انتقادات واسعة لـ«دور حزب الله التدميري» ودعوات لاستقالة قرداحي

رؤساء الحكومات السابقون: لبنان عاجز عن تحمل انتكاسات نتيجة انحراف السياسة الخارجية

البطريرك الراعي دخل على خط الاتصالات مع فرنجية وقرداحي (رويترز)
البطريرك الراعي دخل على خط الاتصالات مع فرنجية وقرداحي (رويترز)
TT

انتقادات واسعة لـ«دور حزب الله التدميري» ودعوات لاستقالة قرداحي

البطريرك الراعي دخل على خط الاتصالات مع فرنجية وقرداحي (رويترز)
البطريرك الراعي دخل على خط الاتصالات مع فرنجية وقرداحي (رويترز)

حملت قوى سياسية لبنانية، الحكومة اللبنانية و«حزب الله»، مسؤولية تدهور العلاقات مع العمق العربي للبنان، مطالبة باستقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، بعد تصريحاته المسيئة للدول الشقيقة، كمدخل لمحاولة معالجة الأزمة الناشئة التي قادت لبنان إلى «عزلة عربية غير مسبوقة في تاريخه»، حسب ما قال رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، فيما تصاعدت الإدانات لمواقف «حزب الله» و«هيمنته على قرار الدولة»، حسب ما قال حزب «القوات اللبنانية».
واستنكر الرؤساء السابقون للحكومة فؤاد السنيورة وسعد الحريري وتمام سلام، وأدانوا المواقف الخارجة عن الأصول والأعراف والمواثيق العربية والدبلوماسية والأخلاقية التي صدرت عن وزير الإعلام في الحكومة جورج قرداحي، سواء تلك التي أدلى بها قبل تشكيل الحكومة، أو بطبيعة التبريرات التي صدرت عنه بعد ذلك، لأنها أصبحت «تشكل ضربة قاصمة للعلاقات الأخوية والمواثيق والمصالح العربية المشتركة التي تربط لبنان بالدول العربية الشقيقة، تحديداً مع دول مجلس التعاون الخليجي، لا سيما مع المملكة العربية السعودية».
وشددوا على أن «الخطوة الأولى المطلوبة، وفي الحد الأدنى، هي في أن يدرك الوزير المعني إلى ما أوصلته مواقفه من إِضرار بالمصلحة الوطنية العليا للبنان، وبالتالي في أن يبادر ويسارع إلى تقديم استقالته»، مشددين على أن «استمراره في الحكومة أصبح يشكل خطراً على العلاقات اللبنانية - العربية وعلى مصلحة لبنان وعلى مصالح اللبنانيين في دول الخليج العربي وفي العالم».
وقال رؤساء الحكومات السابقون: «لبنان لم يعد قادراً على تحمل الضربات والانتكاسات المتوالية التي وقعت، وألمت به، نتيجة انحراف السياسة الخارجية للبنان بشكل مخالف للسياسة التي أعلنت الحكومات اللبنانية المتعاقبة عن التزامها بها لجهة النأي بالنفس عن الصراعات والمحاور الإقليمية والدولية، وذلك بالانضمام إلى المحور الذي تقوده إيران في المنطقة، وكذلك من خلال الدور التدخلي والتدميري الذي اضطلع به (حزب الله) منذ انخراطه في الأزمات والحروب العربية انطلاقاً من التورط بالحرب السورية، مروراً بالتورط في أزمة العراق وفي الكويت، ووصولاً إلى التورط في حرب اليمن التي تشنها إيران على المملكة العربية السعودية وعلى دول الخليج».
وأكد الرؤساء السابقون أن «لا حلول تكفي لمعالجة هذه الانهيارات التي يعاني منها لبنان واللبنانيون من دون تصحيح وتصويب حقيقي لذلك الاختلال الكبير في السياسات المتبعة من قبل الفرقاء المسيطرين على القرار في لبنان».
ولفت البيان إلى أن «ازدواجية السلطة تفاقمت إلى أن ظهر على السطح إطباق الدويلة على الدولة، فبات لبنان يتحمل أوزار مواقف لا تمت لمصالحه بصلة ولا تتناسب مع تقاليده ونمط عيشه وأصول العيش المشترك». وقال الرؤساء السابقون للحكومة، «لقد طفح الكيل أيها السادة ولبنان لا يمكن أن يكون إلا عربياً مخلصاً متمسكاً بإخوانه الذين أسهموا في دعم استقلاله وحرياته وسيادته وتألقه وتفوقه».
