معرض بيروت للكتاب سيقام بمن حضر

دورتان في عام واحد لاستدراك غياب ثلاث سنوات

معرض بيروت العربي الدولي للكتاب في دورة سابقة
معرض بيروت العربي الدولي للكتاب في دورة سابقة
TT

معرض بيروت للكتاب سيقام بمن حضر

معرض بيروت العربي الدولي للكتاب في دورة سابقة
معرض بيروت العربي الدولي للكتاب في دورة سابقة

القرار اتُخذ في «النادي الثقافي العربي»، و«معرض بيروت للكتاب» سيقام بمن حضر، مهما كانت الصعوبات، بعد انقطاع ثلاث سنوات، وذلك من 3 إلى 13 مارس (آذار) المقبل. «لا يمكن لبيروت أن تبقى من دون معرض، خاصة أن معرض انطلياس سيبقى محتجباً، ونحن على تواصل دائم معهم»، يقول الدكتور عدنان حمود، مدير النادي الثقافي العربي، ومدير معرض الكتاب. الاجتماعات متواصلة، وكذلك الاتصالات حثيثة، لإقناع أكبر عدد من الناشرين اللبنانيين والعرب بالمشاركة. «القصد هذه المرة، ليس الربح، بل هو نوع من التحدي، أكثر من أي شيء آخر. فنحن من سيغطي فرق التكاليف، وما يعنينا هو أن يعود المعرض». مع الوضع الاقتصادي الصعب خفّض النادي - وهو الجهة المنظمة، من دون اتحاد الناشرين اللبنانيين، هذه المرة - سعر المتر الواحد من 100 دولار إلى 10 دولارات. «نحن استأجرنا المتر بـ60 دولاراً، وسنسدد الفرق، لنخفف التكاليف على الناشرين، وكل ما نطلبه منهم، هو تخفيض أسعار كتبهم لتصبح بتناول القراء، وتعرض بأسعار مقبولة. أما من يريد أن يرفع الأسعار، فهذا شأنه، ولن يجد من يشتري». ويؤكد الدكتور حمود، أن النادي الثقافي سيتحمل الخسائر، من ريع المعرض السابق، ولغاية اللحظة ليس من جهة داعمة، وهو الممول الوحيد لهذه التظاهرة.
سيقام المعرض في دورته الـ63، أي الحالية، والتي كان يفترض أن تبصر النور نهاية عام 2019 في «البيال» وسط بيروت. لكن هذا معناه أن مساحة المعرض ستنخفض من 10 آلاف متر مربع، إلى 4 آلاف فقط، بينما سيصار إلى بناء القاعة الرئيسية، وهذا ما وعد به الناشرون، كي يقام معرض الكتاب في دورة جديدة هي رقم 64، في موعدها الرسمي المعتاد من 2 إلى 12 ديسمبر (كانون الأول) عام 2022. وهكذا تكون دورتان قد عقدتا في عام واحد؛ استدراكاً لما فات. وهو ما يثير حفيظة عدد من الناشرين، الذين يرون أن الظروف ليست مواتية لتنظيم دورتين في عام واحد. وتقول صاحبة «دار الآداب» رنا إدريس لـ«الشرق الأوسط»، «نحن لن نشارك في هذه الدورة. نفهم أن النادي الثقافي العربي الذي هو هيئة مدنية، نشاطها الرئيسي هو إقامة المعرض، لكننا لا نرى الوقت مناسباً، ولا المكان يليق. فنحن في عزّ أزمة اقتصادية، والجائحة في ذروتها كما أننا على أبواب انتخابات، ولا ندري من هم المهتمون بالكتب في هذه الفترة بالذات». وتكمل إدريس «بالنسبة لي العودة إلى معرض الكتاب أمر في غاية الأهمية، وكنت أود أن أعود بطريقة استثنائية. الأمر ليس عادياً بالنسبة لي بعد غياب شقيقي سماح إدريس الذي كان أحد الناشطين في المعرض».
تعلِمنا إدريس بأن ما يشبه استفتاء، أُجري بين الناشرين، وتبين أن الغالبية الفاعلة، لا تريد معرضاً في هذا التوقيت، وفي مكان ضيق؛ لذلك فإن مجموعة «ناشرون من أجل المهنة» التي تتكون من 14 داراً، بينها «دار الآداب»، و«الساقي»، و«صادر»، و«الدار العربية للعلوم»، و«التنوير»، و«جداول»، و«الشركة العربية للمطبوعات» و«هاشيت - أنطوان»، ودور أخرى لن تشارك في المعرض للأسباب عينها التي ترتئيها «دار الآداب». وتضيف إدريس «لا نريد أن نعود بعد هذا الغياب بمعرض هزيل لا يليق ببيروت. لوجيستياً، ثمة مشكلة، ونفضّل أن ننتظر ديسمبر، ويقام المعرض، في موعده، وتكون القاعة الرئيسية قد أعيد بناؤها، خاصة أن ثمة وعداً بذلك». وأبدت إدريس خالص التقدير، لما قامت به «نقابة الناشرين اللبنانيين» خلال الأزمة الحالية، واصفة إياه بـ«الجهد الجبار» لتسهيل مشاركة دور النشر اللبنانية في المعارض العربية، بأقل التكاليف وأفضل الظروف.
