الميناء الشرقي في الإسكندرية... رؤية فنية لجماليات المكان

لوحات المعرض ترسخ قيمة العامل الزمني

TT

الميناء الشرقي في الإسكندرية... رؤية فنية لجماليات المكان

في تسعينات القرن التاسع عشر، أبدع الفنان الفرنسي كلود مونيه (1840 - 1926م) في رسم كاتدرائية «روان» الواقعة شمال غربي فرنسا أكثر من 30 مرة من الزاوية نفسها في أوقات مختلفة على مدار اليوم الواحد، وفي أجواء مختلفة على مدار العام. وهو ما يمكن أن نراه مجدداً مع بدايات عام 2022، حيث عمد الفنان المصري الدكتور حمدي عبد الكريم، الأستاذ المتفرغ في قسم التصوير بكلية الفنون الجميلة جامعة الإسكندرية، إلى فرشاته طوال الـ10 سنوات الماضية مجسداً مشاهد متكررة من «الميناء الشرقي» لمدينة الإسكندرية، ليخرج بلوحات إبداعية لجماليات المكان يضمها معرضه «الميناء الشرقي».
تتجول لوحات المعرض، الذي يستضيفه متحف الفنون الجميلة بالإسكندرية حتى 20 يناير (كانون الثاني) الحالي، بين مفردات الميناء الشرقي، التي كررها الفنان عشرات المرات، ليؤكد قيمة العامل الزمني في العمل الفني، ناقلاً تقلبات الجو في عروس المتوسط، وهي الأجواء التي تتغير عدة مرات في اليوم الواحد، خصوصاً في فصل الشتاء، وهي القيمة التي أبدعها الفنان في بلاغة فنية، وتعبر عما بداخله تجاه ما رآه في هذا المكان من سماء وأرض ومياه وأثر، رسمها مئات المرات طوال أكثر من 50 عاماً من الزمان، يقول صاحب المعرض: «الإسكندرية هي مدينتي الجميلة التي ولدت ونشأت بها، هذا العالم الجميل الذي أعيشه وأعشقه، فنشأت بيني وبينه حالة حب تجاه السماء والبحر والموج، خصوصاً في منطقة الميناء الشرقي، إحدى العلامات المميزة في الإسكندرية، الذي يعد بالنسبة لي ليس مجرد ميناء، فالمراكب وسفن الصيد ومن خلفهما قلعة قايتباي التاريخية الشهيرة اعتبرهم مفردات وعناصر تشكل لغة فنية رائعة، تخاطب البصر والفؤاد، فهي منطقة ملهمة جذبتني منذ كنت طالباً للرسم من الطبيعة أمام الميناء».
وحول فكرة المعرض، يقول: «أقدم 32 لوحة مختلفة المقاسات، تعكس جميعها لقطات متعددة ومتنوعة للميناء الشرقي، تماماً مثل الأغنية التي يعيد مطربها الكوبليه بأكثر من طريقة وأداء، لكي يُطرب من أمامه من مستمعين، وهي ليست فكرة جديدة، حيث قدمها من قبل رواد المدرسة الانطباعية في أوروبا، فمن خلال اللوحات أتنقل بين مفردات وتفاصيل المكان، مقدماً إياها في الصيف والشتاء، والخريف والربيع، وفي الصباح والمساء، وفي الشروق والغروب، مدفوعاً إلى ذلك بما يحمله المكان من غنى كبير، وهو ما يجعل المعرض بمثابة وجبة دسمة أمام الزائر له».
ويستطرد عبد الكريم: «كذلك لا يزال الميناء الشرقي في رأيي يمكن أن يخرج فنياً بأشكال كثيرة ومتنوعة، رغم عشرات الفنانين الذين رسموه في مئات الحالات، للدرجة التي يمكن أن نقول معها إن الناس ألفت وتشبعت من هذا المكان، لكن هنا يبرز دور الفنان الذي يوظف لغته الفنية وأدواته ليعكس فوق لوحاته أشياء لم نرها بعد، ويحشد خبراته لكي يلتقط من المكان جماليات أخرى لم يلتفت إليها الآخرون، وهو ما نطلق عليه عين الفنان، التي تأخذ الجمهور إلى زوايا جديدة ومختلفة».
ومع التنوع الزمني الثري الذي ظهر به الميناء الشرقي للإسكندرية في لوحات المعرض؛ إلا أن صاحبها لا يُخفي ميله إلى الرداء الشتوي الذي ألبسه للمكان، يوضح: «فصل الشتاء هو المفضل لي، خصوصاً شكل السماء الممتلئة بالسحب، فمن الناحية الفنية أرى أن السحب لها دور درامي بخلقها حالة من الانفعال لدى كل من الفنان والمتلقي، فالسماء تكون لها طبيعة خاصة على سطح اللوحة، تجعل الفنان يُخرج قدراته الفنية عبر توظيف اللون في عكس مناطق الإظلام أو الظلال، بعكس فصل الصيف الهادئ».
ويلفت عبد الكريم إلى أن أعمال المعرض اعتمد فيها على خبراته المخزنة في الذاكرة، التي انطبعت بمشاعره تجاه المكان الذي رسمته عشرات السنين من الطبيعة، وهو التخيل للمكان الذي قدمه بأسلوب انطباعي تأثيري، الذي ينقل الواقع بسهولة للمتلقي، مع إضافة بعض لمسات الفنان العفوية التي تعكس رؤيته الجمالية الخاصة للمكان.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.