الأمم المتحدة تدين نهب مقر «الغذاء العالمي» شمال دارفور

السلطات السودانية تفرض حظر تجول لحماية المرافق الحيوية في الولاية

أحد المحتجين رافعاً لافتة تضامنية مع أحداث دارفور خلال مظاهرة سابقة في الخرطوم (أ.ف.ب)
أحد المحتجين رافعاً لافتة تضامنية مع أحداث دارفور خلال مظاهرة سابقة في الخرطوم (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة تدين نهب مقر «الغذاء العالمي» شمال دارفور

أحد المحتجين رافعاً لافتة تضامنية مع أحداث دارفور خلال مظاهرة سابقة في الخرطوم (أ.ف.ب)
أحد المحتجين رافعاً لافتة تضامنية مع أحداث دارفور خلال مظاهرة سابقة في الخرطوم (أ.ف.ب)

أدانت الأمم المتحدة عملية نهب الإمدادات الغذائية، التي تعرّض لها مستودع برنامج الأغذية العالمي في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، فيما أعلنت سلطات الولاية حظر تجول إلى أجل غير مسمى.
وعبّر مقرر اللجنة الأمنية في ولاية شمال دارفور عبد الكريم حمدو، في تصريح نقلته وكالة الأنباء السودانية، عن أسف السلطات لوقوع تلك الأحداث. وأهاب بالمواطنين الالتزام بقرار حظر التجول حفاظاً على أرواحهم، مؤكداً أن اللجنة أعدت خطة لتأمين المرافق الاستراتيجية والحيوية في الولاية.
وقالت وكالة الأنباء الرسمية إن إعلان الإجراءات الأمنية جاء على خلفية عمليات النهب الواسعة في اليومين الماضيين لمخازن برنامج الغذاء العالمي في الفاشر، التي تعرضت للحرق أيضاً، إضافة إلى عمليات نهب مماثلة طالت مقر البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في الفاشر (يوناميد) التي بدأت الجمعة الماضي، واستمرت لـ4 أيام.
وقال مكتب منسقة الشؤون الإنسانية في السودان، خاردياتا لو ندياي، في بيان صحافي، أمس، إن مستودع الإمدادات الغذائية التابع لها تعرض لـ«هجوم من جماعات مسلحة مجهولة». وأضاف: «هذا الهجوم يعيق بشدة قدرتنا على الوصول إلى الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة (للمساعدة)، ونطالب بشكل عاجل جميع الأطراف الالتزام بالمبادئ الإنسانية والسماح بالتوصيل الآمن للمساعدات المنقذة للحياة».
وأكد البيان أن الأمم المتحدة والشركاء في المجال الإنساني قلقون للغاية بشأن التقارير الواردة من شمال دارفور عن الهجوم على «مساعدات غذائية مخصصة لأشد الناس ضعفاً في السودان».
ووفقاً لتقارير أولية، فإن مستودع برنامج الأغذية العالمي الواقع في منطقة البورصة في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، يحتوي على ما يصل إلى 1900 طن متري من المواد الغذائية، مخصصة لمئات الآلاف من الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في تلك المنطقة.
وأشارت التقارير إلى عجز غير مسبوق في تمويل برنامج الأغذية العالمي، يقدر بنحو 358 مليون دولار أميركي. وعبرّت المنسقة الأممية عن امتنانها للسلطات المحلية لتدخلها لمنع التدهور، وقالت: «ندعو حكومة السودان إلى تكثيف الجهود لحماية المباني والأصول الإنسانية في جميع أنحاء السودان».
ويحتاج ما يقدر بـ14.3 مليون شخص في السودان إلى مساعدات إنسانية وفقاً لخطة الاستجابة الإنسانية لعام 2022. ويحتاج 25 في المائة منهم إلى الأمن الغذائي ودعم سبل العيش.
وكانت منسقة الشؤون الإنسانية دعت في وقت سابق الحكومة السودانية إلى اتخاذ تدابير صارمة لحماية مقارّ وأفراد البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور «اليوناميد» من أي أعمال تهدد أمنهم وسلامتهم.
وقالت المنسقة إن الأمم المتحدة تتوقع إعادة المقرات، التي استولت عليها الجماعات المسلحة بشكل غير مشروع، وضرورة توفير حرية الحركة الآمنة والحماية «لجميع أصول الأمم المتحدة». وناقشت المسؤولة الأممية الأسبوع الماضي مع حاكم ولاية شمال دارفور، نمر محمد، أهمية تسهيل أنشطة حماية المدنيين من قبل وكالات الأمم المتحدة المختلفة.
وأكدت السلطات السودانية التزامها بحماية أصول الأمم المتحدة وموظفي «اليوناميد». ورصدت الأمم المتحدة في الأشهر الماضية زيادة كبيرة في معدلات أعمال العنف والقتل والصدامات القبلية في إقليم دارفور.
وقالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» إن انسحاب بعثة السلام المشتركة «اليوناميد» أدى إلى تصاعد العنف بين المجموعات المسلحة، وترك آثاراً وخيمة على المدنيين، داعية إلى نشر مراقبين حقوقيين ذوي حضور قوي في المنطقة.
وأصدر مجلس الأمن الدولي في ديسمبر (كانون الأول) 2020 قراراً بإنهاء مهام البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في إقليم دارفور (يوناميد) تحت البند السابع، بعد أكثر من 13 عاماً من بدء عمليات البعثة في دارفور، التي تعد من أكبر بعثات حفظ السلام في تاريخ الأمم المتحدة. وقضى القرار الأممي بتحويل مقرات البعثة، التي تقدر بنحو 35 موقعاً في ولايات دارفور الخمس، لاستخدامها في مجالات الرعاية الصحية والتعليم والخدمات الاجتماعية.
واستقبل السودان في يونيو (حزيران) 2020 بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس) لتنفيذ 4 أهداف استراتيجية، هي المساعدة في الانتقال السياسي، ودعم عمليات السلام، وتعزيز بناء السلام وحماية المدنيين وسيادة القانون، وحشد المساعدات الاقتصادية والإنمائية والإنسانية، إضافة إلى إجراء الانتخابات العامة في السودان بعد انتهاء الفترة الانتقالية. واندلعت الحرب في دارفور عام 2003 بين حكومة الرئيس المعزول عمر البشير والمجموعات المسلحة في الإقليم، وراح ضحيتها 300 ألف قتيل، وأدت إلى نزوح مليوني شخص داخل وخارج البلاد، بحسب إحصائيات الأمم المتحدة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.