واشنطن «تواصل» النظر في تصنيف «كيانات حوثية» على قوائم الإرهاب

ليندركينغ لـ«الشرق الأوسط»: هجمات الجماعة تقتل مدنيين من ضمنهم أطفال في مأرب

المبعوث الأميركي إلى اليمن تيم ليندركينغ (الخارجية الأميركية)
المبعوث الأميركي إلى اليمن تيم ليندركينغ (الخارجية الأميركية)
TT

واشنطن «تواصل» النظر في تصنيف «كيانات حوثية» على قوائم الإرهاب

المبعوث الأميركي إلى اليمن تيم ليندركينغ (الخارجية الأميركية)
المبعوث الأميركي إلى اليمن تيم ليندركينغ (الخارجية الأميركية)

على مدار 9 أشهر، انخرط تيم ليندركينغ المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن، في لقاءات وزيارات إلى المنطقة العربية تجاوزت الـ13 مرة، وذلك من أجل «تحقيق السلام» وإنهاء الصراع في البلاد، وتفعيل الحوار السياسي بين الفرقاء اليمنيين. إلا أن الجهود الأميركية «المتناغمة علناً» مع الأمم المتحدة، لم توقف إطلاق النار بشكل نهائي، ولم تنهِ الصراع المستمر في البلاد على مدار 7 أعوام.
«الشرق الأوسط» حاورت المبعوث الأميركي ليندركينغ، وحاولت معرفة ماذا يحمل المسؤول الأميركي من «أدوات» لإحلال السلام، خصوصاً أنه ليس بجديد على المنطقة، حيث عدّ 5 إنجازات يعتقد أنه استطاع تحقيقها منذ تنصيبه في فبراير (شباط) الماضي، وهي: الانخراط بشكل مكثّف مع أطراف الصراع، وخلق إجماع دولي حول القضية، وتصنيف الكثير من قادة الحوثي والشبكات المالية التابعة لهم في قوائم العقوبات، ورفع مستوى المساعدات الإنسانية، وأخيراً دعم المبعوث الأممي... وفيما يلي نص الحوار:
> ما الذي حققته خلال رحلاتك إلى المنطقة التي تجاوزت 10 مرات منذ أصبحت مبعوثاً خاصاً؟
- منذ أن تسلمت منصبي، انخرطتُ بشكل مكثف مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة والزعماء اليمنيين والإقليميين لتقديم حل دائم يحسّن حياة اليمنيين ويخلق مساحة لتقرير مستقبلهم بشكل جماعي. وقد تُرجمت هذه الزيارات إلى لبنات بناء مهمة، لتمهيد الطريق للسلام في اليمن من بينها: أولاً، ساعدنا في بناء إجماع دولي وإقليمي غير مسبوق بشأن الحاجة إلى وقف فوري وشامل لإطلاق النار، وتفعيل الحل السياسي، وأعلنت الحكومتان اليمنية والسعودية دعمهما لوقف إطلاق النار، واستئناف المحادثات السياسية، كما رأينا سلطنة عمان تلعب دوراً إقليمياً حاسماً واستباقياً.
ثانياً، صنّفت الولايات المتحدة الكثير من قادة الحوثيين والشبكات المالية التابعة لها في قوائم العقوبات، وهذا له تأثير حقيقي على عمليات الحوثيين، وسنواصل متابعة تصنيف الأفراد والكيانات التي تعزز عدم الاستقرار وترتكب فظائع ضد المدنيين.
ثالثاً، اتخذت الولايات المتحدة خطوات حيوية لتخفيف الوضع الإنساني، وهي واحدة من كبرى الجهات المانحة للاستجابة الإنسانية، إذ قدّمنا قرابة 4 مليارات دولار للتخفيف من معاناة الشعب اليمني منذ بدء الأزمة قبل نحو 7 سنوات. كما ساعدت دعوة الولايات المتحدة مع المانحين الآخرين، في جعل اليمن أحد أكثر نداءات الأمم المتحدة تمويلاً. ومع ذلك، فإننا ندرك أنه لا تزال هناك حاجة إلى المزيد.
رابعاً، ندرك أن المساعدة الإنسانية وحدها لا تكفي، لذا يجب علينا أيضاً معالجة الدوافع الاقتصادية للأزمة، حيث تعمل الولايات المتحدة أيضاً مع شركاء آخرين لتقديم الدعم الاقتصادي، ودفع الإصلاحات الحاسمة اللازمة لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد اليمني. وقد شمل ذلك مطالبة بحل أزمة الوقود، حيث شجعنا الحكومة اليمنية على تخليص سفن الوقود المنتظرة خارج ميناء الحديدة، وهناك حاجة إلى حل أكثر ديمومة يعالج أيضاً تلاعب الحوثيين بالأسعار وتخزين الوقود.
وأخيراً، عملنا بشكل وثيق مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة وشركاء دوليين آخرين لتشجيع عملية سلام جديدة وأكثر شمولاً بقيادة الأمم المتحدة، ولكن للأسف رغم كل هذه الخطوات، يواصل الحوثيون مفاقمة الأزمة الإنسانية وعرقلة السلام. وسيستغرق الأمر جهود المجتمع الدولي المشتركة لإنهاء هذا الصراع، جنباً إلى جنب مع الجهود المبذولة لتضخيم أصوات الغالبية العظمى من اليمنيين الذين يطالبون بالسلام. أنا وفريقي ملتزمون بهذه المهمة ونؤمن بها، لأن «السلام ممكن».
> ما رأيك في انخراط الحوثيين مع المحادثات؟ هل تعتقد أنهم يريدون السلام حقاً؟
- كان الحوثيون يشاركون في بعض الأحيان بشكل بنّاء في المحادثات، إلا أنهم لم يُظهروا التزاماً حقيقياً بعملية السلام. وتدين الولايات المتحدة جميع هجمات الحوثيين. كما قال الوزير (أنتوني) بلينكن سابقاً: «سيعاني المدنيون ما دامت الهجمات العسكرية الوحشية للحوثيين مستمرة»، وسبق أن أصدر أعضاء مجلس الأمن بياناً مشتركاً دعا إلى وقف فوري لإطلاق النار على مستوى البلاد، وأدان هجمات الحوثيين المستمرة في اليمن والسعودية.
إن هجمات الحوثيين على مأرب تقتل المدنيين بمن فيهم الأطفال الصغار، وتعرّض أكثر من مليون يمني نازح داخلياً لخطر جسيم، وتعد الإجراءات الحوثية الأخيرة في مديرية العبدية أحدث مثال على تجاهل الحوثيين الصارخ لحماية المدنيين، ومن خلال ارتباطاتي مع الشعب اليمني، لا أزال أسمع باستمرار اليمنيين ينادون بالسلام، ولا يمكن للحوثيين تجاهل أصوات الناس المطالبين بوقف هذا العنف. هذه لحظة حاسمة بالنسبة إلى الحوثيين لإثبات أنهم يريدون حقاً السلام والأمن والاستقرار، ومستقبلاً مزدهراً لليمنيين.
> هل كان من الخطأ إزالة الحوثيين من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية؟
- ألغت الولايات المتحدة تصنيف جماعة «أنصار الله» والتي يشار إليها أحياناً باسم الحوثيين من القائمة الإرهابية، وهو إجراء من أجل تجنب العواقب الإنسانية السلبية غير المقصودة، حيث يتم استيراد 90% من السلع الأساسية في اليمن، من قبل الشركات الخاصة. وبدافع الحذر الشديد، ربما تكون هذه الشركات ستنخرط في الامتثال للعقوبات، مما قد يشكّل تأثيراً كبيراً على الواردات إلى اليمن، وسيعاني اليمنيون أكثر من دون تلك الواردات.
ونواصل النظر في تصنيف أفراد وكيانات الحوثيين وغيرهم، ممن يموّلون عدم الاستقرار في اليمن عند الاقتضاء، بما في ذلك أولئك الذين يرتكبون فظائع ضد المدنيين.
> أدانت وزارة الخارجية مراراً وتكراراً تصرفات الحوثيين، لكن الجماعة تتجاهل دعوات السلام تلك. ماذا ستفعلون الآن بعد تجاهلهم؟
- الأمر يتطلب جهود المجتمع الدولي المشتركة لإنهاء هذا الصراع، لقد ساعدنا في بناء جبهة دولية أكثر اتحاداً ضد هذه الحرب، وسنواصل معاً المساعدة في توفير مساحة للناس لتقرير مستقبلهم. يستحق اليمنيون بديلاً أفضل للقمع والصراع المستمر. دور المجتمع الدولي هو المساعدة في تضخيم أصواتهم، ودعوتهم إلى السلام. وسوف نعطي الأولوية للتنسيق مع المجتمع الدولي، وذلك للدفع بقرار دائم من شأنه تحسين حياة اليمنيين.
> هل تعتقد أن مبادرة السلام للأمم المتحدة تعمل بشكل جيد؟ إذا كان الأمر كذلك، فكيف؟
- تدعم الولايات المتحدة بقوة جهود المبعوث الخاص الجديد للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ، لتطوير خريطة طريق لعملية سلام جديدة وأكثر شمولاً بقيادة الأمم المتحدة، رأيناه يسافر ويتعامل مع أطراف مختلفة، ويستمع إلى وجهات نظر متنوعة لتحقيق هذا الهدف، ونتطلع إلى سماع المزيد عن خريطة الطريق الخاصة به قريباً.
> إذاً ما الحل الواقعي على الأرض للصراع اليمني برأيك؟
- سوف يستغرق حل هذا الصراع بعض الوقت، لدينا الكثير من لبنات البناء موجودة بالفعل. ولكن، سوف يتطلب الأمر تضافر جهود المجتمع الدولي وتصميمه على إنهاء هذا الصراع. السلام في اليمن قد لا يكون سهلاً، لكننا نعلم أنه ممكن.
> إيران لها تأثير سلبي على الحوثيين وهو ما قلته سابقاً في خطاباتك، ما الذي يمكن فعله لتحويل هذا التأثير إلى إيجابي؟ هل تعتقد أن المحادثات بين السعودية وإيران قد تنعكس إيجابياً على اليمن؟
- تؤيد الولايات المتحدة الحوار بين دول المنطقة لمصلحة الأمن والاستقرار. ولكن بشكل عام، لم نرَ إيران تلعب أي دور إيجابي في اليمن، وقلنا ذلك منذ فترة طويلة، إذا أرادت إيران أن تُظهر أنها يمكن أن تكون جهة فاعلة ومسؤولة، فعليها أن تبدأ بإنهاء تدخلها في الصراع في اليمن.


مقالات ذات صلة

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية أرشيفية لبقايا صاروخ بالستي قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق من اليمن وسقط بالقرب من مستوطنة تسور هداسا (إعلام إسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت)، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت صاروخاً أطلق من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.