دعوة لتبني سياسات المساواة وتعزيز الحوكمة وتطوير قطاع التوظيف

شراكة سعودية عالمية لتطوير العلا... وتسليم 44 شركة دولية رخص مقار إقليمية... وإبرام 9 اتفاقيات في «البحر الأحمر»

وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي يتحدث عن الذكاء الصناعي  (الشرق الأوسط)
وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي يتحدث عن الذكاء الصناعي (الشرق الأوسط)
TT

دعوة لتبني سياسات المساواة وتعزيز الحوكمة وتطوير قطاع التوظيف

وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي يتحدث عن الذكاء الصناعي  (الشرق الأوسط)
وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي يتحدث عن الذكاء الصناعي (الشرق الأوسط)

دعا خبراء دوليون مشاركون في فعاليات الدورة الخامسة لمؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار إلى أهمية الاستثمار في العنصر البشري خلال الفترة المقبلة، وما يحقق فيه ذلك من زيادة فرص العمل ويساعد على إعادة التوازن، مشيرين إلى أن ذلك سيدفع السوق إلى النمو والتقدم.
وخلال اليوم الثاني من مؤتمر المبادرة كشفت مشاريع ركائز «رؤية المملكة 2030» والاستراتيجيات السعودية عن جانب من خطواتها العملية إذ أفصح عن تسليم 44 شركة عالمية تراخيص مقراتها الإقليمية لمزاولة نشاطها في البلاد، في حين أعلنت شركة العلا عن توقيع شراكات لدعم عملية تطوير الأعمال بقيمة 15 مليار ريال (4 مليارات دولار)، إضافة إلى توقيع شركة البحر الأحمر للتطوير 9 اتفاقيات مع علامات تجارية عالمية لإدارة وتشغيل فنادق المرحلة الأولى في المشروع.

مقار إقليمية

وعلى هامش مؤتمر مبادرة الاستثمار، خلال يومه الثاني أمس، تم تسليم 44 شركة عالمية تراخيص مقراتها الإقليمية لمزاولة نشاطها في السعودية، وذلك ضمن برنامج جذب المقرات الإقليمية للشركات العالمية، والذي تشرف عليه وزارة الاستثمار والهيئة الملكية لمدينة الرياض.
وجاء تسليم تراخيص المقرات الإقليمية لممثلي الشركات العالمية خلال جلسة حوارية خاصة بالبرنامج، شارك بها كل من المهندس خالد الفالح وزير الاستثمار وفهد الرشيد الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية لمدينة الرياض.
وقال المهندس خالد الفالح وزير الاستثمار: «يسعدني أن أشهد انضمام هذا العدد الكبير من الشركات إلى برنامج جذب المقرات الإقليمية للشركات العالمية، مما يدل على أن الرياض مدينة عالمية جاذبة للأعمال، والوجهة الاستثمارية المفضلة لدى المستثمرين من مختلف أنحاء العالم. لقد أدركت هذه الشركات الفرص الاستثنائية التي توفرها لهم (رؤية 2030). وسيقطفون ثمارها قريباً. يأتي ذلك، بعد أسبوعين من إطلاق الاستراتيجية الوطنية للاستثمار في السعودية والتي ستوفر المزيد من الفرص من خلال سلسلة من المبادرات التي صممت لتحسين بيئة الأعمال في المملكة».
من جانبه، قال فهد الرشيد الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية لمدينة الرياض: «ستجلب الشركات المشاركة ضمن برنامج جذب المقرات الإقليمية للشركات العالمية خبراتٍ عالمية ستعمل وتعيش مع عائلاتها في المملكة، وتساهم في تطوير مجالات البحث والابتكار، مما يؤدي، على المديين المتوسط والبعيد، إلى توفير بيئة داعمة تنقل المعرفة والخبرة للمواهب الوطنية الشابة التي ستعمل مع هذه الخبرات وتُطور من مهاراتهم».
وأضاف الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية لمدينة الرياض «سيسهم البرنامج بإضافة نحو 67 مليار ريال (18 مليار دولار) للاقتصاد المحلي، وسيوفر نحو 30 ألف فرصة عمل جديدة بحلول عام 2030».

