إطلاق مشروع سعودي ـ سوداني لاستغلال ثروات البحر الأحمر المعدنية

وزير الاستثمار: الرياض والخرطوم تتجهان لتعزيز الاستثمار بالمناطق والأسواق الحرة

شواطئ البحر الأحمر على الجانب السعودي («الشرق الأوسط»)، و في الإطار الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل وزير الاستثمار السوداني (تصوير: بشير صالح)
شواطئ البحر الأحمر على الجانب السعودي («الشرق الأوسط»)، و في الإطار الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل وزير الاستثمار السوداني (تصوير: بشير صالح)
TT

إطلاق مشروع سعودي ـ سوداني لاستغلال ثروات البحر الأحمر المعدنية

شواطئ البحر الأحمر على الجانب السعودي («الشرق الأوسط»)، و في الإطار الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل وزير الاستثمار السوداني (تصوير: بشير صالح)
شواطئ البحر الأحمر على الجانب السعودي («الشرق الأوسط»)، و في الإطار الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل وزير الاستثمار السوداني (تصوير: بشير صالح)

كشف لـ«الشرق الأوسط» الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل وزير الاستثمار السوداني، عن مشروع سعودي - سوداني مشترك ضخم، موجه لاستغلال ثروات البحر الأحمر المعدنية، بدأ العمل فيه حاليا.
ووفق الوزير السوداني، يأتي ذلك في وقت تتجه فيه كل الرياض والخرطوم، لتعزيز الاستثمار المشترك في 8 وجهات من المناطق والأسواق الحرة، مع الاستفادة من 5 آلاف تجربة عالمية.
وأوضح أن الحكومة أقرّت استراتيجية جديدة، يتولى بموجبها القطاع الخاص المحلي والأجنبي، 70 في المائة من الاقتصاد السوداني، مبينا أن الحكومة تتجه ليس فقط لفتح المجال للاستثمار، وإنما حتى الشركات الحكومية الموجودة، بصدد تخصيصها وعرضها للقطاع الخاص.
وقال «المناطق الحرة تغطي بشكل عام ما يقارب الـ50 في المائة من العمالة وعلى مستوى السودان، أقدر أنها ستوفر 25 في المائة على الأقل من العمالة الحكومية الموجودة الآن، وتوظفها بالمناطق الحرة».
وأضاف إسماعيل أن «مجال الاستثمار في المعادن واسع وواعد بطرحه للمستثمرين السعوديين»، مبينا أن هناك 4 مربعات جاهزة الآن في البحر الأحمر في مجال الذهب، بجانب نحو 50 مربعا أخرى جاهزة للتعدين في الذهب في ولايات السودان المختلفة.
وقال «بجانب ذلك نحن حريصون على استعادة عجلة إنتاج البترول، ولدينا حاليا اكتشاف واعد جدا للغاز في منطقة الدندر، حيث دخل الصينيون فيه، وسنطرح قريبا مربعات في حدودنا الشمالية الغربية مع كل من ليبيا ومصر للاستثمار في الغاز والنفط»، مشيرا إلى أن مربعات 9 و11 في الجزيرة مطروحة للاستثمار فيها في نفس المجال.
وقال الوزير إسماعيل «عدد الشركات الكبيرة التي لديها امتيازات في مجال الذهب وغيره من المعادن بلغ 146 شركة، تمثل 16 جنسية، روسية وصينية وكندية وتركية وسعودية وقطرية وإماراتية ومغربية وفرنسية وبريطانية، بجانب أخريات منها جنوب أفريقية»، مشيرا إلى أن هناك 173 شركة تعدين صغيرة.
وأوضح إسماعيل أن احتياطات 10 شركات فقط من الشركات الكبيرة من المعادن، يبلغ 1197 طنا من الذهب، ضاربا مثلا بمنجم واحد يتبع لشركة «أرياب» في شرق السودان، بأن احتياطيها من الذهب يبلغ 140 طنا من الذهب و1.3 مليون طن من النحاس، و3 آلاف طن فضة و700 ألف طن من الزنك.
وزاد إسماعيل «رغم تركيزنا على المناطق الحرة والزراعة سنطرح مشروعات كبيرة لإنتاج العلف والقمح والبقوليات، خصوصا أن لدى السعودية توجها للاستثمار الزراعي بالخارج، ولدينا مساحات مطروحة للاستثمار في القمح في الشمال والفواكه والأعلاف والأرز في الولايات الجنوبية لوفرة الأمطار».
ووفق إسماعيل، هناك مساحات للاستثمار في زراعة قصب السكر والقطن وصناعته بجانب مجالات المعادن والثروة الحيوانية ومدخلات الزيت كالفول السوداني والصمغ العربي، في ولايات وسط وشرق وغرب وجنوب السودان، مشيرا إلى إمكانية تصدير الفواكه كالموز والخضر على اختلافها بالطائرات إلى الموانئ الخليجية.
وتابع «الاستثمار في السودان مرّ بثلاث مراحل، المرحلة الأولى كانت هي مرحلة الطفرة، ما بين عامي 2000 و2010 أو تحديدا منذ اكتشاف البترول وتوقيع اتفاقية السلام، ففي هذه المرحلة كان السلام قد عم كل ربوع السودان، وعلاقتنا الخارجية انفتحت إلى حد كبير، والقوانين استقرت ولم تكن لدينا مشكلة في العملة الصعبة، والجنيه السوداني كان سعره مرتفعا».
