الشيف عبد العزيز المطوع يُدخل التمر في «التبولة» و«الحمص»

أول «معلِّم شاورما» سعودي... يطهوها بـ«الكشنة» المحلية

الشيف السعودي عبد العزيز المطوع (الشرق الأوسط)
الشيف السعودي عبد العزيز المطوع (الشرق الأوسط)
TT

الشيف عبد العزيز المطوع يُدخل التمر في «التبولة» و«الحمص»

الشيف السعودي عبد العزيز المطوع (الشرق الأوسط)
الشيف السعودي عبد العزيز المطوع (الشرق الأوسط)

لطالما دخل التمر في صناعة الحلويات، إلا أن دخوله عالم السلطات والمقبلات يبدو غريبًا، وهو ما دفع الشيف السعودي عبد العزيز المطوع لتجربة ذلك، قائلًا «أهم منتج زراعي في السعودية هو التمر، خصوصا لدينا في منطقة القصيم؛ لذا أدخلته في السلطات والمقبلات، فابتكرت تبولة التمر التي تعد تجربة جديدة ونقلها مني أكثر من مطعم، ففيها يتمازج الطعم المالح والحلو والحامض، لتخرج نكهة مدهشة جدًا».
ويوضح المطوع لـ«الشرق الأوسط» أن تبولة التمر عبارة عن التبولة التقليدية المكونة من البرغل الناعم والبقدونس والبصل، أضاف معها نوعا معينا من التمر الناشف والمقطع بأحجام صغيرة. ليس هذا فقط، بل يمزج المطوع أيضًا التمر مع الحمص، وهي فكرة استوحاها من طاه آخر، قائلًا «هي تجربة جديدة ورائعة جدًا، تشبه طريقة الحمص بالشمندر والحمص بالنعناع، لكننا صنعنا هذه المرة الحمص بالتمر». وأشار إلى أن إعداد هذا الطبق يتضمن دمج التمر الناعم مع خليط الحمص، حيث يأتيان في قوام واحد.
ويكاد يكون المطوع هو أول شيف سعودي باسم «معلّم شاورما»، وذلك قبل نحو ثماني سنوات، كما يوضح مضيفًا «كنت أبدأ العمل مع الفجر في المطبخ حيث أتبل وأجهز الدجاج، ثم في السابعة والنصف صباحا أبدل ملابسي وأتوجه إلى الوظيفة، ثم أخرج في الثانية ظهرًا لأعود إلى المطبخ، وأكمل تحضير دجاج الشاورما وأخرج لبيعها، حيث أستمر في الفود ترك إلى العاشرة ليلًا مع انتهاء الكمية، وكنت أنهي عملي وأنا أشعر بإرهاق شديد، مما دعاني إلى الاستقالة من الوظيفة والتفرغ لشغفي في الطهي».
يقول المطوع «الشاورما لها طريقان، إما تركي أو شامي، لكني عملت بطريقتي شيئا مختلفا، بمذاقنا نحن في السعودية، مذاق الكشنة». وتميّز المطوع بشاورما الحاشي (لحم الإبل)، وابتكر صنفًا جديدًا مستوحى من التاكو المكسيكي، حيث أطلق شاورما التاكو الأولى من نوعها، وما زال يحاول الابتكار والتطوير على المأكولات التقليدية.
ويولي المطوع أهمية بالغة بالمطبخ السعودي، الذي يطمح لأن يظهر بطريقة عصرية حديثة ويتحوّل إلى مطبخ عالمي، حيث يجتهد في ذلك من خلال تقديم الأطباق الشعبية (مثل الجريش والقرصان وغيرها) بطريقة حديثة، مع الحفاظ على النكهة التقليدية، حيث يبدو شكل الطبق شبيها بالأطباق العالمية.
وعطفًا على إدراج مدينة بريدة بمنطقة القصيم ضمن المدن المبدعة في مجال فن الطهي، من قبل اليونسكو، الشهر الماضي، يرى المطوع، وهو ابن بريدة، أن ما يميز مطبخها هو أن كل ما في البيت من خيرات يأتي طازجًا من المزرعة، مبينًا أن ذلك يشمل مختلف المنتجات من الخضراوات بجميع أنواعها وكذلك الفاكهة واللحوم وغيرها، إلى جانب القمح الذي يحضر من المزرعة ويُطحن لتُطبخ منه الأطباق القصيمية الشهيرة مثل القرصان والحنيني والتاوه وغيرها.
وعودة لعلاقة المطوع مع الطهي، فقد بدأت في سن مبكرة، حيث لم يتجاوز عمره حينها العشر سنوات، قائلًا «كنت في الصف الخامس الابتدائي، وفتحت تجربة دخولي للمطبخ وتجربتي الأولى للطبخ لي أفقًا واسعًا، مما جعلني أحب الطبخ»، مشيرًا لدعم والدته الذي ساعده على تطويره لهذه الهواية.
وكان المطوع يتساءل حينها عن كيفية استثمار موهبته في مشروع يدر عليه أرباحًا، ليبدأ وهو طالب في المرحلة الثانوية بأول مشروع تجاري له عبر حساب على تطبيق «إنستغرام» سماه (كشّنها)، علمًا أن الكشنة هي البصل المحموس مع الزيت أو الزبدة، قائلًا «الكشنة المضبوطة هي أصل الأكل اللذيذ».
انتقل المطوع بعدها إلى الطهي في مزرعة جهزها بكل ما يلزم لتحضير أكلاته، وكان يطبخ بناء على طلبات الزبائن، رغم أنه كان حينها ما يزال طالبًا في المرحلة الثانوية، واستمر بهذا العمل إلى أن التحق بالجامعة، وبعد ذلك كبر المشروع وصار يطهو للولائم الكبيرة وحفلات الأعراس والمناسبات.
وبعد الجامعة، توظف المطوع لكنه حافظ على شغفه بالطبخ، ليصبح موظفًا بالنهار وطاهيًا في المساء، وانتقل بعدها من طبخ شعبي إلى إعداد الوجبات السريعة، من خلال «فود ترك» قبل نحو 8 سنوات، قائلًا «كان الموضوع ترند على مستوى المملكة لحداثته آنذاك، ولكني خرجت عن الدارج حينها، حيث إن أغلب مشاريع الـ(فود ترك) كانت للبرغر في تلك الفترة، إلا أني تخصصت في الشاورما».
وعمل المطوع في الفنادق والمطاعم، وأخذ دورات في مجال الفندقة والمطبخ الشرقي في عدد من الدول خارج المملكة، حيث درس اللحوم وزار المصانع وأجرى عدة تجارب، وبعدها بأربع سنوات اتجه لتحضير قوائم الأطعمة وما زال في هذا المجال، إلى جانب افتتاحه مطعمًا متخصصًا للشاوما، يقدم فيه خلاصة تجاربه، كما يقول.


مقالات ذات صلة

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

مذاقات «عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات الشيف البريطاني هيستون بلومنتال (الشرق الأوسط)

9 نصائح من الشيف هيستون بلومنتال لوجبة الكريسماس المثالية

تعد الخضراوات غير المطبوخة بشكل جيد والديك الرومي المحروق من أكثر كوارث عيد الميلاد المحتملة للطهاة في وقت يقومون فيه بتحضير الوجبة الأكثر أهمية في العام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.