تطوير العلا

من جانبها، وقعت الهيئة الملكية لمحافظة العلا شراكتين استراتيجيتين بارزتين لدعم عملية تطوير الأعمال في العلا الواقعة في الشمال الغربي من السعودية، مع انتقالها من مرحلة التخطيط إلى التنفيذ، بعد إطلاق مخططها الرئيس في شهر أبريل (نيسان) من العام الجاري 2021.
وعملت الاتفاقيات الموقعة مع شركة «آيكوم» في كاليفورنيا الأميركية، وتحالف فرنسي يضم «أسيستيم» و«إيغيس» و«سيتيك»على تحديد جدول زمني شامل للتطوير، يعتمد على ثلاث مراحل سيتم تنفيذها على التوالي في المدة التي تسبق حلول العام 2035.
وبحسب المعلومات أمس، تبلغ قيمة تطوير المرحلة الأولى 57 مليار ريال (15.2 مليون دولار)، حيث سيتم استثمارها في منطقة العلا التاريخية الممتدة بطول 20 كيلومتراً، وتتضمن العديد من المشاريع الاجتماعية والاقتصادية في خمس مناطق، إضافة إلى التركيز على قطاعات البنية التحتية والضيافة والفنون والثقافة والتنمية الاجتماعية والمجتمعية.
وقال عمرو مدني الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية لمحافظة العلا إن هذه الشراكات الاستراتيجية ضرورية لإرساء معيار السياحة المستدامة، مؤكداً أن الشراكات ستسهم في تسريع فرص الأعمال والاستثمار بدءاً من العام المقبل 2022.

اتفاقيات البحر الأحمر

من جهة أخرى، أعلنت شركة البحر الأحمر للتطوير توقيعها تسع اتفاقيات مع علامات تجارية عالمية لإدارة وتشغيل فنادق المرحلة الأولى في مشروع البحر الأحمر، حيث جرى توقيع الاتفاقيات أمس، والتي ستقوم بموجبها مجموعة من العلامات التجارية المتخصصة بمجال الضيافة بتشغيل 9 من أصل 16 فندقاً في المرحلة التطويرية الأولى، التي ستوفر مجتمعة أكثر من 1700 غرفة من إجمالي 3000 غرفة ضمن مخطط المرحلة الأولى من مشروع البحر الأحمر.
وقال جون باغانو الرئيس التنفيذي لشركة البحر الأحمر للتطوير: «تعمل السعودية اليوم على تسريع وتيرة تطوير عروضها السياحية الجديدة مرتكزة إلى (رؤية 2030) الطموحة، ونحن فخورون بالكشف عن مجموعة علامات الضيافة المتنوعة والمتميزة في وجهتنا، التي تلبي احتياجات سوق الضيافة المتنامية وترسخ التزامنا بإنشاء وجهة فاخرة ورائدة عالمياً لتكون البوابة إلى أحد الأماكن الفريدة غير المكتشفة على كوكبنا».
وأضاف باغانو: «الأهم من كل ذلك، أن تعكس هذه الشراكات مع علامات تجارية مرموقة عالمياً الثقة المتنامية في أعمالنا ووجهتنا خاصة، وبالمملكة كوجهة سياحية على وجه العموم».

فرص العمل

وفي جانب آخر، أكد بندر الخريف وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي على أهمية استخدام التقنية للقطاع الخاص، خاصة في الصناعة والتعدين واستقطاب أصحاب المهارات، إضافة إلى ضرورة الانفتاح والتكيف مع التطور بشكل عام لضمان دخل مؤسسي جيد.
وبين الخريف خلال مشاركته في جلسة بعنوان: «الذكاء الاصطناعي والأتمتة وعالم العمل الجديد» ضمن فعاليات اليوم الثاني لمبادرة مستقبل الاستثمار في نسختها الخامسة، بمشاركة الرئيسة السابقة لإستونيا، كيرستي كالجواليد، عن أهمية مفهوم التغيير في القطاع الخاص، مبيناً أن المملكة لديها الإمكانيات الضخمة والموقع الجغرافي المميز لتكون منصة لوجيستية، تنافس منتجاتها في السوق العالمية.
وقال الخريف إن «التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص أمر في غاية الأهمية، والاستراتيجية الصناعية مبنية على ركائز وهي المرونة، وطرف إقليمي في اختيار المنتجات، وقائد في بعض التقنيات، ومثال ذلك التعاون في إنتاج اللقاحات المضادة لفيروس (كورونا)».
وأفاد بأن فرص العمل في قطاعي الصناعة والتعدين اليوم أفضل وأكثر من الفرص في الماضي، وأن القطاعين سيوفران فرصا نوعية ومناسبة للشباب والشابات، مبيناً أن الهدف الآن تزويد الشباب والشابات الباحثين عن عمل بالمهارات اللازمة للوظائف الحالية والمستقبلية في قطاعي الصناعة والتعدين، وبرنامج تنمية القدرات البشرية جزء مهم في تطوير مهاراتهم.

دور الحكومات

من جهتها، أوضحت الرئيسة السابقة لإستونيا، كيرستي كالجواليد، أن دور الحكومات هو تنظيم الأسواق، داعية الجميع للاتحاد من أجل إيجاد الوظائف المناسبة والجديدة لسوق العمل. وقالت: «تقديم المهارات لدى العاملين واجب على الحكومات، ويسهم ذلك في توسيع قاعدة العرض، الأمر الذي سيؤدي إلى رفع الدخل المالي للموظف، فضلاً عن أن ذلك سيدفع السوق إلى النمو والتقدم»، مبينة أن الوظائف الجديدة لم تعد محصورة في منطقة واحدة من العالم.

الاستثمار في المساواة

أكد الرئيس التنفيذي لمجموعة تداول السعودية المهندس خالد بن عبد الله الحصان، خلال مشاركته في اليوم الثاني في الجلسة الحوارية «إعادة التوازن الكبير: الاستثمار في المساواة» ضمن فعاليات مبادرة مستقبل الاستثمار في نسختها الخامسة، أن عدم المساواة تمثل خطورة كبرى للحكومات والمجتمعات والمؤسسات والمنظمات على حد سواء. وبين أن على الحكومات أن تتعاون وتلتزم في أن تقف في أوجه عدم الإنصاف والمساواة بأشكالها وأنواعها كافة، مبيناً أن المؤسسات والمنظمات إن لم تعِ قدر المساواة فإنها ستفقد مزاياها.

الاستثمار الأجنبي

من جانبه أكد خالد المديفر نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية لشؤون التعدين في السعودية أن الاستثمار الأجنبي المباشر عامل مهم لنمو الاقتصاد، إذ يسهم في توفير فرص العمل، مبيناً أن الاستثمار الأجنبي في السعودية ازداد في الربع الأول من عام 2021 بنسبة بلغت نحو 40 مليار دولار.
وجاء حديث المديفر في جلسة بعنوان «كيف يمكن للسياسات القانونية الجديدة حشد الاستثمار الأجنبي المباشر التوربيني؟»، وتناولت الجلسة أهمية التشريعات والقوانين للدول، إذ قامت بعض الدول بإجراء تغييرات وتحديثات في قوانينها لجذب الاستثمارات الأجنبية، كون الاستثمارات الأجنبية ذات دور محوري في نجاح اقتصاد الدول، وتحتاج الاستثمارات إلى الموثوقية والتسهيلات في الضرائب. وأكد المشاركون أهمية إشراك القطاع الخاص لإسهامه في زيادة النمو الاقتصادي للدول، ويوفر العديد من فرص العمل للشباب، متناولين الاهتمام بالتغير المناخي وتخفيف الانبعاثات الكربونية واستخدام الهيدروجين النظيف والتخزين الطويل للطاقة والكربون، كونها تساعد في جذب المستثمرين وإبداء الأعمال التجارية لديهم، مؤكدين أهمية التزام الدول بتطبيق القوانين بصرامة، لكسب ثقة المستثمرين الأجانب.



«كوب 16 الرياض» يجمع صناع السياسات لإعادة تأهيل الأراضي ومكافحة التصحر

الوزير السعودي يتسلم رئاسة السعودية رسمياً لمؤتمر «كوب 16» في الرياض (الشرق الأوسط)
الوزير السعودي يتسلم رئاسة السعودية رسمياً لمؤتمر «كوب 16» في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

«كوب 16 الرياض» يجمع صناع السياسات لإعادة تأهيل الأراضي ومكافحة التصحر

الوزير السعودي يتسلم رئاسة السعودية رسمياً لمؤتمر «كوب 16» في الرياض (الشرق الأوسط)
الوزير السعودي يتسلم رئاسة السعودية رسمياً لمؤتمر «كوب 16» في الرياض (الشرق الأوسط)

اجتمع عدد كبير من صنُاع السياسات والمنظمات الدولية والشركات والمؤسسات والدوائر غير الحكومية وكبرى الجهات المعنية، الاثنين، في الرياض، للبحث عن حلول عاجلة للأزمات العالمية الملحة المتمثلة في تدهور الأراضي والجفاف والتصحر، وذلك خلال مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16).

وانتُخبت السعودية رسمياً رئيساً لمؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، خلال الجلسة العامة الافتتاحية للمؤتمر، حيث تبدأ فترة ولايتها لمدة عامين لدفع العمل الدولي بشأن إعادة تأهيل الأراضي واستصلاحها واستعادة خصوبتها وحيويتها ومقاومة التصحر والجفاف.

جانب من حضور المسؤولين في مؤتمر «كوب 16» بالرياض (الشرق الأوسط)

يأتي مؤتمر «كوب 16» في الرياض فرصةً لتوعية المجتمع الدولي حول علاقة الترابط القوية بين الأراضي والمحيطات والمناخ، والتحذير من أن 75 في المائة من المياه العذبة تنشأ من الأراضي المزروعة، فيما تسهم النباتات في حماية 80 في المائة من التربة العالمية.

وخلال الافتتاح الرسمي للمؤتمر، أكد وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي، رئيس الدورة الـ16 للمؤتمر، المهندس عبد الرحمن الفضلي، أن استضافة المملكة لهذه الدورة تمثل امتداداً لاهتمامها بالمحافظة على البيئة محلياً وإقليمياً ودولياً، حيث تشير التقارير الدولية إلى تدهور أكثر من 100 مليون هكتار من الأراضي الزراعية والغابات والمراعي سنوياً، ويتأثر نتيجة لذلك أكثر من 3 مليارات إنسان حول العالم، كما تقدّر الخسائر السنوية الناجمة عن تدهور الأراضي بأكثر من 6 تريليونات دولار.

التحديات البيئية

وقال إن المملكة تسعى إلى تعزيز العمل وتكثيف الجهود تحت مظلة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر؛ لمواجهة التحديات البيئية الرئيسة، وتعزيز التكامل بين الاتفاقيات البيئية الدولية الأخرى، خصوصاً اتفاقيات (ريو) المعنية بتغير المناخ والتنوع الأحيائي؛ للوصول إلى مخرجات طموحة تُحدث نقلةً نوعيةً في تعزيز المحافظة على الأراضي، والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف.

