«المركزي» اليمني يقر تدابير إضافية لمنع المضاربة بالعملة

TT

«المركزي» اليمني يقر تدابير إضافية لمنع المضاربة بالعملة

عزز البنك المركزي اليمني من الإجراءات التي يتخذها لمنع المضاربة بالعملة المحلية (الريال)، ومنح شركات الصرافة مهلة حتى نهاية الشهر الحالي لإتمام عملية الربط الشبكي مع قطاع الرقابة ومنحه الصلاحيات الكاملة للاطلاع على كافة العمليات التي تجريها الشركات، وذلك بعد أيام من إيقافه عمل أكثر من 60 شركة عن العمل وتحذيره للأفراد والتجار بأنه سيصادر أي أموال مودعة في حسابات لدى منشآت الصرافة لأن القانون لا يعطيها الحق بممارسة ذلك النشاط.
وفي تعميم جديد أصدره البنك المركزي اليمني، موجهاً إلى كافة شركات ومنشآت الصرافة العاملة في الجمهورية اليمنية، أبلغها فيه بضرورة استكمال عملية الربط الشبكي لأنظمة الصرافين الآلية بالمركز الرئيسي للبنك المركزي اليمني في عدن، مع منح البنك صلاحيات كاملة للاطلاع على كافة بيانات العمليات التي تجريها شركات ومنشآت الصرافة، على أن يتم استكمال الإجراءات خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الجاري 2021.
وأكد البنك المركزي اليمني، أن الربط الشبكي يعد أحد الاشتراطات اللازمة لتجديد التراخيص، وأن من يخالف سيتعرض لسحب تراخيص مزاولة عمل الصرافة بصورة نهائية. وأن ذلك يستند إلى قانون أعمال الصرافة رقم (19) لسنة 1995 والمعدل بالقرار الجمهوري بالقانون رقم (15) لسنة 1996، وذلك لضرورة تنظيم نشاط أعمال الصرافة بما يؤدي إلى الحد من المخاطر المرفقة لنشاطها.
وكان البنك، اتخذ جملة من القرارات بتعليق الأعمال والأنشطة المالية لنحو 60 من شركات ومنشآت الصرافة غير الملتزمة بقانون تنظيم أعمال الصرافة وتعليماته بناءً على نتائج أعمال فرق التفتيش الميداني للقيام بأعمال التفتيش والمراجعة الشاملة لكافة حسابات وأنشطة الشركات والمنشآت، التي تم تعليق أعمالها.
وحذر المركزي اليمني شركات ومنشآت الصرافة المرخصة والملتزمة، من التعامل مع هذه الشركات والمنشآت وأي شركات ومنشآت يتخذ البنك قراراً بتعليق أعمالها لاحقاً، مؤكداً استمراره بعمليات الرقابة والتفتيش الميداني على قطاع الصرافة، والقيام بعمليات التحقق من مدى الالتزام بالقوانين والتعليمات التنظيمية النافذة. وكان أحمد حامد لملس محافظ عدن، التقى رئيس جمعية الصرافين محمد عوض، وعدداً من ملاك شركات الصرافة، بحضور رئيس المجلس الاقتصادي للمحافظة رئيس مجلس إدارة موانئ خليج عدن محمد علوي أمزربة.
وأوضح لملمس في تصريحات رسمية أن اللقاء عقد بمبادرة من جمعية الصرافين التي أبدت استعدادها للمشاركة والتعاون المطلق مع سلطات الدولة لتدارس ووضع حلولٍ ومعالجات تساعد وتعزز الجهود المبذولة لاستعادة الاستقرار الاقتصادي وتوازن قيمة العملة الوطنية، مشيداً بالدور الكبير الذي لعبته شركات الصرافة، وتعويضها للفراغ الذي خلفه غياب مؤسسات الدولة، وتعطل أجهزتها وأدواتها المصرفية في الفترات السابقة. وأكد المحافظ لملس، أن تجاوز الأزمة الاقتصادية الحالية ليس بالأمر الهين ولا بالمستحيل، مشدداً على ضرورة أن يُدرك الجميع «أنهم في مركب واحد، وأن السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة، لن يأتي إلا من خلال التكامل والتعاون بين الجميع».
وقال: «إن الوضع الحالي لا يتطلب الخوض في التفاصيل والأسباب التي أنتجت الأزمة الأخيرة التي عصفت بالعملة الوطنية، وأدت إلى التراجع المخيف في قيمتها، كما أن السلطات ليست بصدد تحميل أو تبرئة طرف على حساب طرف آخر».
وشدد لملس على تركيز الجهود على «كيفية سد الفجوة واستعادة الثقة، بعد أن ظلت معدومة خلال الفترة السابقة، وأسهمت بشكل كبير في إنتاج الأزمة الأخيرة التي بدأت ملامح تجاوزها تظهر مع الخطوات المتتالية التي اتخذتها الحكومة، وما ستتخذه من إجراءات خلال الفترة القريبة المقبلة». وفق تعبيره.
محافظ عدن ذكر أن الحكومة عازمة «على استعادة الاستقرار الاقتصادي، وأنها وضعت مسألة استعادة التوازن للعملة الوطنية في أول سُلم الأولويات، وشرعت باتخاذ حزمة متكاملة من الإجراءات والتدابير، والخطوات العملية التي ستظهر نتائجها وآثارها بشكل ملموس وبصورة متتابعة، والتي يأتي في مقدمتها الإجراءات المُعززة لجهود البنك المركزي في إدارة القطاع المصرفي والنقدي، الذي يحتاج لتعاون وتكامل وسائل وأدوات القطاع المصرفي المتمثلة في البنوك التجارية وشركات الصرافة».
وبحسب الإعلام الرسمي لمحافظة عدن تم الاتفاق على وضع برنامج عمل مشترك، يتم بموجبه ترتيب وتشكيل خلية مصغرة تضم ممثلين عن البنوك التجارية، وشركات الصرافة، والغرفة التجارية، وممثلين عن السلطة من أهل الاختصاص، بحيث تشارك البنك المركزي وتساعده في تطبيق خطة إدارته للعملية النقدية والمصرفية وتوفر له مقومات القدرة على السيطرة والتحكم والإشراف الناجع للقطاع المصرفي والنقدي.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.