إجراءات جديدة لدعم الليرة تربك الأتراك في ليلة الفرح والبكاء

مؤشر ثقة المستهلكين بالاقتصاد عند أدنى مستوياته

تراجع مؤشر ثقة المستهلكين في تركيا إلى أدنى مستوياته منذ بدء تسجيل البيانات في 2004 (أ.ف.ب)
تراجع مؤشر ثقة المستهلكين في تركيا إلى أدنى مستوياته منذ بدء تسجيل البيانات في 2004 (أ.ف.ب)
TT

إجراءات جديدة لدعم الليرة تربك الأتراك في ليلة الفرح والبكاء

تراجع مؤشر ثقة المستهلكين في تركيا إلى أدنى مستوياته منذ بدء تسجيل البيانات في 2004 (أ.ف.ب)
تراجع مؤشر ثقة المستهلكين في تركيا إلى أدنى مستوياته منذ بدء تسجيل البيانات في 2004 (أ.ف.ب)

عاش الأتراك على أطراف أصابعهم ليلة مثيرة بمشاعر متضاربة بين الفرح والدموع، بعدما تجمدت أعينهم أمامش الشاشات يتابعون استفاقة غير متوقعة لليرة التركية مقابل الدولار بعدما أعلن الرئيس رجب طيب إردوغان عن إجراءات جديدة لمواجهة التدهور المتواصل للعملة، وذلك بينما هبط مؤشر ثقة المستهلكين بالاقتصاد إلى أدنى مستوياته في ديسمبر (كانون الأول) الحالي.
وصعدت الليرة على الفور، أثناء مؤتمر صحافي لإردوغان ليل أول من أمس عقب ترؤسه اجتماع حكومته واستعادت نحو 20 في المائة من خسائرها التي بلغت أكثر من 58 في المائة منذ بداية العام و37 في المائة خلال الشهر الحالي وحده.
وتدريجياً تخلت الليرة عن بعض مكاسبها، في تعاملات أمس (الثلاثاء)، محققة ارتفاعاً بنسبة 15 في المائة ليجري تداولها عند مستوى يتراوح بين 12 و13.40 ليرة للدولار؛ مقابل 18.36 ليرة للدولار عند إغلاق تعاملات أول من أمس.
في الوقت ذاته، أظهرت بيانات رسمية، أمس، تراجع مؤشر ثقة المستهلكين في تركيا بنسبة 3.1 في المائة إلى 68.9 نقطة في ديسمبر (كانون الأول) الحالي، ليصل إلى أدنى مستوياته منذ بدء تسجيل البيانات في 2004.
وتراجعت الثقة إلى أدنى مستوياتها العام الماضي بسبب جائحة كورونا قبل ارتفاعها الذي بدأ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ويعكس مؤشر ثقة المستهلكين أدنى من 100 نقطة توقعات متشائمة، في حين تشير القراءة أعلى من 100 نقطة إلى التفاؤل. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تراجعت ثقة المستهلكين إلى 71.1 نقطة من 76.8 نقطة في الشهر السابق وفقا لبيانات معهد الإحصاء التركي.
وأعلن إردوغان مساء الاثنين تطبيق آلية ربط الإيداعات بالليرة مع الدولار من أجل دفع المواطنين والأجانب لتحويل الدولار إلى ليرة. وبموجب تلك الآلية سيضمن المودع بالليرة التركية الحصول على الفائدة المعلنة وهي 14 في المائة، يضاف إليها الفرق في سعر الدولار بين وقت الإيداع والسحب بشرط الاحتفاظ بالأموال بالبنك لمدة من 3 أشهر إلى 12 شهراً، بحيث يمكن التصرف في الأموال بعد 3 أو 6 أو 9 أو 12 أشهر بحسب ما ذكر وزير الخزانة والمالية نور الدين نباتي، في بيان أمس.
وقال إردوغان: «نحن نقدم بديلاً مالياً جديداً لمواطنينا الذين يريدون تخفيف مخاوفهم بشأن ارتفاع سعر الصرف أثناء تقييم مدخراتهم»، مشيرا إلى أنه سيتم استخدام أدوات جديدة داخل نظام السوق الحر لإيقاف تقلبات سعر الصرف، وسيتم خفض الضريبة المقتطعة على توزيعات الأرباح التي ستدفعها الشركات إلى 10 في المائة، كما سيتم خفض ضريبة شركات التصدير والشركات الصناعية نقطة واحدة. وأضاف أنه سيتم منح الشركات التي تجد صعوبة في تحديد الأسعار بسبب تقلبات سعر الصرف أسعار صرف آجلة من البنك المركزي، مؤكدا أن تركيا ليس لديها النية ولا الحاجة إلى اتّخاذ أدنى خطوة للتراجع عن اقتصاد السوق الحر ونظام الصرف الأجنبي، ولن تكون هناك حاجة لكي يحول المواطنون ودائعهم من الليرة التركية إلى العملات الأجنبية بحجة أن سعر الصرف سيكون أعلى.
