موسكو تحذّر القامشلي من «الانجراف» وراء وعود واشنطن

دعت الغرب إلى رفع العقوبات ودعم ملف عودة اللاجئين

TT

موسكو تحذّر القامشلي من «الانجراف» وراء وعود واشنطن

في استباق لجولة محادثات منتظرة مع قياديين في «مجلس سوريا الديمقراطي»، وجه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، تحذيراً للمكون الكردي في سوريا، وقال إن عليهم «ألا ينجرفوا وراء الوعود الأميركية»، ورأى أن تصرفات واشنطن «تنذر بإشعال المشكلة الكردية ليس في سوريا وحدها بل وفي المنطقة كلها».
وكان مخططاً أن يجري لافروف أمس، جلسة محادثات مع وفد من «مجلس سوريا الديمقراطي» برئاسة إلهام أحمد، لكن وصول الوفد إلى موسكو تأجل بسبب «صعوبات اعترضته على الطريق»، كما أبلغت مصادر «الشرق الأوسط»، وينتظر أن يتم تحديد موعد جديد للمحادثات في بداية الأسبوع المقبل، وفقاً للمصادر.
ورغم ذلك، بدا لافروف حريصاً على توجيه رسالته، وقال خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده أمس، مع سكرتير الكرسي الرسولي للعلاقات الدولية بول ريتشارد غالاغر، إن تصرفات واشنطن الداعمة للميول الانفصالية في شمال شرقي سوريا، سوف تسفر عن تفاقم المشكلة الكردية بشكل لا يقتصر على سوريا بل ويمتد إلى بلدان المنطقة.
وأوضح أنه «يجب أن يشعر الأكراد بأنهم جزء من المجتمع السوري. نحن على اتصال وثيق مع الممثلين الأكراد، ونحن على استعداد للمساعدة في ضمان أخذ مصالحهم المشروعة في الاعتبار بشكل كامل في العمل الجاري على تشكيل إطار سياسي جديد في سياق أنشطة اللجنة الدستورية».
لكنه في مقابل هذه الضمانات بضم الأكراد إلى العملية السياسية وجه إليهم تحذيراً قوي اللهجة، وزاد: «أنصح الأكراد بألا ينجرفوا خلف المغازلة التي يواصلها معهم زملاؤنا الأميركيون، الذين يدفعون الأمور نحو تأجيج النزعات الانفصالية في شرق سوريا. ويحاولون جعل خططهم هذه مصدراً دائماً للتوتر»، وأضاف الوزير الروسي أن «خطط واشنطن موجهة ضد الحفاظ على الدولة السورية، موحدة. وبشكل عام، هذه ألعاب خطيرة يمكن أن تؤدي إلى اشتعال المشكلة الكردية بشكل جدي للغاية في جميع أنحاء المنطقة، لأن أبعادها لا تشمل سوريا وحدها».
وشدد لافروف على أن روسيا تصر على تنفيذ أحكام قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 من قبل جميع الدول، موضحاً أن هذا المدخل يتعلق بضرورة احترام الجميع لسيادة هذا البلد ووحدة أراضيه، و«يجب أن يطبق على من يوجدون بشكل غير قانوني مع وحداتهم العسكرية في أراضي سوريا».
وتطرق إلى ملف اللاجئين، مشدداً على أن «على الغرب أن يتوقف عن تعطيل عودة اللاجئين إلى سوريا».
وزاد أن تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي يتعلق بضرورة توقف الغرب عن محاولات تعطيل المطالب بتهيئة الظروف لعودة اللاجئين إلى الجمهورية العربية السورية. لسوء الحظ، فإن الغرب لا يجمع أموالاً إلا بهدف إبقاء هؤلاء اللاجئين في الدول التي هربوا إليها في السنوات الأولى من النزاع وقبل كل شيء لبنان والأردن وتركيا، ولا يريد أن يعمل شيئاً لإعادة إعمار البنية التحتية لعودة اللاجئين. ودعا الوزير الروسي، الغرب، إلى «رفع العقوبات غير الشرعية وأحادية الجانب عن سوريا في ظروف جائحة (كورونا)».
وأكد لافروف، خلال حديثه، معطيات كانت أعلنتها وزارة الخارجية الكازاخية في وقت سابق، حول ترتيب لقاء جديد لضامني وقف النار في سوريا في إطار «مسار آستانة» أواسط الشهر المقبل.
وقال الوزير الروسي، «أنا متأكد أننا سننظر في خطوات إضافية يمكن اتخاذها بشأن التسوية السورية».
في غضون ذلك، أشارت شبكة «سبوتنيك» الحكومية الروسية إلى تنشيط التحركات الأميركية ميدانياً في شمال شرقي سوريا بهدف توجيه رسالة دعم إلى الأكراد على خلفية تفاقم التوتر أخيراً في المنطقة.
ونقلت «سبوتنيك» عن مصادر محلية، أن القوات الأميركية سيرت دورية عسكرية على أطراف بلدة تل تمر بريف الحسكة الشمالي الغربي، وقام الجنود الأميركيون بالتجول داخل البلدة سيراً على الأقدام، بالإضافة إلى استطلاع المنطقة، مشيرة إلى أن التطور الميداني تزامن مع تحليق مكثف للمروحيات الروسية في أجواء المنطقة. ووفقاً للمصادر، فإن الهدف من تجوال الدورية «رفع معنويات قوات (قسد) في منطقة تل تمر، التي شهدت خلال الأيام الأخيرة وصول تعزيزات عسكرية كبيرة للتنظيمات الموالية للجيش التركي إلى نقاط التماس بمحيط بلدة أبو راسين، كما أنها تتزامن أيضاً مع توجه وفد رفيع المستوى لـ(مسد) إلى العاصمة الروسية موسكو لإجراء مباحثات مع وزير الخارجية».
وقالت الشبكة الإعلامية الروسية، نقلاً عن مصادرها، إن «التحرك الأميركي يستهدف أيضاً البحث عن موقع لقاعدة عسكرية جديدة تنوي القوات الأميركية إنشاءها في المنطقة الأمر الذي يعقد التهديدات التركية باجتياحها».
وزادت أن قوات أميركية، سيرت أيضاً، دورية عسكرية بريف مدينة المالكية أقصى شمال شرقي سوريا، وانطلقت الدورية من مطار تل حجر الزراعي بريف المالكية الجنوبي الغربي، الذي تستخدمه القوات الأميركية كمهبط للطيران وكقاعدة عسكرية.
وتألفت الدورية من 4 مدرعات عسكرية من دون أن يرافقها غطاء جوي واتجهت نحو الريف الجنوبي للمدينة، وتزامن تسيير الدورية مع تحليق لحوامتين روسيتين في ريفي المالكية الشمالي والغربي.
إلى ذلك، أعلنت الخارجية الروسية أن مبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، أجرى جولة محادثات أول من أمس، مع رئيس منصة موسكو للمعارضة السورية قدري جميل.
وجرى خلال اللقاء، وفقاً لبيان الخارجية، تبادل معمق لوجهات النظر حول تطورات الوضع في سوريا، بما في ذلك الجوانب الاقتصادية والإنسانية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».