حرب شوارع في الرمادي.. وتلويح أميركي بالانسحاب إذا شارك «الحشد الشعبي»

حلم نازحي تكريت بالعودة يصطدم بخلايا «داعش» النائمة وعبواته الناسفة

الدخان يرتفع من حي الحوز بالرمادي خلال معارك بين القوات العراقية ومسلحي «داعش» أول من أمس (أ.ب)
الدخان يرتفع من حي الحوز بالرمادي خلال معارك بين القوات العراقية ومسلحي «داعش» أول من أمس (أ.ب)
TT

حرب شوارع في الرمادي.. وتلويح أميركي بالانسحاب إذا شارك «الحشد الشعبي»

الدخان يرتفع من حي الحوز بالرمادي خلال معارك بين القوات العراقية ومسلحي «داعش» أول من أمس (أ.ب)
الدخان يرتفع من حي الحوز بالرمادي خلال معارك بين القوات العراقية ومسلحي «داعش» أول من أمس (أ.ب)

شهدت مدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار، أمس، حرب شوارع بين القوات العراقية ومسلحي «داعش» الذين لا يزالون يسيطرون على جيوب وسط المدينة ويعرقلون تقدم القوات الأمنية من جيش وشرطة ومسلحي العشائر.
وقال نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار فالح العيساوي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن القوات الأمنية يساندها مقاتلو العشائر في الرمادي تمكنت من استعادة السيطرة على منطقة الشركة القريبة من المجمع الحكومي وسط المدينة وأجبرت مسلحي التنظيم على التراجع بعد مواجهات عنيفة في ساعة متأخرة الليلة قبل الماضية.
وأشار العيساوي إلى أن القوات الأمنية تتقدم الآن باتجاه مناطق شرق الرمادي لاستعادتها، إلا أنه تقدم بطيء وحذر بسبب العبوات الناسفة التي زرعها التنظيم في الطرقات والمباني التي سيطر عليها في وقت سابق.
وأضاف العيساوي أن التنظيم استعان بمقاتلين جدد قادمين من سوريا ومناطق الأنبار الغربية كالقائم الحدودية وراوة وعانة لمساندة مقاتليه في المعارك الدائرة شرق الرمادي والتي خسر فيها عددا كبيرا من مقاتليه.
وبسؤاله عن مشاركة قوات الحشد الشعبي (المتطوعين الشيعة) في المعارك، كشف العيساوي أن الجانب الأميركي أبلغه بأن معركة تحرير الأنبار «يجب أن يشارك فيها أبناء الأنبار فقط مع القوات الأمنية التابعة للجيش والشرطة وعلى الحكومة العراقية دعمهم وتسليحهم بشكل سريع». وأضاف: «كما أبلغني الأميركيون رفضهم لمشاركة قوات الحشد الشعبي في الأنبار وقالوا في حال إصرارهم على المشاركة سننسحب نحن منها».
وبعيدا عن الأنبار، تبدد حلم العودة إلى الدار والجار لأكثر من 220 ألف مواطن من أهالي مدينة تكريت، مركز محافظة صلاح الدين، بعد أن اصطدم بخطر وجود جيوب وخلايا نائمة لتنظيم داعش تنشط في بعض الضواحي والأحياء السكنية وبسبب الضعف الواضح للجهد الهندسي التابع للقوات الأمنية في إزالة آلاف العبوات الناسفة والألغام التي تركها مسلحو التنظيم مزروعة في بيوت المواطنين والشوارع والأزقة.
وقال رئيس لجنة المهجرين والمهاجرين في البرلمان العراقي، النائب رعد الدهلكي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك تلكؤا واضحا من قبل الجهد الهندسي في عملية إزالة العبوات الناسفة من الأحياء السكنية في مدينة تكريت، ويبدو أن مسألة عودة نازحي تكريت لا تشغل بال أحد». وأضاف: «يجب أن تعالج الحكومة هذا الأمر بأسرع ما يمكن، خصوصًا في ما يتعلق بالعائلات النازحة التي وجدت دورها محروقة ومسروقة ومدمرة، يجب أن تعالج الحكومة هذا الأمر بشكل فوري بصرف مبالغ تعويضية لآلاف الأسر المتضررة».
وأشار الدهلكي إلى «خطورة الوضع الحالي في تكريت، خصوصًا بوجود بعض المسلحين، حيث بدأت المخاطر تعود للمدينة مع ظهور المسلحين الذين بدأوا بقتل الكثير من المواطنين بتنفيذ عمليات انتحارية بعد مغادرة قوات الجيش والشرطة من المدينة».
بدوره، قال رئيس اللجنة الأمنية في مجلس صلاح الدين خالد الجبارة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك أكثر من مليون نازح في عموم محافظة صلاح الدين بينهم 220 ألفا من سكان مدينة تكريت والكثير منهم عاد إلى مناطق سكناه، لكننا نعاني من بطء في عملية نزع الألغام التي زرع تنظيم داعش أكثر من سبعة آلاف منها وفخخ المنازل والطرقات».
وأضاف الجبارة: «دوائرنا الحكومية باشرت العمل وتقوم بجهد استثنائي، وخصوصًا في الدوائر الخدمية مثل الماء والكهرباء والبلدية والصحة، كما باشرت الدوائر الهندسية في إصلاح الجسور والشوارع التي تعرضت إلى أعمال تخريبية».
من جهتها، أفادت مصادر أمنية بأن هناك عمليات تسلل لعناصر تنظيم داعش من مدينة تكريت إلى ناحية العلم تهدف إلى قتل العائلات العائدة إلى الناحية وترويع الناس. وذكرت المصادر أنه في واحدة من بين تلك العمليات كشفتها الأجهزة الأمنية في ناحية العلم تم قتل 85 مسلحا تابعين لتنظيم داعش كانوا قد تسللوا إلى الناحية قادمين من مدينة تكريت. وبينت المصادر أن وجود جيوب وخلايا نائمة للمسلحين منع الكثير من العائلات العودة إلى المناطق المحررة، وخصوصًا في مدن الدّور ويثرب والبو عجيل جنوب مدينة تكريت.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.