اختتام القمة العربية بالدعوة إلى مواصلة «عاصفة الحزم» في اليمن

السيسي: القادة العرب اعتمدوا مبدأ إنشاء قوة عسكرية مشتركة بإشراف رؤساء أركان الجيوش

الرئيس المصري  يترأس الجلسة الختامية لقمة شرم الشيخ أمس (رويترز)
الرئيس المصري يترأس الجلسة الختامية لقمة شرم الشيخ أمس (رويترز)
TT

اختتام القمة العربية بالدعوة إلى مواصلة «عاصفة الحزم» في اليمن

الرئيس المصري  يترأس الجلسة الختامية لقمة شرم الشيخ أمس (رويترز)
الرئيس المصري يترأس الجلسة الختامية لقمة شرم الشيخ أمس (رويترز)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أن «القادة العرب اعتمدوا مبدأ إنشاء قوة عسكرية عربية مشتركة تحت إشراف رؤساء أركان القوات المسلحة بالدول الأعضاء»، لافتا إلى أن رؤساء أركان الجيوش العربية سوف يجتمعون لدراسة كل الجوانب المتعلقة بإنشاء القوة العربية المشتركة وتشكيلها. وقال الرئيس المصري في ختام أعمال القمة العربية الـ26 بمدينة شرم الشيخ أمس، إن «القادة العرب دائما خلال اتصالاتهم مع كل الأطراف الدولية يؤكدون على المعنى والهدف للوصول إلى حلول للقضايا التي تمر بها المنطقة».
واختتمت أعمال القمة العربية برئاسة الرئيس السيسي بكلمته وإصدار إعلان شرم الشيخ، وقرارات تعكس نتائج اجتماعات ومناقشات وصلت إلى خمس جلسات عمل. وبينما أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، أن «تشكيل القوة العربية المشتركة يصون أمننا القومي»، لافتا إلى أن عملية «عاصفة الحزم» في اليمن مستمرة إلى أن تنسحب الميليشيات وتسلم أسلحتها ويعود اليمن قويا موحدا؛ أعلن رئيس حكومة المغرب عبد الإله بن كيران استعداد بلاده للدورة الـ27 للقمة العربية.
وتقدم الرئيس السيسي في كلمته بالجلسة الختامية بالشكر إلى رئيس الحكومة المغربية لاستضافة بلاده الدورة القادمة للقمة العربية، مشيرا إلى أن «التحديات التي تواجه أمننا القومي العربي هي ولا شك تحديات جسام.. نجحتم في تشخيص أسبابها والوقوف على التدابير اللازمة لمجابهتها. وهو الأمر الذي سنعمل مجتمعين على استمرار بحثه، وتطوير الأساليب والآليات الجماعية اللازمة لصيانة أمننا القومي العربي، استنادا إلى إعلان شرم الشيخ لصيانة الأمن القومي، حفاظا على أمتنا وتحقيقا لتطلعات شعوبها نحو غد أفضل يصون أمجاد الماضي وآمال الحاضر».
وأكد السيسي «نجحنا من خلال اجتماعنا هذا ومداولاتكم في ضخ دماء الأمل والتضامن في شرايين العمل العربي المشترك في الذكرى السبعين لرفع لواء جامعتنا العربية العريقة، وفى بلورة أهداف سنعمل على تحقيقها خلال رئاستنا للدورة السادسة والعشرين بخطوات فعالة لا يعوزها التصميم أو الإرادة السياسية».
وتعهد الرئيس المصري في ختام أعمال القمة باستمرار في العمل والتواصل والتنسيق، خدمة لقضايانا العربية المشتركة، وإعلاء لمصالحها وتعزيزا لتضامنها، في شفافية وجد وإخلاص، قائلا إن «المحن التي تمر بها أمتنا العربية وعلى عظمها؛ إلا أنها قد كشفت عن معدن أصيل لرجال تلك الأمة، وعن حجم الروابط والمصالح والآمال المشتركة التي تجمع منطقتنا العربية».
من جانبه، دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، المجتمع الدولي إلى دعم الجهود العربية في مكافحة الإرهاب واتخاذ كل الإجراءات اللازمة لتجفيف منابع تمويله للحيلولة دون توفير الملاذ الآمن للعناصر الإرهابية. وشدد على ضرورة تنسيق الجهود الدولية والعربية في هذا المجال من خلال تبادل المعلومات الأمنية والاستخباراتية والتعاون القضائي والتنسيق العسكري.