وتنهي إدريس بالقول «سندافع بشراسة، وبكل ما أوتينا من قوة لإقامة معرض كتاب يليق بنا في ديسمبر، لكن حالياً أعتقد أن الوقت اضيق من أن يمكننا من الخروج بنتائج مُرضية. نحن نتحدث عن معرض أصبح من تراث بيروت، ومداميكها، ولا نريد له أن يبدو ضعيفاً، في أي لحظة».
الدكتور حمود، المسؤول عن تنظيم المعرض، له رأي آخر. يعدّ أن مساحة صغيرة، ومعرضاً يجمع اللبنانيين، أفضل من هذا الصمت المدوي. يتحفظ الرجل على الحديث عن المعوقات، أو من عزموا عن العزوف عن المشاركة. يقول «نحن في مرحلة تذليل العقبات، وحوار مع كل الجهات، وسنعمل على حل المشكلات. الجميع يريدون المعرض في ديسمبر، لكننا لا نريد أن نرى الوقت يمر، من دون أن نفعل شيئاً». المعرض هو المكان الوحيد الذي يجمع المثقفين والكتّاب. يكاد يكون الفسحة المتبقية التي لا يغيب عنها أحد. «ألا يكفي هذا لنصرّ على تسهيل هذا اللقاء. لنعتبره مجرد تظاهرة ثقافية هذه المرة، لتحريك الراكد. أما توجهنا فهو لبناني؛ لأننا نعرف جيداً الوضع الذي نعيش».
يؤكد مدير المعرض، أن ثمة حماسة، وناشرون لبنانيون، وعرب من مصريين وسوريين، يريدون المشاركة، وهم أيضاً يستفيدون من السعر المخفض للمساحة، كما الناشر اللبناني تماماً. وللتغلب على مشكلة المساحة، لن تتجاوز مساحة أكبر جناح الـ50 متراً مربعاً إفساحاً في المجال، أمام الجميع، ليتمكنوا من المشاركة. فنانون تشكيليون، يودون عرض لوحاتهم، لكن ضيف المكان لا يسمح بتنويع الأنشطة. شعراء، وكتاب، ومثقفون يتصلون ويشجعون. «ثمة عطش للخروج من هذا السكون، بعض الحركة، سينعش الأرواح».
المشاكل مركّبة، تغيير المكان إلى خارج بيروت، غير مطروح، كما أن الضرورة تستدعي إيجاد مساحة متاحة للجميع؛ لأن المواصلات مكلفة للزوار. أما المشكلة الصحية، فالنادي الثقافي، يريد أن يلتزم بالشروط التي تؤمّن سلامة رواده، كما أن الأجنحة ستكون مفتوحة على بعضها بعضاً، لتفادي تواجد أماكن ضيقة، كما تمت توسعة الممرات، من مترين إلى ثلاثة أمتار. وسيطلب إلى الناشرين تواجد عدد محدد من الأشخاص في كل جناح. الدورة الأخيرة التي أقيمت عام 2018 شارك فيها 234 ناشراً بينهم 70 ناشراً عربياً، لا يرى ضيراً النادي الثقافي أن يشارك حتى ربع هؤلاء؛ فالأصل هو إقامة المعرض، وكسر الصمت. ثمة دور لبنانية وعربية أيضاً أكدت حضورها. مدير اللجنة الثقافية الدكتور خالد زيادة يقول لـ«الشرق الوسط»، إنه بدأ في الإعداد للبرنامج، وإن كل الأفكار مرحب بها. «ما نريده هو التأكيد على أن بيروت، ستكون دائماً عاصمة للثقافة، وهذا ما ستدور حوله الأنشطة التي نعد لها. ولدينا من الكفاءات والمواهب، بمشاركة الجيل الشاب، ما يسعف في ذلك وأكثر».
أقيمت الدورة الأولى لـ«معرض بيروت العربي الدولي للكتاب» عام 1956، في «الوست هول»، وصار من يومها أقدم معرض عربي للكتاب. يقول حمود «لولا انفجار المرفأ لكنّا اليوم قد وصلنا إلى الدورة الـ66». جدير بالذكر، أن المعرض لم يعقد منذ عام 2019 بسبب الانهيار المالي الذي منع الناشرين من دفع بدل أجنحتهم بالدولار، ثم تتالت الأزمات، وجاء انفجار المرفأ ليقضي كلياً على المكان الذي يعقد به المعرض، والخلاف في الرأي الحالي بين النادي المنظم للتظاهرة، وبعض الناشرين، هو على مدى اختمار الظروف للعودة، وهو خلاف إيجابي في العمق، وفيه حرص من الطرفين، على مكانة بيروت قبل أي شيء آخر.