وأضاف الفضلي أن منطقة الشرق الأوسط تُعد من أكثر مناطق العالم تأثراً من تدهور الأراضي والجفاف والتصحر، إذ تسعى المملكة باستمرار إلى مواجهة التحديات البيئية بالشراكة مع المجتمع الدولي.

وفي سبيل تحقيق هذه المستهدفات، أبان الفضلي أن الحكومة اعتمدت الاستراتيجية الوطنية للبيئة، وأنشأت صندوقاً وخمسة مراكز متخصصة، وجرى تحديث الأنظمة لتتماشى مع أفضل المعايير والممارسات الدولية، ووضعت المبادرات والخطط والبرامج؛ لتعزيز الالتزام بالضوابط البيئية، والحد من التلوث، وتنمية الغطاء النباتي والحياة الفطرية، وتعزيز إدارة النفايات وخدمات الأرصاد والدراسات المناخية.

وذكر أن مبادرة «السعودية الخضراء» تستهدف إعادة تأهيل 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، وزيادة مساحة المناطق المحمية وصولاً إلى 30 في المائة مناطق محمية عام 2030، وهذا المستهدف أعلنته المملكة في 2021، قبل أكثر من عام على إعلان المستهدف العالمي بنهاية 2022 في مونتريال.

الطاقة المتجددة

كما يجري العمل على رفع نسبة الطاقة المتجددة لتصل إلى 50 في المائة من مزيج الطاقة في المملكة بحلول عام 2030، وخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، مشيراً إلى أن المملكة اعتمدت استراتيجية وطنية للمياه؛ لتعزيز المحافظة على مصادر المياه واستدامتها، ونفَّذت كثيراً من المبادرات والمشاريع في مجال إعادة التدوير؛ لتحقيق الاستدامة.

وحسب الفضلي، اعتمدت السعودية كذلك استراتيجية وطنية للزراعة؛ تهدف إلى تعزيز كفاءة الإنتاج، والإدارة المستدامة للأراضي الزراعية، واستراتيجية وطنية للأمن الغذائي، من شأنها خفض الفقد والهدر في الغذاء.

ولفت رئيس مؤتمر «كوب 16» إلى أن فقدان التنوع الأحيائي، وزيادة تداعيات التغير المناخي، يؤثر على عناصر الحياة الأساسية من هواء وماء وغذاء، والتي تؤثر بدورها على أكثر من 1.8 مليار نسمة حول العالم، وتزيد من معدلات الهجرة، ما يتوجب العمل معاً لتعزيز الجهود الدولية على الأصعدة كافة لمواجهة هذه التحديات العالمية.

وأكمل أن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر تعد إطاراً للعمل الجماعي والتعاون الدولي، والتقيد بالسياسات لتحقيق المستهدفات لإعادة تأهيل الأراضي، والاستثمار في زيادة الرقعة الخضراء، والابتكار لتنفيذ الحلول المستدامة، والتعاون على نقل التجارب والتقنيات الحديثة، وتبني مبادرات وبرامج لتعزيز الشراكات بين الحكومات، والقطاع الخاص، والمجتمعات المحلية، ومؤسسات التمويل، والمنظمات غير الحكومية، والتوافق حول أدوات ملزمة تعزز العمل الدولي المشترك.

البلدان المتضررة

من ناحيته، أكَّد الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، أن العالم يمر بمرحلة مفصلية؛ كون تواتر حالات الجفاف وعدم القدرة على التنبؤ بها، يجعلها تحدياً متزايداً بالنسبة إلى النظم الزراعية والغذائية في البلدان المتضررة، مشيراً إلى أن إصلاح الأراضي من الأدوات الأكثر فاعلية في مواجهة التحديات في العالم.

وتطرق في كلمته خلال الجلسة العامة الافتتاحية إلى مؤتمر الأطراف «كوب 16» إلى جهود المملكة في دعم أعمال مكافحة الجفاف وإصلاح الأراضي عبر مبادرة «السعودية الخضراء‬»، و‫مبادرة «الشرق الأوسط الأخضر»‬.

الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر متحدثاً إلى الحضور خلال الكلمة الافتتاحية (الشرق الأوسط)

وأكد ثياو أن استعادة الأراضي المتدهورة في العالم وكبح جماح صحاريه سيتطلب استثمارات بقيمة 2.6 تريليون دولار على الأقل بحلول نهاية العقد الحالي، مقدراً التكلفة للمرة الأولى.

مشاريع الرياض البيئية

من جهته، أشار أمين منطقة الرياض الأمير الدكتور فيصل بن عبد العزيز بن عياف، إلى أهمية الدور الحيوي للمدن في مواجهة التحديات البيئية، مسلِّطاً الضوء على جهود خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد، رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، اللذين حرصا على وضع العاصمة مدينةً رائدةً في التنمية الحضرية المستدامة.

وفي مقدمة مشاريع العاصمة السعودية، «الرياض الخضراء» الذي يهدف إلى زراعة 7.5 مليون شجرة؛ لتحسين جودة الهواء وخفض درجات الحرارة وتعزيز التنوع البيئي، بالإضافة إلى مشروع إعادة تأهيل وادي حنيفة الذي يمتد على مساحة 4000 كيلومتر مربع؛ ليكون نموذجاً في استعادة التوازن البيئي وتحويله إلى وجهة سياحية فريدة، موضحاً الجهود المبذولة في إنشاء أكثر من 100 حديقة كبرى، مثل: «حديقة الملك سلمان» و«حديقة الملك عبدالله»، التي تسهم في تحسين جودة الحياة للسكان وتوفير متنفس طبيعي يعزز رفاهيتهم.

أمين منطقة الرياض يتحدث إلى الحضور (الشرق الأوسط)

وحول الجهود الداعمة للاستدامة، تحدث الأمين عن المبادرات والمشاريع التي تدعم عمليات التشجير من خلال إنشاء مشاتل جديدة، واعتماد منهجيات تخطيط حضري مستدام مثل التطوير الموجه بالنقل (TOD) بالتكامل مع شبكة مترو الرياض، وما لها من أثر في تقليل الانبعاثات الكربونية وتحقيق التكامل بين النقل العام والمساحات الحضرية.

وأضاف أن استراتيجية الرياض البيئية تضم أكثر من 68 مبادرة وتغطي محاور الطاقة والمياه وإدارة النفايات والتنوع الحيوي والمناطق الطبيعية، وهي بدورها تعكس رؤية المملكة الطموحة لتحقيق التنمية المستدامة، ليس فقط على المستوى المحلي، بل تعد مثالاً يُحتذى به عالمياً.

إشراك القطاع الخاص

بدوره، ذكر وكيل وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية، الدكتور أسامة فقيها، لـ«الشرق الأوسط»، أن السعودية تسعى لتكون الدورة السادسة عشرة من «مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16)» نقطة تحول تاريخية في مسيرة الاتفاقية، مع العمل على زيادة التزامات الدول لمكافحة تدهور الأراضي وإعادة تأهيلها.

كما أشار فقيها، خلال مؤتمر صحافي على هامش اليوم الأول من مؤتمر «كوب 16»، إلى أن هناك نحو 1.5 مليار هكتار من الأراضي المتدهورة حول العالم، «وهو ما يتطلب مزيداً من العمل الجاد على الصعد كافة».

وشرح أن السعودية تدرك «الحاجة الماسة إلى عمل أكبر في المجال التفاوضي، خصوصاً فيما يتعلق بوضع إطار دولي لمكافحة الجفاف، بالإضافة إلى ضرورة توفير التمويل اللازم لهذا القطاع الحيوي». كما شدد على «أهمية مشاركة القطاع الخاص ومؤسسات التمويل الدولية، فضلاً عن دور مؤسسات المجتمع المدني، في مواجهة تحديات تدهور الأراضي».

