Maramia Café يعطي المطبخ الفلسطيني حقه في لندن

نكهة الأكل البيتي تغنيك عن الإضاءة وتستبدلها بالشموع

TT

Maramia Café يعطي المطبخ الفلسطيني حقه في لندن

على الرغم من انتشار المطاعم الشرق أوسطية بكثرة في العاصمة البريطانية لندن، فإن هناك بعض المطابخ التي لم تأخذ حقها بعد، ولم تستطع تخطي الصورة النمطية للمطبخ العربي الذي يتجسد في أغلبية الأحيان بالمطبخ الشامي واللبناني على وجه التحديد.
هناك مطابخ عربية كثيرة لا تمثلها مطاعم في لندن التي تعتبر عاصمة الطعام بلا منازع، ولو أننا في الفترة الأخيرة لاحظنا نوعاً من التنوع وافتتاح مطاعم خليجية (سعودية، كويتية، إماراتية...) ولكن لا تزال خجولة جداً.
حتى المطبخ الفلسطيني الشهير بأطباقه اللذيذة والطبخات المنزلية المميزة لم يشهد انتشاراً واسعاً، ولكن النوعية تغلب على العدد، ولذا يمكن القول إن مطعم Maramia Cafe قد يكون المطعم الوحيد من نوعه في لندن الذي يعطي الطعام الفلسطيني حقه في أجواء عائلية وديكورات بسيطة ونكهات يرتكز معظمها على المنتج المستورد من الأراضي المقدسة.
يقع المطعم بالقرب من «نوتينغ هيل» المنطقة السياحية الجميلة في لندن، واسمه يعود إلى نبتة الميرمية أو المريمية، وبالإنجليزية الـSage.
اختار أصحاب المطعم، وهم أفراد عائلة زملط، وضع كلمة «كافيه» لجذب الذواقة في جميع الأوقات، ولو لفنجان قهوة فقط، ولكن زيارة المكان لن تكون كافية بفنجان قهوة، لأن المازة الفلسطينية التي تنبعث منها رائحة الزعتر البري ستفتح شهيتك بالتأكيد.
وفي مقابلة مع صاحب المطعم والطاهي الرئيس فيه آدم زملط، أخبرنا عن قصة المطعم الذي افتتحه والداه عام 2006 عقب قدومهما إلى المملكة المتحدة لبدء حياة جديدة والمساهمة في المجتمع، من خلال تقديم الأطباق الفلسطينية الأصيلة واستمتاع الذواقة بها.
وتحول المطعم إلى مشروع عائلي، وعمل فيه عدة أفراد من العائلة، ليتفرغ آدم اليوم إليه بالكامل، بالإضافة إلى الإشراف على فروع أخرى في رام الله ومدن أخرى في فلسطين.
المطعم صغير الحجم، ولكنه حميمي جداً، تتوزع فيه طاولات طويلة يتشاركها الذواقة، الإضاءة تبدأ خافتة جداً لتحل مكانها في وقت لاحق الشموع الذائبة بشكل عشوائي وفني على الطاولات، لتمنح المكان جواً من الرومانسية على أنغام أغاني السيدة فيروز الخالدة في الخلفية.
وتتصدر المطعم خزانة أدراج من الخشب مغطاة بالشمع الذائب، وعليها 3 شموع ينعكس نورها على المرآة العملاقة في الخلفية. الجدران بسيطة جداً، علقت عليها صور لأفراد العائلة مع زبائن مشهورين، وصورة كبيرة للمسجد الأقصى وصور حسناوات فلسطينيات بزيّهن المطرز الشهير.
من الزبائن المعروفين في لندن والدائمين رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون وزوجته، والمذيع البريطاني جون سنو، وغيرهم من الشخصيات البارزة في المجتمع البريطاني.
لاحظنا أن نسبة الزبائن الكبرى ليست من منطقتنا العربية، وعلل آدم زملط ذلك بسبب موقع المطعم الذي أصبح بيتاً ثانياً للمقيمين في تلك المنطقة.
