إيران تلوّح برد عسكري على أي هجوم إسرائيلي محتمل

غانتس دعا إلى التحرك ضد طهران... و«الحرس الثوري» يبدأ تدريبات في مياه الخليج

جانب من تدريبات «الحرس الثوري» في مياه الخليج أمس (تسنيم)
جانب من تدريبات «الحرس الثوري» في مياه الخليج أمس (تسنيم)
TT

إيران تلوّح برد عسكري على أي هجوم إسرائيلي محتمل

جانب من تدريبات «الحرس الثوري» في مياه الخليج أمس (تسنيم)
جانب من تدريبات «الحرس الثوري» في مياه الخليج أمس (تسنيم)

لوحت إيران برد «ساحق» على أي تحرك إسرائيلي ضدها، بينما بدأت قوات «الحرس الثوري» أمس، تدريبات عسكرية قرب منشأة بوشهر النووية، قبالة الخليج العربي لمدة خمسة أيام. ومن جهة ثانية، قال وزير الدفاع الإسرائيلي إن إيران تعاني من مشكلات في الداخل والخارج، لافتاً إلى أن هذا الوقت يمثل فرصة للعالم للتحرك ضدها.
وحذر قائد غرفة عمليات الأركان الإيرانية، الجنرال غلام علي رشيد أمس، «إذا أخذت التهديدات الإسرائيلية منحى عملياً، فإن قواتنا المسلحة ستهاجم على الفور جميع المراكز والقواعد والطرق والمواقع التي استخدمت لتنفيذ الاعتداء، وفقاً للخطط العملياتية التي جرى التدرب عليها». وأضاف «أي تهديد للمواقع النووية والقواعد العسكرية الإيرانية من قبل النظام الصهيوني (إسرائيل) لن يكون ممكناً بدون وجود ضوء أخضر من أميركا».
وبدأت قوات «الحرس الثوري»، أمس مناورات تستمر لخمسة أيام قبالة شواطئها على الخليج العربي، وحتى مضيق هرمز، بمشاركة وحدات من القوات البرية والبحرية والجوية وميليشيا الباسيج.
وسمع دوي إطلاق نيران المضادة للطائرات أمس قرب محطة بوشهر للطاقة النووية، وقالت السلطات إنها بسبب تدريبات للدفاع الجوي.
وقال نائب محافظ بوشهر محمد تقي إيراني لوسائل إعلام رسمية إيرانية «أجريت هذه التدريبات في الخامسة صباحاً بالتوقيت المحلي في ظل استعداد وتنسيق كاملين مع القوات المسلحة»، حسب رويترز.
تأتي المناورات في محيط منشأة بوشهر، بعد مناورات مماثلة قرب منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم، في وقت سابق من الشهر. وأعلنت الدفاعات الإيرانية، إطلاق وحداتها صاروخاً في إطار تدريب عسكري بعدما وردت معلومات عن انفجار كبير فوق مدينة نطنز بوسط البلاد.
واتهمت إيران إسرائيل بشن عدة هجمات على منشآت مرتبطة ببرنامجها النووي، بما في ذلك هجوم في أبريل (نيسان) على موقع نطنز ويونيو (حزيران) على ورشة «تسا» في مدينة كرج، وقتل علمائها النوويين على مدى السنوات الماضية. وأحجمت إسرائيل عن نفي أو تأكيد هذه المزاعم.
وتعارض إسرائيل جهود القوى العالمية لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مع إيران وهددت مراراً بشن عمل عسكري ضد إيران عدوها اللدود إذا أخفقت الدبلوماسية في منعها من حيازة قنبلة نووية.
في تل أبيب، دعا وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس إلى اغتنام «الفرصة» لـ«التحرك» ضد إيران، مشيراً إلى أنها تعاني من مشكلات داخلية وخارجية.
ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عنه القول إن الفرصة مواتية للعالم لاتخاذ تحرك ضد إيران، وقال إن «إيران ليست قوة عظمى... ومواطنوها يعانون من وضع اقتصادي صعب... وتراجع الاستثمار والتنمية بها في نصف العقد الأخير، كما أن لديها الكثير من المشاكل الداخلية والخارجية».