وأكد العربي، في كلمته بالجلسة الختامية للقمة العربية أمس، رفض الدول العربية استخدام الجماعات الإرهابية للدين لتحقيق مصالحها، موضحا «نؤكد على رفض أي ربط للجماعات الإرهابية بالإسلام». وتحدث عن ضرورة مواجهة التحديات العربية، وقال: «يجب تشكيل قوة عربية مشتركة لصيانة أمننا القومي»، مؤكدا ضرورة التضامن العربي قولا وعملا في التعامل مع التطورات الراهنة التي تمر بها منطقتنا، وعلى الضرورة القصوى لصياغة مواقف عربية مشتركة في مواجهة كل التحديات.
وتابع بقوله: «نجدد تأكيدنا على أن ما يجمع الدول العربية عند البحث عن إجابات على الأسئلة الرئيسية للقضايا المصيرية هو أكبر كثيرا مما يفرقها، ونثمن في هذا السياق الجهود العربية نحو توطيد العلاقات البينية وتنقية الأجواء».
ودعا الأمين العام لجامعة الدول العربية المؤسسات الدينية إلى تكثيف جهودها للتصدي للأفكار الظلامية وتجديد الخطاب الديني، مضيفا: «يجب مواجهة كل التنظيمات الإرهابية في المنطقة دون تفرقة، وعلى المجتمع الدولي ألا يميز بين التنظيمات الإرهابية».
وعن عملية «عاصفة الحزم» في اليمن، أكد العربي: «ندرك أن التحديات العربية باتت شاخصة لا لبس فيها ولا نحتاج إلى استرسال في التوصيف بقدر الحاجة إلى اتخاذ التدابير اللازمة للتصدي لها، وقد تجلى ذلك بشكل ملموس في المنزلق الذي كاد اليمن يهوي إليه، وهو ما استدعى تحركا عربيا ودوليا فاعلا بعد استنفاد كل السبل المتاحة للوصول إلى حل سلمي ينهي الانقلاب الحوثي ويعيد الشرعية، وسيستمر إلى أن تنسحب الميليشيات وتسلم أسلحتها ويعود اليمن قويا موحدا، وإذ نجدد تأكيدنا على محورية القضية الفلسطينية كونها قضية كل عربي فسيظل التأييد العربي التاريخي قائما حتى يحصل الشعب الفلسطيني على كاملة حقوقه المشروعة والثابتة في كل مقررات الشرعية الدولية وفقا لمبادرة السلام العربية».
وأضاف العربي، «أما في ليبيا فقد أورثت المرحلة الانتقالية منذ عام 2011 دولة ضعيفة ازدادت ضعفا إثر انتشار وسيطرة قوى متطرفة معادية لمفهوم الدولة الحديثة على مناطق ليبية، فضلا عن تدخلات قوى خارجية تسعى لتوجيه مستقبل الشعب الليبي، كما يعاني العراق منذ عام 2003 من عمليات إرهابية ممنهجة أثرت سلبا على قدرته في بسط سيطرته على كامل أراضيه وضبط الاستقرار فيه، فضلا عن عنف في سوريا أنتج تطرفا حولها إلى ساحة لصراعات إقليمية ودولية بالوكالة، مما أفضى إلى غياب دور الدولة ومؤسساتها عن ربوع البلاد، وعدم قدرتها على حماية شعبها والحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها».
وجدد العربي تأكيده على ضرورة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل وضرورة انضمام إسرائيل لاتفاقية منع الانتشار النووي، وكذا على إخضاع جميع المرافق النووية لدول منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك إيران لنظام الضمانات الشامل للوكالة الدولية للطاقة الذرية. في ذات السياق، توجه رئيس حكومة المغرب عبد الإله بن كيران بالشكر للرئيس السيسي والحكومة والشعب المصري. وأشاد بن كيران في كلمته بالجلسة الختامية للقمة العربية في دورتها الـ26 بشرم الشيخ أمس، بقيادة السيسي أثناء مداولات القمة العربية، قائلا: «كان لها الأثر الإيجابي في بلوغ جملة من الأهداف التي تم تحديدها منذ مدة». واستطرد قائلا: «هذا ليس بغريب عن مصر التي تتبوأ مكانة كبيرة ومرموقة داخل الأسرة العربية وفي العالم أيضا، ولتجندها الدائم والموصول لخدمة القضايا العربية العاجلة»، منوها بروح التضامن والتفاهم التي سادت أشغال اجتماعنا وبالمساهمة القيمة للوفود العربية الشقيقة، والجهود التي بذلها الأمين العام لجامعة الدول العربية.
وأعرب رئيس حكومة المغرب عن استعداد بلاده لاحتضان الدورة العادية الـ27 للقمة العربية السنة المقبلة، برئاسة الملك محمد السادس ملك المغرب، وتشريف بلاده باستقبال قادة الدول العربية.



