شرطة الاحتلال تطلق سراح محافظ القدس وتقيّد حركته

في يوم حافل بالصدامات والإصابات

عناصر من قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال اشتباكات مع محتجين فلسطينيين في بلدة بيتا بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
عناصر من قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال اشتباكات مع محتجين فلسطينيين في بلدة بيتا بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
TT

شرطة الاحتلال تطلق سراح محافظ القدس وتقيّد حركته

عناصر من قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال اشتباكات مع محتجين فلسطينيين في بلدة بيتا بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
عناصر من قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال اشتباكات مع محتجين فلسطينيين في بلدة بيتا بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)

في يوم حافل بالصدامات بين الفلسطينيين المشاركين في المسيرات السلمية وبين قوات الاحتلال الإسرائيلي التي قمعتها، أقدمت شرطة القدس الغربية على عملية تنكيل مريعة بمحافظ القدس الفلسطينية، عدنان غيث، فقد أطلقت سراحه من السجن ولكنها فرضت عليه إقامة جبرية في منزله، ومنعته أمس الجمعة، من المشاركة في حفل زفاف ابنته الوحيدة منى الذي أقيم في رام الله.
ويتعرض غيث لملاحقات شرطة الاحتلال ومخابراته منذ تعيينه في الرئاسة الفلسطينية محافظا للقدس، في عام 2018. فقد اعتقلته مرات كثيرة وفرضت عليه أمرا يمنعه من دخول الضفة الغربية والتواصل مع قيادات وشخصيات مختلفة، وفرضت عليه الإقامة الجبرية في مكان سكنه في سلوان، غالبية هذه الفترة. وقد انتهت فترة آخر إقامة جبرية مفروضة عليه، يوم الأحد الماضي، وأبلغه ضابط المخابرات بأنه سيتم إطلاق سراحه في غضون ساعات. ولذلك فقد حدد موعدا لزفاف ابنته أمس الجمعة. ولكنهم لم يطلقوا سراحه إلا في مساء الخميس، أول من أمس. وبدا أن هذا التنكيل تعمد إبقاءه على أعصابه، حتى اللحظة الأخيرة. وقد فرح والعروس وجميع أفراد عائلتي العروسين، لأنه سيكون حرا في يوم العرس. لكنهم وجهوا له تلك الضربة بإبلاغه بأنه سيظل تحت الإقامة الجبرية ولن يستطيع السفر حتى إلى عرس ابنته في رام الله لبضع ساعات.
وأوضحت محافظة القدس في بيان لها أن زفاف ابنة المحافظ تأجل عدة مرات، بسبب القرارات العسكرية المتتالية بحق والدها، وهذه القرارات والملاحقات غيبت المحافظ غيث عن العديد من مناسبات العائلة، ومن بينها يوم نجاح ابنته الكبرى منى في الثانوية العامة حيث كان قيد الاعتقال.
وكانت مدن الضفة الغربية قد شهدت، أمس، وكما في كل يوم جمعة، سلسلة مسيرات سلمية احتجاجا على ممارسات الاحتلال والمستوطنين. وفي عدة مواقع أقدمت قوات الاحتلال على قمع المسيرات. فقد أصيب عشرات المواطنين بالاختناق بالغاز المسيل للدموع، خلال قمع مسيرة قرية بيت دجن شرق نابلس. وأفاد شهود عيان بأن قوات الاحتلال أطلقت الأعيرة النارية، وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع بكثافة تجاه المشاركين في المسيرة، ما أدى الى إصابة نحو 17 منهم بالاختناق. وأصيب 19 مواطنا بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، بينهم صحفيان، وعشرات المواطنين بالاختناق بالغاز المسيل للدموع، خلال مواجهات مع الاحتلال في بلدة بيتا جنوب نابلس.
وأغلق مستوطنون، بحماية جنود الاحتلال الإسرائيلي، المداخل الرئيسية لقرية اللبن الشرقية، جنوب نابلس، ومنعوا المواطنين من الدخول إليها أو الخروج منها. وكان المستوطنون يتجمهرون على مدخل القرية، يرقصون ويغنون بالأعلام الإسرائيلية، لاستفزاز المواطنين.
وأعاقت قوات الاحتلال الإسرائيلي، حركة تنقل المواطنين، جنوب غرب جنين. فنصبت حاجزا عسكريا عند مفترق بلدة عرابة وشرعت بتوقيف المركبات وتفتيشها والتدقيق في بطاقات راكبيها، ما أدى إلى إعاقة مرورهم، كما كثفت من وجودها العسكري في محيط بلدة يعبد.
واعتقلت قوات الاحتلال في ساعات الفجر، الأسيرين المحررين، حاتم حافظ فقها ونجله قسام، بعد مداهمة منزله في بلدة كفر اللبد شرق طولكرم وتخريب محتوياته. واستولت قوات الاحتلال على مضخة للباطون في بلدة جيوس شرق قلقيلية.
وفي القدس، أدى حوالي 40 ألف فلسطيني صلاة الجمعة، في رحاب المسجد الأقصى المبارك، رغم الوجود المكثف لقوات الاحتلال الإسرائيلي على أبواب البلدة القديمة، وأبواب الحرم.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.