دفتر ملاحظات: الراحل بيتر بوغدانوفيتش...أحب هوليوود وصنع أفلامه على هواها

بيتر بوغدانوفتش
بيتر بوغدانوفتش
TT

دفتر ملاحظات: الراحل بيتر بوغدانوفيتش...أحب هوليوود وصنع أفلامه على هواها

بيتر بوغدانوفتش
بيتر بوغدانوفتش

أكثر من سواه من مخرجين أميركيين رحلوا، يمثل بيتر بوغدانوفيتش، الذي توفي في السادس من هذا الشهر عن 82 سنة، ذروة نجاح «السينيفيللي» الواقع في غرام هوليوود السابقة. في هذا الشأن لا يوازيه أحد ولا يقترب كونتِن تارنتينو منه مطلقاً.
نشأ هائماً بحب السينما وفي سن الحادية والعشرين كان أول من أقام، في الولايات المتحدة، تظاهرة خاصّة بالمخرج أورسن وَلز وأفلامه. وسار على هذا المنوال في سنوات شبابه فاحتفى بألفرد هيتشكوك وهوارد هوكس على النحو ذاته. كتب النقد ومزجه بالطريقة الفعلية لإيصاله إلى الناس ليس مكتوباً فقط (كحالنا نحن)، بل كمؤسس لتظاهرات واحتفالات يجذب فيها هواة السينما لتفكيك الفيلم وتحليله وتحديد لماذا هوليوود الأربعينات والخمسينات والستينات كانت مهمّة وكيف؟.
في عام 1968 حقق أول فيلم من إخراجه: «أهداف» (Targets) جاء على هواه: بالأبيض والأسود وعن قناص عائد مجروح النفس من حرب فيتنام يتسلق سطح صالة سينما في الهواء الطلق في الليلة التي يقرر فيها ممثل أفلام رعب عجوز (بوريس كارلوف الذي ظهر في العديد من أفلام الرعب فعلاً) يؤم العرض.
في عام 1971 أخرج فيلمين: واحد تسجيلي عن سينما جون فورد والآخر روائي بعنوان «العرض الأخير لفيلم» (تحديداً: The Last Picture Show) مستلهماً أدب المؤلف لاري مكمورتي الذي انصرف لكتابة حكايات حول تكساس الأمس البعيد منه والقريب (نقلت السينما عدداً منها).
فيلم هادئ النبرة عن بلدة تموت بهدوء في غبار مطلع الخمسينات. أسباب موتها هجرة ووضع اقتصادي صعب وفراغ ثقافي. جمع بوغدانوفيتش في هذا الفيلم جف بردجز وتيموثي بوتومز وبن جونسون وكلو غولاغر وسيبيل شيبرد التي وقع في غرامها إما لجمالها وإما لرومانسية فكرة وقوع مخرج في حب بطلة فيلمه.
مال إلى الكوميديا في What‪’‬s Up‪، ‬ Doc‪?‬ ثم إلى الكوميديا المشوبة بخيط بوليسي في «بابر مون» (1973) واستمر في تنويعاته منتقلاً ما بين الرومانسية («ديزي ميلر»، 1974) ثم إلى النوستالجيا («نيكولوديون»، 1976) وعائداً إلى الدراما في «سانت جاك» (1979) وإلى الكوميديا في «كلهم ضحكوا»)1981. وفي وسط كل ذلك الفيلم الميوزيكال كما استلهمه من أربعينات القرن الماضي متمثلاً بفيلم «عند حب أبدي» (At Long Last Love)‬‬‬
لم تكن كل أفلامه متساوية في المستوى الإجمالي. أفضلها «أهداف» و«آخر عرض فيلم» و«ما الجديد، دوك؟» و- لاحقاً - «مواء القطّة» (2001) وهي إن كانت كذلك فلأن الحنين لسينما الأمس كان جزءاً من التركيبة بأسرها. حبه لهيتشكوك وهوكس ولعلاقته المهنية الاستثنائية مع أورسن وَلز وحبه لكوميديات بستر كيتون وتشارلي تشابلن.
وهو لم يكتفِ بالأفلام بل وضع الكتب وداوم كتابة النقد السينمائي ولو متقطّعاً. في كل ذلك هو من هذا الرعيل الذي بدأ السينما في أواخر الستينات ونشأ على تقدير كل عمل انتمى إلى هوليوود لكنه انفصل عنها بفنيه وروحه. من هؤلاء فرنسيس فورد كوبولا ومارتن سكورسيزي وبرايان دي بالما.
التقيت به لربع ساعة سنة 2018 عندما أمّ مهرجان فينيسيا حيث عُرض له فيلمان أحدهما عن الشخصية الكوميدية الرائعة بستر كيتون، والآخر عن فيلم حول فيلم أرسون وَلز الذي لم يتسنَ لولز إنجازه وعنوانه «الجانب الآخر من الريح».
ابتسم بود وصافح باليد وجلس في مقهى الأكسلسيور وقال لي: «تعرف كل شيء عني أو أنت من الذين يريدونني أن أتحدث عن نفسي؟». قبل أن أجيبه أكمل قائلاً: «في الحالتين لا داعي لمقابلة لنتحدث سينما ولنتحدث أولاً عنك».


