غضب في روسيا بعد الحظر الأوكراني لرموز العهد السوفياتي

كييف أقرت تفكيك نصب تذكارية وتغيير أسماء بلدات.. والسجن لمن يعزف النشيد القديم

عمال البلدية يزيلون نصبًا تذكاريًا يعود للفترة السوفياتية في خاركيف أمس بعد تصويت البرلمان الأوكراني على القوانين الجديدة (أ.ف.ب)
عمال البلدية يزيلون نصبًا تذكاريًا يعود للفترة السوفياتية في خاركيف أمس بعد تصويت البرلمان الأوكراني على القوانين الجديدة (أ.ف.ب)
TT
20

غضب في روسيا بعد الحظر الأوكراني لرموز العهد السوفياتي

عمال البلدية يزيلون نصبًا تذكاريًا يعود للفترة السوفياتية في خاركيف أمس بعد تصويت البرلمان الأوكراني على القوانين الجديدة (أ.ف.ب)
عمال البلدية يزيلون نصبًا تذكاريًا يعود للفترة السوفياتية في خاركيف أمس بعد تصويت البرلمان الأوكراني على القوانين الجديدة (أ.ف.ب)

ردت موسكو بغضب أمس على إقرار البرلمان الأوكراني لعدة قوانين تنص على حظر رموز العهد السوفياتي وتعتبر النظامين السوفياتي والنازي متساويين وتحظر أي إنكار علني «لطابعهما الإجرامي».
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان إن «كييف استخدمت أساليب توتاليتارية عبر شن هجوم على حرية التعبير والرأي والضمير». وأضاف البيان أن «السلطات الأوكرانية تحاول بمساواتها بين المعتدين الفاشيين والجنود الذين قاتلوا الفاشية محو الذاكرة الجماعية لملايين الأوكرانيين». وقالت موسكو إن كييف تنتهك بذلك حتى واجباتها الدولية عبر «تمجيدها» مقاتلي «جيش العصيان الأوكراني» المثير للجدل، وذلك باعتبار أفراده «مقاتلين من أجل استقلال أوكرانيا». وكان «جيش العصيان الأوكراني» قاتل الجيش السوفياتي لكنه تعاون مع النازيين قبل الانقلاب عليهم. وتاريخه يثير استياء في شرق أوكرانيا القريب من روسيا وفي روسيا نفسها.
ونصت القوانين الجديدة التي أقرها البرلمان الأوكراني على تفكيك كل النصب التي أقيمت تكريمًا للمسؤولين السوفيات وتغيير أسماء بلدات أو شوارع أو مؤسسات تشير بشكل ما إلى الشيوعية. وفي حال انتهاكها هذا القانون الذي يفترض أن يوقعه الرئيس بيترو بوروشينكو، ستحظر المنظمات والأحزاب المعنية مما يعرض وجود الحزب الشيوعي الأوكراني للخطر. وينص القانون الجديد على عقوبة السجن لمدة يمكن أن تصل إلى 10 سنوات لمن يدانون بإنتاج أو نشر رموز سوفياتية أو نازية، وخصوصًا عزف النشيد الوطني السوفياتي.
ولقيت القوانين ترحيبًا كبيرًا في كييف، حيث يعتبر كثيرون أن هذه الخطوة كان يجب أن تتخذ في 1991 كما حدث في دول البلطيق التي كانت جمهوريات سوفياتية أيضًا، وبولندا التي كانت في الكتلة الشيوعية وأقرت تشريعات مماثلة.
وأقدم مجهولون على إسقاط تماثيل 3 قادة شيوعيين الليلة قبل الماضية في خاركيف، المدينة الصناعية الكبيرة الناطقة بالروسية في شرق أوكرانيا. وظهر في تسجيل فيديو تم بثه على قناة لناشطين موالين لأوكرانيا على موقع «يوتيوب» تفكيك تماثيل 3 من القادة البلاشفة. وفي كل مرة تسلق شبان ملثمون التمثال وثبتوا كابلاً مربوطًا بشاحنة في رأسه، وبعدها قامت الشاحنة بسحبه حتى إسقاطه. وتابعت الشرطة الشبان وهم يسقطون التماثيل من دون أن تتدخل في هذه المدينة التي يسكنها 1.4 مليون نسمة وتعد كبرى مدن المنطقة الحدودية للقطاعات الانفصالية الموالية لروسيا في لوغانسك ودونيتسك.
