مصدران يؤكدان عدم استئناف مكتب «الجزيرة» عمله بالقاهرة

بعد حملة إعلانات للقناة في شوارع بالعاصمة المصرية

TT

مصدران يؤكدان عدم استئناف مكتب «الجزيرة» عمله بالقاهرة

قال مصدران مصريان، أحدهما رسمي، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن قناة (الجزيرة) لم تستأنف بعد عملها عبر مكتب يعمل بصورة رسمية في القاهرة، مستبعدين ربط ذلك بحملة ترويجية بشأن انطلاقة جديدة للفضائية الإخبارية القطرية في شوارع العاصمة المصرية.
وقال مصدر رسمي على اتصال بالملف، إن «عاملين بالقناة زاروا القاهرة خلال الشهور الماضية، وطلبوا التعاون في إعداد تقارير أو لقاءات محدودة، وتم الترحيب بهم في ضوء علاقات الاحترام المتبادل، والعلاقات الآخذة في التطور، غير أنه لم يطرأ حتى الآن (مساء أمس) أي جديد بشأن استئناف عمل المكتب بشكل كامل ورسمي».
ونقلت مواقع إخبارية محلية صوراً للوحات إعلانات عملاقة، قال موقع «المصري اليوم» إنها توجد أعلى كوبري 6 أكتوبر الحيوي في القاهرة، وأظهرت الإعلانات شعار القناة وتحتها جملة: «اكتشف القالب الإخباري الجديد الآن... الجزيرة انطلاقة تتجدد».
وشهدت المملكة العربية السعودية في يناير (كانون الثاني) الماضي توقيع «اتفاق العُلا» لإنهاء الخلاف بين الرياض والقاهرة والمنامة وأبوظبي من جهة، وبين الدوحة من جهة أخرى، وذلك بعد نحو أربع سنوات من قطع العلاقات. كما التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد في بغداد بشكل ثنائي في أغسطس (آب) الماضي، فضلاً عن لقاء عابر على هامش قمة المناخ، التي استضافتها بريطانيا مطلع الشهر الحالي.
وأفاد مصدر مصري آخر مطلع على ملف العلاقات المصرية - القطرية، بأن القناة «لم تتقدم بعد بطلب رسمي لاستئناف عملها، غير أن الحملة الترويجية بشأن انطلاقاتها، التي ترتبط بإطلالة جديدة للقناة عموماً في ذكرى تأسيسها، وليس في إطار حملة محلية موجهة لمصر، تشير إلى رغبة قطرية في العودة للعمل بشكل كامل ورسمي، فضلاً عن كونها إشارة مصرية بعدم الممانعة، وفق مصالح القاهرة».
ومرت علاقة «الجزيرة» مع مصر بتطورات لافتة خلال الشهور الماضية، إذ أجرت مداخلة هاتفية في مايو (أيار) الماضي مع المتحدث باسم الخارجية المصرية، أحمد حافظ. كما أدلى وزير الخارجية سامح شكري، بحديث إلى القناة أثناء زيارته للدوحة في يونيو (حزيران) الماضي، فيما التقت مراسلة القناة شيرين أبو عاقلة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وزير الري المصري محمد عبد العاطي، داخل مقر وزارته بالقاهرة، وأجريا جولة على نهر النيل أدلى خلالها بتصريحات حول تطورات ملف «سد النهضة».
واتخذ ملف استعادة العلاقات السياسية والوزارية المصرية - القطرية مساراً متسارعاً خلال الأسابيع القليلة الماضية، عبر لقاءات جمعت وزراء وسفراء من البلدين، تطرقت لعلاقات التعاون وآليات تعزيزها، حيث التقى وزير النقل المصري، كامل الوزير، ونظيره القطري جاسم بن سيف السليطي؛ في إطار أعمال «الدورة 34 لمجلس وزراء النقل العرب».
بدوره، قدر أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، الدكتور صفوت العالم، أن «متابعة الأداء التحريري لـ(الجزيرة) فيما يتعلق بالشأن المصري خلال الفترة الماضية، يشير إلى ما وصفه بـ(تعديل تكتيكي) في لغة الخطاب المستخدمة تجاه القاهرة، مع الإبقاء على بعض المعالجات ذات السمة الناقدة».
وقال العالم لـ«الشرق الأوسط»، إنه «من غير المتصور أن تغير (الجزيرة) معالجاتها بشكل كامل تجاه مصر أو غيرها، خصوصاً أنها تعرف طبيعة جمهورها، لكن إدارة القناة لن تتوان عن إنجاز ما تستطيع للتماهي مع التطورات المتعلقة بلقاءات قادة البلدين، واستئناف العمل من عاصمة عربية بارزة ومهمة لتغطيتها مثل القاهرة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.