الحوثيون يستهلون 2022 بإغلاق عشرات المخابز في صنعاء

ضمن عمليات ابتزاز ومحاولات التضييق على سكان العاصمة

TT

الحوثيون يستهلون 2022 بإغلاق عشرات المخابز في صنعاء

استهلت الميليشيات الحوثية العام الجديد في صنعاء بتنفيذ موجة تعسف وجباية جديدة طالت العشرات من أفران الخبز، في مناطق عدة تتبع مديرية معين في العاصمة المختطفة، وذلك في سياق استمرار مسلسل الابتزاز بحق من تبقى من منتسبي القطاعات الاقتصادية.
وفي هذا السياق، كشفت مصادر محلية في صنعاء عن شن الميليشيات عبر ما يسمى مكتب الصناعة والتجارة الخاضع لها منذ ثلاثة أيام حملة استهداف وجباية جديدة أسفرت عن إغلاق نحو 28 مخبزاً من أصل 60 تنتشر في أحياء شملان، ومذبح، والسنينة بحجة مخالفتها للأوزان.
وعدت المصادر في سياق حديثها مع «الشرق الأوسط»، ادعاءات الميليشيات مخالفة ملاك المخابر للأوزان ذريعة حوثية قديمة اعتادت الجماعة على استخدامها كمسوغ قانوني للبطش بالعاملين في تلك المهنة ونهب المزيد من أموالهم.
ووفق المصادر، أعاد مكتب الصناعة والتجارة الخاضع لسلطة الجماعة، فتح 15 مخبزاً من أصل 28 كانت قد تعرضت للإغلاق التعسفي بعد دفع ملاكها مبالغ مالية.
ورصدت «الشرق الأوسط» البعض من حملات الانقلابيين التعسفية وهي تستهدف أفران الخبز في إحدى مديريات العاصمة، إذ شوهد عدد من سكان إحدى المناطق بذات المديرية وهم يتجمعون أمام بوابة أحد المخابز المغلقة.
وعلى ذات الصعيد، شكا بعض السكان في مديرية معين بصنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، من عدم توفر الخبز بمعظم أحياء وحارات وشوارع المديرية (ذات الكثافة السكانية العالية) عقب حملات المداهمة والإغلاق الحوثية.
وقال البعض منهم إن عودة الميليشيات مع دخول العام الجديد لاستهداف ملاك المخابز بحملة إتاوات غير قانونية لا تعد استهدافاً لهم فقط، بل هي تعدٍ واضح على ملايين المواطنين في صنعاء كون «الرغيف» سلعة أساسية بالنسبة للجميع دون استثناء، خصوصاً في ظل استمرار انعدام غاز الطهي الذي لا تزال الجماعة تحتكره وتقوم ببيعه بطريقة انتقائية وعبر مسؤولي الأحياء الموالين لها.
وبهدف إثراء قادتها ودعم عملياتها العسكرية، أطلقت الميليشيات على مدى أشهر العام الماضي المئات من حملات الابتزاز والتعسف بحق ملاك المخابز في العاصمة صنعاء ومدن أخرى، كان آخرها إغلاق المئات من الأفران في سبتمبر (أيلول) الماضي تحت مبرر وجود مخالفات، ثم عادت الجماعة فتحها بعد التزام ملاكها بدفع إتاوات مالية.
ومع تفاقم المعاناة والأوضاع الإنسانية بفعل الانقلاب وآلة الحرب وجرائم الفساد والابتزاز الحوثية، حذرت الأمم المتحدة في وقت سابق من أن اليمن بات على شفير المجاعة مجدداً، وقال بيان صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إنه إذا استمر القتال حتى عام 2022، فستُصنف اليمن كأفقر بلد في العالم».
وفي أحدث تقرير لها، قالت الأمم المتحدة إنها تواجه حالياً عجزاً تمويلياً بعملياتها الإنسانية في اليمن بقيمة 1.6 مليار دولار. وحث المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوغاريك، المانحين على زيادة مساهماتهم المالية للاستجابة الإنسانية في اليمن، والتي تمثل شريان الحياة لنحو 16 مليون شخص.
وقال دوغاريك: «أبلغنا زملاؤنا العاملون في المجال الإنساني أن نقص التمويل ما زال يؤثر على عملياتهم الإنسانية في اليمن حيث تلقت خطة الاستجابة الإنسانية في العام الماضي 58 في المائة من متطلبات التمويل، ما أدى إلى نقص 1.6 مليار دولار».
وأضاف «نتيجة لذلك، تضطر وكالات الإغاثة إلى تقليص البرامج الحيوية وإغلاقها. وقمنا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بخفض المساعدة الغذائية الطارئة لـ8 ملايين شخص في جميع أنحاء اليمن. وشهدت خدمات الصحة الإنجابية والمياه والحماية وغيرها من البرامج التي نقدمها تراجعاً كبيراً».
وفي وقت سابق، أعلن البنك الدولي أن الحرب الحوثية تسببت في وقوع أكثر من 21 مليون نسمة من أصل 26 تحت خط الفقر، أي 80 في المائة من تعداد سكان البلد المضطرب، في حين قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن قرابة 24 مليون شخص بحاجة للمساعدات الإنسانية.


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.