الجالية اللبنانية تشكر السعودية... والاقتصاديون يدينون الإساءات «والتغاضي عنها»

العاصمة السعودية الرياض
العاصمة السعودية الرياض
TT

الجالية اللبنانية تشكر السعودية... والاقتصاديون يدينون الإساءات «والتغاضي عنها»

العاصمة السعودية الرياض
العاصمة السعودية الرياض

أطلقت الجالية اللبنانية في المملكة العربية السعودية حملة تحت شعار «شكراً لكم»، تضامناً مع المملكة وتقديراً لعطاءاتها وكل ما تقدمه للبنان والشعب اللبناني، وذلك بعد أن أكدت الحكومة السعودية حرصها على اللبنانيين المقيمين على أراضيها.
ويأتي ذلك في ظل استنكار واسع من قبل الاقتصاديين والمغتربين اللبنانيين في دول مجلس التعاون الخليجي، وإدانة للإساءات بحق الدول العربية و«التغاضي عنها». واعتبر رئيس مجلس التنفيذيين اللبنانيين في الرياض ربيع الأمين أن «ما سمعناه من رئيس الحكومة، بمثابة شعر وعواطف، ومخيب للآمال». وقال إن «المطلوب استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، وضبط المعابر والحدود، وفتح حوار جدي مع دول الخليج العربي لحل الأمر»، لافتاً في حديث تلفزيوني إلى أن «عدد اللبنانيين في المملكة العربية السعودية نحو 200 ألف لبناني».
من جهته، دان «مجلس التنفيذيين اللبنانيين»، و«مجلس العمل اللبناني في أبوظبي»، و«مجلس الأعمال اللبناني في الكويت»، و«مجلس العمل اللبناني في دبي والإمارات الشمالية»، و«هيئة تنمية العلاقات الاقتصادية اللبنانية الخليجية» في بيان مشترك، ما جاء على لسان قرداحي، مؤكدين أنه «لم يعد هذا التمادي في الإساءات لدول الخليج العربي، والتغاضي عنه، مقبولاً بأي شكل من الأشكال من قبلنا».
وأكدوا أن «الشعب اللبناني الذي يتمسك بالتضامن والوفاء والعلاقات التاريخية مع دول مجلس التعاون الخليجي، لا يمكن أن يقبل بأن يتحول لبنان منبراً للتهجم أو الإساءة لهذه الدول، أو لتهريب ممنوعات أو لتهديد أمنها واختراق سيادتها»، كما أنه «لا يرضى أبداً بأي سياسة أو خيار أو محور يُخرج لبنان من بيئته العربية التي يتفاعل معها، ويحيا فيها، منذ عشرات السنين».
وجددوا «رفضهم القاطع لاستمرار هذا النهج المدمر والمسيء». وشددوا على «أننا كجاليات لبنانية في هذه الدول نعيش بين أهلنا وإخواننا في وئام ووفاق، شركاء متضامنين في السراء والضراء، ولن نسمح لقلة طارئة بأن تعكر علاقاتنا بهم، وتسيء إليهم، فيما نحن وسائر اللبنانيين لم نرَ منهم إلا الخير والتضامن في كل مرة يتعرض فيها لبنان إلى حرب أو اعتداء أو أزمة». ونوهوا بحكمة قيادات دول الخليج وشعوبها «التي تميز بين إساءات المسؤولين وتصرفاتهم الخرقاء وبين سواد الشعب اللبناني الذي يكن كل المودة لهذه الدول وقياداتها».
من جهة ثانية، أعلنت «شبكة القطاع الخاص اللبناني» عن رفضها الكامل لتصريح الوزير قرداحي، وطالبت الشبكة وبإلحاح الحكومة اللبنانية «بإقالة هذا الوزير من منصبه فوراً والتوقف عن إصدار أي تصريحات أو بيانات تتعارض مع مواقف النأي بالنفس، وأن تكون المواقف الرسمية بما يتعلق بسياسة لبنان الخارجية نابعة فقط عن مصدر واحد ألا وهو وزارة الخارجية والمغتربين».
وأكدت الشبكة أن الاستمرار بإصدار هذه المواقف «إن دل على شيء فإنه يدل على ارتهان بعض أعضاء هذه الحكومة وارتهان هذا الوزير إلى منظومة دمرت لبنان وتصر على عملها المرفوض من أغلبية اللبنانيين».
بدورها، ناشدت جمعية «الفرانشايز» الحكومة اللبنانية «بالعمل على لملمة وحل الأزمة الناجمة عما اقترفه وزير فيها، واتخاذ القرارات الجريئة لإصلاح وترميم علاقات لبنان الخارجية، خصوصاً العربية». وقالت: «لا يتفهم اللبنانيون وسطية الحكومة تجاه الملفات الاقتصادية والاجتماعية والحياتية والمالية، وأخذها موقف المتفرج على الأزمات التي تضرب لبنان واللبنانيين. من هنا يأتي الإجماع على رفض تدمير ما تبقى من نوافذ الأمل التي ترفد لبنان والآلاف من عائلاته ومؤسساته بالأكسجين الاقتصادي».



