إردوغان يشعل معركة مبكرة لاستعادة إسطنبول وإطاحة إمام أوغلو

استمرار أعمال التفتيش بزعم تعيين «إرهابيين» في بلديتها

متسوقون يتجولون في إحدى أسواق إسطنبول التاريخية (أ.ب)
متسوقون يتجولون في إحدى أسواق إسطنبول التاريخية (أ.ب)
TT

إردوغان يشعل معركة مبكرة لاستعادة إسطنبول وإطاحة إمام أوغلو

متسوقون يتجولون في إحدى أسواق إسطنبول التاريخية (أ.ب)
متسوقون يتجولون في إحدى أسواق إسطنبول التاريخية (أ.ب)

أشعل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وحزبه العدالة والتنمية الحاكم، معركة مبكرة تهدف إلى استعادة التأييد المفقود في مدينة إسطنبول، كبرى مدن تركيا المرجحة للفائز في أي انتخابات برلمانية أو رئاسية.
وتجرى لجنة من وزارة الداخلية التركية حاليا أعمال تفتيش، تهدف إلى الوقوف على «حقيقة» تعيين مئات الموظفين يزعم أنهم على صلة بما تعتبره السلطات «تنظيمات إرهابية»، وتحديدا حزب العمال الكردستاني وحركة «الخدمة» التابعة لفتح الله غولن التي تتهمها أنقرة بتدبير محاولة انقلاب فاشلة وقعت في 15 يوليو (تموز) 2016.
وجاء تشكيل اللجنة على خلفية تصريحات لإردوغان اتهم فيها رئيس البلدية المنتمي إلى حزب الشعب الجمهوري، أكرم إمام أوغلو، بفصل 15 ألفا من العاملين بالبلدية بدعوى انتمائهم إلى حزب العدالة والتنمية الحاكم، وتعيين 45 ألفا من «الإرهابيين». وقالت وزارة الداخلية إن اللجنة تعمل على التحقق من صلات تربط 557 من موظفي البلدية بالتنظيمات الإرهابية، فيما رد أكرم إمام أوغلو بأن مسؤولية التحقق من هذه الصلات ليست من عمل البلدية، وإنما من عمل وزارتي الداخلية والعدل اللتين تقومان بمراجعة كل ما يتعلق بالمرشحين للوظائف.
وشكلت خسارة بلدية إسطنبول في الانتخابات المحلية في مارس (آذار) 2019 ضربة قوية لحزب العدالة والتنمية، حيث فاز أكرم إمام أوغلو على مرشح العدالة والتنمية رئيس الوزراء السابق بن علي يلدريم في الجولة الأولى ثم في جولة الإعادة التي أجريت في يونيو (حزيران) من العام ذاته. وأثار ذلك غضبا شديدا في الحزب الحاكم، وكشف عن الانفصال بينه وبين الشارع التركي بعد أن احتكر، ومن قبله الأحزاب ذات الجذور الإسلامية، رئاسة بلدية إسطنبول على مدى أكثر من ربع قرن.
ويتخوف مراقبون من أن تكون أعمال التفتيش في بلدية إسطنبول مقدمة لعزل إمام أوغلو، وتعيين وصي من حزب العدالة والتنمية عليها، كما حدث في غالبية البلديات التي فاز بها حزب الشعوب الديمقراطي، المؤيد للأكراد، ثاني أكبر أحزاب المعارضة بالبرلمان، والذي ينعته إردوغان بأنه واجهة سياسية لحزب العمال الكردستاني المحظور.
وفي السياق ذاته، قال نائب رئيس حزب العدالة والتنمية، نعمان كورتولموش، إن هناك انتخابات في عامي 2023 (الانتخابات الرئاسية والبرلمانية) و2024 (الانتخابات المحلية)، وأود أن أؤكد أن «هذه الانتخابات مهمة ليس فقط بالنسبة لحزب العدالة والتنمية، بل لتركيا بأكملها، وبكل بساطة، من أجل العالم أجمع».