غوتيريش يدين إحالة الحوثيين موظفين أمميين إلى المحاكمة

عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)
TT

غوتيريش يدين إحالة الحوثيين موظفين أمميين إلى المحاكمة

عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)

بالتوازي مع تنديد الأمم المتحدة بإحالة الحوثيين موظفين يمنيين في المنظمة الدولية إلى المحاكمة، شدّد مسؤولون في الحكومة اليمنية على توسيع التنسيق العسكري لمواجهة الجماعة المدعومة من إيران، وتعزيز حضور مؤسسات الدولة، وتحسين البيئة التشغيلية للمنظمات الإنسانية.

وفي هذا السياق، عبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه البالغ إزاء استمرار الحوثيين في احتجاز 59 من موظفي الأمم المتحدة، إلى جانب عشرات العاملين في منظمات غير حكومية، ومؤسسات مجتمع مدني، وبعثات دبلوماسية.

وفي البيان، الذي ورد على لسان ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام، ندد غوتيريش بإحالة الموظفين الأمميين إلى محكمة جنائية خاصة تابعة للحوثيين، عادّاً الخطوة «انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، ولحصانة موظفي الأمم المتحدة، بمن فيهم المواطنون اليمنيون، تجاه أي إجراءات قانونية مرتبطة بمهامهم الرسمية».

وأشار البيان إلى أن هؤلاء الموظفين «يُحتجزون بمعزل عن العالم الخارجي، بعضهم منذ سنوات، من دون أي إجراءات قانونية واجبة». ودعا سلطات الحوثيين إلى «التراجع الفوري عن هذه الإحالة، والإفراج عن جميع المحتجزين من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والسلك الدبلوماسي».

سجناء في صنعاء أمرت محكمة حوثية بإعدامهم بتهمة «التخابر» (إ.ب.أ)

كما جدد تأكيد التزام الأمم المتحدة «بمواصلة دعم الشعب اليمني، وتقديم المساعدة الإنسانية رغم التحديات المتصاعدة» في مناطق سيطرة الحوثيين.

وفي سياق متصل، رحّبت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في الحكومة اليمنية، بقرار منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) نقل مقرها الرئيسي من صنعاء الخاضعة للحوثيين إلى العاصمة المؤقتة عدن.

وأوضحت الوزارة في بيان، أن الخطوة تأتي استجابة لدعواتها المتكررة التي طالبت خلالها بنقل مقار المنظمات الدولية والأممية من صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، «حفاظاً على سلامة كوادرها وضماناً لعدم خضوعها للابتزاز أو العرقلة».

وأكد البيان أن القيادة الحكومية، ممثلة في وزير الشؤون الاجتماعية والعمل محمد الزعوري، «ستوفر كل أشكال الدعم والتسهيلات لتمكين (اليونيسيف) من أداء مهامها بفاعلية أكبر من مقرها الجديد».

