي رئيساً للبرلمان العراقي

قاآني في بغداد بعد الافتراق بين «التيار الصدري» و«الإطار» الشيعي

جانب من جلسة المحكمة الاتحادية العراقية أمس (إ.ب.أ)
جانب من جلسة المحكمة الاتحادية العراقية أمس (إ.ب.أ)
TT

المحكمة الاتحادية تثبّت الحلبوسي رئيساً للبرلمان العراقي

جانب من جلسة المحكمة الاتحادية العراقية أمس (إ.ب.أ)
جانب من جلسة المحكمة الاتحادية العراقية أمس (إ.ب.أ)

للمرة الثانية تخذل المحكمة الاتحادية العليا قوى «الإطار التنسيقي» في أقل من شهرين؛ فبعد قرارها الأول برد الدعوى التي تقدم بها زعيم «تحالف الفتح» هادي العامري بشأن إلغاء نتائج الانتخابات، ردت المحكمة الاتحادية العليا دعوى الطعن في شرعية الجلسة الأولى للبرلمان، وقررت أمس الثلاثاء إيقاف القرار الولائي الذي أصدرته يوم 13 – 01 - 2022 القاضي بالإيقاف المؤقت لعمل هيئة رئاسة البرلمان.
وكانت الجلسة الأولى للبرلمان العراقي الجديد بدورته الخامسة عقدت في 9 يناير (كانون الثاني) الحالي بناء على المرسوم الجمهوري بعقدها بعد أسبوعين من صدور قرار المحكمة الاتحادية بالمصادقة على نتائج الانتخابات البرلمانية المبكرة التي أجريت يوم 10 – 10 – 2021، وكان الهرج والمرج ساد الجلسة بعد إعلان رئيس السن محمود المشهداني رفعها مؤقتاً للتداول بشأن تدقيق الأسماء المرشحة لرئاسة البرلمان؛ الأمر الذي أدى إلى نقل المشهداني إلى المستشفى بعد تعرضه إلى إعياء نتيجة التدافع. وبينما نفى المشهداني في بيان له تعرضه لاعتداء مباشر؛ فإنه شكك في شرعية رئيس السن الثاني البديل له خالد الدراجي؛ الأمر الذي أدى بالمشهداني والنائب المستقل باسم خشان إلى تقديم طعون إلى المحكمة الاتحادية بشأن شرعية الجلسة من عدمها.
وجاء قرار المحكمة أمس لصالح تيار الأغلبية الذي بات يمثله الآن زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر الفائز الأول وتحالف «تقدم» و«عزم» بزعامة محمد الحلبوسي وخميس الخنجر و«الحزب الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني.
وفي حين مهد قرار المحكمة الاتحادية الطريق أمام استكمال باقي المسارات الدستورية؛ وهي: انتخاب رئيس الجمهورية، ومن ثم تحديد الكتلة الأكثر عدداً التي ترشح المكلف تشكيل الحكومة، فإنه من جانب آخر جعل المشهد السياسي أكثر تعقيداً، لا سيما بين «التيار الصدري» و«الإطار التنسيقي»؛ فقوى «الإطار التنسيقي» كانت تنتظر آخر أمل لها بتغيير قواعد اللعبة من خلال قرار يصدر عن «الاتحادية» يلغي الجلسة الأولى وهو ما يعني صعوبة التصويت بالأغلبية لانتخاب رئيس البرلمان ونائبيه. لكن قرار الاتحادية بشرعية الجلسة جعل «الإطار التنسيقي» أمام خيارين؛ هما: إما المعارضة، وإما المقاطعة السياسية.
وفي الوقت الذي طالب فيه النائب الثاني لرئيس البرلمان العراقي، شاخوان عبد الله، الكتل الكردية بالتوافق على مرشح واحد لرئاسة الجمهورية، فإنه طالب في تصريح له الكتل الشيعية بالتوافق بشأن المشاركة في الحكومة من أجل تحديد «الكتلة الأكبر» وقيام رئيس الجمهورية المنتخب بتكليف المرشح الشيعي لرئاسة الوزراء.
وبينما انهار التوافق الكردي - الكردي أول من أمس حين أعلن «الاتحاد الوطني الكردستاني» برئاسة بافل طالباني ترشيح الرئيس الحالي برهم صالح لولاية ثانية، فإن قرار المحكمة الاتحادية القاضي بشرعية الجلسة الأولى يمكن أن يؤدي إلى انهيار ما تبقى من محاولات شيعية لرأب الصدع بين «التيار» و«الإطار».
وفي هذا السياق، وطبقاً لما أعلنته وكالة «روسيا اليوم» فإن قائد «فيلق القدس» الإيراني، إسماعيل قاآني، وصل إلى بغداد في زيارة غير معلنة. وهذه الزيارة، إذا تأكدت، تهدف إلى محاولة لملمة البيت الشيعي مع إصرار الصدر على المضي بحكومة أغلبية وطنية. وكان قاآني زار النجف الأسبوع الماضي حيث حرصت وسائل الإعلام على نشر مقطع له وهو يزور ضريح المرجع الشيعي محمد محمد صادق الصدر، والد مقتدى الصدر، الذي اغتيل من قبل النظام السابق عام 1999.
لكن الصدر بقي مصراً حتى الآن على تشكيل حكومة الأغلبية بعد قرار المحكمة الاتحادية. وطبقاً لتوقعات المراقبين وبعد الاتهامات التي وجهها رئيس «هيئة الحشد الشعبي» فالح الفياض قبل يومين إلى السُنّة؛ ممثلين في تحالفي «تقدم» و«عزم»، والكرد؛ ممثلين في «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، بتمزيق البيت الشيعي، فإن الأيام المقبلة يمكن أن تشهد تصعيداً بأساليب مختلفة، وهو ما كان حذر منه الصدر قبل أسابيع حين قال إنه مستعد لحماية الشركاء.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».