وزير الخارجية اليمني: انشقاقات كبيرة بين الحوثيين وصالح تسببت في خسائر على الميدان

ياسين قال لـ {الشرق الأوسط} إن الحكومة رصدت جرائم «أنصار الله» وتملك ملفًا متكاملاً لعلاقة صالح بتنظيم القاعدة في المكلا

مسلحون من {الحراك الجنوبي} بجانب سيارة اسعاف أصيبت جراء هجمات الحوثيين في عدن أمس (أ.ف.ب)
مسلحون من {الحراك الجنوبي} بجانب سيارة اسعاف أصيبت جراء هجمات الحوثيين في عدن أمس (أ.ف.ب)
TT

وزير الخارجية اليمني: انشقاقات كبيرة بين الحوثيين وصالح تسببت في خسائر على الميدان

مسلحون من {الحراك الجنوبي} بجانب سيارة اسعاف أصيبت جراء هجمات الحوثيين في عدن أمس (أ.ف.ب)
مسلحون من {الحراك الجنوبي} بجانب سيارة اسعاف أصيبت جراء هجمات الحوثيين في عدن أمس (أ.ف.ب)

كشف وزير الخارجية اليمني، رياض ياسين، أن انقسامات وانشقاقات ظهرت على السطح في عدد من المدن وتحديدا عدن، بين جماعة الحوثيين والموالين لهم في الحرب على الشرعية الدولية أتباع علي عبد الله صالح، موضحا أن الانقسامات رصدت ويجري التعامل معها.
وأضاف ياسين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الانشقاقات التي رصدت بشكل كبير وواسع تسببت في انهيار كامل بين جبهة الحوثيين وعلي عبد الله صالح، ولذلك ما ينقل عن الموقف الروسي الآن هو محاولة لإنقاذ هذه الجماعات، إذ يطالب بهدنة لإعادة ترتيب أوراق جماعات الحوثيين وعلي صالح واستعادة شيء من قدراتهم في مواجهة التحالف.
وعن الذين سلموا أنفسهم للجان الشعبية من قبل هذه الميليشيات، قال وزير الخارجية اليمني إن أعداهم ليست كبيرة، وفي العموم إن الأعداد التي تدخل في مواجهات مع اللجان الشعبية لا يشكلون رقما كبيرا، كما أنهم غير منظمين، ويعمدون إلى إثارة الفوضى في مناطق مختلف يدخلون إليها.
وأكد وزير الخارجية أثناء حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن اللجان الشعبية قوية على الأرض وتقوم بأدوار مهمة في مواجهة هذه الميليشيات، إلا أن الحوثيين لا يعملون وفقا للمعارك التقليدية، وإنما يعمدون إلى معارك «الكر والفر»، ويحاولون نقلها داخل الأحياء السكنية، حتى يتسببوا في أكبر عدد من الخسائر البشرية، خصوصا أن مدينة عدن مدينة مزدحمة ومنازلها متلاصقة، وهذا الفصيل لا يكترث لضرب أي مصدر خفيف بآليات ثقيلة منها «مدافع الهاون والبازوكة»، وهذه الاشتباكات تكون في داخل الأحياء وليس لها أي جدوى سوى إثارة كثير من الاضطرابات، كذلك البحث عن الزخم الإعلامي الذي من خلاله تحطم معنويات المتابعين من مواطنين.
وأشار ياسين إلى أن الأثر الناجم عن تزويد اللجان الشعبية بالعتاد من قبل قوات التحالف كان إيجابيا، ومن خلاله استطاعت اللجان السيطرة على عدد كبير من النقاط الأساسية، ومنعت تحرك الحوثيين وأتباع علي عبد الله صالح في مناطق متعددة، لافتا إلى أن ما يدور الآن من عمليات يبدو أنه بتنسيق ما بين الحوثيين وصالح على الأرض، وما بين إيران وروسيا.
وكانت قوات التحالف قامت أول من أمس بإمداد اللجان الشعبية بالأسلحة، التي ساعدتهم في طرد الميليشيات الحوثية من داخل القصر الرئاسي، بينما استهدفت طائرات التحالف عربات ومدرعات في جزيرة ميون، التي تقع في مضيق باب المندب، وكذلك عدد كبير من صواريخ سكود التي يتم تحريكها بشكل مستمر. وقال في حينه العميد ركن أحمد عسيري، المتحدث باسم قوات التحالف، مستشار وزير الدفاع السعودي، إن قوات التحالف قامت فجر الجمعة الماضي بعملية إسقاط بهدف الدعم اللوجيستي للجان الشعبية في عدن، التي استطاعت تغيير الوضع على الأرض وطرد عناصر الميليشيات الحوثية من داخل القصر الرئاسي والمناطق التي سيطروا عليها.