وشدد الرئيس التركي على مواصلة حربه ضد أسعار الفائدة، قائلاً: «من الآن فصاعدا لن يكون هذا البلد جنة لأولئك الذين يضاعفون أموالهم بالفائدة، ومع خفض سعر الفائدة، سيرى الجميع كيف سيبدأ التضخم في الانخفاض في غضون بضعة أشهر».
وتوعد إردوغان من قال إنهم يستغلون الوضع الذي تمر به البلاد، مضيفا: «نحن على دراية بمكر أولئك الذين يحاولون طعن بلادهم وأمتهم في الظهر من خلال فتح مناقشات على غرار نظام الصرف»، وأكد أنه سيتم اتخاذ جميع الإجراءات ضد مستغلي الفرص بالتخزين ورفع الأسعار.
ولفت إردوغان إلى أنه سيعمل على سحب الذهب والعملات الأجنبية التي خزنها الأتراك تحت الوسائد وإدماجها في النظام الاقتصادي، قائلاً: «نعلم جميعاً أن هناك 5 آلاف طن من الذهب و280 مليار دولار مخبأة تحت الوسائد في بلادنا سنبذل جهودنا لدمجها في النظام الاقتصادي». وأضاف: «نحن لا نحسب حتى العملة تحت الوسائد... في الواقع لا يوجد حتى نقص في العملات الأجنبية لدينا، ولكن هناك وفرة. سنبدأ في جني هذه الوفرة بمجرد اختفاء الدافع لشراء العملات... الاستثمارات تتزايد، وندعو كل شخص لديه أموال لأن يستثمر في تركيا... عجز حسابنا الجاري آخذ في النقصان وتظل مواردنا المالية العامة قوية... أولئك الذين سجنوا بلادنا لقرون في الصحافة، لن يكونوا قادرين على إعادة التاريخ».
وقال رئيس جمعية البنوك التركية، إن أكثر من مليار دولار بيعت في الأسواق عقب تصريحات إردوغان، وفقا لحسابات 3 مصرفيين، وتم تحويل مدخرات تصل إلى 1.5 مليار دولار إلى الليرة ليلة الاثنين.
وعلقت بورصة إسطنبول تعاملاتها، بشكل مؤقت أمس، بعد أن تجاوزت خسائرها مؤشرها نسبة 5 في المائة. وقالت، في بيان، إنه تم تنشيط نظام قطع الدوائر الكهربائية المرتبط بالمؤشر، في جميع البنود في سوق الأسهم ببورصة الأوراق المالية، والعقود القائمة على الأسهم ومؤشرات الأسهم المتداولة في سوق العقود الآجلة والخيارات، بجانب سوق إعادة شراء حقوق الملكية في سوق الأوراق المالية للديون.
ونظام قاطع الدوائر الكهربائية، هو النظام الذي يحمي المستثمرين من التقلبات المفاجئة في الأسعار حتى لا يتأثرون بشكل سلبي بتقلبات الأسعار التي تتجاوز الحدود المقررة، وعندما تكون هناك زيادة بنسبة 10 في المائة أو انخفاض بنسبة 5 في المائة في سعر المؤشر، يتدخل قاطع الدائرة ويلغي جميع الأوامر.
وتكبد ملايين الأتراك، الذين تدافعوا في الأسابيع الماضية إلى شراء الدولار خسائر ضخمة بعد الهبوط غير المتوقع، بينما عبر من يحتفظون بأموالهم بالليرة التركية عن سعادته بالإجراءات الجديدة التي ستزيد من مكاسبهم بعد خفض سعر الفائدة من 19 إلى 14 في المائة، فيما سيطر الارتباك على الأسواق وتدافع الملايين إلى شراء الذهب أمس بعد تراجع أسعاره من أجل تعويض هبوط أسعار العملات الأجنبية.
وحذر رئيس قسم الاقتصاد بجامعة بيلكنت في أنقرة، رفعت جوركايناك من أنه يمكن أن تكون هناك عواقب وخيمة للإجراءات التي نفذها إردوغان. وقال كبير محللي السوق في آسيا والمحيط الهادئ، جيفري هالي، إنه لا يزال من غير الواضح كيف ستنفذ الحكومة الإجراءات الجديدة.



شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.