طهران تراهن على «الالتفاف» حول العقوبات

تتمسك بالمقترحات التي قدمتها في فيينا

صورة نشرتها الرئاسة الإيرانية من مؤتمر مبعوثي وزارة الخارجية في طهران أمس
صورة نشرتها الرئاسة الإيرانية من مؤتمر مبعوثي وزارة الخارجية في طهران أمس
TT

طهران تراهن على «الالتفاف» حول العقوبات

صورة نشرتها الرئاسة الإيرانية من مؤتمر مبعوثي وزارة الخارجية في طهران أمس
صورة نشرتها الرئاسة الإيرانية من مؤتمر مبعوثي وزارة الخارجية في طهران أمس

أبدى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي تمسكاً في مقترحات قدمتها إيران إلى أطراف الاتفاق النووي في فيينا الأسبوع الماضي، مشيراً إلى الاتفاق في متناول اليد إذا لدى الطرف الآخر إرادة لرفع العقوبات.
وصرح رئيسي في المؤتمر السنوي للسفراء الإيرانيين أن المسودتين من المقترحات الإيرانية في مفاوضات فيينا «تظهر جديتنا في المفاوضات، وإذا الطرف الآخر مصمم للوصول إلى الاتفاق فإن الطريق سلس»، بحسب ما أورد موقع الرئاسة الإيرانية.
وجاءت تصريحات المسؤول الإيراني وسط تباين كبير بين الدبلوماسيين بشأن المفاوضات التي استؤنفت الخميس. ونسبت رويترز إلى مصدر أوروبي طلب عدم ذكر هويته أول من أمس أن إيران وافقت على استئناف المحادثات من حيث توقفت في يونيو (حزيران)، ونفى كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين علي باقري كني ذلك.
وطالب الرئيس الإيراني الجهاز الدبلوماسي بمتابعة خطوتين، الأولى «إبطال مفعول العقوبات» والثانية «اتخاذ إجراءات لرفع العقوبات». وقال إن العقوبات «تستهدف الاقتصادية، استراتيجية الأعداء أن نبقى تحت مظلة العقوبات». وأضاف «استراتيجيتنا هي إفشال العقوبات».
ويستخدم المسؤولون الإيرانيون مصطلحات «إبطال مفعول» و«إجهاض» العقوبات، للإشارة غير المباشرة للمحاولات الإيرانية في الالتفاف على العقوبات الدولية والأميركية. وهي السياسة التي طالب «المرشد» الإيراني، علي خامنئي، الحكومة السابقة بمنحها الأولوية، بموازاة المحاولات الدبلوماسية لرفع العقوبات.
وشكك رئيسي في أطراف الاتفاق النووي، دون أن يتطرق إلى أسماء، وصرح: «يقول البعض إنهم لن يتفاوضوا، وليس لديهم خطط، إنهم غير جادين». وقال أيضاً إن «أغلب العقوبات تستهدف الصناعة النووية، والفضائية والعسكرية، لكننا حققنا تقدماً جيداً للبلاد، في حين تعاني الصناعات الأخرى من مشكلات كثيرة».
ووصف رئيسي إقامة العلاقات مع الجيران بـ«الحركة الاستراتيجية» لبلاده. وأشار إلى «الموقع المحوري» لدول الجوار في «بيان الخطوة الثانية للثورة»، وهي السياسة التي يطالب «المرشد» الإيراني بتطبيقها لأربعين سنة مقبلة في البلاد، وقال: «نحتاج إلى تحول كبير لتعويض النواقص». وأمر الوزارة الخارجية بوضع خريطة طريق عملية للتعاون المستدامة مع دول المنطقة خصوصاً دول الجوار.
ومن جانبه، قال وزير الخارجية، حسين أمير عبداللهيان: «نستخدم كل خبرتنا الدبلوماسية لرفع العقوبات». وأضاف «أوكلت مهمة حساسة للجهاز الدبلوماسي في مجال إبطال مفعول العقوبات، وإلغائها»، حسبما نقلت عنه وكالة «مهر» الحكومية.
بدوره، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده عن «أخبار سارة» في مجال «إبطال مفعول العقوبات» في الأيام المقبلة. وقال للتلفزيون الرسمي على هامش مؤتمر السفراء الإيرانيين، المقام في طهران لمدة خمسة أيام إن «هناك انفراجة في المجال البنكي والمالي حدث عبر التعاون والتفاعل مع دول الجوار». وأضاف «بموازاة مفاوضات فيينا من أجل إلغاء ورفع العقوبات، سنتقدم بموضوع إبطال مفعول العقوبات».
ونقلت وكالات رسمية عن خطيب زاده قوله إن وثيقة التعاون الشامل لمدة 20 عاماً «أصبحت شبه جاهزة»، وأضاف أن الخارجية «ستطلب الإذن اللازم من مجلس الوزراء للتفاوض بشأن ذلك».
كما كشف خطيب زاده عن خطط لدى الوزارة الخارجية الإيرانية، لتوقيع «اتفاقيات تعاون» و«خريطة طريق» لمدة 20 عاماً مع أغلب دول الجوار. وقال للتلفزيون إن «سياسة حسن الجوار، أولوية الحكومة الجديدة»، وأشار إلى مشاركة إبراهيم رئيسي في قمة التعاون الاقتصادي «إيكو» التي أقيمت نهاية الشهر الماضي في تركمانستان. وقال خطيب زاده إن التجارة مع طاجيكستان «تضاعفت بنسبة ضعفين ونصف إلى ثلاثة أضعاف»، خلال 100 يوم الأولى من تولي رئيسي. وأضاف «أولويتنا في الوزارة الخارجية والسفراء الإيرانيين إقامة علاقات اقتصادية مستدامة مع دول الجوار».



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.