«منتدى أصيلة» يبحث مسألة العروبة وسؤال الآيديولوجيا السياسي

المشاركون لم يتفقوا على تعريفها وتساءلوا عن بدائلها

جانب من ندوة «منتدى أصيلة» حول العروبة (الشرق الأوسط)
جانب من ندوة «منتدى أصيلة» حول العروبة (الشرق الأوسط)
TT

«منتدى أصيلة» يبحث مسألة العروبة وسؤال الآيديولوجيا السياسي

جانب من ندوة «منتدى أصيلة» حول العروبة (الشرق الأوسط)
جانب من ندوة «منتدى أصيلة» حول العروبة (الشرق الأوسط)

عدّ مشاركون في ندوة «منتدى أصيلة» الثالثة حول موضوع «العرب والتحولات الإقليمية والدولية الجديدة: العروبة إلى أين؟»، التي تواصلت أشغالها، أول من أمس، بأصيلة، في جلسات يومها الثاني والأخير، أن تعريف العروبة قد لا يتم الاتفاق بشأنه، بيد أنهم تساءلوا: «هل اتفقنا على بدائل لها؟ وهل هذه البدائل أفضل وأسلم... الشيء الذي يجعل منها أفضل ما لدينا؟».
واستحضر المشاركون في معرض تناولهم لخلفيات ومآلات الهوية والانتماء القومي في الفكر العربي المعاصر، ومسارات واتجاهات النظام العربي والبيئة الدولية والإقليمية الشرق أوسطية، أوضاع العروبة باعتبارها لساناً وهوية وثقافة بعيداً عن الآيديولوجيا.
في سياق ذلك، قال الكاتب المغربي أحمد المديني في جلسة «العرب والتحولات الإقليمية والدولية الجديدة: العروبة إلى أين؟»، إن العروبة ربما تكون هي هذا الحطام الكائن المنتهي، مشيراً إلى أن مواطنيها والمنتمين إليها وُلِدوا عروبيين بالفطرة، رغم اختلاف الأشكال والقوالب، إلا أنها تكبر وتترعرع فيهم.
وعدّ المديني العروبة بالنسبة إليه ولجيله معركة التحرير الوطني بعد الاستقلال، وكذا الديمقراطية وبناء الدولة الوطنية كجزء من المشروع الوطني، الذي يمثل أيضاً مشروع الأحزاب الوطنية والديمقراطية.
وذكر المديني أن عروبة الأنظمة العربية التي تلتقي في مؤتمرات للقمة تختلف عن عروبة الشعوب، التي تبدو ثقافية متطلعة لإحداث تغييرات.
من جهته، انطلق راشد صالح العريمي، الأمين العام السابق لجائزة الشيخ زايد للكتاب ورئيس تحرير جريدة «الاتحاد» سابقاً، من القول بأن العربية هي لسان وهوية وثقافة بعيداً عن الآيديولوجيا، سواء كانت قومية أو إسلامية، متسائلاً عن سبب ظهور التمايز بين العربية والعروبة.
واستحضر العريمي بدايات النهضة العربية، وما تلاها من تحولات، متوقفاً عند الجدل الذي تناول سؤال العروبة في علاقة بالقومية والدين، ومشيراً إلى أنه إذا كانت فكرة المجال القومي العربي قد مزجت بين عروبة اللسان والثقافة والوحدة السياسية، فإن التيارات والأحزاب السياسية قد بلورت مشاريع للوحدة العربية جربت خلال النصف الثاني من القرن العشرين.
وزاد العريمي موضحاً أن هزيمة 1967 ضربت العروبة السياسية في الصميم، لأن الذين كانون يقودونها في مصر وسوريا هم من تلقى عبء الهزيمة بدرجة أساسية، مشيراً إلى أن اليسار العربي، ورموز القومية العربية، أخفق في حرب النكسة، الشيء الذي أعطى مساحة للتيار الإسلامي لكي يعود إلى تأكيد دور الدين الإسلامي كمقوّم من مقومات الوحدة العربية، لكنه ما لبث أن تمدد واتسع خارج البلاد العربية، وبدأت تنظيماته تطرح نفسها كتنظيمات عابرة للدول وللقوميات، قبل أن تأتي فترة ما سمي بـ«الربيع العربي» لتكشف حقيقة هذه التنظيمات.
ورأى العريمي أن كل الدول العربية اليوم هي دول وطنية مكتملة، فيما لم تعد العروبة السياسية مطروحة على أي صعيد، لكنها ظلت لساناً وهوية وانتماء. قبل أن يعود للتأكيد على أن العروبة السياسية انتهت منذ عقود، من دون أن يتخلى أي طرف عن عروبة اللسان والهوية والثقافة.
كما تطرق العريمي إلى حديث المآلات، قبل أن يختم قائلاً: «كما أننا أبناء التاريخ فنحن أبناء اليوم أيضاً، وبالتالي فإذا كنا نريد البقاء في هذا العالم، فينبغي أن نكون ونبقى مع اللسان والانتماء العربي والدولة العربية الوطنية المعاصرة».
من جهته، رأى حاتم أحمد الصريدي، أستاذ الإعلام والاتصال بجامعة البحرين، أن الهوية العربية تعيش أزمة عميقة تتأرجح بين التشويش المستمر على الهوية الثقافية العربية، والتراجع والاضمحلال للانتماء القومي العربي، بسبب ما تلعبه وسائل الإعلام والاتصال العالمية من دور مؤثر وخفي في تعميق هذه الأزمة.
