«ميتافيرس» أولوية «فيسبوك» المقبلة... جمع الخيال العلمي والواقع

امرأة تحمل هاتفاً ذكياً يُظهر شعار تطبيق «فيسبوك» أمام شعار «ميتا» الجديد (رويترز)
امرأة تحمل هاتفاً ذكياً يُظهر شعار تطبيق «فيسبوك» أمام شعار «ميتا» الجديد (رويترز)
TT

«ميتافيرس» أولوية «فيسبوك» المقبلة... جمع الخيال العلمي والواقع

امرأة تحمل هاتفاً ذكياً يُظهر شعار تطبيق «فيسبوك» أمام شعار «ميتا» الجديد (رويترز)
امرأة تحمل هاتفاً ذكياً يُظهر شعار تطبيق «فيسبوك» أمام شعار «ميتا» الجديد (رويترز)

يمزج عالم «ميتافيرس» الموازي الذي يروّج له رئيس «فيسبوك» مارك زوكربيرغ، واستوحى منه التسمية الجديدة «ميتا»، بين خيال علمي وواقع يُترجَم ببطء على الأرض، رغم الانتقادات والمخاوف، إلا أن المسار التقني لا يزال طويلاً.
وقال مؤسس الشبكة الاجتماعية العملاقة: «ستكون هناك طرق جديدة للتفاعل مع الأجهزة التي ستصبح سلسة أكثر بكثير من الطباعة على لوحة مفاتيح أو النقر على زر. ستقومون بحركات أو تقولون بضع كلمات. ويكفي حتى التفكير بحركة ما لكي تصبح واقعاً»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وأعلن الملياردير الأميركي تغيير اسم شركته إلى «ميتا»، وهي كلمة يونانية تعني «ما بعد»، وتحيل أيضاً إلى «ميتافيرس»، العالم الموازي الذي يرى فيه زوكربيرغ مستقبل الإنترنت.
وهذا التغيير في اسم الشركة الأم لن يطاول أسماء الخدمات التي تشغلها الشبكة (تطبيقات «فيسبوك» و«إنستغرام» و«ماسنجر» و«واتساب»).
غير أنّ منتقدي المجموعة الأميركية العملاقة يرون أنها تسعى بشتى الطرق إلى حرف الأنظار عن الفضائح الكثيرة التي تواجهها «فيسبوك»، من عدم بذل جهود كافية للتصدي للأخبار الكاذبة إلى استغلال موقعها المهيمن في سوق الإعلانات الرقمية.
لكن أبعد من كونه استراتيجية سياسية محتملة، يشمل عالم «ميتافيرس» أجهزة وأنماط حياة موجودة أصلاً وتستخدمها قلة قليلة من الناس، مثل السيارات ذاتية القيادة.
ومنذ إطلاقها قبل عام خوذة الواقع الافتراضي «كويست 2» من ماركة «أوكولوس» التي اشترتها «فيسبوك» عام 2014، بيع نحو 1.87 مليون جهاز من هذا النوع حول العالم، وفق باحثي شركة «ستاتيستا».
وفي هذه المرحلة، تُستخدم هذه الخوذات في الألعاب الانغماسية، مع أجهزة تحكم يدوي لمباريات التنس على سبيل المثال.
كذلك، بدأت «فيسبوك» تنشئ مساحات ابتكارية، بينها «وورك رومز» (غرف العمل) حيث يظهر المشاركون متحلقين حول طاولة مستديرة مع صور تشخيصية مكيفة تشبه شخصيات الرسوم المتحركة.
ورغم أن الطريق لا يزال طويلاً أمام تعميم هذه التكنولوجيا على نطاق واسع، أكد زوكربيرغ خلال العرض الذي قدمه من منزل افتراضي وسط مناظر خلابة أن «عدداً كبيراً من هذه التقنيات ستصبح شائعة في غضون خمس سنوات إلى عشر».
واستعرض زوكربيرغ أيضاً الأدوات التقنية اللازمة لإنشاء هذا العالم الموازي.
ولن تقتصر مهمة التجهيزات والخوذ ونظارات الواقع المعزز على سبيل المثال على عرض صور بوضوحية فائقة على 360 درجة، لكن يجب أن تكون قادرة، من خلال أجهزة استشعار، على إعادة تكوين المظهر الجسدي لشخص ما، من الحبوب على الجلد إلى تعابير الوجه، بطريقة واقعية فائقة وفي الوقت الحقيقي.
وتعمل «فيسبوك» على تطوير خوذ مختلفة عن «أوكولوس»، تحمل اسم «كامبريا» ويُتوقع أن تكون مريحة أكثر ويمكن وضعها لفترات أطول، مع أداء تقني أكبر أيضاً.
وقالت مديرة أجهزة الواقع الافتراضي في «ميتا»، أنجيلا تشانغ: «يمكن النظر إلى أعين الصور التجسيدية للأشخاص بطريقة طبيعية». وأضافت: «نجمع سلسلة لواقط مع خوارزميات لإعادة تكوين العالم الحسّي مع عمق وآفاق».
ولاعتماده على نطاق واسع، سيحتاج عالم «ميتافيرس» إلى نظام تشغيل مفتوح يتمكن المستخدمون فيه من الدفع في مقابل منتجات افتراضية ونقلها من عالم إلى آخر، من بينها الملابس على سبيل المثال.
وتسعى المجموعة العملاقة إلى دعم نشوء منظومة شركات ستستحدث برامج لهذا الشكل الجديد من الإنترنت.
واعتبر مارك زوكربيرغ أن عالم «ميتافيرس» قد يمثل في السنوات العشر المقبلة «مليار مستخدم ومئات مليارات الدولارات من التجارة الرقمية وملايين الوظائف للمبتكرين والمطوّرين».
وسيكون هناك حاجة إلى حماية التبادلات والابتكارات غير المادية. وقد يتم الاعتماد على تكنولوجيا «سلسلة الكتل» (بلوكتشاين) التي أتاحت ظهور العملات الرقمية مثل البتكوين، وأيضاً «إن إف تي» (الرموز غير القابلة للاستبدال) المستخدمة في توثيق أصالة المنتجات الرقمية.
وأكد مارك زوكربيرغ أن «أولويتنا ستكون (ميتافيرس) وليس (فيسبوك)، وهذا يعني أنكم لن تعودوا بحاجة يوماً ما إلى «فيسبوك» للدخول إلى بقية خدماتنا».
ويأتي هذا القرار في ظل تخبط «فيسبوك» في أزمة وُصفت بأنها الأسوأ منذ إنشاء الشركة سنة 2004. فمنذ أكثر من شهر، تنشر وسائل الإعلام الأميركية مقالات بالاستناد إلى ما سُمي «أوراق (فيسبوك)»، وهي وثائق داخلية سلمتها بالآلاف المهندسة السابقة في الشبكة العملاقة فرانسيس هوغن إلى هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية.
ويدور الجدل بصورة رئيسية حول علم «فيسبوك» مسبقاً بالأخطار على شبكتها، خصوصاً في ما يتعلق بالأذى الذي تسببه المحتويات عبر «إنستغرام» للمراهقين وذلك الناجم عن المعلومات الكاذبة المنتشرة عبر صفحاتها، غير أن «فيسبوك» اختارت على ما يبدو تجاهل الموضوع حفاظاً على أرباحها.


مقالات ذات صلة

المفوضية الأوروبية تغرّم «ميتا» نحو 800 مليون يورو بتهمة تقويض المنافسة

تكنولوجيا شعار شركة «ميتا» يظهر على شاشة جوّال (أ.ف.ب)

المفوضية الأوروبية تغرّم «ميتا» نحو 800 مليون يورو بتهمة تقويض المنافسة

أعلنت المفوضية الأوروبية، الخميس، أنها فرضت غرامة قدرها 798 مليون يورو على شركة «ميتا» لانتهاكها قواعد المنافسة.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
العالم الانشغال الزائد بالتكنولوجيا يُبعد الأطفال عن بناء صداقات حقيقية (جامعة كوينزلاند) play-circle 00:32

أستراليا تتجه لحظر «السوشيال ميديا» لمن دون 16 عاماً

تعتزم الحكومة الأسترالية اتخاذ خطوات نحو تقييد وصول الأطفال والمراهقين إلى وسائل التواصل الاجتماعي.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
الولايات المتحدة​ تحظر «ميتا» و«تيك توك» و«يوتيوب» و«إكس» المنشورات التي تسعى إلى ترهيب الناخبين (رويترز)

كيف تعمل «ميتا» و«تيك توك» و«يوتيوب» و«إكس» على إدارة التهديدات الانتخابية؟

أكثر شبكات التواصل الاجتماعي نفوذاً -بما في ذلك «ميتا» و«تيك توك» و«يوتيوب» و«إكس»- لديها سياسات وخطط جاهزة لإدارة التهديدات الانتخابية والمعلومات المضللة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شعار العلامة التجارية «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر محمول (رويترز)

كوريا الجنوبية تغرم «ميتا» 15 مليون دولار لانتهاك خصوصية المستخدمين

فرضت كوريا الجنوبية غرامة قدرها 21.62 مليار وون (ما يعادل 15.67 مليون دولار) على شركة «ميتا»، المالكة لـ«فيسبوك»، بعدما تبين أنها جمعت بيانات حساسة للمستخدمين.

«الشرق الأوسط» (سيول )
العالم «قانون السلامة عبر الإنترنت» من شأنه أن ينهي عصر التنظيم الذاتي لوسائل التواصل الاجتماعي (أ.ف.ب)

قوانين أوروبية جديدة لمواجهة المحتوى الضار عبر الشبكات الاجتماعية

نشرت آيرلندا، الاثنين، قواعد ملزمة تهدف لحماية مستخدمي منصات مشاركة الفيديو بالاتحاد الأوروبي؛ بما فيها «إكس» و«فيسبوك» و«إنستغرام» و«تيك توك» من المحتوى الضار.


تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».