بوادر انتفاضة ليبية ضد الإرهابيين في العاصمة طرابلس

الميليشيات تحذر من مواجهات وشيكة وتعلن استنفارًا لسرايا المخابرات

بوادر انتفاضة ليبية ضد الإرهابيين في العاصمة طرابلس
TT

بوادر انتفاضة ليبية ضد الإرهابيين في العاصمة طرابلس

بوادر انتفاضة ليبية ضد الإرهابيين في العاصمة طرابلس

بينما قال سكان وناشطون محليون في العاصمة الليبية طرابلس لـ«الشرق الأوسط» إن المدينة الخاضعة لسيطرة ميليشيات فجر ليبيا المتشددة تشهد حالة استنفار أمني وعسكري غير مسبوقة، كشف المكتب الإعلامي لعملية فجر ليبيا النقاب إن «جميع سرايا الاستخبارات المدنية بالعاصمة في حالة نفير عام».
وقال مصدر رفيع المستوى بالجيش الليبي لـ«الشرق الأوسط» إن الغارات الجوية على مواقع وأهداف تابعة لميليشيات فجر ليبيا لن تتوقف على الرغم من تنديد المبعوث الخاص للأمم المتحدة برناردينو ليون بها، مشيرا إلى أن طائرات الجيش مسؤولة عن قصف حربية مطار معيتيقة في طرابلس، وأهداف أخرى في غرب ليبيا، أول من أمس.
واعترف مسؤول في المطار بأن القصف أصاب بطارية صواريخ كانت على بعد نحو عشرة كيلومترات من المطار على مشارف طرابلس.
وقالت مصادر محلية إنه اندلع، أمس، قتال في منقطة قصر بن غشير القريبة من مطار طرابلس الدولي، والمتاخمة لمنطقة الساعدية شمال مدينة العزيزية التي تسيطر عليها قوات الجيش الوطني الموالى للشرعية في البلاد بقيادة الفريق خليفة حفتر.
وأوضحت أن الميليشيات قد أخلت معسكراتها، ولجأت إلى مبانٍ عامة خوفا من القصف، الذي تشنه طائرات الجيش، مشيرة إلى انتشار كبير للقناصة.
وأعلنت أن أرتال المسلحين التي تصل إلى وادي الربيع شرق العاصمة طرابلس تأتي من مدينة مصراتة، لافتة إلى وجود احتقان في منطقة تاجوراء بعد مقتل سبعة من مصراتة على أيدي الكتيبة 101، والتي أعلنت ولاءها للجيش في وادي الربيع قبل يومين.
من جهتها، قالت وكالة الأنباء الرسمية إن العاصمة طرابلس تشهد منذ أول من أمس ما وصفته بـ«بداية انتفاضة» لأهالي المدينة ضد ميليشيات الإرهاب والتطرف التي تسيطر عليها، مشيرة إلى أن الأهالي في مناطق سيدي خليفة وشارع الزاوية وحي طريق السور أغلقوا المستشفى المركزي بالعاصمة ومقر البريد المركزي، فضلاً عن إغلاق الطرقات المؤدية إلى أحيائهم بسواتر ترابية، فيما تجوب سيارات مسلحة للميليشيات شوارع العاصمة بشكل كثيف ولافت للنظر.
وقال سكان في منطقة تاجوراء شرق طرابلس إن المنطقة تشهد إغلاقا جزئيا لبعض الشوارع بعد وصول تهديدات من قبل الميليشيات.
وكانت الحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني، وتتخذ من شرق البلاد مقرا لها، قد حثت أخيرا شباب الأحياء بطرابلس على الانتفاضة ضد حكم الميليشيات أسوة بشباب الأحياء في بنغازي ومساندة قوات الجيش التي قالت إنها سيطرت على جنوب العاصمة وأجزاء واسعة من المنطقة الغربية.
في المقابل، قالت ميليشيات فجر ليبيا عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» في بيان مقتضب إن سرايا الاستخبارات تجوب كل شوارع العاصمة لتقطع الطريق عن كل عابث.
وادعت المكتب أن المعلومات تفيد باستهداف المارة وقتلهم في شوارع متفرقة في أنحاء متفرقة من طرابلس بسيارات معتمة الزجاج، ثم الادعاء لاحقا بأنها تابعة لميليشيات فجر ليبيا وقوات الردع الخاصة.
وطالبت أولياء الأمور بالحرص على أبنائهم الذين يستقلون سيارات بهذه المواصفات، وممن يحملون السلاح خارج شرعية الدولة، محذرة من أن الميليشيات لن تتهاون مع هؤلاء، وسيكون الرد قاسيا جدا لكل من يحاول المساس بأمن العاصمة.
ودعت الأجهزة الأمنية بالعاصمة وما جاورها، إلى إعلان حالة الطوارئ القصوى والتدقيق في التفتيش في كل البوابات المنتشرة فيها.
إلى ذلك، أعلنت حكومة الثني الشرعية تكليف العقيد مصطفى الدباشي بتسيير مهام وزارة الداخلية، خلفًا للوزير السابق عمر السنكي، الذي يرفض الثني عودته للعمل على الرغم من مطالبة مجلس النواب بذلك، حيث قال طارق الخراز الناطق باسم الوزارة إن الدباشي تسلم مهام عمله رسميًا.
وفى مدينة درنة، التي تعتبر المعقل الرئيسي للجماعات الإرهابية بشرق ليبيا، قتل أحد أفراد الجيش وأصيب ثلاثة آخرين بجروح خلال اشتباكات وقعت بمحور عين مارة بين الجيش وميليشيات ما يعرف مجلس شوري ثوار درنة الإرهابي بمنطقة الظهر الأحمر.
ونقلت الوكالة الحكومية عن مسؤول أمني أن الميليشيات التي تسيطر على درنة قصفت تمركزًا للجيش بصواريخ «غراد» دون وقوع أضرار بشرية أو مادية، مشيرا إلى أن الجيش قصف في المقابل مواقع الصواريخ وأصابها إصابات مباشرة.
وتتصارع حكومتان، إحداهما تباشر عملها من الشرق والأخرى مقرها طرابلس على السيطرة في ليبيا، ويتبادل الجانبان شن الغارات الجوية بعد أربع سنوات من الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011.
وتواجه الحكومتان انقسامات داخلية، ويهيمن عليهما مقاتلون سابقون ساهموا في الإطاحة بالقذافي، لكنهم يتحاربون الآن للسيطرة والنفوذ، بينما يفضل المتشددون على الجانبين الحل العسكري.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».