كتب دراسية حوثية «مفخخة» في صنعاء

TT

كتب دراسية حوثية «مفخخة» في صنعاء

أفادت مصادر تربوية يمنية بأن الميليشيات الحوثية شرعت حديثاً في بيع وتوزيع نسخ من المناهج الدراسية الجديدة المفخخة طبعة 2022 لعدد من الوكلاء وملاك المكتبات والأكشاك وباعة الأرصفة في العاصمة صنعاء، وذلك بالتوازي مع رفض مجتمعي واسع لتلك المناهج وتدني الإقبال من قبل الطلاب وأولياء الأمور على اقتنائها لعدم قناعتهم بما تحمله في طياتها من مضامين ودروس حوثية تحريضية.
ورغم أن ميليشيات الانقلاب في صنعاء لم تطبع سوى نسخ قليلة من المناهج الجديدة ذات الصبغة الإيرانية، فإنها وحسب ما أكدته المصادر ذاتها، لـ«الشرق الأوسط»، حضت المدارس الحكومية والخاصة وأولياء أمور طلاب المراحل التعليمية على المسارعة لاقتناع المناهج الجديدة المعدلة أو تنزيلها على شكل ملفات من موقع الوزارة على الشبكة العنكبوتية.
ونظراً لما تعانيه معظم الأسر اليمنية من أوضاع معيشية صعبة، فقد أكدت المصادر أن الكتاب الواحد يتراوح سعره في الأسواق والأرصفة والأكشاك التي تديرها الميليشيات ما بين 800 و1200 ريال.
وأوضحت المصادر أن وزارة التربية التابعة لحكومة الانقلابيين غير المعترف بها التي يديرها شقيق زعيم الميليشيات المدعو يحيى بدر الدين الحوثي استبقت كل إجراءاتها تلك بإصدار تعليمات لجميع المدارس بمناطق سيطرتها تحضها على إنهاء التعامل مع المناهج الدراسية التي وصفتها بـ«القديمة» والشروع بتدريس المناهج الجديدة ابتداء من الفصل الدراسي الثاني.
وأشارت إلى أن من بين الكتب الدراسية التي ألغتها الميليشيات واستبدلتها بأخرى معدلة: «القرآن الكريم، والتربية الإسلامية والتاريخ والجغرافيا والتربية الوطنية والتأريخ وغيرها».
وفي السياق، كشف معلمون وعاملون تربويون في صنعاء عن بعض الاستحداثات والتغييرات الحوثية التي طالت المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة.
واعتبروا أن تلك الاعتداءات بحق مناهج التعليم تأتي في إطار التدمير الحوثي الممنهج للعملية التعليمية وتحويلها إلى مصدر لتمويل أنشطة الجماعة ومخططاتها الإجرامية.
وقال التربويون، الذين فضلوا عدم الكشف عن هوياتهم، لـ«الشرق الأوسط»، إن بعض التغييرات الحوثية الجديدة التي طرأت على أغلب مواد التعليم بمرحلته الابتدائية شملت استحداث دروس تمجد تاريخ الجماعة الحوثية منذ اقتحامها صنعاء ومدن أخرى وما أعقب ذلك من مشاهد وأحداث.
ولفتوا إلى أن الكتب الدراسية الحوثية المطبوعة تضمنت أيضاً دروساً تحريضية ضد قوى محلية ودولية وتخللها دعوات للقتال بصفوف الميليشيات تحت مسمى «الجهاد»، إلى جانب احتوائها على أخطاء وصفت بـ«الكارثية» في آيات من القرآن الكريم وتفسير معانيها التي سخرت لخدمة أجندات وأفكار الجماعة وأجنداتها.
وتوالياً لمسلسل التدمير المنظم لقطاع التعليم في مناطق سيطرة الجماعة واستحداث الميليشيات لمناهج دراسية محرفة بغية غسل أدمغة وعقول الأطفال بقصص خيالية، اتهمت دراسة يمنية حديثة الانقلابيين بإجرائهم تعديلات جديدة على مواد تعليمية عدة بينها التربية الإسلامية والقرآن الكريم والعلوم الاجتماعية وغيرها من المواد الخاصة بمرحلة التعليم الابتدائية.
وقالت الدراسة الصادرة عن مركز صنعاء للدراسات إن الجماعة وعبر بوابة وزارة التربية الخاضعة تحت سيطرتها في العاصمة المختطفة أعدت منهجاً جديداً معدلاً للعام الدراسي 2021 – 2022، وأدخلت عليه دروساً بديلة مقابل تعديلها وحذفها دروساً أخرى كانت أصيلة وتشمل الحقوق المدنية ودور المرأة وتاريخ الشخصيات المؤثرة التي شكلت تاريخ اليمن.
وكان تقرير جديد لمنظمة إنقاذ الطفولة، كشف قبل أيام عن أن أكثر من 60 في المائة من أطفال اليمن لم يعودوا إلى الفصول الدراسية العام الماضي بعد أن تعرضت مدارسهم للهجوم.
وقال التقرير إن طفلاً من بين كل خمسة أطفال شملهم استطلاع للمنظمة واجه حادثة أمنية في طريقه إلى المدرسة مما عرض حياته للخطر وتعرض تعليمه للخطر، ومن بين تلك الحوادث عمليات الخطف أو محاولات الخطف وتصاعد العنف والتحرش.
وذكر أنه في السنوات الخمس الماضية، تعرضت أكثر من 460 مدرسة للهجوم، بما في ذلك وسط تبادل إطلاق النار، فيما تضررت أكثر من 2500 مدرسة واستخدمت كملاجئ جماعية للعائلات النازحة أو احتلتها الجماعات المسلحة، مما أدى إلى إجبار نحو 400 ألف طفل على ترك المدرسة.
وقال التقرير: لقد قلبت الحرب، التي أشعلت فتيل نيرانها الميليشيات، عقوداً من المكاسب التعليمية لأطفال اليمن ولا يمكننا السماح بتعرض تعليم الأطفال لمزيد من الخطر. الأطفال هم مستقبل هذا البلد، ونحن بحاجة إلى التأكد من حماية تعليمهم.
وحثت المنظمة، جميع أطراف النزاع على وقف الهجمات ضد المدارس ونزع السلاح من المدارس وحماية الأطفال في أوقات النزاع المسلح وضمان وصول المساعدات الإنسانية حتى يتمكن الأطفال من الوصول إلى التعليم بأمان. كما دعت المانحين الدوليين في مؤتمر المدارس الآمنة إلى دعم التدخلات التعليمية الطارئة حتى يتمكن الأطفال اليمنيون من إعادة بناء مستقبلهم.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».