وجه المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان، كتاباً إلى البطريرك الماروني بشارة الراعي، يبلغه فيه رفض فكرة حياد لبنان، وهو المطلب الذي طرحه الراعي كحل لأزمات لبنان، وقابله رفض من قبل «حزب الله» وحلفائه.
وأكد قبلان في كتابه على «ضرورة الانحياز»، معبراً عن خشيته «من أن يتحول الخلاف على العدو والصديق إلى اختلاف على لبنان»، ورافضاً «المساواة بين من دعم الاحتلال ومن دعم التحرير»، وقائلاً: «لولا الانحياز لحولنا الحياد إلى ولاية خاضعة لأبي بكر البغدادي أو مستعمرة لتل أبيب».
وفيما رأى البعض أن الكتاب وتوقيته مدفوع من «حزب الله»، نقل الوزير السابق وعميد المجلس العام الماروني وديع الخازن، المقرب من بكركي، عن الأخيرة عدم رغبتها في التعليق على الكتاب مجدداً التأكيد على موقف الراعي السابق الرافض للدخول في السياسة، مشدداً على أن مواقفه ذات خلفية وطنية.
وقال الخازن لـ«الشرق الأوسط»، «البطريرك لا يريد الدخول في زواريب السياسة، ومواقفه تنطلق من قناعات وطنية، لأن هذا الأمر متشعب وقد يفتح باب جدل بيزنطي لا يشبع ولا يغني من جوع»، مشدداً على ضرورة تحييد المقامات الروحية التي يفترض أنها تنطق باسم المواطن عن السياسة.
وعن رأيه في اعتبار البعض أن كتاب قبلان مدفوع من «حزب الله»، يقول الخازن «نأمل أن لا يكون كلام قبلان ناتجاً عن توجهات سياسية، لأن الأمر عندها سيضر بالوطن».
في المقابل، استغرب النائب في حزب «القوات اللبنانية»، وهبي قاطيشا، ما وصفها بـ«لغة التخوين» التي تصدر عن رجل دين مع تأكيده أن البطريرك الراعي لا يدخل في الزواريب السياسية. وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «نرفض هذه اللغة والرد عليها إذا أتت من قبل السياسيين، فكيف أنها أطلقت من قبل رجل دين»، مضيفاً: «يبدو أن الفريق الذي يمثله قبلان (في إشارة إلى «حزب الله» وحركة «أمل») وجد نفسه محرجاً ومحاصراً من قبل الشعب اللبناني الذي بات على يقين أنه سبب ما وصل إليه لبنان، فاختار الهروب إلى الأمام»، مؤكداً أن هذا الأمر مؤسف ومخز ودليل فقر هذا الطرف، مضيفاً: «نرفض الرد على هذه اللغة بمثلها».
وجاء في كتاب قبلان: «مشكلة هذا البلد منذ نشأته تم تركيبه بطريقة عاجزة طالت الصيغة والنظام ومراكز السلطة ووظيفتها، ومنذ تاريخه الأول بقي يعاني من عقدة (القيد المكتوم)»، مستذكراً بذلك محطات لبنانية وعربية من الحروب وما قال إنه «الاختلاف على العدو الذي تجلى عام 1982 بغزو تل أبيب لبيروت بشراكة فريق خاض حرب 1975 بخلفية مفهوم العدو والصديق». ولفت إلى ما وصفها بـ«ملحمة أسطورية استطاعت المقاومة بكل تشكيلاتها الوطنية هزيمة تل أبيب وقهر الجيش الذي لا يقهر لتتحول معها بيروت عاصمة تعطي شهادات بالنسب والوطنية واللاحياد، بعدما حولها الحياد عاصمة محتلة وعلى عين الأمم المتحدة ومجلس الأمن وواشنطن... لكن المشكلة يا غبطة البطريرك بالمشروع الأميركي المصر على تهويد المنطقة، والذي يعتبر تل أبيب ومصالحها من صميم أمن واشنطن ومصالحها».
وتوجه للراعي بالقول «هنا المشكلة يا غبطة البطريرك وما يجري الآن من حصار وخنق ودولار وأسعار وفوضى وتجييش لحلف طويل عريض بقيادة واشنطن وظيفته دعم تل أبيب بلغة الانحياز وليس الحياد والعين على لبنان»، مضيفاً: «لذلك قلنا لا حياد مع التهديد ولا حياد مع الاحتلال...».
وقال «أما الدستور اللبناني والنظام وعقيدة الدولة نفسها يا غبطة البطريرك، فتقوم على ضرورة حماية لبنان والدفاع عن مصالحه بوجه أي احتلال أو عدوان أو تهديد... وأخشى ما نخشاه أن يتحول الخلاف على العدو والصديق إلى اختلاف على لبنان ومفهوم العدوان، ومهما يكن من أمر، فإن مَن دعم التحرير وساهم بإنجازه ليس كمن دعم الاحتلال وساهم بتكريسه، ومن يخنق لبنان الآن ليس كمن ينجده، والمساواة بين هاتين الجهتين ظلم... والأخلاق السماوية والوطنية تقول: من قاتل لينتشل لبنان من الاحتلال ليس كمن قاتل دعماً للاحتلال... ولولا الانحياز لحولنا الحياد إلى ولاية خاضعة لأبي بكر البغدادي أو مستعمرة لتل أبيب».
قبلان يشن حملة على دعوة الراعي لـ«حياد لبنان»
طالبه بـ«عدم المساواة بين داعم الاحتلال وداعم التحرير»
قبلان يشن حملة على دعوة الراعي لـ«حياد لبنان»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة