الفلسطينيون يحمّلون حكومة إسرائيل تبعات قمع المسيرات السلمية

بعد سقوط عشرات الجرحى من المتظاهرين برصاص قوات الاحتلال

متظاهرون فلسطينيون خلال مواجهات مع قوات إسرائيلية في قرية كفر قدوم بالضفة الغربية (إ.ب.أ)
متظاهرون فلسطينيون خلال مواجهات مع قوات إسرائيلية في قرية كفر قدوم بالضفة الغربية (إ.ب.أ)
TT

الفلسطينيون يحمّلون حكومة إسرائيل تبعات قمع المسيرات السلمية

متظاهرون فلسطينيون خلال مواجهات مع قوات إسرائيلية في قرية كفر قدوم بالضفة الغربية (إ.ب.أ)
متظاهرون فلسطينيون خلال مواجهات مع قوات إسرائيلية في قرية كفر قدوم بالضفة الغربية (إ.ب.أ)

أدانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية استمرار الجيش الإسرائيلي بقمع المسيرات السلمية وإيقاع عشرات الإصابات بين المتظاهرين، وحمّلت الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن نتائجها وتداعياتها.
وقالت الوزارة إن «القمع الإسرائيلي يتم ضد المواطنين الفلسطينيين الذين يدافعون عن أرضهم ومنازلهم وممتلكاتهم في وجه الاستيطان وعصابات المستوطنين الإرهابية. وهو يؤدي إلى إصابة العشرات من المواطنين بالرصاص الحي والمعدني المغلف بالمطاط وبالاختناق نتيجة قنابل الغاز، إلى جانب إقدام قوات الاحتلال على تخريب شبكات المياه والكهرباء في منطقة جبل صبيح». وأكدت أن «ذلك كله يأتي لخدمة المشروع الاستيطاني التوسّعي، وتبعاته السياسية والاستراتيجية تهدد بالقضاء على فرص تطبيق حل الدولتين».
وكانت الضفة الغربية شهدت هذا الأسبوع أيضا مسيرات سلمية تم قمعها. وأصيب أربعة فلسطينيين بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، والعشرات بالاختناق بينهم أطفال، خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في قرية كفر قدوم شرق قلقيلية، عقب انطلاق المسيرة الأسبوعية المناهضة للاستيطان، والمطالبة بفتح شارع القرية المغلق منذ نحو 17 عاما. وخلال مواجهات اندلعت بين المواطنين وجيش الاحتلال الإسرائيلي في قرية بيت دجن شرق نابلس، أصيب ثلاثة مواطنين بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، و18 شخصا آخرون بالاختناق بالغاز المسيل للدموع.
واندلعت مساء أمس مواجهات بين المواطنين وجيش الاحتلال الإسرائيلي، على حاجز قلنديا العسكري شمال القدس المحتلة. وأفادت مصادر محلية، بأن الاحتلال أغلق الحاجز في كلا الاتجاهين، ومنع المواطنين والمركبات من المرور عبره، ما تسبب بأزمة مرورية خانقة.
وأصيب مواطن بالرصاص الحي و18 مواطناً بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، بينهم صحافي، والعشرات بالاختناق بالغاز المسيل للدموع، خلال مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في بلدة بيتا جنوب نابلس. وأفاد مدير الإسعاف والطوارئ في الهلال الأحمر بنابلس أحمد جبريل، بأن جنود الاحتلال أطلقوا الرصاص الحي والمعدني المغلف بالمطاط، وقنابل الغاز والصوت صوب المواطنين، ما أدى لإصابة مواطن بالرصاص الحي في منطقة الرجل، نقل على إثرها إلى المستشفى، و18 مواطناً بالرصاص المعدني، أحدهم في عينه نقل على إثرها للمستشفى، إضافة إلى مصور تلفزيون فلسطين شادي جرارعة الذي أصيب في قدمه، وأحد ضباط إسعاف الإغاثة أصيب بجروح في يده. في حين أصيب 55 مواطنًا بالاختناق جراء قنابل الغاز. ولفت جبريل إلى أن الاحتلال قام بحفر الطرق في المنطقة لإعاقة وصول الإسعاف إلى المصابين.
من جهة ثانية، اقتحمت قوات الاحتلال، فجر أمس، بلدة تقوع شرق بيت لحم، وداهمت أحد المنازل وفتشته، وسلمت صاحب البيت، حمزة سالم صباح، بلاغ استدعاء للتحقيق في مجمع مستوطنة غوش عصيون. كما اقتحم عشرات المستوطنين، محمية واد القف شمال الخليل. وأفاد شهود عيان بأن المستوطنين نظموا مسيرة من منطقة حسكا في بلدة حلحول وصولا إلى محمية واد القف، بحماية جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وفي حي الشيخ جراح في القدس الشرقية المحتلة، خط مستوطنون شعارات عنصرية، وأقدموا على تخريب «جداريات الصمود» المرسومة قرب منزل عائلة الكرد المهددة بالتهجير القسري. وأكد أهالي الحي أنه «رغم تعلقهم بتلك الرسومات، فإنها مجرد ألوان، وسيعيدون رسمها، وأن قوتهم وإرادتهم بالعقل والقلب لا يمكنهم إزالتها مهما حاولوا». وكان مستوطنون قد قاموا بمسح الجداريات وتشويهها يوم الثلاثاء الماضي، وفي اليوم نفسه أعاد المقدسيون رسمها.
يذكر أن نحو 50 ألف مصلٍ، أدوا صلاة الجمعة في رحاب المسجد الأقصى المبارك، أمس. وأفادت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، بـ«أن المواطنين أدوا الصلاة رغم الإجراءات المشددة التي فرضتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على أبواب ومداخل البلدة القديمة في القدس المحتلة، والتي حالت دون وصول المئات من أبناء شعبنا إليه».
ونشرت قوات الاحتلال حواجزها العسكرية في محيط البلدة القديمة والمسجد الأقصى خصوصاً عند باب العامود، واعتقلت الشاب المقدسي محمد نمر، واحتجزت اثنين آخرين لساعات ولم تفرج عنهم إلا بعد انتهاء صلاة الجمعة.
وتتزامن التشديدات الاحتلالية مع «عيد الأنوار» اليهودي، الذي يستمر 9 أيام، حيث كثف المستوطنون اقتحاماتهم للمسجد الأقصى، ومحاولاتهم لإضاءة «الشمعدان» في رحابه، وتنظيم مسيرات استفزازية واحتفالات صاخبة في محيطه، تحديدا عند باب العامود وساحة البراق.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.