مقالات ذات صلة

أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

ثقافة وفنون أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

أطلّت الكاتبة التشيلية الأشهر إيزابيل الليندي، عبر منصة «مايسترو»، في «هيئة الإذاعة البريطانية»، من صالونها الهادئ الذي يضم تفاصيلها الشخصية والحميمية

سحر عبد الله
يوميات الشرق «معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

انطلقت، الخميس، فعاليات «معرض جدة للكتاب 2024»، الذي يستمر حتى 21 ديسمبر الجاري في مركز «سوبر دوم» بمشاركة نحو 1000 دار نشر ووكالة محلية وعالمية من 22 دولة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
كتب الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب «عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
كتب «البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

في كتابه الأحدث «البؤس الأنثوي... دور الجنس في الهيمنة على المرأة»، يشير الباحث فالح مهدي إلى أن بغيته الأساسية في مباحث الكتاب لم تكن الدفاع المباشر عن المرأة

محمد خضير سلطان

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
TT

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة من خلال حديث مطول أدلى به لمحرر المذكرات ومؤلف الكتاب الصحافي سيد محمود سلام. ورغم أن حديث الذكريات هنا يشمل محطات مختلفة، فإن الكتاب يركز بشكل خاص على مرحلة النشأة والطفولة وما اكتنفها من اكتشاف الفنان في سنوات التكوين الأولى لعالم الأدب وخصوصية مدينته بورسعيد، مسقط رأسه.

ويشير محمود ياسين إلى أن الطفولة مفتاح كل بوابات العمر، وقد عاش طفولته في أسرة محافظة مثقفة محبة للفن ولتراب الوطن حيث أثرت كثرة الحروب التي خاضتها المدينة على تعميق الحس الوطني لأبنائها. ويرى أنه كان طفلاً محظوظاً لأنه نشأ في أسرة تعد الثقافة جزءاً مهماً من تكوين أبنائها، وكان ترتيبه السادس بين أشقائه العشرة، وقد تأثر في طفولته بشقيقه الأكبر فاروق: «إذ فتح عيني على شيء اسمه الكتاب بمعناه الواسع. كان يتسلم الكتب ويذهب إلى المدرسة، لكن فاروق كانت له في البيت مكتبة خاصة عبارة عن خزانة كبيرة في الحائط صُممت على الطراز الفرنسي تضع فيها الوالدة الفخار وقطع الخزف الصيني وكؤوس الزجاج وأشياءها الخاصة، فصنع منها مكتبة بعرض الحائط بعد أن أقنعها بذلك حيث كانوا يقطنون في فيلا من دورين تابعة لشركة قناة السويس التي كان يعمل بها والده، وعاشوا فيها ما يزيد على 25 عاماً».

ظل فاروق يشتري الكتب باستمرار مثل سلسلة «اقرأ» التي كانت تصدر ملخصات لعيون الأدب العربي والعالمي والسير الذاتية مثل السيرة الذاتية لطه حسين ودوستويفسكي ومكسيم غوركي وأنطون تشيخوف، فضلاً عن عيون الأدب الفرنسي مثل مؤلفات غي دي موباسان. كانت السلسلة تصدر كتيبات لكل كتّاب ومفكّري العالم، فالتراث الإنساني كله أنتجته سلسلة «اقرأ»، وقد جمعه فاروق في مكتبته وأيضاً سلسلة أخرى بعنوان «كتابي» جمعها أيضاً في المكتبة.

