تعتبر الدواجن وبشكل خاص الدجاج أحد أهم مصادر الغذاء هذه الأيام، وقد طغى استهلاكه في الكثير من الدول، على الكثير من أنواع اللحوم الحمراء مثل لحم البقر والغنم والخنزير. ولهذا اشتهرت أطباقه في أنحاء المعمورة من آسيا إلى الأميركتين إلى أوروبا والشرق الأوسط، خلال السنوات الماضية مع تطور وازدهار قطاع السياحة العالمي ومع العولمة نفسها.
وللدواجن أهمية كبيرة في حياة الشعوب، قبل الكنتاكي فرايد تشيكن وتشيكين برغر بكثير. ويعرف قاموس المعاني دواجن الطير والحيوان في قاموس المعاني على أنها: ما اعتاد من الطير الإقامة مع الإنسان - ما ألف البيوت وأقام بها مع الناس من الحيوان والطير. ويقول ابن طفيل: اتخذت الدواجن لينتفع ببيضها وفراخها. وعلى هذا المبدأ كانت بدايات استخدام البشر للدواجن إذ كانت توفر اللحم والبيض والريش إضافة إلى ذلك.
أما كلمة دواجن الإنجليزية - poultry من الفرنسية القديمة - polet التي تتجذر من اللاتينية - pullus التي تعني «الطير الصغير» أو «الفرخ» أو «الحيوان الصغير»، وتشمل فصيلة الدواجن الدجاج والبط والإوز والسمان والديك الرومي وطير الايمو الكبير (Emu) والنعام وإوز التم الصامت والطاووس الهندي والدجاج الحبشي (Guineafowl) وطائر التدرج والتدرج الذهبي (Golden pheasant) وطائر الريا (Rhea) وغيرها من أنواع الطيور.
* تدجين الدجاج
* بدأت عمليات استئناس أو تدجين الدجاج قبل 10 آلاف سنة على الأرجح ولكن عمليات التدجين لغايات الغذاء لم تبدأ إلا عام 5400 قبل الميلاد في الصين، وبعد ذلك بـ1500 سنة وصل الدجاج إلى ضفاف نهر السند في باكستان ولاحقا الهند وتايلاند وفيتنام، ومن الهند انتقل إلى تركيا (آسيا الصغرى) والجزيرة العربية وإلى اليونان ورومانيا وأوكرانيا.
وفي ذلك الزمن أيضا، بدأ الصينيون تدجين البط حسبما تشير التماثيل التي عثر عليها في إقليم هينان والتي تعود إلى أيام حضارة اليانغشاو على النهر الأصفر.
ودرج الصينيون على استخدام الدجاج وصراعه لمعرفة واستشراف المستقبل وما إذا كانوا سيهزمون في الحرب أم سينتصرون كما فعل الرومان لاحقا.
قبل التدجين لغايات الغذاء، كانت عمليات تربية الدجاج في إيران ومنذ أكثر من 6 آلاف سنة قبل الميلاد تحصل لتحضير صراع الديكة، الرياضة التي كانت تجذب الجمهور في جميع أنحاء العالم القديم. وقد انتقلت هذه الرياضة العنيفة التي تعتبر أقدم الرياضات في العالم إلى الهند والصين واليونان وروما لاحقا، وكان الصراع يتوقف عند مقتل أحد الديكة أو تعرضه لجرح بليغ.
ويقول المؤرخون إن الدجاج انتقل من سوريا وبلاد ما بين النهرين إلى مصر الفراعنة في منتصف القرن الخامس عشر قبل الميلاد. ورغم أن الفراعنة أضاعوا ألف عام قبل أن يبدأوا عمليات تدجينه واستغلاله، فقد أصبح لاحقا رمزا للخصوبة، إذ كانوا يعلقون البيض في المعابد لتأمين فيضان نهر النيل.
وقبل وصول الدجاج، كان الفراعنة يهتمون بالإوز الذي انتقلت عمليات تدجينه لاحقا إلى مناطق سيبيريا، حيث يعرف الإوز هناك بالإوز الصيني. وأكثر دول العالم اهتماما بهذا التدجين حاليا هي فرنسا وبلغاريا والصين وهنغاريا.
كما بدأ الفراعنة قبل الدجاج بالعناية بطائر السمان أيضا والذي انتشرت عمليات تدجينه لاحقا في اليابان في عام 110 للميلاد. وبدأ الناس في البداية اقتناء السمان لزقزقته الجميلة وكان أصحاب السمان يتبارزون في هذا الإطار كما يحصل حاليا مع الحسون في الكثير من البلدان.
ومن مصر وصل الدجاج إلى أفريقيا عن طريق نهر النيل. والآثار التي عثر عليها في مالي بهذا الخصوص تعود إلى ألف سنة فبل الميلاد.
وساهم الفينيقيون بانتشار الدجاج في منطقة البحر الأبيض المتوسط وإسبانيا لاحقا، وزاد انتشاره عندما وصل الرومان وبدأوا باستخدامه على نطاق واسع لغايات الكهانة. ولذا كان الدجاج يرافق الجيوش في مغامراتهم.
ولاحقا جاءت وصفات طبخ الدجاج المتعددة في مجموعة وضعها ماركوس ابيكياس – Apicius في القرن الميلادي الأول؛ إذ أفرد ابيكياس قسما خاصا بالطيور في المجموعة التي شملت المأكولات البحرية واللحوم والحبوب. ووضع لوسيوس كولوميلا النصائح الخاصة بتربية الدجاج والعناية به في كتاب واحد من أهم الكتاب الزراعيين في الإمبراطورية الرومانية آنذاك لوسيوس كالوميلا.
ويقال في هذا المضمار إن الرومان أول من حشى الدجاج قبل طبخه وهم أيضا من اخترع عجة البيض أو الأومليت.
وصل الدجاج إلى اليونان من تركيا كما ذكرنا، وهناك رسوم للدجاج على الفخاريات اليونانية التي يعود تاريخها إلى القرن السابع قبل الميلاد، وفي ذلك الوقت، ذكر الخطيب اليوناني ايثانايوس أن الشاعر اليوناني كراتينوس كان يصف الدجاج بـ«الجرس الفارسي».
وفد ساهمت تركيا أيضا بتقديم الديك الرومي إلى أوروبا ألف سنة قبل الميلاد، بعد جلبه من المكسيك والولايات المتحدة الأميركية. ولمعرفة شهرة الديك الرومي لا بد من إلقاء نظرة على الولايات المتحدة الأميركية التي تستهلك 60 مليون طير منه في عيد الشكر كل سنة.
* خرافات
* يعتبر الديك في الروزنامة الصينية الشهر العاشر من السنة، ويأتي بعده شهرا الكلب والخنزير. فلطالما اعتقد الناس في أوروبا والشرق الأوسط منذ قديم الزمان أن الديك قادر على التخلص من الأرواح الشريرة. وقد ألصق الصينيون صفات كثيرة على الديك كالشجاعة واللطف والثقة والمصداقية. فحسب المعتقدات التاوية، فإن الديك الأحمر الذي يقف على جدار المنزل يرمز إلى حماية المنزل من الحريق. أما الديك الأبيض فيرمز إلى الحماية من الشر. ولطالما ارتبط اللون الأبيض في التراث الصيني بالنقاء وهذا يعود بالطبع إلى لون الديك الأبيض.