يصادف اليوم الذكرى السنوية الأولى منذ استولى انفصاليون موالون لروسيا على مقر الإدارة الإقليمية لمدينة دونيتسك الأوكرانية ومقر الاستخبارات في لوغانسك شرق أوكرانيا في بداية تمرد على كييف تحول إلى حرب أودت بحياة أكثر من 6 آلاف مدني ومسلح. وهؤلاء المقاتلون كانوا معارضين للمتظاهرين الذي خرجوا إلى شوارع العاصمة الأوكرانية وأسقطوا حكم الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش، الموالي لروسيا. وهم معادون للتقارب مع الاتحاد الأوروبي ومع حلف شمال الأطلسي الذي تطالب به السلطات الجديدة في كييف، ويزعمون أن شرق البلاد الناطق بالروسية مهدد من «المجلس العسكري الفاشي» التابع لسلطة كييف.
ومع تفاقم الأزمة الأوكرانية، التي أدت إلى انفصال شبه جزيرة القرم الاستراتيجية عن أوكرانيا، والانضمام إلى روسيا، لا يوجد حل في الأفق، بل تتواصل العمليات العسكرية. ويوم أمس، قتل 6 جنود أوكرانيين في حادثين منفصلين في شرق أوكرانيا الانفصالي، إذ تستمر الاشتباكات المتقطعة يوميا في خرق للهدنة الهشة الموقعة في فبراير (شباط) الماضي لإنهاء عام من الحرب، بحسب مصادر رسمية.
وقال المتحدث باسم الجيش أولكسندر موتوزيانيك لوكالة الصحافة الفرنسية: «للأسف قتل اليوم 6 جنود». وقتل أربعة جنود بصاروخ مضاد للمدرعات في مدينة شتشاستيا التي تقع تحت سيطرة القوات الحكومية على بعد 15 كيلومترا من لوغانسك معقل الانفصاليين، بينما قتل اثنان آخران بانفجار عبوة قرب شيروكيني التي تبعد 10 كيلومترات عن ميناء ماريوبول الاستراتيجي، بحسب ما أضاف المتحدث. وبهذا يرتفع عدد الجنود الأوكرانيين الذين سقطوا خلال اليومين الماضية إلى 9.
ودخلت هدنة جديدة حيز التنفيذ في 15 فبراير في شرق أوكرانيا بعد توقيع اتفاقات «مينسك - 2» في 12 من الشهر نفسه بوساطة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بحضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لإنهاء عام من الحرب.
وهناك خلافات واضحة تفرق الأوكرانيين بعد عام من اندلاع النزاع. وقالت فالنتينا قيودوروفا الذي تبلغ 63 عاما وهي تسكن في مقاطعة دونيتسك لوكالة الصحافة الفرنسية: «في كييف ليس لدينا حق التحدث بالروسية، ونتهم بالفاشية. نريد العودة إلى كنف الدولة الروسية بأسرع وقت ممكن». وأعلن قادة الانفصاليين إنشاء «جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين»، بأسلوب سوفياتي، ما يظهر أن الحنين لإعادة إحياء الاتحاد السوفياتي موجود بشكل قوي لدى هؤلاء الانفصاليين. والبعض يؤيد تقسيم البلاد إلى فيدراليات، مع حكم ذاتي في أوكرانيا، وآخرون يدعون إلى ضم صريح لروسيا، كما حصل مع شبه جزيرة القرم التي أججت الأزمة الأكبر بين روسيا والغرب منذ الحرب الباردة.
وأصبحت بلدات عدة في يد الانفصاليين في الشرق الأوكراني، وانتشرت المجموعات المسلحة على جميع الطرقات، و«كييف لا تتحرك في مواجهة ذلك وتعطي الانطباع بعدم القدرة على السيطرة على الوضع في هذه المنطقة الصناعية».
وفي المناطق الخاضعة لسيطرة الانفصاليين، أجري استفتاء على عجل في 11 مايو (أيار) 2014. ولم يكن مفاجئا أن التصويت جاء لصالح الاستقلال والانفصال، ولكن نتيجة التصويت اعتبرت باطلة بالنسبة إلى سلطات كييف والغرب.