قرأ محمود ياسين في صغره معظم دواوين الشعراء العرب وعبقريات العقاد في مكتبة شقيقه، فضلاً عن كتب سلسلة «الكتاب الذهبي» التي تعرّف فيها على محمد عبد الحليم عبد الله ونجيب محفوظ ويوسف إدريس ويوسف السباعي. كما كان الشقيق الأكبر فاروق شغوفاً باقتناء الكتب والمطبوعات الثقافية مثل مجلة «الهلال» حتى إنه يشتري الكتب بمصروفه الشخصي المحدود. ولم يكن الطفل محمود يشغل نفسه بشراء الكتب، لكن يده بدأت تمتد إلى مكتبة شقيقه، فغضب بشدة من استعارته كتبه؛ وذلك خوفاً من ألا تلقى الاحترام ذاته الذي تلقاه عنده تلك المكتبة التي كوّنها واشتراها من مصروفه. لكن عندما اطمأن لشقيقه، بدأ يشجعه مع بعض النصائح خوفاً على هذه الكتب. وبدأ الشقيق الأصغر في متابعة المسرحيات المترجمة بشكل خاص، لا سيما أعمال وليام شكسبير وهو ما أثار دهشة وإعجاب فاروق حين رأى شقيقه لا يفوّت نصاً للكاتب العالمي، سواء في سلسلة «كتابي» أو نظيرتها «اقرأ».

ويشير محمود ياسين إلى أن أبناء بورسعيد يتشابهون في ملامحهم وتكوينهم؛ لأن هذه المدينة تترك بصماتها على أبنائها، فهي بلد مفتوح على الدنيا ويُطل على أوروبا، فهناك شاطئ بحر وفي الأفق عالم آخر يجب أن تحلم به. إنها مدينة وسط جزر من المياه، فتأثر بهذه الخصوصية الجغرافية وما أكسبته لسكانها من حس حضاري لافت.

يقول محمود ياسين في مذكراته إن الطفولة مفتاح كل بوابات العمر وقد عاش طفولته في أسرة محافظة مثقفة محبة للفن ولتراب الوطن حيث أثرت كثرة الحروب التي خاضتها المدينة على تعميق الحس الوطني لأبنائها.

امتزجت شخصية محمود ياسين بالبحر المتوسط الذي تطل عليه مدينته، فهو مثله تراه شديد الهدوء تارة، شديد الصخب تارة أخرى. يقول: «إن أخلاقي كأخلاق البحر وطبيعتي تشبهه، فأنا في شهري سبتمبر وأكتوبر أكون هادئاً هدوءاً غريباً وعندما تنظر إليّ تشاهد ما في أعماقي، وإذا تحدثت إليّ يمكنك أن تكتشف كل شيء. أما الشخص الصاخب العصبي فهو أيضاً أنا ولكن في شهر يناير، وكذلك البحر بـ(نواته) وأمواجه المتلاطمة. لا أحب شهر يناير، قد يكون لأنه بداية عام لا أعلم ما يخبئه، وحين راقبت نفسي وجدت أنني في مواسم أكون هادئاً وأخرى أكون صاخباً وهذا هو حال البحر».

كانت حياة الصبي محمود ياسين قبل التمثيل غير مستقرة، كأنه يبحث عن شيء يسعده. كان يراقب شقيقه فاروق، الممثل العظيم بقصور الثقافة، وتعلم منه كيف يحب الريحاني. يشاهده فيشعر بأنه يمتلك عالم التمثيل بين عينيه، نظراته، تأمله، صوته حتى وهو يغني بصوتٍ أجش تستسيغ غناءه من هذه الحالة التي لاحظها وتأثر بها. أحبَّ التمثيل وشعر بأنه الشيء الذي يبحث عنه، إنه عالمه المفقود، به ستكتمل حياته.

اللافت أن التمثيل منذ البدايات الأولى بالنسبة لمحمود ياسين «حالة»، إنه بمثابة «عفريت» يتجسد في الشخص المحب له، فكان يسعد بالمشاهد التي يمثلها في نادٍ يسمى «نادي المريخ» ببورسعيد وهو طفل. وكوّن هو وزملاؤه فرقة مسرحية، مع عباس أحمد الذي عُرف بأشهر مخرجي الثقافة الجماهيرية، وله باع طويل وأثر في حياته كصديق ورفيق رحلة كفاح، هو والسيد طليب، وكانا أقرب صديقين له، سواء على مستوى هواية التمثيل أو الحياة.

ويروي كيف كان يقدم مسرحية على خشبة مسرح صنعوه بأنفسهم من مناضد وكراسي متراصة، وفي قاعة تسع 100 شخص، فلمح والده، وكانت المرة الأولى التي يمثل فيها ويشاهده أبوه، وإذا به يبتسم له ابتسامة هادئة، اعتبرها أول تصريح رسمي منه بموافقته على دخوله هذا المجال. ويذكر أيضاً أن من بين العمال الذين تأثر بهم محمود عزمي، مهندس الديكور العبقري، الذي لم يحصل على أي شهادات دراسية ولم يلتحق بالتعليم، لكنه كان يهوى الرسم ويصمّم ديكورات أي نصوص سواء عربية أو عالمية ببراعة مدهشة.