مقالات ذات صلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

تعلَّم محمد سامي من الأخطاء وعمل بوعي على تطوير جميع عناصر الإنتاج، من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين رئيس في مشهد من فيلم «الفستان الأبيض» (الشركة المنتجة)

لماذا لا تصمد «أفلام المهرجانات» المصرية في دور العرض؟

رغم تباين ردود الفعل النقدية حول عدد من الأفلام التي تشارك في المهرجانات السينمائية، التي تُعلي الجانب الفني على التجاري، فإن غالبيتها لا تصمد في دور العرض.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة الأردنية ركين سعد (الشرق الأوسط)

الفنانة الأردنية ركين سعد: السينما السعودية تكشف عن مواهب واعدة

أكدت الفنانة الأردنية ركين سعد أن سيناريو فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»، الذي عُرض بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، استحوذ عليها بمجرد قراءته.

انتصار دردير (جدة )
يوميات الشرق إيني إيدو ترى أنّ السينما توحّد الشعوب (البحر الأحمر)

نجمة «نوليوود» إيني إيدو لـ«الشرق الأوسط»: السينما توحّدنا وفخورة بالانفتاح السعودي

إيني إيدو التي تستعدّ حالياً لتصوير فيلمها الجديد مع طاقم نيجيري بالكامل، تبدو متفائلة حيال مستقبل السينما في بلادها، وهي صناعة تكاد تبلغ الأعوام الـ40.

إيمان الخطاف (جدة)

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
TT

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)

نظراً للزخم العالمي الذي يحظى به مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بجدة، اختارت «استديوهات كتارا»، ومقرها الدوحة، أن تكشف خلاله الستار عن أول فيلم روائي قطري طويل تستعد لإنتاجه، وهو «سعود وينه؟»، وذلك في مؤتمر صحافي ضمن الدورة الرابعة من المهرجان، مبينة أن هذا العمل «يشكل فصلاً جديداً في تاريخ السينما القطرية».

ويأتي هذا الفيلم بمشاركة طاقم تمثيل قطري بالكامل؛ مما يمزج بين المواهب المحلية وقصة ذات بُعد عالمي، كما تدور أحداثه حول خدعة سحرية تخرج عن السيطرة عندما يحاول شقيقان إعادة تنفيذها بعد سنوات من تعلمها من والدهما، وهذا الفيلم من إخراج محمد الإبراهيم، وبطولة كل من: مشعل الدوسري، وعبد العزيز الدوراني، وسعد النعيمي.

قصة مؤسس «صخر»

كما أعلنت «استديوهات كتارا» عن أحدث مشاريعها السينمائية الأخرى، كأول عرض رسمي لأعمالها القادمة، أولها «صخر»، وهو فيلم سيرة ذاتية، يقدم قصة ملهمة عن الشخصية العربية الاستثنائية الراحل الكويتي محمد الشارخ، وهو مبتكر حواسيب «صخر» التي تركت بصمة واضحة في عالم التكنولوجيا، باعتبارها أول أجهزة تتيح استخدام اللغة العربية، وأفصح فريق الفيلم أن هذا العمل ستتم معالجته سينمائياً ليحمل كماً مكثفاً من الدراما والتشويق.

«ساري وأميرة»

والفيلم الثالث هو الروائي الطويل «ساري وأميرة»، وهو عمل فنتازي يتناول الحب والمثابرة، يتم تصويره في صحراء قطر، وتدور أحداثه حول حياة قُطّاع الطرق «ساري وأميرة» أثناء بحثهما عن كنز أسطوري في وادي «سخيمة» الخيالي، في رحلة محفوفة بالمخاطر، حيث يواجهان الوحوش الخرافية ويتعاملان مع علاقتهما المعقدة، وهو فيلم من بطولة: العراقي أليكس علوم، والبحرينية حلا ترك، والنجم السعودي عبد المحسن النمر.

رحلة إنسانية

يضاف لذلك، الفيلم الوثائقي «Anne Everlasting» الذي يستكشف عمق الروابط الإنسانية، ويقدم رؤى حول التجارب البشرية المشتركة؛ إذ تدور قصته حول المسنّة آن لوريمور التي تقرر مع بلوغها عامها الـ89، أن تتسلق جبل كليمنجارو وتستعيد لقبها كأكبر شخص يتسلق الجبل، ويروي هذا الفيلم الوثائقي رحلة صمودها والتحديات التي واجهتها في حياتها.

وخلال المؤتمر الصحافي، أكد حسين فخري الرئيس التنفيذي التجاري والمنتج التنفيذي بـ«استديوهات كتارا»، الالتزام بتقديم محتوى ذي تأثير عالمي، قائلاً: «ملتزمون بتحفيز الإبداع العربي وتعزيز الروابط الثقافية بين الشعوب، هذه المشاريع هي خطوة مهمة نحو تقديم قصص تنبض بالحياة وتصل إلى جمهور عالمي، ونحن فخورون بعرض أعمالنا لأول مرة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي؛ مما يعكس رؤيتنا في تشكيل مستقبل المحتوى العربي في المنطقة».