واستطرد فقيها: «استهلاك الفرد عالمياً أصبح حالياً 4 أضعاف ما كان عليه قبل عقود عدة من الزمن، مما يفاقم المشكلة، ويجعل من الضروري أن يتحمل الجميع مسؤولية العمل في الحفاظ على البيئة، بما في ذلك الحكومات والأفراد».

مبادرات دولية

وخلال المؤتمر، أعلنت السعودية ثلاث مبادرات دولية رئيسية في اليوم الأول فقط، وهي: «شراكة الرياض العالمية» لمكافحة الجفاف باستثمارات تتجاوز 150 مليون دولار، التي ستحشد العمل الدولي بشأن الارتقاء بمستوى الاستعداد لمواجهة الجفاف.

وفي الوقت نفسه، أُطلق المرصد الدولي لمواجهة الجفاف وأطلس الجفاف العالمي، وهما مبادرتان تهدفان إلى زيادة أعمال الرصد والتتبع، واتخاذ التدابير الوقائية، ونشر التوعية بين مختلف الشرائح والفئات المهتمة والمعنية حول الجفاف في جميع أنحاء العالم.

وكانت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر قد أصدرت عشية انطلاق المحادثات المتعددة الأطراف في الرياض، تقريراً جديداً يسلط الضوء على حالة الطوارئ العالمية المتزايدة الناجمة عن تدهور الأراضي.

وأشارت النتائج الرئيسية إلى الأضرار الناجمة عن الممارسات الزراعية غير المستدامة التي تسهم بما نسبته 80 في المائة من إزالة الغابات، وتستحوذ على 70 في المائة من استخدام المياه العذبة، في حين يأتي 23 في المائة من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري من الزراعة والغابات واستخدام الأراضي.

ووفق أحدث تقرير لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، جرى تصنيف 46 في المائة من مساحات الأراضي العالمية ضمن الشريحة الجافة.

المنطقة الخضراء

يُذكر أن مؤتمر الأطراف «كوب 16» الرياض الذي يُعقد من 2 إلى 13 ديسمبر (كانون أول) الجاري، يعد أكبر دورة لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر حتى الآن، حيث يضم لأول مرة منطقة خضراء، وهو المفهوم المبتكر الذي استحدثته المملكة، لحشد العمل المتعدد الأطراف، والمساعدة في توفير التمويل اللازم لمبادرات إعادة تأهيل الأراضي المتدهورة.

ومن خلال استضافتها مؤتمر الأطراف، تدعو السعودية المجتمع الدولي لزيادة قاعدة التعهدات بشأن تحييد أثر تدهور الأراضي بحلول عام 2030، إذ تعد استعادة الأراضي الحلَّ الفعال من حيث التكلفة لمواجهة تغير المناخ، الذي يحتاج إليه العالم، ولتحقيق استعادة الأراضي فوائد اقتصادية سنوية يصل حجمها إلى 1.4 تريليون دولار على مستوى العالم، وحماية الاستقرار العالمي من التهديد الناجم عن مزيد من فقدان الأراضي.

وتسعى الرياض من خلال «كوب 16» إلى أن تتحد الدول معاً لتغيير المسار ومعالجة كيفية استخدام الأراضي، والمساهمة في تحقيق أهداف المناخ، وسد فجوة الغذاء، وحماية البيئات الطبيعية، إذ يمكن للأراضي الصحية أن تساعد على تسريع وتيرة تحقيق جميع أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر.

ويسلط «كوب 16» الضوء على حقيقة أن ما يصل إلى 40 في المائة من أراضي الكوكب تعاني حالة التدهور بالفعل، ما يؤثر على نصف البشرية، ويهدد ما يقرب من نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وذلك حسب تقرير «توقعات الأراضي العالمية» في إصداره الأخير، مما يتطلب تدخلاً عاجلاً، إذ ستتحمل البشرية تكلفة باهظة جزاء التقاعس عن العمل.