قانونان إسرائيليان يتيحان قمع العرب والأسرى

مطالبات للحركة الإسلامية بالانسحاب من الحكومة

الشرطة الإسرائيلية تقتحم منطقة النقع في النقب وتجري عمليات تجريف في أراضي السكان (وفا)
الشرطة الإسرائيلية تقتحم منطقة النقع في النقب وتجري عمليات تجريف في أراضي السكان (وفا)
TT

قانونان إسرائيليان يتيحان قمع العرب والأسرى

الشرطة الإسرائيلية تقتحم منطقة النقع في النقب وتجري عمليات تجريف في أراضي السكان (وفا)
الشرطة الإسرائيلية تقتحم منطقة النقع في النقب وتجري عمليات تجريف في أراضي السكان (وفا)

في الوقت الذي تقوم به قوات الشرطة الإسرائيلية بعمليات هدم واسعة في منطقة النقب، صادقت الهيئة العامة للكنيست (البرلمان)، بالقراءتين الثانية والثالثة، على قانونين طرحتهما الحكومة الإسرائيلية، يقضيان بمشاركة قوات الجيش الإسرائيلي إلى جانب الشرطة بقمع مظاهرات احتجاجية في المجتمع العربي، ومشاركة قوات من الجيش بقمع الأسرى السياسيين الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
ومع النشر بأن كتلة القائمة العربية الموحدة للحركة الإسلامية الجنوبية، صوتت مع القانونين، انطلق نشطاء سياسيون في عدة أحزاب عربية يطالبون كوادرها بالضغط على قيادتهم لتنسحب من الحكومة.
وقال عضو كنيست سابق عن الحركة الإسلامية، المحامي طلب أبو عرار، في منشور على حسابه في «فيسبوك»: «ما زالت جرافات وتراكتورات الهدم والدمار وحراثة الأرض وإبادة المزروعات، مستمرة بالبلطجية والعنجهية، في أراضي النقب في مناطق النقع تحديداً. إنها حكومة عنصرية كسابقتها. فإذا لم تتوقف هذه العنصرية وهذا الدمار فلتذهب هذه الحكومة إلى مزبلة التاريخ».
وكان الكنيست قد اختتم جلسته في ساعات الفجر من يوم أمس، الثلاثاء، بالمصادقة على القانونين، بتأييد 56 نائباً، بينهم نواب القائمة الإسلامية، ومعارضة 54 نائباً. ويقضي القانون المتعلق بالسجون، بتمديد أمر الطوارئ بتعزيز قوات مصلحة السجون بوحدات من الجيش لمدة سنة. وينص القانون الثاني أيضاً على تعزيز وحدات الشرطة بقوات من الجيش، من أجل «أهداف أمنية قومية».
وعارضت «القائمة المشتركة» للأحزاب العربية، بقيادة النائب أيمن عودة، القانونين، واعتبرتهما تعزيزاً لسياسة القمع والتنكيل ضد العرب. وأبدت استهجاناً لقيام نواب عرب ويساريين من الائتلاف الحكومي، بالتصويت إلى جانب القانون «الذي بدأت في سنه حكومة بنيامين نتنياهو السابقة، وفي حينه صوت هؤلاء ضد هذه القوانين واعتبروها اعتداءً على حقوق الإنسان».
وأشارت القائمة المشتركة، بشكل خاص، إلى تصويت رئيس القائمة الموحدة، منصور عباس، تأييداً للقانونين، وأكدت، أنه «لو صوت عباس ضد القانون، كما فعلت القائمة المشتركة، لكانت النتيجة التعادل، 55:55، ولسقط القانون». وقالت: «هذا تصويت عار، لأنه يدعم قمع شبابنا المتظاهرين في اللد والمدن المختلطة، ويدعم قمع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال عبر تعزيز مصلحة السجون بقوات عسكرية. إنه ليوم أسود آخر دخلته القائمة الموحدة وتحديداً رئيسها منصور عباس عبر هذا التصويت المذل والمعيب».
رد عباس على بيان «المشتركة»، باتهامها بالكذب وقال: «نتحداكم أن تأتوا بدليل واحد على أن القانون المذكور، يسمح أو يعطي صلاحيات للجيش بالمشاركة في قمع المظاهرات لجانب الشرطة أو قمع الأسرى داخل السجون».
وربطت المشتركة بين القانونين والهجمة التي يتعرض لها عرب النقب، وقالت إن هذه الحكومة تمارس عنفاً لا يقل عدوانية وشدة عن ممارسات الحكومة السابقة. وأشارت إلى أن هناك تصعيداً عنصرياً ملحوظاً في النقب في الآونة الأخيرة، يشمل ممارسات عسكرية وإنزالات من الجو على بيوت عربية في النقب، خلال جرائم الهدم والمداهمة وخصوصاً في القرى مسلوبة الاعتراف.
وكانت وحدات تابعة للشرطة و«دائرة أراضي إسرائيل»، قد قامت يومي أمس وأول من أمس، بعمليات تجريف واسعة في منطقة النقع التي يسكن فيها نحو 30 ألف مواطن في 6 بلدات مسلوبة الاعتراف، هي المشاش، الزرنوق، بير الحمام، الرويس، الغراء وخربة الوطن. وبدأت هذه العمليات بقيام الوحدات الخاصة وفرق الخيالة، بمرافقة جرافات، يوم الاثنين، باقتحام قرية الرويس عرب الأطرش في النقب، من أجل هدم معرشات وحراثة أراضي تابعة لعائلة الأطرش.
وكانت وحدات «المستعربين» و«حرس الحدود»، قد نفذت يوم الأحد الماضي، اعتقالات أثناء اقتحام بلدة ترابين الصانع، استخدموا خلالها الرصاص الحي. وسبق هذا هدم قرية العراقيب للمرة الـ196، وقال المربي يوسف العطاونة، سكرتير الجبهة في النقب وأحد مرشحي القائمة المشتركة: «هذا التصعيد ليس وليد الصدفة بل هو تنفيذ للسياسة العنصرية التي طرحها حزب «يمينا» بزعامة نفتالي بنيت في برنامجه الانتخابي، بهدف إعادة احتلال النقب والسيطرة عليه. وهناك حملات شيطنة إعلامية مدروسة لتجريم أهل النقب. والمطلوب اليوم، هو أن يكون أهل النقب على قدر التحدي وأن يتوحدوا في مواجهة هذه السياسة العنصرية».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.