وأضاف كورتولموش، في كلمة أمام المشاركين في برنامج التدريب بأكاديمية منظمة التعليم في إسطنبول التابعة لحزب العدالة والتنمية، ليل السبت إلى الأحد «علينا أن نتخذ خطواتنا بشكل أسرع وأقوى، خاصة من خلال فهم نوعية أحزاب المعارضة، وبخاصة حزب الشعب الجمهوري، كعنصر أساسي في ذلك التحالف... الوعود التي قُطعت قبل الانتخابات المحلية في إسطنبول في آذانكم جميعاً وجميع سكان إسطنبول».
ووجه رسالة إلى سكان إسطنبول بشأن الانتخابات والوعود الانتخابية التي على أساسها فاز الحزب الجمهوري عام 2019، قائلا: «في إسطنبول إذا اخترتنا فلن نترك أي مواطن في الشارع... تعلمون جميعاً كيف أن أولئك الذين يقولون (هذه كلمة شرف)، وضعوا آلاف الأشخاص أمام الباب بشكل ظالم وغير قانوني بعد فوزهم ببلدية إسطنبول»، في إشارة إلى مزاعم فصل 15 ألفا من العاملين السابقين بالبلدية من أعضاء الحزب الحاكم.
وتابع: «حزب العدالة والتنمية يجب أن يتصرف بما يتماشى مع مبادئه الخاصة... ما نعبر عنه بقولنا: (تركيا قوية مرة أخرى)، هو تصميمنا على تعزيز تركيا وتنميتها في كل المجالات ومواصلة نضالنا إلى الأمام بطريقة أقوى... علينا أن تكون تركيا قوية في الاقتصاد، والسياسة، والتضامن الاجتماعي، والصناعة، والصناعات الدفاعية، والتعليم... في كل مجال. لنقف أقوياء في هذه الجغرافيا».
وقال كورتولموش: «لدينا التزام بأن تكون تركيا قوية وعظيمة في كل مجال. لا يمكن لتركيا أن تحيا كدولة تعتمد على الخارج في اقتصادها، وكذلك في سياستها أو في صناعتها الدفاعية... سنكون أقوياء في كل مجال، وسنصنع إنتاجنا بأنفسنا، وسنتنافس مع العلامات التجارية العالمية، وسنظل الدولة النجم في هذه المنطقة، التي تقف بقوة في العالم».
من جانبه، هاجم وزير الصناعة والتكنولوجيا التركي، مصطفى فارانك، حزب الشعب الجمهوري، ورئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، قائلا: «إسطنبول اليوم تديرها وكالات إعلانية وليس سياسيون منتخبون، ومحاصرة في أجندة وسائل التواصل الاجتماعي. لا يوجد عمل ولا إنتاج. علاوة على ذلك، يجد الميزانية لبناء ملعب تنس، لكنه لا يستطيع العثور على الميزانية ليشق طريقه إلى المستشفى أثناء وباء فيروس (كورونا) الذي يموت المواطنون بسببه. نأمل أن تعيد أمتنا إدارة هذه المدن إلى سياسة الخدمة وكوادر حزب العدالة والتنمية، وتحالف الجمهور في الانتخابات الأولى».
وبحسب استطلاعات الرأي التي أجرتها مؤسسات مختلفة، يتصدر إمام أوغلو قائمة أنجح رؤساء البلديات في تركيا، يليه فاطمة شاهين رئيس بلدية غازي عنتاب من حزب العدالة والتنمية، بينما حل ثالثا منصور ياواش رئيس بلدية أنقرة من حزب الشعب الجمهوري، وكانت 4 مراكز من أول 5 مراكز من حزب الشعب الجمهوري.
كما تشير استطلاعات الرأي إلى أن إمام أوغلو يبقى دائما منافسا قويا لإردوغان على رئاسة الجمهورية.



كندا «لن تتراجع أبداً» في مواجهة تهديدات ترمب

جزء من مباني البرلمان الكندي في أوتاوا (رويترز)
جزء من مباني البرلمان الكندي في أوتاوا (رويترز)
TT

كندا «لن تتراجع أبداً» في مواجهة تهديدات ترمب

جزء من مباني البرلمان الكندي في أوتاوا (رويترز)
جزء من مباني البرلمان الكندي في أوتاوا (رويترز)

أكد رئيس الوزراء الكندي المستقيل، جاستن ترودو، ووزيرة خارجيته ميلاني جولي، الثلاثاء، أن أوتاوا «لن تنحني» أمام تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الذي دعا إلى ضم بلادهما إلى الولايات المتحدة.

وقال ترودو في منشور على منصة «إكس»، إنه «لا يوجد أي احتمال على الإطلاق في أن تصبح كندا جزءاً من الولايات المتحدة». وأضاف: «يستفيد العمال والمجتمعات في بلدينا من كونهما شريكين تجاريين وأمنيين كبيرين».

واحتجت وزيرة الخارجية الكندية جولي على تعليقات ترمب حول إمكانية استخدام القوة الاقتصادية ضد البلاد.

وقالت في منشور على شبكة التواصل الاجتماعي «إكس»: «إن تعليقات الرئيس المنتخب ترمب تظهر افتقاراً تاماً إلى فهم ما يجعل كندا دولة قوية... لن نتراجع أبداً في مواجهة التهديدات».

وتعهد ترمب أمس باستخدام «القوة الاقتصادية» ضد كندا، الحليفة المجاورة التي دعا لضمها إلى أراضي الولايات المتحدة.

وعندما سُئل عما إذا كان سيستخدم القوة العسكرية، أجاب ترمب: «لا، القوة الاقتصادية».

وأضاف أن اندماج «كندا والولايات المتحدة سيكون خطوة إيجابية. تخيلوا ما سيبدو عليه الوضع عند التخلص من هذا الخط المرسوم بشكل مصطنع. وسيكون ذلك أيضاً أفضل كثيراً على صعيد الأمن القومي».

يأتي ذلك غداة تجديد الرئيس المنتخب دعوته لضم كندا، وذلك عقب إعلان رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو استقالته.

وقال ترمب في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، الاثنين: «إذا اندمجت كندا مع الولايات المتحدة، فلن تكون هناك تعريفات جمركية، وستنخفض الضرائب بشكل كبير، وستكون كندا آمنة تماماً من تهديد السفن الروسية والصينية التي تحيط بها باستمرار».

تحدي الحزب الليبرالي الكندي

ويجد حزب الليبراليين الكندي بزعامة رئيس الوزراء المستقيل جاستن ترودو نفسه في بحث عن زعيم جديد، بينما يتعامل مع تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية باهظة على السلع الكندية، ومع اقتراب موعد الانتخابات الكندية بعد أشهر قليلة.

وأعلن ترودو استقالته بعد مواجهة خسارة متزايدة للدعم داخل حزبه وفي البلاد. وأصبح سليل بيير ترودو البالغ من العمر 53 عاماً، أحد أشهر رؤساء الوزراء في كندا، غير محبوب بشدة لدى الناخبين، جراء مجموعة من القضايا، بما في ذلك ارتفاع تكلفة الغذاء والإسكان، بالإضافة إلى ارتفاع كبير في عدد المهاجرين إلى كندا.

وقال ترودو إنه يخطط للبقاء رئيساً للوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب، ولكن من غير المرجح تسمية زعيم كندي جديد قبل تنصيب ترمب في 20 يناير (كانون الثاني)، حسب وكالة «أسوشييتد برس».

تأتي هذه الاضطرابات السياسية في لحظة صعبة بالنسبة لكندا؛ حيث يواصل الرئيس الأميركي المنتخب ترمب تسمية كندا بالولاية رقم 51، وهدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على جميع السلع الكندية، كما أن ترمب منشغل بالعجز التجاري الأميركي مع كندا.