«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
TT

«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)

حديث إسرائيلي عن «مقترح مصري» تحت النقاش لإبرام اتفاق هدنة في قطاع غزة، يأتي بعد تأكيد القاهرة وجود «أفكار مصرية» في هذا الصدد، واشتراط إسرائيل «رداً إيجابياً من (حماس)» لدراسته، الخميس، في اجتماع يترأسه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

تلك الأفكار، التي لم تكشف القاهرة عن تفاصيلها، تأتي في «ظل ظروف مناسبة لإبرام اتفاق وشيك»، وفق ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، مع ضغوط من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإطلاق سراح الرهائن قبل وصوله للبيت الأبيض، كاشفين عن أن «حماس» تطالب منذ طرح هذه الأفكار قبل أسابيع أن يكون هناك ضامن من واشنطن والأمم المتحدة حتى لا تتراجع حكومة نتنياهو بعد تسلم الأسرى وتواصل حربها مجدداً.

وكشفت هيئة البث الإسرائيلية، الأربعاء، عن أن «إسرائيل تنتظر رد حركة حماس على المقترح المصري لوقف الحرب على غزة»، لافتة إلى أن «(الكابينت) سيجتمع الخميس في حال كان رد (حماس) إيجابياً، وذلك لإقرار إرسال وفد المفاوضات الإسرائيلي إلى القاهرة».

فلسطيني نازح يحمل كيس طحين تسلمه من «الأونروا» في خان يونس بجنوب غزة الثلاثاء (رويترز)

ووفق الهيئة فإن «المقترح المصري يتضمن وقفاً تدريجياً للحرب في غزة وانسحاباً تدريجياً وفتح معبر رفح البري (المعطل منذ سيطرة إسرائيل على جانبه الفلسطيني في مايو/أيار الماضي) وأيضاً عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة».

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الأربعاء، خلال حديث إلى جنود في قاعدة جوية بوسط إسرائيل إنه «بسبب الضغوط العسكرية المتزايدة على (حماس)، هناك فرصة حقيقية هذه المرة لأن نتمكن من التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن».

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أكد، الأربعاء، استمرار جهود بلاده من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة. وقال عبد العاطي، في مقابلة مع قناة «القاهرة الإخبارية»: «نعمل بشكل جاد ومستمر لسرعة التوصل لوقف فوري لإطلاق النار في غزة»، مضيفاً: «نأمل تحكيم العقل ونؤكد أن غطرسة القوة لن تحقق الأمن لإسرائيل».

وأشار إلى أن بلاده تعمل مع قطر وأميركا للتوصل إلى اتفاق سريعاً.

يأتي الكلام الإسرائيلي غداة مشاورات في القاهرة جمعت حركتي «فتح» و«حماس» بشأن التوصل لاتفاق تشكيل لجنة لإدارة غزة دون نتائج رسمية بعد.

وكان عبد العاطي قد قال، الاثنين، إن «مصر ستستمر في العمل بلا هوادة من أجل تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين»، مؤكداً أنه «بخلاف استضافة حركتي (فتح) و(حماس) لبحث التوصل لتفاهمات بشأن إدارة غزة، فالجهد المصري لم يتوقف للحظة في الاتصالات للتوصل إلى صفقة، وهناك رؤى مطروحة بشأن الرهائن والأسرى».