ووفق إسماعيل فإن المرحلة الأولى فتحت المجال واسعا أمام المستثمرين وحصد السودان بموجبها ما يقارب 30 مليار دولار، مبينا أن بلاده احتلت المرتبة الثانية بعد السعودية من حيث جذب الاستثمارات الأجنبية، مشيرا إلى أنه وقتها بلغ حجم الاستثمار الأجنبي بالسعودية 40 مليار دولار.
أما المرحلة الثانية من الاستثمار بالسودان - وفق إسماعيل - فبدأت مع انفصال الجنوب في العام 2011، مبينا أنها كانت مرحلة التراجع في جذب الاستثمار الأجنبي بين عامي 2011 و2012، حيث كان معظم الاستثمارات وقتها في مجال البترول، في حين أن الاستثمارات في مجال الزراعة لا تتعدى 14 في المائة.
وقال «في عامي 2011 و2012، دخلنا المرحلة الثالثة، حيث وجدنا أن واردات البترول ذهبت إلى الجنوب بعد انفصال الجنوب، وأصبحت لدينا مشكلة في العملة الصعبة فاهتز الجنيه السوداني وأصبح سعره غير ثابت، وبالتالي تراجعت أحجام الاستثمارات الأجنبية بالسودان».
ونتيجة لذلك أوضح إسماعيل أن مرتبة السودان من حيث جذب الاستثمار الأجنبي كمًّا ونوعًا، تراجعت من الثانية إلى السادسة، مبينا أنه بدلا من استقطابه نحو 103 مشروعات تراجع إلى 63 مشروعا في العام، تحوّل المجتمع السوداني إلى مجتمع استهلاكي لحد كبير، مقرّا بخطأ الاعتماد على البترول
وقال «كان لا بد من وقفة ومراجعة، للسياسات والقوانين واللوائح حتى يعود السودان مرة أخرى منافسا قويا لجذب الاستثمار، فبالنسبة للسياسات القانونية، راجعنا قانون الاستثمار ووضعنا قانونا جديدا».
وبالنسبة للسياسات العامة وفق إسماعيل، تركت الحكومة تركيز الاستثمار على النفط، وبدأت بما تتميز به وهو الأمن الغذائي، في الزراعة والثروة الحيوانية، مشيرا إلى توجه الاستراتيجية نحو الاستثمار في الزراعة والثروة الحيوانية واستخراج المعادن كقيمة مضافة في قطاعات الصناعة والصناعات التحويلية خاصة.
وزاد إسماعيل «في عام 2014، بعد عام من صدور القانون في عام 2013، بدأنا نجني ثمار ذلك، انتقلنا أولا من التراجع في جذب الاستثمار من 6 وتقريبا السودان حاليا في مستوى 3 أو 4 من حيث قائمة الدول الأكثر جذبا للاستثمار الأجنبي».
وأضاف «انتقلنا في الاستثمار الزراعي من 14 في المائة إلى 40 في المائة، وبالتالي منحت الميزات الجديدة في القانون والمراجعات التي عملناها، دفعة قوية جدا للاستثمار، فالملتقى السعودي السوداني الذي عقدناه في الرياض، بعده مباشرة، جاءتنا مجموعات كبيرة جدا من المستثمرين السعوديين».
وقال «دعنا نأخذ أنموذجا من الاستثمارات السعودية، فالآن رجل الأعمال السعودي سليمان الراجحي، يستثمر في الزراعة في الولاية الشمالية وحدها في 300 ألف فدان، ومتوقع في عام 2017 أن ينتج 375 ألف طن من القمح، ولديه أكبر مصنع للإسمنت في السودان، ويعتبر أحد المستثمرين السعوديين الأساسيين في مجال الثروة الحيوانية».
ووفق إسماعيل، فإن للراجحي في ولاية نهر النيل مساحة تقدّر بـ100 ألف فدان مزروعة حاليا، مبينا أنه يدخل حاليا في الاستثمار في مجال الدواجن، مشيرا إلى أن هناك نماذج أخرى ناجحة في مجال التعدين والبترول.
ووفق إسماعيل، هناك أنموذج آخر للمستثمر السعودي، يظهر في رجل الأعمال حسين بحري، مبينا أنه يعد أكبر مستثمر لإنتاج الدواجن في السودان، ويمكن بالخطة التي يتبعها - حاليا - خلال عامين أو 3 أن تستكفي بلاده من لحوم الدواجن ويبدأ في التصدير، مشيرا إلى أنه يغطي أكبر نسبة من حاجة السوق السودانية من إنتاج الدواجن.
ونوه إلى أن شركة «نادك» الزراعية السعودية، أخذت حاليا 60 ألف فدان، في ولاية شمال كردفان وبدأت بحفر الآبار، والعمل فيها جار، مشيرا إلى أن هناك 3 شركات رئيسية، أخذت 70 ألف فدان هي «المراعي» و«حائل»، و«الصافي»، وبدأت زراعة القمح.
ولفت إلى أن منطقة القلابات في الحدود مع إريتريا، بها ثروة حيوانية تمكن من إنشاء مصانع للسماد ومدابغ ومسالخ للاستفادة من منتج المنطقة، كما أن المنطقة تعد من أفضل مناطق المنتج الزراعي المطري، مشيرا إلى إنتاج أكثر من 7 ملايين طن من الحبوب هذا العام كأكبر إنتاجية طوال الأعوام السابقة.
وقال «أنتجنا 800 ألف طن من السمسم هذا العام بنفس المنطقة، وجاهزون لإطلاق استثمارات لإنشاء مصانع للزيوت لوجود السمسم، ومصانع للعلف الحيواني لوجود الذرة، ومصانع للجلود والأحذية وغيرها، وستكون هناك قيمة مضافة ستوفرها للبلاد في شكل تكنولوجيا وفرص عمل وعملة صعبة».



التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.