ولفت غانتس إلى أن «إسرائيل بنت قوتها، خلال العام ونصف العام الأخيرين، واشترت وسائل جديدة للحفاظ على تفوقها الأمني في المنطقة في مواجهة كل التهديدات»، على ما أفادت وكالة الأنباء الألمانية.
والأحد، كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» عن انقسام في الأوساط العسكرية الإسرائيلية، حول قدرة الجيش الإسرائيلي على توجيه ضربات للمنشآت النووية، في عمق الأراضي الإيرانية، وذلك بعدما أعلن غانتس خلال زيارة إلى الولايات المتحدة الشهر الجاري، أنه أصدر الأوامر بالإعداد لهجوم عسكري محتمل على إيران.
وبحسب التقرير، يعتقد العديد من المسؤولين العسكريين الإسرائيليين والخبراء إن إسرائيل تفتقر إلى القدرة على شن هجوم يقضي بشكل كامل على البرنامج الإيراني. وقال مسؤول أمني إن التحضير لهجوم يلحق أضرار كبيرة بالمشروع الإيراني قد يستغرق عامين، بينما يرى الخبراء ومسؤولون أن توجيه ضربة محدودة النطاق تضر بإجراء من البرنامج الإيراني «سيكون ممكناً قريباً».
وفي سبتمبر (أيلول)، قال قائد الجيش الجنرال أفيف كوخافي، إن جزءاً كبيراً من زيادة الميزانية العسكرية قد خُصص للتحضير لشن هجوم على إيران. وقبل أسابيع، قال ديفيد بارنيا، رئيس جهاز «الموساد»، إن إسرائيل سوف تبذل «كل ما يلزم» لمنع إيران من إنتاج قنبلة نووية.
وطلبت إسرائيل شراء 8 طائرات «كيه سي 46» من شركة «بوينغ» بتكلفة قدرها 2.4 مليار دولار، لكن من غير المرجح حصول إسرائيل حتى على طائرة جديدة منها قبل أواخر عام 2024.
والأسبوع الماضي، نشرت صحيفة «طهران تايمز» خريطة للأهداف المفترضة في الأراضي الإسرائيلي، في مقال تحت عنوان «خطوة خاطئة واحدة»، ويحذر إسرائيل من الرد الإيراني المماثل على أي هجوم يستهدف المنشآت النووية الإيرانية.
والسبت الماضي، كتب وكالة «نور نيوز» التابعة للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني على تويتر أن معلومات تشير إلى أن إسرائيل «تدرس القيام بأعمال شريرة ضد إيران»، واصفة النظام في إسرائيل بأنه «الشريك الاستراتيجي للولايات المتحدة والدول الغربية التي تتفاوض في فيينا». وتابعت: «من المؤكد أن مثل هذه الأحداث (في إشارة إلى التحضير للهجوم الإسرائيلي المزعوم)، إلى جانب تأثيرها السلبي على علاقات إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، ستطال (أيضاً) أميركا».
ولم تحرز المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة لإحياء الاتفاق النووي تقدما يذكر منذ استئنافها الشهر الماضي للمرة الأولى منذ انتخاب الرئيس الإيراني المتشدد إبراهيم رئيسي في يونيو.
ومن المتوقع أن تستأنف المحادثات هذا العام، حيث حدد بعض المسؤولين يوم 27 ديسمبر (كانون الأول) كموعد مبدئي لذلك. وكان اتفاق عام 2015 قد رفع العقوبات المفروضة على طهران مقابل فرض قيود صارمة على الأنشطة النووية الإيرانية تهدف إلى إطالة الوقت الذي تحتاجه طهران للحصول على ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع قنبلة نووية، إذا اختارت ذلك، إلى عام كحد أدنى مقارنة بما يقرب من شهرين إلى ثلاثة أشهر الآن. ورداً على سياسة «الضغوط القصوى» التي انتهجها الرئيس السابق دونالد ترمب، بدأت إيران عام 2019 في انتهاك القيود النووية المنصوص عليها في الاتفاق والمضي قدما في تصعيد أنشطتها النووية.



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.