وعن مقارنة المطبخ الفلسطيني بالمطابخ الشرقية الأخرى، يقول زملط إن هناك أوجه تشابه ملحوظة بين الأطعمة الشرق أوسطية الأخرى والفلسطينية نظراً للمناخ البيئي المماثل، نميل إلى الحصول على نفس الخضار والمكونات. ومع ذلك، فإن المطبخ الفلسطيني يشمل أطباقاً فريدة، مثل المسخن والمقلوبة. كلا الطبقين لهما مذاق رائع، وهناك إجماع على أن هذه الأطباق تستحق التذوق.
وتابع زملط: «غالبية زبائننا من الأوروبيين، لكننا نجتذب ذواقة من منطقتنا العربية، فنحن عائلة صغيرة تعمل جنباً إلى جنب في هذا المكان الصغير والمتواضع، الذي يهدف إلى الترحيب بالجميع ومنحهم الشعور وكأنهم يأكلون في منازلهم».
المشروع من بدايته هو مشروع عائلي، حيث قام والدا آدم بتربية أبنائهم على احترام الضيوف وكرم الضيافة. ويتابع زملط: «هذا ما فعلناه، ولا نزال نحافظ عليه».
«هذا المطعم الصغير يمثل الثقافة الفلسطينية، وهذا يعني أن الترحيب بأشخاص من خارج ثقافتنا كان أولوية قصوى. لطالما كانت الأرض المقدسة مكاناً يلتقي فيه الأشخاص من مختلف الأديان والأقليات العرقية ويعيشون في وئام. أدت هذه الآراء، التي خلقت جواً مريحاً لغير العرب للدخول وتجربة طعامنا، إلى زيادة عدد الأوروبيين لتجربة المطبخ الفلسطيني وأن يصبحوا عملاء مخلصين لمكاننا».
ومن الناحية العملية أيضاً، يعرف الفلسطينيون والعرب كيفية إعداد بعض أطباقنا؛ لذلك، عند الخروج لتناول الطعام، فإنهم يميلون إلى البحث عن الأطباق التي لا يمكنهم صنعها في المنزل. مع هذا، أظهرت المجتمعات العربية والفلسطينية، ولا تزال تظهر مستوى متميزاً من الدعم والتقدير لمكاننا، وما لدينا لنقدمه، ولا تفوتهم فرصة حجز مناسباتهم الخاصة.
تقدم المأكولات مثل التبولة والفتوش على الطريقة الفلسطينية في أطباق صغيرة، وتشمل المازة على «العرايس» والمسخن الشهير والباذنجان المشوي والحمص وجبن الحلوم المشوي وهناك لائحة طويلة للأطباق الرئيسة والمشاوي، ويقدم المطعم طبق المنسف الأردني الأشهر، الذي يشتهر بطريقة طهي اللحم فيه، والجميد الذي يؤتى به من الأردن، هذا الطبق متوفر، ولكن يتعين على الزبائن طلبه من قبل، لأنه يستغرق ساعات طويلة لتحضيره، ولكن تذوقه فرصة لا تعوض.
وختام عشائنا زيّنته الكنافة النابلسية التي تختلف عن الكنافة اللبنانية، وطعمها لذيذ جداً، ويجب أكلها وهي ساخنة جداً للتمتع بمذاق الجبن الذائب، إلى جانب فنجان من القهوة التركية التي تفوح رائحتها لنوعية البن الجيدة، أو كوب من الميرمية التي تساعد على الهضم بعد وليمة عشاء فلسطينية تنهيها لتبدأ بالتخطيط لها من جديد.


مقالات ذات صلة

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

مذاقات ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات الشيف البريطاني هيستون بلومنتال (الشرق الأوسط)

9 نصائح من الشيف هيستون بلومنتال لوجبة الكريسماس المثالية

تعد الخضراوات غير المطبوخة بشكل جيد والديك الرومي المحروق من أكثر كوارث عيد الميلاد المحتملة للطهاة في وقت يقومون فيه بتحضير الوجبة الأكثر أهمية في العام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.