تعزيز الجهود العسكرية

وإلى ذلك، شهدت العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، اجتماعاً بين عضو «مجلس القيادة الرئاسي» عبد الرحمن المحرمي ووزير الدفاع محسن الداعري. ناقشا خلاله «مستجدات الأوضاع العسكرية في مختلف الجبهات، ومستوى الجاهزية القتالية، وانضباط الوحدات العسكرية، إضافة إلى جهود الوزارة في مجالات التدريب والتأهيل ورفع القدرات الدفاعية»، وفق ما أورده الإعلام الرسمي.

وفي حين نقلت وكالة «سبأ» الحكومية عن الداعري تأكيده أن القوات المسلحة «تعمل بتناغم وانسجام كاملين في مواجهة الحوثيين»، شدد المحرمي، على «ضرورة تعزيز التنسيق بين التشكيلات العسكرية، وحشد الطاقات نحو العدو المشترك، باعتبار ذلك أساسياً لحماية الأمن والاستقرار في المناطق المحررة».

عضو «مجلس القيادة الرئاسي» اليمني عبد الرحمن المحرمي مع وزير الدفاع محسن الداعري (سبأ)

ومن مأرب، بعث عضو «مجلس القيادة الرئاسي» اللواء سلطان العرادة، برسالة وطنية جامعة خلال لقاء موسع ضم أعضاء من مجلسي «النواب» و«الشورى» ومحافظين ومسؤولين ووجهاء من مختلف المحافظات.

وأكّد العرادة أن اليمن «يعيش لحظة فارقة تتطلب رصّ الصفوف وتعزيز التلاحم الوطني». وقال في كلمته: «إن ما يجمع اليمنيين هو إيمانهم الراسخ بأن اليمن لا يُهزم ولا يموت، وأن أبناءه يجددون دائماً قدرتهم على الصمود رغم العواصف» التي تمر بها البلاد.

وأشار العرادة إلى أن التجارب التي مرت بها البلاد «رفعت منسوب الوعي الشعبي بأهمية الدولة وضرورة حماية مؤسساتها»، مؤكداً أن «استعادة مؤسسات الدولة من ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران تُمثل اليوم أولوية وطنية لا بديل عنها».

وشدد على أن «الدفاع عن الوطن مسؤولية مشتركة لا تخص محافظة بعينها، بل هي واجب يتحمله جميع اليمنيين دون استثناء، وأن طريق النصر، وإن بدا طويلاً، يظل واضحاً لمن يمتلك الإرادة والعزيمة ووحدة الهدف».


الأمم المتحدة تندد بإحالة عدد من موظفيها المحتجزين على محكمة تابعة للحوثيين

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تندد بإحالة عدد من موظفيها المحتجزين على محكمة تابعة للحوثيين

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)

ندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء، بإحالة المتمردين الحوثيين في اليمن على محكمتهم الخاصة عدداً من موظفي الأمم المتحدة الـ59 الذين يحتجزونهم «تعسفياً».

وأفاد ستيفان دوجاريك، الناطق باسم غوتيريش، بأن الأمين العام «يدين إحالة سلطات الأمر الواقع الحوثية موظفين من الأمم المتحدة على محكمتهم الجنائية الخاصة»، مشيراً إلى أن هذه الإحالة تشمل عدداً لم يحدده من موظفي الأمم المتحدة المُحتجَز بعضهم منذ سنوات.

وأضاف: «ندعو سلطات الأمر الواقع إلى إلغاء هذه الإحالة والعمل بحسن نية للإفراج الفوري عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والسلك الدبلوماسي».

ونفذ الحوثيون المدعومون من إيران في السنوات الأخيرة موجات عدة من الاعتقالات، ولا يزالون يحتجزون 59 موظفاً من الأمم المتحدة، جميعهم من الجنسية اليمنية، وهم محرومون من أي تواصل مع العالم الخارجي.

وعلّل الحوثيون احتجاز هؤلاء بتهم تجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل، لكنّ الأمم المتحدة نفت الاتهامات مؤكدة عدم جواز ملاحقة موظفيها على أساس أنشطتهم الرسمية.

أما مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك فأشار في بيان إلى أن أحد زملائه أحيل على المحكمة الخاصة لدى الحوثيين بناء على «اتهامات كاذبة بالتجسس»، وقال: «هذا أمر غير مقبول على الإطلاق ويشكّل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان»، مجدداً المطالبة بالإفراج الفوري عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى.

ودأب القضاء التابع للحوثيين، الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء وأجزاء واسعة من اليمن، على استدعاء عاملين في منظمات غير حكومية وصحافيين ومعارضين.


ترحيب في مقديشو بنجم «تيك توك» صومالي رحّلته واشنطن

الصومالي مهاد محمود (أ.ف.ب)
الصومالي مهاد محمود (أ.ف.ب)
TT

ترحيب في مقديشو بنجم «تيك توك» صومالي رحّلته واشنطن

الصومالي مهاد محمود (أ.ف.ب)
الصومالي مهاد محمود (أ.ف.ب)

في 24 أكتوبر (تشرين الأول)، شنّ البيت الأبيض هجوماً على الصومالي مهاد محمود، واصفاً إياه بأنه «حثالة مجرم» واتهمه خطأ على ما يبدو بالمشاركة في اختطاف جاسوسين فرنسيين في مقديشو، لكنّ بلده استقبله كالأبطال بعد ترحيله من الولايات المتحدة.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، ذاك المنشور الذي ورد يومها على منصة «إكس» وأُرفِق بصورة لشخص ذي لحية قصيرة يرتدي قميصاً بنقشات مربعات، فاجأ مواطني محمود، إذ يُعَدّ في بلده الأصلي نجماً على وسائل التواصل الاجتماعي يحظى بشعبية واسعة، ويبلغ عدد متابعيه على «تيك توك» نحو 450 ألفاً.

تواجه الصومال منذ عام 2006 تمرداً تقوده حركة «الشباب» المتطرفة المرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولا تزال الحرب مستمرة إلى اليوم على بعد 60 كيلومتراً من العاصمة مقديشو. في هذا الواقع، يركّز مهاد محمود على المناوشات الكلامية بين الفصائل الصومالية المتناحرة ويبدو بعيداً جداً عن أجواء المتمردين المتطرفين.

وأجرت وكالة الصحافة الفرنسية عملية تحَقُق من هذا الرجل الذي رُحِّل إلى الصومال في نوفمبر (تشرين الثاني)، وترى فيه مصادر أمنية صومالية وفرنسية ضحية جديدة لسياسة إدارة ترمب المتعلقة بالهجرة، لا ضالعاً في قضية هزّت فرنسا، ينفي أي دور له فيها.

ففي 14 يوليو (تموز) 2009، أقدمت مجموعة من المسلحين على خطف اثنين من عملاء مديرية الأمن الخارجي الفرنسية من «فندق صحافي العالمي» (Sahafi international) الذي كانا يقيمان فيه بمقديشو، وما لبث أحدهما ويُدعى مارك أوبريير أن تمكن من الهرب بعد شهر.

أما الآخر، وهو دوني أليكس، فتوفي بعد ثلاث سنوات ونصف سنة من الأسر، في يناير (كانون الثاني) 2013، وأكدت باريس أن خاطفيه أعدموه عندما كانت القوات الفرنسية تحاول تحريره.

«ليس صحيحاً»

وصف منشور البيت الأبيض مهاد محمود بأنه «حثالة مجرم خارج على القانون»، واتهمه بأنه «ضالع في اختطاف مسؤولين فرنسيين في فندق صحافي وقتل أحدهما من قِبل حركة الشباب».

وقال محمود في حديث مع وكالة الصحافة الفرنسية، السبت، إن هذا الاتهام «ليس صحيحاً»، موضحاً أنه كان يقيم بين عامَي 2008 و2021 في جنوب أفريقيا ولم يكن موجوداً في الصومال لدى حصول هذه الواقعات، مندداً باتهامات «تخدم الأجندة السياسية» للسلطات الأميركية.

