نائب في «القوات»: تهديد نصر الله بعدد مقاتليه دليل إرباك مع جمهوره

TT

نائب في «القوات»: تهديد نصر الله بعدد مقاتليه دليل إرباك مع جمهوره

طرح الخطاب الأخير لحسن نصر الله، الأمين العام لـ«حزب الله»، الذي تميز بلهجة التصعيد والتهديد أسئلة كثيرة، ولا سيما حول توقيت الإعلان عن عدد مقاتليه في سياق تحذيره حزب «القوات اللبنانية» الذي يحمّله مسؤولية سقوط القتلى في أحداث الطيونة يوم الخميس الماضي، كما عن إمكانية ترجمة هذا التصعيد على الأرض في ظل التشنّج السياسي والطائفي الذي تركته الأحداث الأخيرة في لبنان.
ويتفق كل من العميد المتقاعد، النائب في حزب «القوات»، وهبي قاطيشا، والمحلل السياسي المعارض لـ«حزب الله» علي الأمين، على أن الحزب غير قادر في المرحلة الحالية على المواجهة العسكرية لعدم مصلحته في سقوط التوازن الحالي المتمثل بالدول الضعيفة التي يسيطر هو عليها، ويعتبرن أن وصول نصر الله إلى درجة الإعلان عن العدد هو دليل ضعف وإرباك داخلي مع جمهوره الذي يعيش الأزمات المتفاقمة في لبنان، وخارجياً مع إسرائيل التي تراجع خطابه التهديدي تجاهها.
ويرى النائب قاطيشا في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن نصر الله بدا فاقداً أعصابه كما لم نشهده من قبل، وتهديده لم يكن مقتصراً فقط على «القوات»، إنما موجه إلى كل لبنان ومؤسساته، وعلى رأسها القضاء والجيش، ومحاولاً إيهام المسيحيين أنه هو من يحميهم. وفي حين يعتبر قاطيشا، أن عدد المائة ألف مقاتل الذي أعلن عنه نصر الله مبالَغ فيه، يؤكد أن القتال ليس بالعدد، والدليل على ذلك ما حصل مع الجيش الأميركي في العراق، ويضيف «ما حصل في عين الرمانة يؤكد أن هذه القوة التي تحدث عنها نصر الله وهمية أمام أهله وبيئته؛ إذ وبعد أربع ساعات من القتال مع مواطنين مسلحين كانت النتيجة خسارته في وقت هو غير قادر على الرد؛ لأن ليس من مصلحته تغيير المعادلة الحالية المتمثلة بضعف الدولة، بحيث إن تقوية الدولة أو سقوطها سينعكس سلباً عليه».
ومع تجديده التأكيد على أن حزب «القوات» لا يملك السلاح المنظم والثقيل، يقول «هو قصد إخافتنا، لكن نؤكد أننا لا نخاف من كل التهديد، ولن ننجر إلى المواجهة العسكرية، حتى أنه برفع سقف خطابه أمس انقلب السحر على الساحر، وكانت النتيجة تعاطفاً ودعماً لـ(القوات)؛ لأن غالبية الشعب اللبناني ترفض السلاح والميليشيا».
ولا تختلف مقاربة المحلل السياسي المعارض لـ«حزب الله» علي الأمين، لخطاب نصر الله؛ إذ يرى أن السقف العالي والإعلان عن عدد مقاتليه هو دليل ضعف وإرباك وليس دليل قوّة، واصفاً خطابه بالدفاعي. ويوضح الأمين لـ«الشرق الأوسط»، أن الحديث عن عدد المقاتلين ليس مؤشر قوة، بل هو ضعف؛ لأن نصر الله ليس مضطراً إلى الإعلان عن الرقم وهو المعروف بقوته وقوة حزبه، ويأتي ضمن إطار شدّ العصب والعزيمة أمام جمهوره بالدرجة الأولى للقول نحن أقوياء ونستطيع المواجهة». ويربط الأمين بين هذا الإعلان وقضايا أخرى تطرق إليها نصر الله، وتحديداً المرتبطة بإسرائيل، لا سيما أن من المفترض أن يكون سلاحه بالدرجة الأولى لمواجهتها والتصدي لتعدياتها، حيث تحدث عن سرقتها الغاز، في حين السؤال هو لماذا لا يواجهها ولماذا المقاتلون؟ وهل المازوت الإيراني بالنسبة إلى لبنان أهم من سرقة الغاز؟ بحسب الأمين. ويوضح «بالتالي يكمن الضعف في أن خطابه دفاعي، وهو غير قادر على استخدام المقاتلين مع تراجع كلامه التهديدي لإسرائيل وفقدان الخيارات أمامه». ويرى الأمين، أنه في ظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها التي تعاني منها بيئة «حزب الله» كما كل اللبنانيين، وعدم قدرته على مواجهتها وحلّها، يحاول نصر الله خلق مشكلة جديدة بينما المشاكل هي في مكان آخر. من هنا، يعتبر أن في كل ذلك يلعب نصر الله على حافة الهاوية من دون الدخول في المواجهة أو الذهاب إلى الفلتان الذي لن يكون في مصلحته في ظل المعادلة التي يفرضها وتجعله في موقع المسيطر، وبالتالي إبقاء الوضع في خانة الفوضى المنظمة وليس أكثر.
وعلى الجانب الآخر، وتحديداً لجهة تهديده حزب «القوات اللبنانية»، لا ينفي الأمين أن التصعيد هو ربح معنوي لـ«القوات»، لكن يشدد على ضرورة ألا تنجر الأخيرة إلى لعبته في الاستعراض المتبادل، ولا سيما أنه في المسرح الأمني «حزب الله» هو الرابح دائماً.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.