«هيومان رايتس ووتش» تتهم النظام السوري باستخدام السلاح الكيماوي في إدلب

الخارجية السورية: فرنسا زيفت الحقائق للتغطية على إجرام «الإرهابيين»

«هيومان رايتس ووتش» تتهم النظام السوري باستخدام السلاح الكيماوي في إدلب
TT

«هيومان رايتس ووتش» تتهم النظام السوري باستخدام السلاح الكيماوي في إدلب

«هيومان رايتس ووتش» تتهم النظام السوري باستخدام السلاح الكيماوي في إدلب

اتهمت منظمة «هيومان رايتس ووتش» النظام السوري باستخدام السلاح الكيماوي في سلسلة هجمات استهدفت محافظة إدلب بالتزامن مع سيطرة قوى المعارضة على المدينة نهاية الشهر الماضي، فيما أكد «مكتب أخبار سوريا» مقتل أكثر من 15 مدنيا وإصابة العشرات في قصف شنّه الطيران الحربي على سوق الخضار وسط مدينة إدلب يوم أمس الثلاثاء. جاء هذا في الوقت الذي اتهمت فيه الخارجية السورية، أمس، الحكومة الفرنسية بـ«تزييف الحقائق للتغطية على إجرام الإرهابيين». جاء ذلك ردا على بيان للخارجية الفرنسية أدانت فيه سقوط ضحايا في حلب وإدلب جراء قصف القوات السورية لهذه المدن بالبراميل المتفجرة، إضافة
إلى حصار قوات النظام لمخيم اليرموك بدمشق الذي يشهد اشتباكات منذ مطلع الشهر الحالي.
وقالت «هيومان رايتس ووتش»، وهي منظمة حقوقية مقرها نيويورك، إنّها تمتلك «أدلة قوية» على استخدام قوات النظام السوري «مواد كيماوية سامة» خلال شنها هجمات عدة استهدفت محافظة إدلب في الفترة الممتدة بين 16 و31 مارس (آذار) الماضي، بـ«خرق لاتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية ولقرار صادر عن مجلس الأمن الدولي»، في إشارة إلى القرار 2209 القاضي بتجريم استخدام السلاح الكيميائي في سوريا.
واستهدفت الهجمات مناطق خاضعة لسيطرة مجموعات المعارضة المسلحة في إطار المعارك التي دارت للسيطرة على مدينة إدلب.
وأشارت «هيومان رايتس ووتش» إلى تحقيقات أجرتها حول ست هجمات ألقت خلالها المروحيات التابعة للحكومة السورية براميل متفجرة تحتوي على أسطوانات غاز، قال سكان محليون إنها تضم مواد كيماوية.
وتتطابق نتائج تحقيقات المنظمة مع ما كان قد أعلنه المرصد السوري لحقوق الإنسان في 17 مارس والذي تحدث وقتها عن «مقتل ستة مواطنين هم رجل وزوجته وأطفاله الثلاثة ومواطنة أخرى، وإصابة العشرات بحالات اختناق، جراء قصف بالبراميل المتفجرة استهدف بلدة سرمين في ريف إدلب الجنوبي الشرقي».
وفي حين أعلنت «هيومان رايتس ووتش» أنها «لم تتمكن بشكل قاطع من تحديد المادة الكيماوية المستخدمة»، قالت إن شهودا كثيرين من أطباء ومسعفين وصفوا رائحة غاز الكلور بـ«القوية». وأشارت إلى أن ثلاثة أطباء عالجوا الضحايا في موقعين تعرضا للقصف بالبراميل المتفجرة، أفادوا المنظمة بأن العوارض تضمنت «صعوبة في التنفس وحرقة في العينين والحلق والسعال، ضيق التنفس الشديد والقيء».
وطالت الهجمات في إدلب وفق المنظمة 206 أشخاص على الأقل، بينهم عشرون من عناصر الدفاع المدني.
واعتبر نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة نديم حوري، أن «السلطات السورية تتجاهل مجددا وبشكل تام المعاناة الإنسانية من خلال خرقها للحظر العالمي على استخدام الأسلحة الكيميائية»، ودعا مجلس الأمن والدول الموقعة على معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية إلى الرد بقوة على هذا الخرق.
وأعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في وقت سابق أنّها تحققت حتى الآن من تدمير 98 في المائة من ترسانة الأسلحة التي أعلنت عنها سوريا في وقت سابق، ولم يتبق سوى 29 طنا متريا من فلوريد الهيدروجين من المقرر تدميرها في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
ونقلت الوكالة السورية للأنباء (سانا) الرسمية عن مصدر رسمي في وزارة الخارجية، قوله إن «الحكومة الفرنسية تؤكد مرة جديدة على تحالفها مع التنظيمات الإرهابية التكفيرية في سوريا». وأوضح المصدر أنه فيما يتعلق بتباكي الحكومة الفرنسية على الوضع الإنساني في مخيم اليرموك (للاجئين الفلسطينيين)، فإن الحكومة السورية تقوم بكل ما يترتب عليها لتقديم كل أشكال المساعدات لسكان المخيم السوريين والفلسطينيين على حد سواء.
واعتبر المصدر أن سياسات الحكومة الفرنسية هي نتاج العقلية الاستعمارية المتأصلة والتي تتخذ من مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان ستارا لتغطية أهدافها الرخيصة على حساب معاناة الشعوب، وبالتالي فإنها تفقد أي مصداقية عندما تتحدث عن هذه المثل.
هذا واستمرت يوم أمس حملات النظام الجوية على محافظة إدلب، إذ أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بإلقاء الطيران المروحي عدة براميل متفجرة على بلدة سراقب بريف إدلب، ومناطق أخرى في بلدتي ابلين واحسم وقرية بسامس بجبل الزاوية. كما قصف الطيران مناطق في بلدة كورين بريف إدلب، ونفذ غارتين على مناطق في بلدة سرمين ومدينة بنِّش بريف إدلب، وغارات أخرى على مناطق في أطراف بلدة الهبيط.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».