وتساءل الصريدي عن مدى استفادة العرب من وسائل الإعلام والاتصال، ومدى توظيفها في الدفاع عن الهوية العربية وترسيخ الانتماء القومي.
وخلص الصريدي إلى القول: «إننا نعيش اليوم حرباً ثقافية وحضارية جديدة أكثر ضراوة من أي وقت مضى، تسعى إلى تهميش الهوية وزعزعة الانتماء الوطني، فيما الأسلحة المستخدمة فيها هي أسلحة ذكية غير مرئية تجعل من الفوضى أبرز آلياتها».
من جهته، لاحظ الكاتب والباحث الموريتاني عبد الله ولد أباه، أن المشروع القومي العربي يعاني اليوم من مصاعب كثيرة، نتيجة لأن هذا الأفق السياسي لم يعد فقط يضيق، بل يتفكك ويتلاشى داخل البنية الاجتماعية.
وفي ثاني جلسات الندوة، ركزت إلهام كلاب، رئيسة جامعة اللاعنف وحقوق الإنسان في لبنان، على شخصية بطرس البستاني، على اعتبار أنه عمل على العروبة الثقافية والعروبة اللغوية، كما لم تغب عن فكره يوماً فكرة الوطنية والقومية، فتميز بالشمولية في الرؤية والمصداقية في القول والعمل، مؤكدة أهمية التعلُّم والمعرفة واللغة والمدارس في برنامج تنموي ونهضوي متواصل. وخلصت إلى القول إن البستاني انتقد أبناء العرب الذين يتفاخرون بما أنتجه الأجداد، دون النظر إلى ما يحققونه هم.
أما محمد المعزوز، الأستاذ الجامعي المغربي وعضو الهيئة العليا للاتصال المسموع والمرئي، فانطلق من حديث تعطيل الهوية الثقافية من أجل تعطيل الإحساس بالانتماء الذي تؤطره فكرة العروبة. وأشار إلى القطائع التي حدثت في الوعي النهضوي العربي، قبل أن يتساءل إن كانت الدعوة إلى الديمقراطية من أجل الحفاظ على العروبة، وتحقيق القومية هي دعوة سليمة من الناحية العلمية.
وأعطى المعزوز أمثلة عن القطعية التي حدثت في الفكر الإصلاحي النهضوي بفعل تغييب البعد العلمي. وبعد أن استحضر تنبيه المفكر المغربي عبد الله العروي إلى تضخم المقاربة السياسية لدى القوميين العرب، تساءل المعزوز: «هل نحن بحاجة اليوم إلى السؤال الآيديولوجي السياسي الذي أصابنا كالفيروس لمدة طويلة أم إلى السؤال الإبستيمي المعرفي، وكيف نكون عرباً أمام تحدي الثورة الصناعية الرابعة ووسائل التكنولوجيا بتعددها؟».
بدوره، تحدث الإعلامي المصري حسام السكري، المدير السابق لقناة «بي بي سي - عربي»، عن صعوبة الإجابة عن سؤال «العروبة إلى أين؟»، إذا لم نكن نعرف ما هذه العروبة، ومن هم العرب وأين هم وكيف هم؟ ثم تساءل عن «ما الذي تحققه هذه العروبة للمواطن البسيط؟»، قبل أن يشير إلى أننا صرنا أمام هوية متجددة، ربما تتطور في المستقبل إلى شيء آخر، ربما هوية إنسانية.
من جانبه، أشار كايد هاشم، نائب الأمين العام للشؤون الثقافية لمنتدى الفكر العربي، في معرض مداخلته خلال الجلسة المسائية الثالثة، إلى أن المشكلات التي نشأت عن ضعف الانتماء واضطراب الهوية «ما زالت تعمق التبعية والتجزئة والتخلف، مما يجعل صورة المستقبل ضبابية، خاصة مع فقدان التواصل بين مكونات الشخصية الحضارية، وقصور الإعلام عن تقديم رؤية وخطاب متفاعل مع المجتمعات وقضاياها، يؤكد هوية هذه المجتمعات ومرجعياتها الفكرية وقيمها الثقافية».
من جهته، انطلق الكاتب الصحافي اللبناني إياد أبو شقرا من الإقرار بأنه «ما عاد لنا ما يمكن وصفه بنظام عربي»، ملاحظاً أن كياناتنا العربية حين لا تتمزق من الداخل يثير مغامرون أزمات حدود ونزاعات مطامع مع الأهل والجيران، بل حتى هذه الأزمات والنزاعات تقزمت كثيراً أمام أطماع القوى الإقليمية غير العربية التي ألفت فينا، حسب قوله، ضعفاً مقيماً، فتجرأت علينا.
ورأى أبو شقرا أن مواصلة الهروب إلى الأمام، والبناء على رمال متحركة، لن تعطي النتيجة المتوخاة، قبل أن يخلص إلى القول: «إننا قد لا نتفق على تعريف قاطع للعروبة، لكن هل اتفقنا على بدائل لها؟ وهل هذه البدائل أفضل وأسلم، الشيء الذي يجعل من العروبة أفضل ما لدينا، ولذلك تستحق الإنقاذ؟».
أما الكاتب والباحث العراقي رشيد الخيون، فركز على مكانة غير العرب، من أكراد وتركمان وغيرهم داخل المنطقة العربية، حين يتم التعاطي مع العروبة كآيديولوجيا وسلطة. قبل أن يختم بالتمييز بين الإسلام السياسي العابر للجغرافيا وللوطنية، والوطنية العابرة للهويات.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.