أميركا وأوروبا تطالبان بانتخابات ليبية «نزيهة»... و«الأعلى» يهدد بوقفها

برلمانيون يدعون خلال جلسة طارئة اليوم إلى «إنقاذ» الاقتراع المرتقب

خالد المشري جدد رفضه إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية من دون «قانون توافقي» (المجلس الأعلى للدولة)
خالد المشري جدد رفضه إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية من دون «قانون توافقي» (المجلس الأعلى للدولة)
TT

أميركا وأوروبا تطالبان بانتخابات ليبية «نزيهة»... و«الأعلى» يهدد بوقفها

خالد المشري جدد رفضه إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية من دون «قانون توافقي» (المجلس الأعلى للدولة)
خالد المشري جدد رفضه إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية من دون «قانون توافقي» (المجلس الأعلى للدولة)

دعت سفارات أميركا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة، أمس، جميع الأطراف الليبية إلى «الالتزام بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة وشاملة وذات مصداقية» في 24 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل. كما اعتبر الوسيط الدولي بشأن ليبيا المنتهية ولايته، يان كوبيش، عدم إجراء الانتخابات في موعدها قد يؤدي إلى تدهور الوضع بشدة، ويقود إلى مزيد من الانقسام والصراع. وفي المقابل هدد المجلس الأعلى للدولة، الموالي للسلطة الانتقال، ضمنياً باللجوء إلى القضاء لوقفها.
وحثت السفارات الخمس في بيان مشترك جميع الجهات الدولية الفاعلة على تشجيع ودعم الانتقال الديمقراطي، وأكدت عزمها على دعم الاستقرار في ليبيا، عبر عملية سياسية يقودها ويملكها الليبيون وتسهلها الأمم المتحدة. مشيرا إلى متابعة السفارات إعلان مفوضية الانتخابات انتهاء إجراءات تسجيل المرشحين للانتخابات الرئاسية المقبلة، واعتبر أن العدد الكبير من الطلبات المقدمة «هو دليل آخر على تصميم الشعب الليبي على المشاركة بنشاط في العملية الديمقراطية».
وبعدما أكد دعم السلطات المسؤولة عن المراجعة القضائية للترشيحات، دعا البيان جميع الجهات الفاعلة إلى احترام قراراتها، ورحب بجهود المفوضية في تنفيذ الأساس التقني لانتخابات ناجحة، معربا عن تطلع هذه السفارات إلى إضفاء الطابع الرسمي من قبل المفوضية على التقويم الانتخابي الكامل.
في المقابل، جدد المجلس الأعلى للدولة في العاصمة طرابلس رفضه إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، دون ما وصفه بـ«قانون توافقي». وقال خالد المشري، رئيس المجلس مساء أول من أمس، إن مواقفه ستنعكس من خلال إجراءات قانونية سيتخذها، لافتا إلى أن المجلس لن يشارك فيما وصفه بـ«شرعنة هذه المهزلة، ولن يسمح لأي طرف داخلي أو خارجي تحميله مسؤولية عرقلة هذه الانتخابات».
في المقابل، دعا أعضاء من مجلس النواب رئاسته لعقد جلسة طارئة اليوم لـ«إنقاذ العملية الانتخابية، وتصحيح الانحراف القائم في تنفيذ القوانين الانتخابية». مرجعين هذه الدعوة في بيان لهم، مساء أول من أمس، إلى ما صفوه بـ«الانحراف الكبير» من مفوضية الانتخابات، والمخالفات الصريحة لنصوص وفلسفة القوانين، الصادرة عن مجلس النواب، والتجاوز الخطير الذي قام به بعض أعضاء مجلس القضاء، بالانقلاب على قانون انتخاب رئيس الدولة. بينما امتنع عبد الله بليحق، الناطق باسم مجلس النواب، عن التعليق على هذه الدعوة، التي سبق له إعلان رفض المجلس لها مؤخرا.
بدوره، قال محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، إنه ناقش مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على هامش افتتاح قمة «الكوميسا» بالقاهرة مساء أول من أمس، الاستعدادات لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها وبشكل متزامن، قصد عبور المرحلة الانتقالية والوصول بليبيا إلى بر الأمان، وكذا دعم جهود المصالحة الوطنية، من أجل تحقيق السلام والاستقرار في البلاد، والتأكيد على ضرورة دعم اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» في إنجاز مهامها.
ونقل المنفي عن السيسي إعرابه عن تقديره لجهود المجلس الرئاسي في توحيد مؤسسات الدولة، وإطلاق مشروع المصالحة الوطنية، والعمل على الوصول إلى الاستحقاق الانتخابي نهاية العام الجاري.
من جهته، قال المبعوث الأميركي وسفيرها لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، عقب اجتماعه أول من أمس في تونس مع الممثل الخاص للنرويج في ليبيا، توماس ريم بيردال، إن الولايات المتحدة والنرويج، بصفتهما عضوين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يتطلعان إلى مناقشات نيويورك حول كيفية استمرار المجتمع الدولي في دعم العملية السياسية والانتخابات في ليبيا.
كما شجع نورلاند خلال اجتماع افتراضي عقده مع قيادات نسائية ليبية، النساء على المشاركة الكاملة في الانتخابات المقبلة «حتى يسمع أصواتهن». مشيداً بالنجاحات التي حققها تحالف منظمات المجتمع المدني حتى الآن، والتي انعكست في خريطة طريق ملتقى الحوار السياسي الليبي.
من جهة ثانية، اعتبرت السفارة البريطانية في ليبيا أن استقرار مؤسسة النفط «يعد من استقرار ليبيا وازدهارها»، وأوضحت في بيان لها أن استقلالية واستقرار المؤسسة «يساهم في توفير الثقة للمستثمرين»، مؤكدة وقوفها إلى جانب المؤسسات الليبية القوية الموحدة، التي تعمل لصالح جميع الليبيين.
في شأن آخر، ناقشت أمس اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، التي تضم ممثلي طرفي الصراع العسكري في ليبيا، ملف «المرتزقة» والقوات الأجنبية الموجودة في البلاد، وذلك في أحدث اجتماع لها عقدته في تونس، بحضور البعثة الأممية في ليبيا، وممثلين عن الاتحاد الأفريقي.
وكان ملف التعاون العسكري بين ليبيا وإيطاليا حاضرا على اجتماع عقده أمس محمد الحداد، رئيس الأركان العامة للقوات الموالية لحكومة «الوحدة الوطنية» بالعاصمة طرابلس مع رئيس هيئة أركان الدفاع الإيطالي جوزيبي كافودراقوني، الذي يزور ليبيا حاليا. وقال بيان لمكتب الحداد إنه أكد خلال الاجتماع، الذي حضره السفير الإيطالي جوزيبي قريمالدي، على عمق العلاقات بين البلدين.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.