ومع أن مهاد محمود لا يمتلك أي مستندات إدارية تثبت أقواله، أكد اثنان من أقربائه لوكالة الصحافة الفرنسية روايته.

وأظهرت وثيقة صادرة عن الشرطة الصومالية في 28 يونيو (حزيران) 2025 اطلعت عليها وكالة الصحافة الفرنسية أن سجلّه العدلي لا يتضمن أي سوابق.

كذلك رأى مصدران أمنيان صوماليان استصرحتهما وكالة الصحافة الفرنسية أن الاتهامات الأميركية تفتقر إلى الصدقية، وقال أحدهما: «ليس لدينا أي دليل على ارتباطه مباشرة» بالخطف، فيما توقع الآخر «أن تكون الولايات المتحدة تلقّت معلومات مغلوطة».

أما في فرنسا التي بقيت استخباراتها الخارجية تسعى طوال سنوات إلى العثور على المسؤولين عن خطف عميليها، فقد أكّد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية جازماً أن مهاد محمود ليس ضالعاً في ذلك.

وفي المنشور الذي تضمّن اتهامه، أشاد البيت الأبيض بـ«العمل البطولي» لإدارة الهجرة والجمارك الأميركية التي «سحبته» من شوارع مدينة مينيابوليس في ولاية مينيسوتا (بشمال الولايات المتحدة)، حيث تعيش جالية صومالية كبيرة.

ودانت منظمات دولية عدة ارتكاب سلطات الهجرة الأميركية انتهاكات كثيرة لحقوق الإنسان في إطار سياسة الترحيل الجماعي التي اتبعتها إدارة الرئيس دونالد ترمب.

«ضحية ظلم»

روى محمود أن رجالاً «ذوي وجوه مغطاة ويرتدون سترات واقية من الرصاص» طوقوه لدى خروجه من منزله واقترابه من سيارته في 27 مايو (أيار) الفائت و«وجهوا مسدساً» إلى رأسه وأوقفوه.

ورغم إقراره بأنه لم يتلقَ معاملة سيئة لدى توقيفه، ولا خلال أكثر من خمسة أشهر تلته من الاحتجاز، شكا محمود الموجود في الولايات المتحدة منذ عام 2022 «الظلم» الذي قضى على حلمه.

وقال محمود الذي عمل خصوصاً مع «أوبر» و«أمازون»: «ترمب مسؤول عما حدث لي (...) ولكن لست الوحيد. فقد طال ذلك ملايين الأشخاص من مختلف أنحاء العالم الذين يعيشون في الولايات المتحدة، سواء أكانوا صوماليين أم لا».

إلا أن الجالية الصومالية التي ينتمي إليها تبدو مستهدفة بالفعل.

فترمب أدلى بتصريحات لاذعة ضد الصوماليين، واعتبر أن «عصابات» منهم تُرهّب مينيسوتا. وقال في مطلع ديسمبر (كانون الأول): «لا أريدهم في بلدنا (...) وسنذهب في الاتجاه الخاطئ إذا استمررنا في قبول القمامة».

أما مهاد محمود الذي يؤكد «كرامة» شعبه و «أخلاقه»، فرُحِّل في نهاية المطاف إلى مقديشو، عبر كينيا، في بداية نوفمبر (تشرين الثاني)، مع سبعة صوماليين آخرين.

ومنذ عودته إلى بلده، راح نجم «تيك توك» ينشر مقاطع فيديو تُظهِر الترحيب به. وبلغت شعبيته ذروتها، إذ انضم نحو مائة ألف متابع إضافي إلى حسابه على «تيك توك»، وحظيَ أحد مقاطع الفيديو التي نشرها عليه بنحو مليونين ونصف مليون مشاهَدة.

وأكد مهاد محمود الذي لم يكن عاد إلى الصومال منذ مغادرته إياها إلى جنوب أفريقيا عام 2008، أنه «سعيد جداً» بهذا الاستقبال الذي ناله في بلده. لكنه لاحظ أنه «يعود في جزء كبير منه إلى أن الناس» يرونه «ضحية ظلم».