وجاء موقف الرؤساء بعد موقف مماثل من رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، أكد فيه أن وصول العلاقات بين لبنان وبين المملكة العربية السعودية وسائر دول الخليج العربي إلى هذا الدرك من انعدام المسؤولية والاستقواء بالأفكار المنتفخة، «فهذا يعني بالتأكيد أننا بتنا كلبنانيين نعيش فعلاً في جهنم»، واصفاً السياسات المتبعة بأنها «رعناء واستعلاء باسم السيادة والشعارات الفارغة قررت أن تقود لبنان إلى عزلة عربية غير مسبوقة في تاريخه». أما ثمن العزلة «فسيتم دفعها من رصيد الشعب اللبناني المنكوب أساساً باقتصاده ومعيشته، ويتعرض يومياً لأبشع الإهانات، دون أن ترف لأهل الحكم وحماته من الداخل والخارج جفون القلق على المصير الوطني»، حسب ما قال الحريري الذي أشار إلى أن «المسؤولية أولاً وأخيراً تقع في هذا المجال على (حزب الله)، الذي يشهر العداء للعرب ودول الخليج العربي، وعلى (العهد) الذي يسلم مقادير الأمور لأقزام السياسة والإعلام والمتطاولين على كرامة القيادات العربية».
وأكد الحريري «أن السعودية وكل دول الخليج العربي لن تكون مكسر عصا للسياسات الإيرانية في المنطقة، وسيادة لبنان لن تستقيم بالعدوان على سيادة الدول العربية، وتعريض مصالح الدول الشقيقة وأمنها للمخاطر المستوردة من إيران». ودعا الحريري إلى «رفع يد إيران عن لبنان»، و«وقف سياسات الاستكبار ورفع الأصابع وتهديد اللبنانيين بوجود جيش يفوق عدة وعدداً جيش الدولة ومؤسساتها الأمنية والعسكرية».
وتفاعلت قضية الأزمة الأخيرة، حيث أكد كثيرون حرصهم على أفضل العلاقات مع الأشقاء العرب، بينهم وزير الداخلية بسام مولوي، الذي شدد على أنه «انطلاقاً من ثوابت المصلحة الوطنية، نرفض إطلاقاً أن يكون لبنان في عزلة عن الشرعية العربية»، وجدد التأكيد «على أمن وأمان السعودية وسائر دول مجلس التعاون الخليجي وسلامتها من كل تعرض لمجتمعاتها التي تسمو بالخير والعطاء الدائم للبنان».
من جهته، أكد رئيس جهاز العلاقات الخارجية في «القوات اللبنانية» الوزير السابق ريشار قيومجيان، أن «ما نشهده اليوم من أزمة مع السعودية ودول الخليج هو نتيجة طبيعية لهيمنة (حزب الله) على قرار الدولة وجزء من تدفيع لبنان ثمن أخذه إلى محور لا يريده»، معتبراً أن قطع العلاقات الدبلوماسية «وجه من وجوه الانهيار».
وشدد في حديث تلفزيوني على أن «المطلوب من الدولة اللبنانية أن تتحرك، ولكن (حزب الله) يمنع حتى الآن استقالة الوزير قرداحي أو الحكومة»، مضيفاً: «طالما الحزب يضع يده على الحكومة، فلا تتأملوا أي مساعدات للبنان، بل مزيداً من العزلة والانهيارات. حتى ذلك الوقت لبنان سيعيش في جهنم التي وعدنا بها رئيس الجمهورية».
كما أشار إلى أن اللبنانيين كما الدول العربية «ضاقوا ذرعاً من تصرفات (حزب الله). من تدخلاته في اليمن إلى تهريب الكبتاغون وضرب المجتمع السعودي وصولاً إلى تصريحات وزراء لبنانيين كوزير الخارجية السابق شربل وهبي، ووزير الإعلام الحالي، الذي للأسف كرر في الأمس موقفه الذي يمس بشؤون الدول الشقيقة».
بدوره، استنكر الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل، كلام قرداحي، قائلاً في مقابلة إذاعية إن «المنحى الذي يسيرون فيه كأنه مسعى انتحاري، فهم وكأنهم يأخذون لبنان إلى الانتحار». وأوضح أن «بيئتنا هي عربية خليجية وعلاقاتنا مع أشقائنا العرب ومع السعودية لطالما كانت أساسية لضمان لبنان».
وشدد الرئيس الجميل على ضرورة أن تأخذ الحكومة قراراً حازماً «فالكلام المعسول للحكومة ليس مطلوباً منها». وأضاف: «يجب أن يستوعبوا خطورة الموضوع، والمطلوب أن نقف موقفاً وطنياً قوياً لنواجه هذا المنحى الذي يدمر البلد».
وتصاعدت الدعوات لاستقالة قرداحي، من ضمنها رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي، الذي اعتبره «مدخلاً لحل الخلاف مع الدول الخليجية»، مضيفاً: «إذا رفض على دولة الرئيس ميقاتي التصرف كرجل دولة وأخذ الموقف المناسب».
إلى ذلك، اعتبر عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب بلال عبد الله، أن «المطلوب ليس فقط استقالة وزير الإعلام، بل تحييد لبنان عن المحاور الدولية والإقليمية لكي لا ندفع ثمن صراعاتها، وكلفة تسوياتها، فلبنان يعيش باعتداله وبانفتاحه على الجميع»، مشدداً على أن «الحفاظ على العمق العربي للبنان هو جزء من هويته الواردة بوضوح في دستور الطائف».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.