أزمة المواصلات تضرب طلاب جامعة دمشق

حشود أمام مقار كلياتها في العاصمة السورية

عامل في «مكتبة النوري» في دمشق في 17 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
عامل في «مكتبة النوري» في دمشق في 17 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

أزمة المواصلات تضرب طلاب جامعة دمشق

عامل في «مكتبة النوري» في دمشق في 17 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
عامل في «مكتبة النوري» في دمشق في 17 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

تزايد مشهد التجمعات الكبيرة عند مواقف الحافلات العمومية بدمشق مع بدء الدوام الفعلي في الكليات الجامعية، وانضمام حشود غفيرة من الطلاب والطالبات الذين يتجمعون أمام جامعاتهم إليها، بانتظار وسيلة نقل تقلهم إلى مناطقهم، وذلك مع استمرار تفاقم أزمة النقل بسبب النقص الكبير في المشتقات النفطية.
ويتجمع أمام كليات الطب البشري والأسنان والصيدلة والآداب والعلوم الإنسانية الواقعة إلى جانب بعضها على أوتوستراد المزة غرب مدينة دمشق، مئات الطلاب والطالبات ممن أنهوا محاضراتهم على الرصيف بانتظار حافلات نقل داخلي أو سرافيس صغيرة (14 راكباً) لتقلهم إلى وسط المدينة ومنها إلى المناطق الواقعة فيها منازلهم.
ووسط حالة من الامتعاض والتأفف تظهر على أغلبية المنتظرين؛ بسبب طول فترة انتظار وصول وسيلة نقل، بدا الكل وهو يركز نظره إلى الجهة الغربية من الأوتوستراد لمشاهدة قدوم وسيلة نقل، سواء كانت حافلة نقل داخلي أم سرفيساً.
ومع قدوم حافلة نقل داخلي، وقبل أن يركنها السائق بشكل نهائي أمام كلية الآداب، هرعت إلى أبوابها حشود الطلاب والطالبات، وبدأت معركة شرسة للغاية فيما بينهم للصعود إليها، تخللتها سجالات جرت بين بعضهم مع انهمار العرق على وجوه أغلبيتهم، بسبب عملية التدافع للصعود إلى الحافلة، في حين منعت محاولات المتدافعين للصعود، من هم في داخل الحافلة ويرغبون في النزول من ذلك إلا بشق النفس.
ويبدو واضحاً خلال عملية التدافع، أن مَن يتمكنون من الصعود إلى الحافلة هم من فئة الشباب بسبب قوتهم العضلية، في حين ورغم محاولات الفتيات للصعود، فإنه نادراً ما تتمكن إحداهن ليس من الصعود، بل من الوصول إلى باب الحافلة، ويبقين في نهاية حشد المتدافعين.
الطالبة «سوسن» التي تأتي إلى الكلية بشكل شبه يومي تؤكد، لـ«الشرق الأوسط»، أن «أتوبيساً واحداً يمر كل ساعة أو ساعة ونصف الساعة، وفي كل يوم نعاني الأمرّين حين المجيء (إلى الجامعة) وحين العودة»، وتضيف، مع محاولات عدة لحبس دموعها «المشكلة أن عملية الذهاب تحتاج إلى الصعود في أتوبيسين وأيضاً العودة، والأمر صار صعباً للغاية على الطالبات»، وتتابع «في مرات عدة سقطت فتيات على الأرض خلال محاولات الصعود إلى الحافلات، والبعض منهن يصبن بحالة إغماء».
أما سلوى التي كانت تودع زميلاتها على أمل اللقاء بهن في اليوم التالي، وصفت لـ«الشرق الأوسط»، ما يجري بـ«البهدلة الكبيرة»، فهي تأتي إلى الكلية وتعود منها سيراً على الأقدام، وتقول «حتى لو استغرق الأمر ساعة أو ساعة ونصف الساعة، لكنه أحسن بكثير من هذه الشرشحة».
وبينما كان قلة من الطلاب والطالبات بانتظار قدوم سيارات ذويهم الخاصة لتقلهم إلى منازلهم بناءً على اتفاق مسبق ودعوة أصدقاء لهم للصعود معهم، كان بعض الطلاب والطالبات ممن لا يتمكنون من الصعود إلى الحافلات يدخلون في بازارات مع سائقي سيارات تاكسي عمومية متوقفة أمام باب الكلية، على أجرة نقلهم إلى أحيائهم؛ نظراً لارتفاع أجورها التي تتراوح بين 10 و15 ألف ليرة للطلب (الرحلة) ضمن مدينة دمشق، بينما راتب الموظف الشهري لا يتعدى 80 ألف ليرة سورية (الدولار الأميركي يعادل 3500 ليرة).
في ظل هذه الحال، شهدت «الشرق الأوسط» اتفاق مجموعات من الطلاب والطالبات (الواحدة تضم من 4 إلى 5) ممن يقطنون في مناطق قريبة من بعضها على الصعود في سيارة تاكسي واحدة لتقلهم إلى مناطقهم وتقاسم الأجرة فيما بينهم.
وتشهد مناطق سيطرة الحكومة السورية منذ فترة طويلة أزمة خانقة في توفر مادتي البنزين والمازوت، وقامت الحكومة بتخفيض كميات تعبئة مادة البنزين للسيارات السياحية الخاصة والعامة لتصبح 25 لتراً كل سبعة أيام للسيارات الخاصة و25 لتراً كل 4 أيام للسيارات العامة، بعد أن كانت 200 لتر في الشهر للأولى و400 لتر للثانية.
وتسبب ذلك في أزمة نقل كبيرة منذ فترة طويلة؛ إذ طغت على المشهد في دمشق التجمعات الكبيرة عند مواقف الحافلات العمومية، إذ يستغرق انتظار توفر وسيلة نقل ساعات عدة، بعد تراجع أعداد الحافلات العامة وسيارات التاكسي، في حين تشهد الشوارع الرئيسية بشكل يومي في فترة الصباح سيولاً بشرية ذاهبة سيراً على الأقدام إلى أماكن عملها أو عائدة منها.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.