وعاد رياض ياسين وزير الخارجية اليمني ليؤكد أن ما تقوم به روسيا قوبل باستهجان من القيادة الشرعية، لأنهم بذلك يريدون أن يغيروا الواقع على الأرض، ويستطيع أن يتفاوض من خلالها الحوثي وأتباعه، ويطالب بمنع الأسلحة ووقف الضربات العسكرية حتى تلتقط ميليشيات الحوثيين أنفاسها وتعيد السيطرة وتصبح واقعا على الأرض.
وعن الرد الدبلوماسي حول تحرك روسيا ودعواتها للحوار ووقف عاصفة الحزم، قال ياسين إن على روسيا قبل أن تقدم هذا المشروع أن تطلب من الحوثيين وجماعة علي عبد الله صالح أن يتوقفوا عن مهاجمة عدن وضرب المساكن، وأن ينسحبوا من المدن وخصوصا مدينة عدن، ويعودوا من حيث قدموا، حينها (والحديث لوزير الخارجية اليمني) يمكن أن نتحدث عن أي مشروع أو قرار أو هدنة، أما أن يستمروا في هذا الهجوم الوحشي على مدينة عدن فأعتقد هذا الكلام مرفوض، وروسيا بهذا الاقتراح تريد أن تسحب اليمن إلى ما يحصل في سوريا، وتكون طرفا في هذه الأزمة، وتمتلك ورقة تستطيع أن تستخدمها في أي وقت، مع تمكين الحوثيين وعلي عبد الله صالح لاستعادة قدراتهم على الأرض.
وفي سياق متصل، قال وزير الخارجية اليمني لـ«الشرق الأوسط» إن جرائم الحوثيين وعلي عبد الله صالح رصدت من قبل الحكومة، وكل الوقائع رفعت إلى الجهات الدولية ويجري تزويدهم أولا بأول لكل الجرائم، إلا أن إجراءات هذه المنظمات في طرح ومناقشة هذه القضايا للنظر فيها يأخذ كثيرا من الوقت.
ولفت إلى أن هناك ملفا كاملا حول ارتباط علي عبد الله صالح بـ«القاعدة» في المكلا، والمدعوم بكثير من الدلائل التي رصدت حول هذا الموضوع، إضافة إلى عمليات القتل وهدم المساجد في صنعاء، إلا أن المشكلة تكمن في تحرك المنظمات الدولية.
وشدد ياسين على أنه لولا تحرك الحكومة السعودية، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والعمل الإنساني الذي قام به مع دول مجلس التعاون الخليجي في عملية «عاصفة الحزم» في الوقت المناسب والسريع لوقف هذه الميليشيات التي تقتل الأبرياء، لأصبحت هناك كارثة إنسانية، ولو انتظرنا منظمات الأمم المتحدة وقراراتها لبقي الوضع على ما هو عليه سنوات عدة ونحن نركض للنظر في القضايا الإنسانية داخل اليمن.
وفي معرض رده إن كانت قيادة قوات التحالف سوف تقوم بعمل إنزال في عدن، قال وزير الخارجية اليمني إن القيادة اليمنية الشرعية تقدمت بشكل رسمي لقوات التحالف للقيام بعمليات إنزال بحري في عدن، وطالبنا أن تكون هناك مناطق آمنة حتى نتمكن من تقديم الخدمات الإنسانية والطبية للمصابين وكل المواطنين اليمنيين في مناطق محددة، إضافة إلى إتاحة الفرصة للقيادة الشرعية لإدارة اللجان الشعبية وتنظيم قوات الجيش الموالية للشرعية، وترتيب الأوراق على الأرض، وكل يوم يمضي تزاد أهمية وجود مناطق آمنة في مواقع الصراع، تحت رعاية دول التحالف، وقيادة التحالف تدرس هذا الطلب، وأعتقد أنه في القريب سيكون ما نطمح إليه من تحرك.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».