وعند انهيار الاتحاد السوفياتي في 1991، تم تحطيم وإزالة نصب سوفياتية كثيرة مثل تمثال فيليكس دجيرزينسكي، مؤسس الاستخبارات السابقة «تشيكا» التي كان وريثها جهاز الاستخبارات السوفياتي (كي جي بي). وكان هذا التمثال يقع في ساحة لوبيانكا في موسكو مقابل مقر الاستخبارات الروسية الحالية. لكن في روسيا لم تتخذ أي قرارات حول الإرث السوفياتي، حتى أن الرئيس الحالي فلاديمير بوتين الذي كان يعمل في الاستخبارات السوفياتية أعاد منذ وصوله إلى السلطة عام 2000 النشيد الوطني السوفياتي (الذي بات محظورًا في أوكرانيا) بعد تعديل كلماته. ولم تكف روسيا عبر قناتها التلفزيونية العامة عن تأكيد أن القيادة الجديدة الموالية للغرب في أوكرانيا والتي حملتها إلى السلطة حركة شعبية طردت قبل عام الرئيس الموالي لموسكو فيكتور بانوكوفيتش، تتألف بمعظمها من الفاشيين.
وقال فاديم كاراسيوف مدير معهد الاستراتيجيات الشاملة في كييف إن هذه القوانين أقرت «ردًا على حملة الدعاية» التي يقوم بها الكرملين. لكن محللين آخرين في أوكرانيا يحذرون من نتائج قراءة سياسية للتاريخ والهوية المعقدة للبلاد، بينما تشهد منذ عام حربًا أسفرت عن سقوط 6 آلاف قتيل في مناطق الشرق الموالي لروسيا حيث ما زال جزء كبير من السكان متمسكين بالإرث السوفياتي. وقال المحلل السياسي المستقل فولوديمير فيسينكو إن «هذا القانون متطرف جدًا» ويمكن أن يؤجج «التوتر خصوصًا في الشرق والجنوب» حيث يغلب الحنين إلى الاتحاد السوفياتي. كما قال ديفيد ماربلز الذي يدير برنامج دراسات عن أوكرانيا في جامعة البرتا الكندية، في مدونة إنه «خطأ فادح وأقرب إلى حكم بالإعدام (لكييف) حيال شرق البلاد، حيث تغلب رواية مختلفة تماما عن القرن العشرين».



ميلي يدعو من روما إلى إقامة تحالف يميني عالمي

ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
TT
20

ميلي يدعو من روما إلى إقامة تحالف يميني عالمي

ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)

دعا الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي إلى توحيد قوى اليمين العالمية في منظمة جامعة لـ«محاربة اليسار والاشتراكية، تكون مثل الكتائب الرومانية قادرة على دحر جيوش أكبر منها».

جاء ذلك في الخطاب الناري الذي ألقاه، مساء السبت، في روما، حيث لبّى دعوة رئيسة الحكومة الإيطالية جيورجيا ميلوني، ليكون ضيف الشرف في حفل اختتام أعمال المهرجان السياسي السنوي لشبيبة حزب «إخوان إيطاليا»، الذي تأسس على ركام الحزب الفاشي. وقدّمت ميلوني ضيفها الذي يفاخر بصداقته لإسرائيل والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بوصفه «قائد ثورة ثقافية في دولة صديقة، يعرف أن العمل هو الدواء الوحيد ضد الفقر».

«مسؤولية تاريخية»

ميلوني لدى استقبالها ميلي في قصر شيغي بروما الجمعة (إ.ب.أ)

قال ميلي إن القوى والأحزاب اليمينية في العالم يجب أن تكون في مستوى «المسؤولية التاريخية» الملقاة على عاتقها، وإن السبيل الأفضل لذلك هي الوحدة وفتح قنوات التعاون على أوسع نطاق، «لأن الأشرار المنظمين لا يمكن دحرهم إلا بوحدة الأخيار التي يعجز الاشتراكيون عن اختراقها». وحذّر ميلي من أن القوى اليمينية والليبرالية دفعت ثمناً باهظاً بسبب تشتتها وعجزها أو رفضها مواجهة اليسار متّحداً، وأن ذلك كلّف بلاده عقوداً طويلة من المهانة، «لأن اليسار يُفضّل أن يحكم في الجحيم على أن يخدم في الجنة».

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الأرجنتين خافيير ميلي في مارالاغو 14 نوفمبر (أ.ف.ب)

ليست هذه المرة الأولى التي يطلق فيها ميلي مثل هذه الفكرة، التي سبق وكررها أكثر من مرة في حملته الانتخابية، وفي خطاب القَسَم عندما تسلّم مهامه في مثل هذه الأيام من العام الماضي. لكنها تحمل رمزية خاصة في المدينة التي شهدت ولادة الحركة الفاشية العالمية على يد بنيتو موسوليني في عشرينات القرن الماضي، وفي ضيافة أول رئيسة يمينية متطرفة لدولة مؤسسة للاتحاد الأوروبي تحاول منذ وصولها إلى السلطة عام 2022 الظهور بحلة من الاعتدال أمام شركائها الأوروبيين.

جدل الجنسية الإيطالية

قال ميلي: «أكثر من شعوري بأني بين أصدقاء، أشعر أني بين أهلي» عندما أعلنت ميلوني منحه الجنسية الإيطالية، لأن أجداده هاجروا من الجنوب الإيطالي مطلع القرن الفائت، على غرار مئات الألوف من الإيطاليين. وأثار قرار منح الجنسية للرئيس الأرجنتيني انتقادات شديدة من المعارضة الإيطالية التي تطالب منذ سنوات بتسهيل منح الجنسية للأطفال الذين يولدون في إيطاليا من أبوين مهاجرين، الأمر الذي تُصرّ ميلوني وحلفاؤها في الحكومة على رفضه بذريعة محاربة ما وصفه أحد الوزراء في حكومتها بأنه «تلوّث عرقي».

ميلوني قدّمت الجنسية الإيطالية لميلي (رويترز)

وكان ميلي قد أجرى محادثات مع ميلوني تناولت تعزيز التعاون التجاري والقضائي بين البلدين لمكافحة الجريمة المنظمة، وتنسيق الجهود لمواجهة «العدو اليساري المشترك»، حسب قول الرئيس الأرجنتيني الذي دعا إلى «عدم إفساح أي مجال أمام هذا العدو، لأننا أفضل منهم في كل شيء، وهم الخاسرون ضدنا دائماً».

وانتقدت المعارضة الإيطالية بشدة قرار التلفزيون الرسمي الإيطالي بثّ خطاب ميلي مباشرةً عبر قناته الإخبارية، ثم إعادة بث مقتطفات منه كان قد دعا فيها إلى «عدم اللجوء إلى الأفكار لاستقطاب أصوات الناخبين» أو إلى عدم إقامة تحالفات سياسية مع أحزاب لا تؤمن بنفس العقيدة، «لأن الماء والزيت لا يمتزجان»، وشنّ هجوماً قاسياً على القوى السياسية التقليدية التي قال إنها «لم تأتِ إلا بالخراب». وأنهى ميلي كلمته، إلى جانب ميلوني وسط هتافات مدوية، مستحضراً شعار الدفاع عن «حرية وحضارة الغرب» الذي أقام عليه موسوليني مشروعه الفاشي لاستعادة عظمة الإمبراطورية الرومانية.