«أوكوس»... إعلان هزّ العالم في 2021

ترتيب التحالفات في المحيطين الهندي والهادئ

«أوكوس»... إعلان هزّ العالم في 2021
TT

«أوكوس»... إعلان هزّ العالم في 2021

«أوكوس»... إعلان هزّ العالم في 2021

التطور الأبرز على صعيد الأمن الدولي داخل آسيا عام 2021 كان الإعلان في 15 سبتمبر (أيلول) عن «أوكوس»، شراكة أمنية بين الدول الأنغلو - ساكسونية الثلاث: أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، ما شكّل مفاجأة لباقي دول العالم.
«أوكوس» هو اتفاق أمني بحري فعال من شأنه إمداد أستراليا بالتكنولوجيا الأميركية لبناء غواصات تعمل بالطاقة النووية. وأشار البعض إلى أن الصفقة تغطي تبادل المعلومات حول التكنولوجيات المرتبطة بالأمن السيبراني والذكاء الصناعي على نحو أعمق.

ما سر أهمية «أوكوس»؟

خلال عام 2021، تصاعدت حدة التنافس بين القوتين العظميين، الولايات المتحدة والصين، ووصلت إلى مستوى جديد. واتفاق «أوكوس» سيحافظ على ميزان القوى البحرية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ على المدى المنظور.
وأبدت الولايات المتحدة نيتها الحفاظ على تفوقها البحري في مواجهة التهديد الذي تشكله الصين، التي تتبع سياسات قوية على نحو متزايد. ومن خلال «أوكوس»، أظهرت أستراليا، وهي دولة محورية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، أخيراً وعلى نحو قاطع، أنها انحازت إلى جانب الولايات المتحدة في خضمّ المنافسة بين القوتين العظميين.

مَن خسر أستراليا؟

ما الذي دفع أستراليا إلى اتخاذ منعطف جذري كهذا، والاندفاع نحو المعسكر الأميركي؟ في وقت مضى، حافظت أستراليا على نهج داعم للصين في سياستها داخل آسيا، وهو موقف كان له ما يبرره في ضوء مصالحها الاقتصادية وفرصها في السوق الصينية. اليوم، أصبح لزاماً إجراء إعادة تقييم وتفكير جاد من جانب صانعي السياسات الصينيين لإعادة تقييم سلوكها تجاه الدول المجاورة.

ويولي العالم اهتماماً شديداً للمناقشات التي تدور داخل بكين، ليعرف ما إذا كان الصينيون يفكرون في نمط سلوكهم في الفترة الأخيرة، والذي تضمن في بعض الأحيان التنمر ومضايقة الدول المجاورة «الصغيرة»، الأمر الذي أثار سخط هذه الدول. حتى أكثر الشركاء الاقتصاديين المحتملين الواعدين للصين جرى إلقاء اللوم عليهم علانية واتهامهم بعدم الولاء وجرى التنديد بهم.
ويبدو تغيير السلوك مستبعداً في ضوء «القرار التاريخي» الثالث الذي اتخذه الحزب الشيوعي الصيني في 12 نوفمبر (تشرين الثاني)، ويمجد فيه إنجازات شي جينبينغ ويرفع مكانته لمستوى لم يرقَ إليه من قبل سوى زعيمين بارزين، ماو تسي تونغ ودنغ شياو بينغ. والمعروف على نطاق واسع أنّ القصد من هذه الإجراءات الاستثنائية ضمان فوزه بفترة ثالثة غير مسبوقة كقائد للحزب الشيوعي الصيني. وهذا التطور في السياسة الداخلية الصينية يجعل حتى أضعف أمل في ممارسة القادة الصينيين التأمل الذاتي وضبط النفس في تعاملهم مع الدول المجاورة، أمراً غير واقعي.

جنود صينيون خلال عرض عسكري في موسكو بمناسبة «النصر العظيم» 24 يونيو العام الماضي (إ.ب.أ)

شبكة الأطر الأمنية الصغيرة

جاء اتفاق «أوكوس» ليكمل شراكات أمنية أخرى في منطقة المحيطين الهندي والهادئ الأوسع نطاقاً، وعلى رأسها «كواد» أو مجموعة الحوار الأمني الرباعي (الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند) التي عقدت اجتماعَي قمة عام 2021، أحدهما افتراضي في مارس (آذار) والآخر واقعي في واشنطن في 24 سبتمبر. ومن المتوقع عقد الاجتماع التالي واقعياً كذلك في اليابان في الربيع المقبل.
ويشير تواتر اجتماعات القمة إلى الأهمية المركزية والطبيعة المحورية لإطار عمل «كواد» في منطقة المحيطين الهندي والهادئ في عصرها الجديد.
صيغة البلدان الأربعة تحولت إلى نموذج سائد في هذه المنطقة من العالم. والواضح أن الشراكات بين عدد قليل من الدول أصبح التوجه الجديد في العصر الحاضر، وبالأخص في مجال الأمن الدولي. ويكمل هذا التوجه المنظمات الأمنية متعددة الأطراف غير العاملة أو غير الموجودة، ويتصدى للتوجهات الانفرادية من جانب واحدة من القوتين العظميين.

الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال عرض عسكري في بكين 1 أكتوبر 2019 (رويترز)

التنافس على منطقة المحيطين الهادئ والهندي

بعد عقدين من أحداث الحادي عشر من سبتمبر، أبقت الولايات المتحدة أخيراً على مسافة مناسبة عن الشرق الأوسط، وتحول الآن تركيزها الاستراتيجي نحو منطقة المحيطين الهندي والهادئ الأوسع. في الوقت ذاته، تتجاوز دول أوروبية كبرى، مثل المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وهولندا، الشرق الأوسط وتتسابق للوصول إلى منطقة المحيطين، بحثاً عن شراكات جديدة مع القوى الإقليمية، مثل اليابان والهند وأستراليا.
واللافت أن الاتحاد الأوروبي ككتلة واحدة، لديه الآن استراتيجية جديدة رسمية تجاه هذه المنطقة أعلنها في 16 سبتمبر، أي اليوم التالي للإعلان الدرامي عن «أوكوس». وعلى الرغم من أن هذا التوقيت السيئ تسبب في مرور الإعلان من دون أن يلحظه كثيرون إلى حد كبير، فإن الوثيقة الصادرة عن الاتحاد الأوروبي تكشف عزمه تعزيز التعاون مع دول في المنطقة.

جنود من تايوان بعد تدريبات عسكرية في 14 سبتمبر الماضي (رويترز)

الشرق الأوسط ومنطقة المحيطين الهادئ والهندي عام 2022

ربما يكون التطور الأكثر استحواذاً على الانتباه خلال عام 2022، تنامي الاهتمام بمنطقة المحيطين الهادئ والهندي على نحو سيشمل حتى منطقة الشرق الأوسط، ذلك أن القوى الإقليمية في الشرق الأوسط ربما تتبع نهاية الأمر توجه التحالفات قليلة العدد على صعيد الأمن الدولي، وتزيد من التحول العالمي باتجاه هذه المنطقة. وتعد الشراكة التي يطلق عليها «كواد الشرق الأوسط» الذي يضم الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة والهند، من إرهاصات هذا التطور الذي ربما يتكشف على نحو أوضح خلال 2022.
- بروفيسور في جامعة طوكيو
- خاص بـ«الشرق الأوسط»



لافروف: على فريق ترمب أن يتحرك أولاً نحو تحسين العلاقات مع موسكو

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (د.ب.أ)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (د.ب.أ)
TT

لافروف: على فريق ترمب أن يتحرك أولاً نحو تحسين العلاقات مع موسكو

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (د.ب.أ)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (د.ب.أ)

قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، اليوم الخميس، إن روسيا مستعدة للعمل مع الإدارة الأميركية المقبلة بقيادة دونالد ترمب لتحسين العلاقات إذا كانت الولايات المتحدة لديها نوايا جادة لذلك، لكن الأمر متروك لواشنطن لاتخاذ الخطوة الأولى.

ووفقاً لـ«رويترز»، يصف ترمب، الذي سيعود رئيساً للولايات المتحدة في 20 يناير (كانون الثاني)، نفسه بأنه صانع صفقات منقطع النظير، وتعهد بإنهاء الحرب في أوكرانيا بسرعة، لكنه لم يحدد كيفية تحقيق ذلك بخلاف إقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالموافقة على وقف القتال.

وقال مبعوث ترمب إلى أوكرانيا اللفتنانت المتقاعد، كيث كيلوغ، لشبكة «فوكس نيوز»، في 18 ديسمبر (كانون الأول)، إن كلا الجانبين مستعدان لمحادثات السلام، وإن ترمب في وضع مثالي لتنفيذ صفقة لإنهاء الحرب.

وقال لافروف للصحافيين في موسكو: «إذا كانت الإشارات المقبلة من الفريق الجديد في واشنطن لاستعادة الحوار الذي قاطعته واشنطن بعد بدء عملية عسكرية خاصة (الحرب في أوكرانيا) جادة، فبالطبع سنرد عليها».

وقال لافروف وزير الخارجية لأكثر من 20 عاماً: «لكن الأميركيين قطعوا الحوار، لذا يتعين عليهم اتخاذ الخطوة الأولى».

وخلف غزو روسيا لأوكرانيا في 2022 عشرات الآلاف من القتلى، وشرد الملايين من الناس، وأثار أكبر قطيعة في العلاقات بين موسكو والغرب منذ أزمة الصواريخ الكوبية في 1962.

ويقول مسؤولون أميركيون إن روسيا دولة استبدادية فاسدة تشكل أكبر تهديد للولايات المتحدة، وتدخلت في الانتخابات الأميركية، وسجنت مواطنين أميركيين بتهم كاذبة، ونفذت حملات تخريب ضد حلفاء الولايات المتحدة.

في حين يقول مسؤولون روس إن قوة الولايات المتحدة آخذة في التدهور، تجاهلت مراراً مصالح روسيا منذ تفكك الاتحاد السوفيتي في 1991، بينما زرعت الفتنة داخل روسيا في محاولة لتقسيم المجتمع الروسي وتعزيز المصالح الأميركية.