تسارعت الأحداث في العاصمة الليبية، طرابلس، على نحو غير مسبوق، بعدما سيطرت ميليشيات مسلحة لساعات على مقرات السلطة الانتقالية في البلاد، إثر تحرك عسكري مفاجئ أعقب إقالة عبد الباسط مروان من منصبه كقائد لمنطقة طرابلس العسكرية. فيما أكد أحد أعضاء المفوضية العليا للانتخابات أن الاستحقاق الانتخابي المقرر إجراؤه الأسبوع المقبل سيؤجل.
وعاد الهدوء أمس، بعد انتشار عسكري وأمني مكثف وتحركات غير معتادة للميليشيات المسلحة في مختلف أرجاء العاصمة، بينما التزم رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ورئيس حكومة «الوحدة الوطنية» عبد الحميد الدبيبة الصمت حيال هذه التطورات، التي تعد الأعنف من نوعها منذ تسلمهما السلطة في مارس (آذار) الماضي.
وكان المنفي، وهو القائد الأعلى للجيش الليبي، أعفى في وقت سابق من مساء أول من أمس، اللواء مروان من منصبه، وعين مكانه العميد عبد القادر منصور، المقرب من «عملية بركان الغضب» التي تشنها القوات الموالية للحكومة، بعد ترقيته استثنائياً إلى رتبة لواء.
وقال المركز الإعلامي للحكومة، إن منصور باشر عمله بمعسكر التّكبالي حيث التقى بالضباط وضباط الصف والجنود التابعين «للواء 444 قِتال»، وحضهم على مواصلة العمل وبذل المزيد من الجهود من أجل فرض الأمن والقضاء على التّهريب وأوكار الجريمة.
لكن سرعان ما اندلعت اشتباكات مسلحة في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس، بين حرس المجلس الرئاسي ومسلحين حاولوا مهاجمة مقره في العاصمة طرابلس. وسمع دوي إطلاق نار بالأسلحة الثقيلة بطريق الشط في المدينة، وسط تحركات للميليشيات المسلحة في مناطق متفرقة منها.
وظهرت تحشيدات ضخمة للميليشيات بالقرب من وزارة الدفاع وسط العاصمة، كما تمت محاصرة مقر رئاسة الحكومة، وترددت معلومات عن إخلاء بعض المقرات الحكومية بطرابلس ونقل المنفى وأعضاء المجلس الرئاسي إلى مكان آمن بعد حصار مقر المجلس. لكن مصادر مقربة من المنفى أكدت أمس أنه يتابع أعماله بشكل طبيعي بمقر إقامته بطرابلس. وبحسب مصادر غير رسمية، فقد طلب المنفي من قوة عسكرية وبعض الأجهزة الأمنية حماية منزله تحسباً لأي هجوم على عائلته بعد تعرضه لتهديدات.
وسيطرت بعض الميليشيات المسلحة على كل الطرق المؤدية لمقرات الحكومة والمجلس الرئاسي في طرابلس، وانتشرت الآليات المسلحة حولهم، بينما تردد أن قوات تتحرك بتعزيزات عسكرية كبيرة من قاعدة براك الشاطئ باتجاه طرابلس.
وكان صلاح بادي، قائد ما يعرف باسم «ميليشيات الصمود» المنتمي إلى مدينة مصراتة في غربي البلاد، حرض على محاصرة مقرات السلطة الانتقالية رفضاً للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة.
وقال بادي عقب ساعات فقط من زيارة مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا ستيفاني ويليامز إلى مدينة مصراتة أول من أمس: «لن تكون هناك انتخابات رئاسية طالما (الرجال) موجودون، واتفقت مع (الرجال) لإغلاق كل مؤسسات الدولة في طرابلس... لن نرضى بالانتخابات بهذه الطريقة، الأمور ستتغير من هذه الساعة، وسنتخذ القرار أولاً، نحن لسنا من يعلن بياناً وينام في بيته، اتفقنا على قرار بسيط سوف يقلب الأمور رأساً على عقب».
وهدد بادي في تسجيل مصور بأنه «لن تكون هناك انتخابات رئاسية» كما هاجم ستيفاني.
ونفى مصدر حكومي ما يتم تداوله بشأن عملية عسكرية سريعة ودقيقة لتنفيذ انقلاب في طرابلس، ووصفها بمعلومات مفبركة ومزيفة. كما قلل مسؤول عسكري لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» من أهمية الانتشار العسكري، ونفى أنباء عن محاصرة مواقع حكومية، مؤكداً أن القوات التي نُشرت تابعة لوحدات عسكرية بوزارتي الدفاع والداخلية، هي ذاتها التي تقوم بتأمين هذه المقرات.
وكشفت وسائل إعلام محلية النقاب أن ويليامز أوصت بمنع 20 عسكرياً شاركوا في اقتحام مقر الحكومة، من السفر خارج البلاد.
وكانت ويليامز أعلنت أنها التقت مساء أول من أمس مجموعة من القيادات العسكرية وأمراء الكتائب المسلحة بمصراتة، وأن اللقاء كان ودياً وتميزت المداخلات بلغة التهدئة وتغليب الحلول السياسية.
وعقدت اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» اجتماعاً لها بمقرها في مدينة سرت أمس، بمشاركة ويليامز وعدد من المراقبين المحليين والدوليين، لاستكمال ما تم التوصل إليه خلال جولتهم الأخيرة الخاصة بإجلاء القوات الأجنبية والمرتزقة.
وستناقش اللجنة بحضور عدد من مندوبي الدول الراعية لوقف إطلاق النار عبر تقنية الفيديو، إخراج «المرتزقة» ونزع الألغام وتبادل المحتجزين.
وقال عضو اللجنة مراجع العمامي إن اللجنة ستعقد لاحقاً اجتماعاً عبر الدائرة المغلقة مع «مجموعة برلين»، لمناقشة النتائج وآخر المستجدات.
ومع ذلك، فقد اتهمت مصادر في القوات الموالية للحكومة «الجيش الوطني» بتحشيد قواته في مدينة سبها بجنوب البلاد، عقب الاشتباكات التي اندلعت مؤخراً بين الطرفين، وأسفرت عن سقوط 7 أشخاص ما بين قتيل وجريح.
وفي شأن آخر، وفي سابقة هي الأولى من نوعها، قال مجلس النواب إن نائب رئيسه المُكلف فوزي النويري، الذي يترأس وفداً رسمياً من أعضاء المجلس، ناقش مساء أول من أمس، مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في أنقرة، وقف التدخلات الخارجية في الشأن الليبي وسُبل تحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا والمنطقة.
في المقابل، أبلغ عضو مفوضية الانتخابات أبو بكر مردة وسائل إعلام محلية بأن إجراء الانتخابات في موعدها بات من الماضي، في إشارة إلى حتمية تأجيلها.
تحرك مفاجئ للميليشيات في طرابلس يربك المشهد الليبي
عقب الإطاحة بقائد عسكري ووسط كلام عن حتمية تأجيل الانتخابات
تحرك مفاجئ للميليشيات في طرابلس يربك المشهد الليبي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة