عقوبة «يويفا» تضر بسمعة كرة القدم الإنجليزية... واتحادها في موقف حرج

الفشل في معالجة المشكلة التي حدثت في نهائي كأس الأمم الأوروبية 2020 يدعو للقلق

رجال الأمن في صدام مع المشجعين الذين اقتحموا استاد ويمبلي في نهائي كأس أوروبا (أ.ب)
رجال الأمن في صدام مع المشجعين الذين اقتحموا استاد ويمبلي في نهائي كأس أوروبا (أ.ب)
TT

عقوبة «يويفا» تضر بسمعة كرة القدم الإنجليزية... واتحادها في موقف حرج

رجال الأمن في صدام مع المشجعين الذين اقتحموا استاد ويمبلي في نهائي كأس أوروبا (أ.ب)
رجال الأمن في صدام مع المشجعين الذين اقتحموا استاد ويمبلي في نهائي كأس أوروبا (أ.ب)

نجحت كرة القدم الإنجليزية، منذ بضع سنوات وحتى الآن، في السيطرة على ملاعبها. وعندما يتعلق الأمر بالمشاكل، وخاصة فيما يتعلق بالعنصرية، فإن الأخطاء التي ترتكب في حق البلد تكون أكثر من الأخطاء التي يرتكبها البلد نفسه.
وشهدت مباراة إنجلترا مع إيطاليا في نهائي يورو 2020 يوم 11 يوليو (تموز) الماضي، أحداثا مؤسفة قبل وخلال وبعد المباراة. واقتحم بعض المشجعين الذين لا يحملون تذاكر، في مشهد غير مألوف بالملاعب الإنجليزية. وبدأ يويفا إجراءات انضباطية بحق الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم في الثالث من أغسطس (آب) الماضي قبل أن يعلن عن فحوى العقوبة قبل أيام بمعاقبة إنجلترا بخوض مباراتين على ملعبها دون جمهور، واحدة منها مع وقف التنفيذ لمدة عامين، وهو ما يعني أن المنتخب الإنجليزي سيلعب المباراة المقبلة في دوري الأمم الأوروبية دون مشجعين.
وسيضطر الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم أيضًا إلى دفع غرامة قدرها 100 ألف يورو (84.500 جنيه إسترليني)، إلى جانب خسارة كل الإيرادات التي كان من الممكن أن يحصل عليها من الحضور الجماهيري لهذه المباراة. وفي ظل هذه الأوقات العصيبة بسبب تفشي فيروس كورونا، فإن النتائج والتداعيات قد تكون أكثر صعوبة.
وقال متحدث باسم الاتحاد الإنجليزي: «على الرغم من أننا نشعر بخيبة أمل من الحكم، فإننا نعترف بنتيجة قرار الاتحاد الأوروبي لكرة القدم هذا».
وأضاف: «ندين السلوك الرهيب للأفراد الذين تسببوا في المشاهد المخزية داخل وحول ملعب ويمبلي في نهائي يورو 2020 ونأسف بشدة لأن بعضهم تمكن من دخول الملعب».
إن العقوبة التي فرضها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم لا تجيب عن أي من التساؤلات التي طُرحت بشأن الأحداث التي شهدها ملعب ويمبلي. أولاً وقبل كل شيء، تتعلق هذه الأسئلة بحالة العمل الشرطي خارج الملعب في ذلك اليوم، سواء قبل أو أثناء أو بعد المباراة. كما أن الخطة الأمنية - التي تم ترتيبها بالتعاون بين الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم وشرطة العاصمة، والتي وقع عليها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم - أدت إلى دخول كثير من المشجعين إلى الملعب دون تذكرة.
ويمكن أن تمتد هذه الأسئلة لتشمل مباريات أخرى أقيمت على ملعب ويمبلي خلال بطولة كأس الأمم الأوروبية، ولا سيما مباراة الدور نصف النهائي ضد الدنمارك، والحكايات البغيضة التي يتم سردها عما حدث هناك. وقد يقدم التحقيق الذي تجريه البارونة كيسي بشأن ما حدث في الحادي عشر من يوليو (تموز)، والمتوقع ظهور نتائجه قبل نهاية العام، بعض الإجابات عن هذه التساؤلات. ثم مرة أخرى، وبالنظر إلى الصمت الغريب من جانب الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم وشرطة العاصمة في أعقاب وقوع هذه الأحداث، ربما لن يجيب هذا التحقيق هو الآخر عن هذه التساؤلات!
ويتعلق أحد الأسئلة المهمة بسمعة إنجلترا التي تضررت كثيرا بسبب ما حدث. فما الذي فعلته تلك المشاهد الرهيبة باسم وسمعة كرة القدم الإنجليزية، التي تم تحسينها على مدى سنوات بشق الأنفس، وبسمعة الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم بصفته المسؤول عن إدارة الأحداث الرياضية التي يشهدها ملعب من الطراز العالمي، وبسمعة لندن كوجهة ترفيهية عالمية؟ إن الازدحام الذي تشهده شوارع العاصمة البريطانية يعد مؤشرا على أن لندن لا تزال مكانًا يرغب الناس في القدوم إليه، كمدينة مفتوحة يمكن للشخص قضاء وقت ممتع بها، لكن ما يتعلق بكرة القدم أمر مثير للخشية.
أما بالنسبة للاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، فالأمر أكثر إيلامًا بعض الشيء، لأن ما حدث يعد ضربة أخرى للاتحاد الذي تلقى العديد من الضربات المؤلمة في الفترة الأخيرة. لقد خسر الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم رئيسه العام الماضي بعد أن أدلى بسلسلة من التصريحات المشحونة بالعنصرية. كما رحل العشرات من الموظفين الآخرين، في محاولة لتوفير 250 مليون جنيه إسترليني بسبب الأزمة الاقتصادية التي نتجت عن تفشي فيروس كورونا. ويحدث كل هذا بينما كان الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم يقوم بعمل جيد وقيِّم يتمثل في «قانون تنوع القيادات» بقيادة بول إليوت، وبينما كانت إيدلين جون تحرز تقدما فيما يتعلق بمواجهة إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وفي ظل النجاح الذي يحققه المدير الفني للمنتخب الإنجليزي، غاريث ساوثغيت.
إن ما حدث في 11 يوليو سيضر الجميع في الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم. إنهم يعلمون أن ذلك قد أثار الشكوك حول المصداقية والكفاءة التي كان الاتحاد يعمل على ترسيخها في الماضي. لقد تم الإعلان عن تلك العقوبة في اليوم السابق لعقد اللجنة الرقمية والثقافية والإعلامية والرياضية بالبرلمان جلسة للتحقيق في «جدوى وتمويل» عرض المملكة المتحدة وآيرلندا لاستضافة نهائيات كأس العالم 2030، وهو الأمر الذي كان ملائما للغاية.
لقد كانت آخر مرة تم فيها توجيه اللوم إلى إنجلترا من قبل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في مطلع الألفية الجديدة، عندما تم التهديد بفرض عقوبة عليها باللعب دون جماهير بعد أن اقتحم المشجعون أرض الملعب خلال مباراة إنجلترا ضد تركيا ووجهوا إساءات عنصرية إلى اللاعبين والمشجعين الزائرين.
لقد أثار الحادث الذي وقع في «ملعب النور» مخاوف من إعادة المشاغبين الإنجليز إلى الواجهة مرة أخرى. العقوبة الأخيرة المفروضة من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم تعامل إنجلترا مثل أي دولة أخرى ترتكب انتهاكات أو أخطاء، وليس استثناء، بل كان الأمر أكثر تساهلاً مما حدث مع المجر بسبب السلوك العنصري المتكرر للجماهير خلال بطولة كأس الأمم الأوروبية.
ربما كان السبب في ذلك أن أحداث 11 يوليو كانت مخيفة ومؤسفة لكنها لم تكن عنيفة. لقد بدا الأمر وكأنه تصرف طائش من قبل مجموعة من الشباب الذين أرادوا خوض التجربة ولم يهتموا بما حدث خلال هذه العملية. إن العقوبة المفروضة من قبل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم تُظهر أن إنجلترا لا تزال تواجه مشكلة، لكن ربما تغيرت طبيعة هذه المشكلة!


مقالات ذات صلة

غياب ساكا مهاجم آرسنال «عدة أسابيع» بسبب إصابة في الفخذ

رياضة عالمية ميكل أرتيتا (رويترز)

غياب ساكا مهاجم آرسنال «عدة أسابيع» بسبب إصابة في الفخذ

قال الإسباني ميكل أرتيتا مدرب آرسنال، ثالث الدوري الإنجليزي لكرة القدم، الاثنين إن المهاجم بوكايو ساكا سيغيب عن الملاعب لـ«عدة أسابيع بعد إصابته في عضلة الفخذ».

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية أرني سلوت مدرب ليفربول (رويترز)

سلوت: من المبكر التنبؤ بفوز ليفربول بالبريميرليغ

قال أرني سلوت مدرب ليفربول الجمعة إنه من المبكر للغاية تقييم فرص فريقه في الفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز.

«الشرق الأوسط» (ليفربول)
رياضة عالمية روبن أموريم مدرب مانشستر يونايتد (د.ب.أ)

أموريم: سعيد بشجاعة لاعبي يونايتد رغم الهزيمة

أشاد روبن أموريم، مدرب مانشستر يونايتد، بشجاعة لاعبيه بعد الانتفاضة خلال الخسارة 3 - 4 أمام توتنهام هوتسبير.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية يحقق تشيلسي نتائج رائعة بقيادة مدربه الجديد الإيطالي ماريسكا (إ.ب.أ)

«​كونفرنس ليغ»: تشيلسي يبحث عن العلامة الكاملة وفيورنتينا لحسم التأهل المباشر

بعدما ضمن تأهله المباشر لثمن النهائي بفوزه على مضيفه آستانة الكازاخي 3 - 1 قبل أسبوع يسعى تشيلسي الإنجليزي إلى إنهاء منافسات المجموعة الموحدة

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية ميخايلو مودريك (أ.ب)

الأوكراني مودريك لاعب تشيلسي يفشل في اختبار المنشطات

فشل الجناح ميخايلو مودريك في اجتياز اختبار المنشطات، حسب ما أفاد ناديه تشيلسي، الثلاثاء، في حين ذكرت التقارير أن الدولي الأوكراني أُوقف مؤقتاً.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».