وفي حين قال ترمب إن الولايات المتحدة لا تحتاج إلى أي شيء من كندا. فإن نحو 60 في المائة من واردات النفط الخام الأميركية تأتي من كندا التي هي أيضاً وجهة التصدير الأولى لـ36 ولاية أميركية.

يحتاج الليبراليون في كندا إلى انتخاب زعيم جديد قبل استئناف عمل البرلمان في 24 مارس (آذار)؛ لأن أحزاب المعارضة الثلاثة تقول إنها ستسقط الحكومة الليبرالية في تصويت بحجب الثقة في أول فرصة، ما قد يؤدي إلى انتخابات. وقد لا يظل الزعيم الجديد للحزب الليبرالي رئيساً للوزراء لفترة طويلة: فمن المرجح جداً أن تصب انتخابات الربيع في صالح حزب المحافظين المعارض.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يلتقطان صورة عند وصول ترودو إلى البيت الأبيض في واشنطن يوم 11 أكتوبر 2017 (أ.ب)

ومن المحتمل أن يتولى زعامة الليبراليين مارك كارني، الرئيس السابق لبنك كندا الذي تم تعيينه بوصفه أول أجنبي يشغل منصب محافظ بنك إنجلترا منذ تأسيسه في عام 1694، حسب وكالة «أسوشييتد برس». وقد نال تعيين كندي إشادة من الحزبين في بريطانيا بعد أن تعافت كندا بشكل أسرع من كثير من البلدان الأخرى من الأزمة المالية لعام 2008، واكتسب سمعة طيبة على طول الطريق بوصفه منظماً صارماً.

وكارني خبير اقتصادي يتمتع بخبرة في «وول ستريت» ويُنسب إليه الفضل على نطاق واسع في مساعدة كندا على تفادي أسوأ أزمة عام 2008، ومساعدة المملكة المتحدة في إدارة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ولطالما كان كارني مهتماً بدخول السياسة وتولي منصب رئيس الوزراء، ولكنه يفتقر إلى الخبرة السياسية.

وزيرة المالية السابقة كريستيا فريلاند هي أيضاً من المرشحين الأوفر حظاً. وأخبر ترودو فريلاند الشهر الماضي أنه لم يعد يريدها في هذا المنصب، ولكن يمكن أن تظل نائبة لرئيس الوزراء، والشخصية المحورية للعلاقات بين الولايات المتحدة وكندا.

وقال مسؤول مقرب من فريلاند إنها لا تستطيع الاستمرار في العمل وزيرة؛ لأنها تعلم أنها لم تعد تتمتع بثقة ترودو. وتحدث المسؤول بشرط عدم الكشف عن هويته؛ لأنه غير مخوَّل له التحدث علناً بشأن هذه المسألة. وأضاف أنه من السابق لأوانه الإدلاء بتصريحات؛ لكنه قال إن فريلاند ستتحدث إلى زملائها هذا الأسبوع، وتناقش الخطوات التالية. وبعد استقالتها، وصف ترمب فريلاند بأنها «سامة تماماً»، و«غير مناسبة على الإطلاق لإبرام الصفقات».

ولدى فريلاند صفات كثيرة قد تبدو مزعجة لترمب: صحافية كندية سابقة ليبرالية، وهي عالمية تجلس في مجلس إدارة المنتدى الاقتصادي العالمي.

وفريلاند التي تنحدر من أصول أوكرانية، كانت أيضاً مؤيدة قوية لأوكرانيا في حربها ضد روسيا.

مرشح محتمل آخر لتولي زعامة الليبراليين ورئاسة وزراء كندا، هو وزير المالية الجديد، دومينيك لوبلان. وقد انضم لوبلان (وزير الأمن العام السابق وصديق مقرب لترودو) مؤخراً إلى رئيس الوزراء، في عشاء مع ترمب في مارالاغو.

وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن فرص الليبراليين في الفوز بالانتخابات المقبلة في كندا تبدو ضئيلة. ففي أحدث استطلاع، يتخلف الليبراليون عن المحافظين المعارضين بنسبة 45 في المائة إلى 23 في المائة.