البرهان يعين مجلس سيادة انتقالياً برئاسته ويؤدي القسم

إدانات غربية والشارع يرد بمظاهرات رفضاً لإجراءات الجيش

الفريق عبد الفتاح البرهان شكل مجلس سيادة جديداً مثيراً للجدل (أ.ف.ب)
الفريق عبد الفتاح البرهان شكل مجلس سيادة جديداً مثيراً للجدل (أ.ف.ب)
TT

البرهان يعين مجلس سيادة انتقالياً برئاسته ويؤدي القسم

الفريق عبد الفتاح البرهان شكل مجلس سيادة جديداً مثيراً للجدل (أ.ف.ب)
الفريق عبد الفتاح البرهان شكل مجلس سيادة جديداً مثيراً للجدل (أ.ف.ب)

في خطوة تزيد الأزمة السودانية تعقيداً جديداً، شكل الفريق أول عبد الفتاح البرهان قائد الجيش السوداني مجلس سيادة انتقالياً جديداً استبعد منه أربعة ممثلين لقوى الحرية والتغيير، (الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية المعزولة) التي قادت الانتفاضة التي أسقطت عمر البشير عام 2019. وفور إعلان هذه الخطوة خرج المئات من المحتجين في شوارع الخرطوم، ومدن أخرى احتجاجاً على الخطوة. فيما صدرت إدانات دولية من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا والأمم المتحدة.
وأكد التلفزيون الرسمي أن البرهان احتفظ بمنصبه رئيساً للمجلس كما احتفظ الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد قوة الدعم السريع، بموقعه نائباً لرئيس المجلس.
ويضم المجلس الجديد 14 عضواً من بينهم تسعة كانوا أعضاء في المجلس السابق، هم نائبه «حميدتي»، وشمس الدين كباشي، وياسر العطاء، وإبراهيم جابر، وقادة الجبهة الثورية الموقعة على اتفاق جوبا للسلام، ومالك عقار، والهادي إدريس، والطاهر حجر، الذين رفضوا في وقت سابق «الانقلاب العسكري» وما ترتب عليه من إجراءات، وطالبوا بالعودة للوثيقة الدستورية واتفاق جوبا للسلام.
كما تمت إعادة تسمية رجاء نيكولا العضو السابق بالمجلس، إضافة إلى أربعة أعضاء جدد حلوا محل أعضاء المجلس السابق المنتمين إلى قوى الحرية والتغيير، وهم أبو القاسم محمد أحمد «برطم»، وهو قيادي سابق بحزب المؤتمر الوطني «المنحل»، وسلمى عبد الجبار، وعبد الباقي الزبير، يوسف جاد كريم، وتم إرجاء تعيين ممثل للشرق إلى حين استكمال المشاورات بشأنه.
وكان شرق السودان شهد احتجاجات واسعة استمرت شهرا ونصف الشهر قبل الإجراءات التي اتخذها الجيش السوداني، تم خلالها تعطيل العمل في ميناء بورتسودان على البحر الأحمر وهو المرفأ الرئيسي في البلاد، ولكن قادة المحتجين قرروا تعليق حركتهم مطلع الشهر الجاري لإعطاء الفرصة للسلطات للاستجابة إلى مطالبهم.
وكان البرهان أعلن استيلاء الجيش على السلطة في الخامس والعشرين من أكتوبر (تشرين الأول) على شركائه المدنيين وأعلن حال الطوارئ في البلاد وحلّ كلاً من مجلس السيادة الذي كان يترأسه، والحكومة برئاسة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وغيرها من المؤسسات التي كان يفترض أن تؤمن مساراً ديمقراطياً نحو الوصول إلى انتخابات وحكم مدني.
وفجر اليوم نفسه، تم توقيف حمدوك وعدة وزراء وسياسيين. ومساء اليوم التالي وبعد ضغوط دولية، أعيد حمدوك إلى منزله حيث وضع قيد الإقامة الجبرية. وفي الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، أصدر البرهان قراراً بالإفراج عن أربعة وزراء.
ولم يتم بعد تشكيل حكومة بديلة من تلك التي كان يترأسها حمدوك والتي يصر أعضاؤها على أنهم يمثلون السلطة «الشرعية» في البلاد.
وفور إصدار قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، مرسوماً بتعيين مجلس سيادة انتقالي جديد برئاسته، اشتعلت الاحتجاجات في مناطق واسعة من العاصمة «الخرطوم»، وسط توقعات بتوسع رقعة التظاهرات خلال الأيام المقبلة في الشارع الذي يرفض بشدة الإجراءات العسكرية على الحكومة المدنية ممثلة في رئيس الوزراء الشرعي، عبد الله حمدوك.
وأغلق المحتجون طرقاً وأحرقوا إطارات في وقت متأخر من أمس. وانطلقت الاحتجاجات في منطقة بري، معقل المظاهرات المؤيدة للديمقراطية منذ الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير. وتظهر الصور المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي على ما يبدو احتجاجات مماثلة في أجزاء أخرى من العاصمة.
وقال وزير الثقافة والإعلام المتحدث الرسمي باسم الحكومة الانتقالية، حمزة بلول، إن «قرار تشكيل مجلس سيادة يمثل امتداداً للإجراءات الانقلابية التي ابتدأت في 25 أكتوبر الماضي، كما أنه خطوة للهروب إلى الأمام».
وأضاف أن «الشعب السوداني قادر على دحر الانقلاب وإكمال مسيرة الانتقال، ويؤكد القرار على صحة موقف الحرية والتغيير الرافض للحوار مع الانقلابيين». وجدد بلول ثقته في «قدرة الشعب السوداني على حسم الانقلاب وتصفية آثاره واستعادة كل مكتسبات ثورة ديسمبر (كانون الأول) المجيدة». وأضاف أن «هذه خطوة تمثل هروباً إلى الأمام، وقراءة من كتاب المخلوع البشير، الذي تمكن الشعب من خلعه، ووضعه في مكانه الطبيعي لينتظر مصيره محلياً ودولياً».
وفي الردود أدانت بريطانيا الخطوة وطالبت بإعادة الحكم للمدنيين، فيما أبدى الاتحاد الأوروبي قلقه من الخطوة. وطالب الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، بإطلاق السراح الفوري لجميع المعتقلين منذ 25 من أكتوبر، وعبر عن قلق كبير، على وجود رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، الذي لا يزال تحت الإقامة الجبرية، وأن تواصله مع العالم الخارجي محدود جداً.
من جهته، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة إن أحدث التطورات التي يشهدها السودان «مقلقة للغاية»، وإن الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش يريد أن «يرى عودة إلى المرحلة الانتقالية في أسرع وقت ممكن».
ودعا المتحدث ستيفان دوجاريك أيضاً إلى الإفراج عن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، الذي وُضع رهن الإقامة الجبرية في منزله، وعن زعماء سياسيين آخرين.



مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».