عبد العاطي أشار إلى أن «هناك أفكاراً مصرية تتحدث القاهرة بشأنها مع الأشقاء العرب حول وقف إطلاق النار، وما يُسمى (اليوم التالي)»، مشدداً على «العمل من أجل فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني» الذي احتلته إسرائيل في مايو الماضي، وكثيراً ما عبّر نتنياهو عن رفضه الانسحاب منه مع محور فيلادلفيا أيضاً طيلة الأشهر الماضية.

وكان ترمب قد حذر، الاثنين، وعبر منصته «تروث سوشيال»، بأنه «سيتم دفع ثمن باهظ في الشرق الأوسط» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة قبل أن يقسم اليمين رئيساً في 20 يناير (كانون الثاني) 2025.

دخان يتصاعد بعد ضربة إسرائيلية على ضاحية صبرا في مدينة غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

وأفاد موقع «أكسيوس» الأميركي بأن مايك والتز، مستشار الأمن القومي الذي اختاره ترمب، سيقابل وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمير، الأربعاء، لمناقشة صفقة بشأن قطاع غزة.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور عبد المهدي مطاوع أن «المقترح المصري، حسبما نُشر في وسائل الإعلام، يبدأ بهدنة قصيرة تجمع خلالها (حماس) معلومات كاملة عن الأسرى الأحياء والموتى ثم تبدأ بعدها هدنة بين 42 و60 يوماً، لتبادل الأسرى الأحياء وكبار السن، ثم يليها حديث عن تفاصيل إنهاء الحرب وترتيبات اليوم التالي الذي لن تكون (حماس) جزءاً من الحكم فيه»، مضيفاً: «وهذا يفسر جهود مصر بالتوازي لإنهاء تشكيل لجنة إدارة القطاع».

وبرأي مطاوع، فإن ذلك المقترح المصري المستوحى من هدنة لبنان التي تمت الأسبوع الماضي مع إسرائيل أخذ «دفعة إيجابية بعد تصريح ترمب الذي يبدو أنه يريد الوصول للسلطة والهدنة موجودة على الأقل».

هذه التطورات يراها الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية اللواء سمير فرج تحفز على إبرام هدنة وشيكة، لكن ليس بالضرورة حدوثها قبل وصول ترمب، كاشفاً عن «وجود مقترح مصري عُرض من فترة قريبة، و(حماس) طلبت تعهداً من أميركا والأمم المتحدة بعدم عودة إسرائيل للحرب بعد تسلم الرهائن، والأخيرة رفضت»، معقباً: « لكن هذا لا ينفي أن مصر ستواصل تحركاتها بلا توقف حتى التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الرهائن في أقرب وقت ممكن».

ويؤكد الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية الدكتور أحمد فؤاد أنور أن «هناك مقترحاً مصرياً ويسير بإيجابية، لكن يحتاج إلى وقت لإنضاجه»، معتقداً أن «تصريح ترمب غرضه الضغط والتأكيد على أنه موجود بالمشهد مستغلاً التقدم الموجود في المفاوضات التي تدور في الكواليس لينسب له الفضل ويحقق مكاسب قبل دخوله البيت الأبيض».

ويرى أن إلحاح وسائل الإعلام الإسرائيلية على التسريبات باستمرار عن الهدنة «يعد محاولة لدغدغة مشاعر الإسرائيليين والإيحاء بأن حكومة نتنياهو متجاوبة لتخفيف الضغط عليه»، مرجحاً أن «حديث تلك الوسائل عن انتظار إسرائيل رد (حماس) محاولة لرمي الكرة في ملعبها استغلالاً لجهود القاهرة التي تبحث تشكيل لجنة لإدارة غزة».

ويرى أنور أن الهدنة وإن بدت تدار في الكواليس فلن تستطيع حسم صفقة في 48 ساعة، ولكن تحتاج إلى وقت، معتقداً أن نتنياهو ليس من مصلحته هذه المرة تعطيل المفاوضات، خاصة أن حليفه ترمب يريد إنجازها قبل وصوله للسلطة، مستدركاً: «لكن قد يماطل من أجل نيل مكاسب أكثر».