وأطلقت كييف في منتصف أبريل (نيسان) الماضي «عملية ضد الإرهاب» لاستعادة السيطرة على الأراضي التي خسرتها لصالح الانفصاليين. المعركة الدامية الأولى كانت في 26 مايو في مطار دونيتسك، وطلب بوتين من كييف «وقف العملية العقابية فورا».
قبل أسبوعين من السيطرة على الشرق الأوكراني قال بوتين إن «ملايين الروس والموالين لروسيا يعيشون في أوكرانيا، وموسكو ستدافع دائما عن حقوقهم».
وساد شعور لدى الغرب أن موسكو مستعدة لفعل كل شيء كي تمنع كييف من التقارب مع الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.
شيئا فشيئا، اشتعلت الحرب في الشرق الأوكراني حيث بدأ المتمردون بالسيطرة على الأراضي في مواجهة جيش أوكراني غير منظم. وأعلنت كييف وحلف الأطلسي وصول دعم كبير من المقاتلين والعتاد والمدافع الروسية اجتازت الحدود الأوكرانية عبر منطقة يسيطر عليها المتمردون. ونفت موسكو واعترفت فقط بوجود متطوعين روس يقاتلون إلى جانب الانفصاليين.
وفي يوليو (تموز) الماضي أطلقت كييف هجوما بدا وكأنه قلب مسار المعركة، وبدأ الانفصاليون بالتخلي عن معاقلهم في سلافيانسك، وسيطر الجيش الأوكراني على ميناء ماريوبول الاستراتيجي على بحر آزوف.
وفي 17 يوليو الماضي أصيبت طائرة مدنية ماليزية من طراز «بوينغ» بصاروخ فوق منطقة النزاع، ما أدى إلى سقوطها ومقتل 298 شخصا على متنها. وتبادل الجانبان الاتهامات بالمسؤولية عن إطلاق النار. وتبنى الأوروبيون والأميركيون عقوبات ضد موسكو التي اتهمت ضمنا بتزويد الانفصاليين بصواريخ من طراز ذلك الذي يعتقد أنه أسقط الطائرة. ولكن في نهاية شهر أغسطس (آب) الماضي أطلق الانفصاليون بدورهم عملية مضادة لتخفيف الحصار على مدينتي دونيتسك ولوغانسك والسيطرة على ماريوبول، وألحقوا خسائر فادحة بالقوات الأوكرانية في لوفايسك إذ قُتل 360 جنديا أوكرانيا وفُقد 180 آخرون.
وقال مسؤول أمني أوكراني رفيع لوكالة الصحافة الفرنسية رفض الكشف عن اسمه إن «السبب الرئيسي للخسارة هو وجود قوات روسية، لولاها لكنا انتهينا من الأمر بنهاية الصيف».
وبعد أشهر من الجهود الدبلوماسية غير المثمرة، وقعت كييف والانفصاليون في سبتمبر (أيلول) الماضي في مينسك على اتفاق ينص على وقف إطلاق النار ويتضمن خطوطا عريضة لتسوية سياسية للصراع، مع حكم ذاتي موسع لمناطق الانفصاليين.
ولكن وقف إطلاق النار لم يستمر طويلا وتجددت الاشتباكات العنيفة وخصوصا حول مطار دونيتسك الذي سيطر عليه الانفصاليون في أواخر يناير (كانون الثاني) بعد 9 أشهر من القتال. وهذا لم يمنع الانفصاليين من الاستيلاء بعد أيام عدة على مدينة دبالتسيفي الاستراتيجية.
الذكرى الأولى للحرب في شرق أوكرانيا اليوم.. ولا حلول في الأفق
مقتل 6 جنود في كييف في حادثين منفصلين رغم الهدنة
الذكرى الأولى للحرب في شرق أوكرانيا اليوم.. ولا حلول في الأفق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة